«برنامج الكبح الشامل» يفشل في وقف جموح التضخم التركي

«برنامج الكبح الشامل» يفشل في وقف جموح التضخم التركي
TT

«برنامج الكبح الشامل» يفشل في وقف جموح التضخم التركي

«برنامج الكبح الشامل» يفشل في وقف جموح التضخم التركي

فشلت الحكومة التركية في كبح الارتفاع الجنوني غير المسبوق منذ 15 عاماً في معدل التضخم رغم الإجراءات التي أعلنتها الشهر الماضي والتي قالت إنها ستهبط بالتضخم بنسبة كبيرة.
وخلافاً لما وعدت به الحكومة على لسان وزير الخزانة والمالية برات البيراق، الأسبوع الماضي، أظهرت إحصاءات رسمية، أمس (الاثنين)، ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بنسبة 2.67% مقارنةً مع سبتمبر (أيلول) السابق. وحسب الأرقام الصادرة عن هيئة الإحصاء التركية أمس، بلغ معدل التضخم في أكتوبر 25.24% على أساس سنوي. وكان معدل التضخم قد سجل 24.52% في شهر سبتمبر، وهي أعلى نسبة يسجلها التضخم في تركيا منذ 15 عاماً.
وأوضحت البيانات الصادرة عن الهيئة أن مؤشر أسعار المنتجين زاد خلال أكتوبر الماضي بنسبة 0.91%، ليسجل 45.01% على أساس سنوي. وكانت الأوساط الاقتصادية في تركيا قد توقعت ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين خلال أكتوبر بنسبة 1.93%. وأشار خبراء إلى احتمال أن تُنهي تركيا عام 2018 بتضخم يصل إلى حدود 23.52%.
وفي بداية أكتوبر الماضي، أعلن وزير المالية والخزانة التركي برات البيراق، برنامجاً أعدته الحكومة لمواجهة موجات التضخم المتسارعة التي تشهدها البلاد، باسم برنامج «الكبح الكامل للتضخم».
وقال البيراق إنه «بالتنسيق مع القائمين على النظام الاقتصادي وشركائنا في السوق، أطلقنا حملة للمكافحة الفعالة لـ(الهجمات الاقتصادية التي تعرضت لها البلاد منذ أغسطس «آب» الماضي)، ونجحنا في إحباطها خلال شهري أغسطس وسبتمبر... اتفقنا مع جميع شركاتنا على إعلان تخفيض على منتجاتهم بنسبة 10% كحد أدنى حتى نهاية العام»، مؤكداً أن «هذه الحملة ليست إجبارية، ولأصحاب الشركات كامل الحرية في المشاركة بها».
وأكد أن المصارف التركية أيضاً تعهدت بتخفيض 10% على القروض ذات الفائدة المرتفعة اعتباراً من 1 أغسطس، معتبراً أن السياسات المالية المتبَعة اعتباراً من أغسطس الماضي، إلى جانب البرنامج الاقتصادي متوسط الأجل الجديد، الذي أُعلن في 20 سبتمبر الماضي، نجحت في الاستجابة إلى تطلعات السوق، وأشار إلى أنه سيتم الارتقاء بثقة المستثمرين أكثر عبر برنامج «الكبح الكامل للتضخم» وستتواصل إجراءات المكافحة الفعالة ضد محاولات الانتهازية والاحتكار، الناجمة عن تذبذبات سعر صرف العملات الأجنبية في السوق. وبدوره، توقع البنك المركزي التركي أن يبقى معدل التضخم في البلاد مرتفعاً خلال العامين القادمين 2019 و2020، وأن يصل معدل التضخم مع نهاية العام الجاري إلى 23.4%، وأن يستقر عند حدود 15.2% في 2019، و9.3% في 2020.
وتسبب الارتفاع الحاد في سعر صرف الدولار أمام الليرة التركية التي خسرت أكثر من 40% من قيمتها خلال العام الجاري، فضلاً عن ارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل كبير، في مواصلة معدل التضخم ارتفاعه رغم الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لمحاولة السيطرة عليه.
وفي أكتوبر الماضي، أبقى البنك المركزي التركي على سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير عند 24% خلال اجتماع لجنته للسياسة النقدية، استجابةً لإظهار الليرة التركية ثباتاً في سعر صرفها مقابل الدولار، بعد أن تعرضت لأسوأ أداء لها خلال شهري أغسطس وسبتمبر الماضيين، ما اضطر البنك إلى رفع سعر إعادة الشراء لمدة أسبوع (الريبو) مرتين بمجموع 11.25 نقطة مئوية هذا العام.
واستردت الليرة التركية بعض خسائرها في الأسابيع الأخيرة، على الرغم من أن خسائرها المجمعة لا تزال بواقع 30% من قيمتها مقابل الدولار، فيما ينذر ارتفاع معدل التضخم بحدوث ركود وارتفاع حاد في الديون المعدومة.
وتُظهر بيانات صدرت مؤخراً أن إعادة التوازن في الاقتصاد أصبحت أكثر وضوحاً، وأن الطلب الخارجي يحافظ على قوته، بينما يستمر التباطؤ في النشاط الاقتصادي المحلي، ويرجع ذلك جزئياً إلى تشديد السياسة المالية للبنك المركزي.
وقال البنك إن التطورات الأخيرة المتعلقة بتوقعات التضخم تشير إلى مخاطر كبيرة لاستقرار الأسعار. ولفت إلى أن الزيادات في الأسعار أظهرت نمطاً عاماً عبر القطاعات الفرعية، ما يعكس التحركات في أسعار الصرف. وعلى الرغم من أن ضعف الطلب المحلي سيخفف بشكل جزئي من تدهور توقعات التضخم، فإن المخاطر التصاعدية على سلوك التسعير لا تزال سائدة. وبناءً على ذلك، قررت لجنة السياسات النقدية الإبقاء على السياسة النقدية المتشددة.
وأكد البنك أن توقعات التضخم، وسلوك التسعير، والأثر المتأخر لقرارات السياسة النقدية الأخيرة، ومساهمة السياسة المالية في عملية إعادة التوازن، والعوامل الأخرى التي تؤثر على التضخم، سيتم رصدها عن كثب... وإذا لزم الأمر، سيتم إجراء المزيد من التشديد في السياسة النقدية.



بعد ساعات على تعيين بايرو... «موديز» تخفّض تصنيف فرنسا بشكل مفاجئ

رئيس الوزراء الفرنسي المعين فرنسيس بايرو وسلفه المنتهية ولايته ميشال بارنييه خلال حفل التسليم (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الفرنسي المعين فرنسيس بايرو وسلفه المنتهية ولايته ميشال بارنييه خلال حفل التسليم (د.ب.أ)
TT

بعد ساعات على تعيين بايرو... «موديز» تخفّض تصنيف فرنسا بشكل مفاجئ

رئيس الوزراء الفرنسي المعين فرنسيس بايرو وسلفه المنتهية ولايته ميشال بارنييه خلال حفل التسليم (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الفرنسي المعين فرنسيس بايرو وسلفه المنتهية ولايته ميشال بارنييه خلال حفل التسليم (د.ب.أ)

خفّضت وكالة موديز للتصنيف الائتماني تصنيف فرنسا بشكل غير متوقع يوم الجمعة، ما أضاف ضغوطاً على رئيس الوزراء الجديد للبلاد، لحشد المشرّعين المنقسمين لدعم جهوده للسيطرة على المالية العامة المتوترة.

وخفض التصنيف، الذي جاء خارج جدول المراجعة المنتظم لـ«موديز» لفرنسا، يجعل تصنيفها «إيه إيه 3» من «إيه إيه 2» مع نظرة مستقبلية «مستقرة» للتحركات المستقبلية، أي 3 مستويات أقل من الحد الأقصى للتصنيف، ما يضعها على قدم المساواة مع تصنيفات وكالات منافسة «ستاندرد آند بورز» و«فيتش».

ويأتي ذلك بعد ساعات من تعيين الرئيس إيمانويل ماكرون للسياسي الوسطي المخضرم، وحليفه المبكر فرنسوا بايرو كرئيس وزراء رابع له هذا العام.

وكان سلفه ميشال بارنييه فشل في تمرير موازنة 2025، وأطاح به في وقت سابق من هذا الشهر نواب يساريون ويمينيون متطرفون يعارضون مساعيه لتقليص الإنفاق بقيمة 60 مليار يورو، التي كان يأمل في أن تكبح جماح العجز المالي المتصاعد في فرنسا.

وأجبرت الأزمة السياسية الحكومة المنتهية ولايتها على اقتراح تشريع طارئ هذا الأسبوع، لترحيل حدود الإنفاق وعتبات الضرائب لعام 2024 مؤقتاً إلى العام المقبل، حتى يمكن تمرير موازنة أكثر ديمومة لعام 2025.

وقالت «موديز» في بيان: «إن قرار خفض تصنيف فرنسا إلى (إيه إيه 3) يعكس وجهة نظرنا بأن المالية العامة في فرنسا سوف تضعف بشكل كبير بسبب التشرذم السياسي في البلاد، الذي من شأنه في المستقبل المنظور أن يقيد نطاق وحجم التدابير التي من شأنها تضييق العجز الكبير».

وأَضافت: «بالنظر إلى المستقبل، هناك الآن احتمال ضئيل للغاية بأن تعمل الحكومة المقبلة على تقليص حجم العجز المالي بشكل مستدام بعد العام المقبل. ونتيجة لذلك، نتوقع أن تكون المالية العامة في فرنسا أضعف بشكل ملموس على مدى السنوات الثلاث المقبلة مقارنة بسيناريو خط الأساس الخاص بنا في أكتوبر (تشرين الأول) 2024».

وفتحت وكالة التصنيف الائتماني الباب لخفض تصنيف فرنسا في أكتوبر، عندما غيرت توقعاتها للبلاد من «مستقرة» إلى «سلبية».

وكان بارنييه ينوي خفض عجز الموازنة العام المقبل إلى 5 في المائة من الناتج الاقتصادي من 6.1 في المائة هذا العام، مع حزمة بقيمة 60 مليار يورو من تخفيضات الإنفاق وزيادات الضرائب. لكن المشرّعين اليساريين واليمينيين المتطرفين عارضوا كثيراً من حملة التقشف وصوتوا على إجراء حجب الثقة ضد حكومة بارنييه، مما أدى إلى سقوطها.

وقال بايرو، الذي حذر منذ فترة طويلة من ضعف المالية العامة في فرنسا، يوم الجمعة بعد وقت قصير من توليه منصبه، إنه يواجه تحدياً «شاقاً» في كبح العجز.

وقال وزير المالية المنتهية ولايته أنطوان أرماند، إنه أخذ علماً بقرار «موديز»، مضيفاً أن هناك إرادة لخفض العجز كما يشير ترشيح بايرو. وقال في منشور على أحد مواقع التواصل الاجتماعي: «إن ترشيح فرنسوا بايرو رئيساً للوزراء والإرادة المؤكدة لخفض العجز من شأنه أن يوفر استجابة صريحة».

ويضيف انهيار الحكومة وإلغاء موازنة عام 2025، إلى أشهر من الاضطرابات السياسية التي أضرت بالفعل بثقة الشركات، مع تدهور التوقعات الاقتصادية للبلاد بشكل مطرد.

ووضعت الأزمة السياسية الأسهم والديون الفرنسية تحت الضغط، ما دفع علاوة المخاطر على سندات الحكومة الفرنسية في مرحلة ما إلى أعلى مستوياتها على مدى 12 عاماً.