نظرة تقييم على نظام «كيتو» الغذائي

يجري الترويج لنظام «كيتو» الغذائي باعتباره أعجوبة في مجال إنقاص الوزن، لكنه في حقيقة الأمر نظام غذائي طبي يحمل في طياته مخاطر خطيرة في عالم يعج بكثير من الأنظمة الغذائية الهادفة إلى إنقاص الوزن، غالبا ما تجذب الأنظمة المعتمدة على تناول قدر قليل من الكربوهيدرات ونسبة مرتفعة من البروتينات، الانتباه إليها. وتنتمي أنظمة «باليو Paleo» و«ساوث بيتش South Beach» و«أتكينز Atkins» الغذائية جميعها إلى هذه الفئة. وفي بعض الأحيان، تجري الإشارة إليها باعتبارها أنظمة غذائية مولدة للكيتون، أو أنظمة «كيتو keto».
ومع هذا، فإن الأنظمة الغذائية الحقيقية المولدة للكيتون مختلفة عن ذلك.
- نظام «كيتو»
على خلاف الحال مع الأنظمة الغذائية الأخرى منخفضة الكربوهيدرات، التي تركز على البروتينات، فإن نظام «كيتو» يركز على الدهون، التي توفر ما يصل إلى 90 في المائة من السعرات الحرارية اليومية. وينبغي الانتباه إلى أن أنظمة «كيتو» الغذائية ليست من النمط الذي يمكن اللجوء إليه على سبيل التجربة.
في هذا الصدد، شرحت كيثي مكمانوس، خبيرة التغذية ومديرة قسم التغذية في مستشفى «بريغهام آند ويمينز»، بأن «نظام (كيتو) الغذائي يستخدم بصورة أساسية للمعاونة في تقليص معدل تكرار نوبات الصرع في الأطفال. ورغم أنه جرى تجريبه كذلك في إنقاص الوزن، فإن نتائجه خضعت للدراسة على المدى القصير فقط، وجاءت النتائج مختلطة. ولا ندري حتى اليوم إذا كان ناجحا على المدى الطويل، وما إذا كان آمناً».
كيف يعمل نظام «كيتو»؟ يهدف نظام «كيتو» إلى إجبار جسدك على استخدام نمط مغاير من الوقود. وبدلا من الاعتماد على السكر (الغلوكوز) المرتبط بالكربوهيدرات (مثل الحبوب والبقوليات والخضراوات والفاكهة)، يعتمد نظام «كيتو» الغذائي على جزيئات الكيتون، أي نمط من الوقود يفرزه الكبد من الدهون المخزنة بالجسم.
ويبدو حرق الدهون وسيلة نموذجية لخسارة الوزن، لكن دفع الكبد نحو إفراز الكيتون عملية معقدة:
- يستلزم هذا الأمر أن تحرم نفسك من الكربوهيدرات، بحيث تتناول أقل مما بين 20 و50 غراما من الكربوهيدرات يوميا (ضع في اعتبارك أن ثمرة الموز متوسطة الحجم تحوي قرابة 27 غراما من الكربوهيدرات).
- يستغرق الأمر عادة بضعة أيام حتى يصل الجسم إلى حالة الكيتوزية ketosis.
- تناول قدرا مفرطا من البروتينات من الممكن أن يتداخل مع الكيتوزية.
- طعام «كيتو»
نظرا لأن نظام «كيتو» الغذائي يتطلب قدرا مرتفعا من الدهون، فإن من يتبعونه يتعين عليم تناول الدهون في كل وجبة. في إطار نظام غذائي يعتمد على 2000 سعر حراري، فإن هذا قد يكافئ 165 غراما من الدهون، و40 غراما من الكربوهيدرات، و75 غراما من البروتينات. ومع هذا، تظل النسب المحددة معتمدة على احتياجات كل جسم على حدة.
ويسمح ببعض الدهون الصحية غير المشبعة في نظام «كيتو» الغذائي، مثل المكسرات (اللوز، جوز البندق)، والأفوكادو والتوفو وزيت الزيتون، إلا أنه يجري التشجيع على تناول دهون مشبعة من الزيوت (زيت النخيل وزيت جوز الهند) والزبد وزبدة الكاكاو بكميات كبيرة.
وتشكل البروتينات جزءا من نظام «كيتو» الغذائي، لكن النظام لا يميز بين الأطعمة التي تحوي قدرا هزيلا من البروتينات ومصادر البروتينات الغنية بالدهون المشبعة مثل اللحم البقري.
والآن، ماذا عن الفاكهة والخضراوات؟ تعتبر كل الفواكه غنية بالكربوهيدرات، لكن باستطاعتك تناول فواكه بعينها (التوت في العادة) بكميات صغيرة. أما الخضراوات «الغنية أيضا بالكربوهيدرات» فيجري قصرها على الخضراوات ذات الأوراق الخضراء (مثل اللفت والبنجر السويسري والسبانخ) والقرنبيط والبروكولي والإسبراغس والبصل والثوم والمشروم والخيار والفلفل المستدير والكرفس.
- مخاطر «كيتو»
ينطوي نظام «كيتو» الغذائي على مخاطر متعددة، على رأسها أنه غني بالدهون المشبعة. من جهتها، توصي مكمانوس بألا تتجاوز نسبة الدهون المشبعة 7 في المائة من بين إجمالي السعرات الحرارية التي تتناولها يوميا بسبب ارتباط هذه الدهون بأمراض القلب. في الحقيقة، ثمة ارتباط قائم بين نظام «كيتو» الغذائي وارتفاع معدل الكولسترول «الرديء» في الجسم، الذي يرتبط بدوره بأمراض القلب.
ومن بين المخاطر الأخرى المحتملة لهذا النظام:
- نقص العناصر الغذائية. شرحت مكمانوس هذا بأنه «إذا لم تتناول مجموعة متنوعة على نطاق واسع من الخضراوات والفواكه والحبوب، فإنك قد تواجه مخاطرة التعرض لنقص في المغذيات الدقيقة، بما في ذلك السيلينيوم والمغنيسيوم والفوسفور وفيتامينات (بي) و(سي)».
- مشكلات بالكلى. تساعد الكلى في عملية الأيض بالنسبة للبروتينات. وحذرت مكمانوس من أن نظام «كيتو» الغذائي ربما يكون معبئا بقدر مفرط منها، «ويبلغ المستوى الذي ينصح به حاليا لتناوله من البروتينات متوسط 46 غراما يوميا بالنسبة للمرأة، و56 غراما للرجل».
- الإمساك. يحوي نظام «كيتو» الغذائي قدرا قليلا من الألياف، مثل الحبوب والبقوليات.
- التفكير المشوش والتقلبات المزاجية. قالت مكمانوس إن «المخ بحاجة إلى السكر من كربوهيدرات صحية كي يتمكن من العمل. لذا، فإن الأنظمة الغذائية منخفضة الكربوهيدرات ربما تسبب حالة من التشوش والتوتر لدى المرء».
وعليه، فإنه من الضروري استشارة خبير تغذية قبل الإقدام على تجريب نظام «كيتو» الغذائي.
- أنظمة غذائية أخرى قليلة الكربوهيدرات
> ماذا عن الأنظمة الغذائية الأخرى؟ تعتبر الأنظمة الغذائية المشهورة منخفضة الكربوهيدرات، مثل «أتكينز» و«باليو»، نسخا معدلة من نظام «كيتو». ومع هذا، فإنها تنطوي على المخاطر ذاتها إذا ما أسرفت في الاعتماد على الدهون والبروتينات. إذن، لماذا يتبع الناس هذه النظم الغذائية؟ عن هذا، أجابت مكمانوس: «لأنها في كل مكان، ويسمع الناس من غيرهم أنها تؤتي نتائج ناجحة».
ومن بين النظريات المطروحة حول نجاح الأنظمة الغذائية قصيرة الأجل ومنخفضة الكربوهيدرات أنها تقلل الشهية؛ لأن الدهون تحترق ببطء، مقارنة بالكربوهيدرات. وهنا، شددت مكمانوس: «إلا أنه من جديد، لا ندري حقيقة الوضع على المدى الطويل. ومن الصعب أن يستمر المرء على تناول نظام غذائي مقيد على مدار فترة طويلة، بغض النظر عن ماهية هذا النظام. كما أنه بمجرد استعادتك نظامك الغذائي العادي، من المحتمل أن يستعيد جسدك وزنه السابق».

- رسالة «هارفارد» الصحية، خدمات «تريبيون ميديا».