تحذير أوروبي من اقتطاعات ضريبية قد تقوّض السلطة الفلسطينية

TT

تحذير أوروبي من اقتطاعات ضريبية قد تقوّض السلطة الفلسطينية

رفضت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي خططا إسرائيلية لخصم أي أموال من عوائد الضرائب الفلسطينية، التي تجبيها إسرائيل عادة لصالح السلطة الفلسطينية مقابل نسبة متفق عليها.
وحذر مبعوث الأمم المتحدة إلى الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، ومسؤولون في الاتحاد الأوروبي، من خطر انهيار السلطة الفلسطينية، في حال طبقت إسرائيل خططا لخصم أموال من المقاصة، مستندة إلى «قانون خصم رواتب الإرهابيين» الذي أقره الكنيست مؤخرا، أو خططا لخصم أموال أخرى وتحويلها إلى قطاع غزة.
وجاء في رسائل إلى القيادة السياسية الإسرائيلية، أن تطبيق أي خصومات، سيؤدي إلى «نقطة انهيار»، وحتى تقويض المؤسسات الفلسطينية، بسبب الوضع الاقتصادي المتردي في المناطق الفلسطينية في ظل العجز المالي لدى السلطة، يوازيه نية بعض الدول المانحة التوقف عن تقديم المنح السارية لها.
وجاءت التحذيرات على خلفية توجه إسرائيلي لخصم قيمة الأموال التي تدفعها السلطة لعائلات «أسرى وشهداء»، وبدل أموال حجبتها السلطة عن قطاع غزة.
وكان الكنيست الإسرائيلي صادق قبل أشهر، على قانون «خصم رواتب الإرهابيين»، الذي ينص على أن يقدم وزير الأمن الإسرائيلي تقريراً، مع بداية كل عام، إلى مجلس الوزراء، حول المبالغ التي دفعتها السلطة الفلسطينية لعائلات الفلسطينيين «الذين قتلوا أثناء تنفيذهم عمليات ضد أهداف إسرائيلية»، والأسرى وعائلاتهم، كي يتم خصم هذا المبلغ من عائدات الضرائب التي تجبيها إسرائيل لصالح السلطة الفلسطينية، ويتم تحويله لصالح البلدات الإسرائيلية المحاذية لقطاع غزة، تعويضا عن الأضرار التي لحقت بها نتيجة مواجهات هناك.
ويدور الحديث عن نحو 23 مليون دولار شهريا، فيما تحول إسرائيل للسلطة نحو 180 مليون دولار شهريا.
وأموال المقاصة، هي ضرائب تجبيها وزارة المالية الإسرائيلية، على السلع الواردة شهريا إلى المناطق الفلسطينية، وتقوم بتحويلها لوزارة المالية الفلسطينية.
وتعارض المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أي مس بهذا المبلغ، خشية الضرر الذي يمكن أن يلحق بقدرة السلطة على البقاء.
مع ذلك، هددت إسرائيل السلطة الفلسطينية بخصم آخر إذا لم تحول كامل المخصصات لقطاع غزة.
وأعلن أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، أن إسرائيل أبلغت السلطة الفلسطينية، بتحويل أموال من «المقاصة» لقطاع غزة، إن لم تحوّل كامل المخصصات السابقة للقطاع.
وأضاف عريقات خلال مشاركته في ندوة بمدينة رام الله: «البلاغ الإسرائيلي وُجه للجانب الفلسطيني، الأسبوع الماضي». وتابع، خلال ندوة بعنوان «عنصرية القوانين الإسرائيلية»، «إن قطع المساعدات الأميركية عن السلطة الفلسطينية، والحديث عن مساعدات إنسانية لقطاع غزة، وغيرها من الإجراءات، هدفها الوحيد هو الضغط باتجاه فصل الضفة عن غزة».
واتهم عريقات الحكومة الإسرائيلية الحالية، برئاسة بنيامين نتنياهو، بالسعي لاستبدال حل الدولتين وتطبيق مبدأ الدولة بنظامين، التي تقوم على نظام الفصل العنصري «الأبرتهايد»، من خلال سن القوانين العنصرية في الكنيست، والتي كان آخرها ما يسمى قانون القومية.
وأضاف عريقات، «إن قيادة إسرائيل الحالية مصابة بالعمى السياسي وتتجه أكثر فأكثر إلى التحالف مع القوى اليمينية المتطرفة في العالم، مدعومة بقرارات متطرفة تصدر عن الإدارة الأميركية بقيادة دونالد ترمب والكونغرس الأميركي، بهدف تفكيك الاتحاد الأوروبي وفرض وقائع جديدة في العالم تخدم الفكر الصهيوني».
وأكد عريقات أن القيادة الفلسطينية تواصل بذل الجهود لمواجهة المؤامرات والمخططات الأميركية الإسرائيلية، الهادفة إلى فصل الضفة عن غزة، بهدف الاستفراد بالضفة الغربية والقدس.
وقال إن «هذه المؤامرة ستفشل ولن تمرّ، ولن تكون هناك دولة فلسطينية من دون قطاع غزة، ولا دولة في غزة».
يذكر أن السلطة الفلسطينية تعاني من عجز مالي يصل إلى 1.8 مليون دولار، ومديونية بنحو 5 مليارات دولار.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».