ثورة للإعلام على الأرساغ

ثورة للإعلام على الأرساغ
TT

ثورة للإعلام على الأرساغ

ثورة للإعلام على الأرساغ

إن تحول المؤسسات الإخبارية لمجال "المحمول أولا" كانت تجربة طويلة ومرهقة. وبالرغم من حقيقة أن الالكترونيات سهلة الارتداء لم تقترب من حد قاعدة المستهلكين الواسعة، إلا أن نفس تلك المؤسسات تتخذ الاحتياطات حتى لا تسبقهم الموجة المقبلة من التقنيات. وبارتفاع التوقعات حيال ساعة "أبل" الجديدة (توقعت إحدى المؤسسات البحثية أن تباع 330 مليون ساعة ذكية بحلول عام 2018)، تخطط المؤسسات الإخبارية بالفعل حول السبل التي سوف تحرك محتوياتها من خلالها إلى المعاصم وجباه المستهلكين.
وحقا الآن، فإن تنبيهات الأخبار العاجلة هي حالة الاستخدام الواضحة في غرف الأخبار لأي نوع من أنواع التقنيات المحمولة. فصحيفة «نيويورك تايمز» وصحيفة «وول ستريت جورنال» هما الآن على (Google Glass)، غير أنهما يعتبران من المساعي التجريبية من قبل منافذ البيع. وفي مجال البدايات الإعلامية الصغيرة، مثل تطبيق (Circa) الإخباري، فإن الخطط للانتقال إلى عالم التقنيات المحمولة هو بالفعل على قدم وساق. وقد أخبر مات جاليجان المدير التنفيذي والمؤسس المشارك لتطبيق (Circa) موقع (BuzzFeed)، أن التطبيق لديه بالفعل نموذجه الأولي من الأعمال والخطط لتقديم الدعم الكامل لتقنيات أندرويد المحمولة.
وقال مات "يعمل نموذجنا بصورة جيدة حاليا في الأجهزة المحمولة، ومع وجود أفكار مثل قصصنا سهلة المتابعة، يمكننا إبقاء الناس على علم أثناء تنقلاتهم في قطع إخبارية مقتضبة. تخيل تنبيهات الأخبار العاجلة تأتيك على معصم يديك – مع نقرة واحدة للمتابعة"، وذلك حسبما نشر موقع "بز فيد" الأميركي على موقعه اليوم.
إن ما تعد به تلك التجارب يعد بمثابة إدمان للناس، على غرار أستاذ الإعلام بجامعة نيويورك ميتش ستيفنس، الذي يخشى من زيادة حدة الإدمان على "تويتر" أكثر مما هو عليه بالفعل. وقال "سوف تصبح الأمور لحظية أكثر وأكثر. فلدينا الآن الأخبار العاجلة على رأس كل دقيقة، ولكننا سوف نشاهد أشياء تحدث على رأس كل لحظة فيما بعد".
ولا يزال الأمر للجميع وخصوصا لمجموعة صغيرة من الصحافيين وأوائل المستخدمين، فإن سرعة التسليم تبدو أنها تقع في فئة العوائد المتناقصة. فلكي ينجح تطبيق الأخبار في الساعات الذكية، يجب عليه تقديم خدمات أكثر من مجرد المتابعة بضغطة زر.
ولا يزال القليل من هذه الأمور يحظى بالأهمية حتى إصدار شركة "أبل" – أو أحد المنافسين – لجهاز محمول سهل الارتداء يكسر حاجز الاعتيادية لدى المستخدمين.
في بعض المناحي، فإن الإثارة داخل غرف الأخبار حول بدايات الأجهزة المحمولة، يسلط الضوء على الرهانات حول ساعة "أبل" الجديدة. فإن عالم التقنيات والإعلام مقتنع بأن الأجهزة المحمولة الجديدة سوف تحظى بوقتها. ويقدمون رهاناتهم ويتخذون مواضعهم، مما يعني أنه إذا أخفقت شركة أبل، فسوف تكون هناك سمعة كبيرة لذلك أكثر من سمعة تيم كوك على نفس المسار.



مصر: اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية من العصر البطلمي بالمنيا

مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)
مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

مصر: اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية من العصر البطلمي بالمنيا

مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)
مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية وعدد من المقابر تعود للعصر البطلمي، مزينة بنقوش وكتابات ملونة، بداخلها مجموعة من المومياوات والهياكل العظمية والتوابيت، وغيرها من اللقى الأثرية.

وتوصلت البعثة المشتركة بين مصر وإسبانيا من خلال جامعة برشلونة ومعهد الشرق الأدنى القديم، إلى هذا الكشف الأثري أثناء عمليات التنقيب بمنطقة البهنسا في محافظة المنيا (251 كيلومتراً جنوب القاهرة).

وأكد الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار بمصر الدكتور محمد إسماعيل خالد، أهمية هذا الكشف، واعتبره سابقة في الاكتشافات الأثرية، قائلاً: «للمرة الأولى يتم العثور بمنطقة البهنسا الأثرية على بقايا آدمية بداخلها 13 لساناً وأظافر آدمية ذهبية لمومياوات من العصر البطلمي، بالإضافة إلى عدد من النصوص والمناظر ذات الطابع المصري القديم، والتي يظهر بعضها لأول مرة في منطقة البهنسا؛ مما يُمثل إضافة كبيرة لتاريخ المنطقة، ويسلط الضوء على الممارسات الدينية السائدة في العصر البطلمي»، وفق بيان لوزارة السياحة والآثار.

لوحات ومناظر تظهر لأول مرة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وأوضح أستاذ الآثار بجامعة القاهرة ومدير حفائر البعثة المشتركة الدكتور حسان إبراهيم عامر، أنه تم العثور على جعران القلب موجود في مكانه داخل المومياء، في إحدى المقابر المكتشفة، بالإضافة إلى العثور على 29 تميمة لـ«عمود جد»، وجعارين وتمائم لمعبودات مثل «حورس» و«جحوتي» و«إيزيس». في حين ذكر رئيس البعثة من الجانب الإسباني الدكتور أستر بونس ميلادو، أنه خلال أعمال الحفائر عثرت البعثة على بئر للدفن من الحجر المستطيل، تؤدي إلى مقبرة من العصر البطلمي تحتوي على صالة رئيسة تؤدي إلى ثلاث حجرات بداخلها عشرات المومياوات متراصّة جنباً إلى جنب؛ مما يشير إلى أن هذه الحجرات كانت قد استُخدمت كمقبرة جماعية.

وأضاف رئيس البعثة أنه «إلى جانب هذه البئر تم العثور على بئر أخرى للدفن تؤدي إلى ثلاث حجرات، ووجدوا جدران إحدى هذه الحجرات مزينة برسوم وكتابات ملونة، تمثل صاحب المقبرة الذي يُدعى (ون نفر) وأفراد أسرته أمام المعبودات (أنوبيس) و(أوزوريس) و(آتوم) و(حورس) و(جحوتي)».

إلى جانب ذلك، تم تزيين السقف برسم للمعبودة «نوت» (ربة السماء)، باللون الأبيض على خلفية زرقاء تحيط بها النجوم والمراكب المقدسة التي تحمل بعض المعبودات مثل «خبري» و«رع» و«آتوم»، حسب البيان.

مناظر عن العالم الآخر في مقابر البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وكان اللافت للانتباه، وفق ما ذكرته البعثة، هو «وجود طبقة رقيقة من الذهب شديدة اللمعان على وجه المومياء التي يقوم بتحنيطها (أنوبيس)، وكذلك على وجه (أوزوريس) و(إيزيس) و(نفتيس) أمام وخلف المتوفى». وأوضحت أن «هذه المناظر والنصوص تمثل صاحب المقبرة وأفراد أسرته في حضرة معبودات مختلفة، وهي تظهر لأول مرة في منطقة البهنسا».

وقال الخبير الأثري المصري الدكتور خالد سعد إن «محتويات المقبرة توضح مدى أهمية الشخص ومستواه الوظيفي أو المادي»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «مصر وجدت الكثير من الدفنات المماثلة من العصرين اليوناني والروماني، وكانت الدفنة سليمة؛ لم يتم نبشها أو العبث بها».

ويوضح الخبير الأثري أن «الفكر الديني في ذلك الوقت كان يقول بوضع ألسنة ذهبية في فم المومياوات حتى يستطيع المتوفى أن يتكلم كلاماً صادقاً أمام مجمع الآلهة».

ألسنة ذهبية تم اكتشافها في المنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

أما بالنسبة لتلابيس الأصابع (الأظافر الذهبية)، فهذا تقليد كان ينتهجه معظم ملوك الدولة الحديثة، وتم اكتشافها من قبل في مقبرة «توت عنخ آمون»، وكانت مومياؤه بها تلابيس في أصابع اليد والقدم، وفي البهنسا تدل التلابيس والألسنة الذهبية على ثراء المتوفى.

وتعدّ قرية البهنسا (شمال المنيا) من المناطق الأثرية الثرية التي تضم آثاراً تعود للعصور المختلفة من المصري القديم إلى اليوناني والروماني والقبطي والإسلامي، وقد عثرت فيها البعثة نفسها في يناير (كانون الثاني) الماضي على عدد كبير من القطع الأثرية والمومياوات، من بينها 23 مومياء محنطة خارج التوابيت، و4 توابيت ذات شكل آدمي.

مناظر طقوسية في مقابر منطقة البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وفسّر الخبير الأثري العثور على مجموعة من الأواني الكانوبية في المقابر بأنها «تحفظ أحشاء المتوفى، وهي أربعة أوانٍ تمثل أربعة من أولاد (حورس) يرفعون أطراف الكون الأربعة، وفقاً لعقيدة الأشمونيين، ويتمثلون في ابن آوى والقرد والإنسان والصقر، ويوضع في هذه الأواني المعدة والأمعاء والقلب والكبد، وكانت على درجة عالية من الحفظ، نظراً للخبرة التي اكتسبها المحنّطون في السنوات السابقة».

وأشار إلى أن «اللقى الأثرية الأخرى الموجودة بالكشف الأثري مثل الأواني الفخارية والمناظر من الجداريات... تشير إلى أركان طقوسية مرتبطة بالعالم الآخر عند المصري القديم مثل الحساب ووزن القلب أمام ريشة (ماعت)؛ مما يشير إلى استمرارية الديانة المصرية بكافة أركانها خلال العصر اليوناني والروماني، بما يؤكد أن الحضارة المصرية استطاعت تمصير العصر اليوناني والروماني».

بدورها، أشارت عميدة كلية الآثار بجامعة أسوان سابقاً الدكتورة أماني كرورة، إلى أهمية منطقة البهنسا، واعتبرت أن الكشف الجديد يرسخ لأهمية هذه المنطقة التي كانت مكاناً لعبادة «الإله ست» في العصور المصرية القديمة، وفق قولها، وأضافت لـ«الشرق الأوسط»: «هذه المنطقة كانت تضم العديد من المعابد والمنشآت العامة، فهناك برديات تشير إلى وجود عمال مكلفين بحراسة المنشآت العامة بها؛ مما يشير إلى أهميتها».