فرنسا تحيي مئوية انتهاء الحرب العالمية الأولى بجولة «طريق الذاكرة»

تريد تحويل «منتدى السلام» إلى «دافوس سياسي» سنوي

صورة تعود إلى 28 يونيو 1919 تُظهر ممثلي الحلفاء وألمانيا مجتمعين في قصر فيرساي  في فرنسا لتوقيع المعاهدة التي وضعت حداً للحرب العالمية الأولى (أ.ب)
صورة تعود إلى 28 يونيو 1919 تُظهر ممثلي الحلفاء وألمانيا مجتمعين في قصر فيرساي في فرنسا لتوقيع المعاهدة التي وضعت حداً للحرب العالمية الأولى (أ.ب)
TT

فرنسا تحيي مئوية انتهاء الحرب العالمية الأولى بجولة «طريق الذاكرة»

صورة تعود إلى 28 يونيو 1919 تُظهر ممثلي الحلفاء وألمانيا مجتمعين في قصر فيرساي  في فرنسا لتوقيع المعاهدة التي وضعت حداً للحرب العالمية الأولى (أ.ب)
صورة تعود إلى 28 يونيو 1919 تُظهر ممثلي الحلفاء وألمانيا مجتمعين في قصر فيرساي في فرنسا لتوقيع المعاهدة التي وضعت حداً للحرب العالمية الأولى (أ.ب)

أسبوع حافل ينتظر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي ينطلق اليوم في رحلة من سبعة أيام عنوانها «طريق الذاكرة»، تقوده إلى المعالم الكبرى للحرب العالمية الأولى في ذكرى مئويتها الأولى والتي ستُكلَّل باحتفالية عالمية من المتوقع أن تضم ما يزيد على 70 رئيس دولة وحكومة ومنظمة دولية تحت قوس النصر في أعلى جادة الشانزليزيه. ويعقب ذلك كله «منتدى باريس للسلام» الذي سيدوم ثلاثة أيام بدءاً من 11 الجاري وأهمها اليوم الأول الذي سيشارك فيه الرؤساء والقادة، أبرزهم الرئيسان الأميركي والروسي، والمستشارة الألمانية، ورئيسة الوزراء البريطانية، والأمين العام للأمم المتحدة، ورؤساء الدول والحكومات من أفريقيا وآسيا الذين شاركت جيوش بلدانهم في معارك أكبر مجزرة عرفها العالم والتي انتهت بهزيمة ألمانيا وتوقيع الهدنة يوم 11 نوفمبر (تشرين الثاني) 2018 في حافلة قطار، في غابة كومبياني، شمال باريس.
إنها المرة الأولى التي تعمد فيها فرنسا إلى تنظيم هذا النوع من التجمعات السياسية الضخمة. بيد أن باريس لا تريد الاكتفاء بذلك بل إنها عازمة على تحويل «منتدى السلام» إلى «دافوس سياسي» يكون شبيهاً إلى حد ما، بمنتدى «دافوس الاقتصادي» الذي يلتئم في محطة التزلج السويسرية المعروفة والذي يجمع كبار شخصيات هذا العالم كل عام. وينتظر أن يتمخض «منتدى السلام» عن بيان يكون محوره المحافظة على السلام في العالم والحاجة إلى إدارة جماعية لشؤونه بعيداً عن الأحادية والانعزالية. إضافة إلى ذلك سيوفر حضور المسؤولين من أكبر البلدان الفرصة للقاءات جانبية عديدة أبرزها حتى الآن اللقاء المقرر بين الرئيسين دونالد ترمب وفلاديمير بوتين، بينما تسعى باريس للدفع باتجاه اجتماع فلسطيني - إسرائيلي بسبب وجود الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ورئيس الوزراء الإسرائيلي معاً في باريس وفي الأمكنة ذاتها.
غير أن هذا الحدث الذي تريد فرنسا تحويله إلى حدث عالمي، له أيضاً أبعاد داخلية، ذلك أن الرئيس ماكرون يمر هذه الأيام بـ«مطبات هوائية» انطلقت مع بداية الصيف الماضي وما زالت مستمرة وأبرز علاماتها هبوط شعبيته إلى الحضيض (25 في المائة من الفرنسيين يؤيدون سياسته وفق أحد استطلاعات الرأي الذي أُعلنت نتائجه مؤخراً). والمبتغى أن تشكل الاحتفالات المنتظرة والجولة التي ستدوم أسبوعاً كاملاً في إطار «طريق الذاكرة» إعادة تعويم للرئيس الفرنسي الذي عانى مما اصطُلح على تسميته «فضيحة بنعالا»، ومن التشويش الذي أحاط باستقالة ثلاثة وزراء، بينهم أبرز وزيرين في حكومة إدوار فيليب وهما وزيرا البيئة نيكولا هولو، والداخلية جيرار كولومب.
ولم يُحدث التعديل الوزاري الذي أوصل أحد أقرب المقربين لماكرون إلى وزارة الداخلية وهو كريستوف كاستانير، وقبله رئيس مجلس النواب فرنسوا دو روجي إلى وزارة البيئة، «الصدمة» السياسية المتوخاة. يضاف إلى ذلك كله أن النتائج الاقتصادية والاجتماعية للإصلاحات التي أجراها عهد ماكرون وما رافقها من زيادة الضرائب وتعديل قانون العمل لم تأتِ بعد بأُكلها. وما زالت الصورة العالقة في أذهان الفرنسيين أن ماكرون هو «رئيس الأغنياء» باعتبار أن أحد أول الإجراءات التي قام بها عهده كان إلغاء الضريبة على الثروة ووضع عتبة ثابتة للضرائب التي تُجبى عن العمليات المالية، وهذا ما حرم خزينة الدولة من عدة مليارات من اليورو. وما يشكو منه الفرنسيون اليوم هو غلاء المشتقات النفطية وسعي الناشطين إلى تعطيل البلاد بسبب ذلك في السابع عشر من الشهر الجاري.
في الأيام الأربعة المنصرمة، اختار ماكرون أن يلغي كل مواعيده الرسمية بسبب حالة الإرهاق التي أصابته. ويقول العارفون إنه تعب بسبب النشاط الزائد الذي يبذله وتنقّله الدائم داخل البلاد وسفراته خارجها. ولذا قرر أن يمضي عطلة للاستجمام في مدينة هونفلور، في منطقة النورماندي قبل أن ينطلق اليوم في ترحاله في شرق وشمال البلاد الذي سيقوده إلى منطقتين و11 دائرة و17 مدينة أولاها مدينة استراسبورغ التي تنقلت بين السيادتين الألمانية والفرنسية. وسينضم إلى ماكرون في تجواله رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، ثم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركيل، وقادة أفارقة، وكلٌّ في «محطة» معينة على علاقة بمعارك الحرب العالمية الأولى التي أوقعت 18.6 مليون قتيل من المدنيين والعسكريين. وبسبب تجوال الرئيس، فإن مجلس الوزراء الذي ينعقد أسبوعياً في قصر الإليزيه سوف ينتقل الأربعاء القادم إلى مدينة شارلفيل ميزيير (شرق) والغرض من اللفتة إبراز الاهتمام الرسمي بالمناطق وليس فقط بالعاصمة أو بالمدن الكبرى. وسوف يستغل ماكرون تجواله للإعلان عن عدد من المشاريع الجديدة أو لزيارة مصانع أو شركات والتقاء الموظفين والعمال والاطلاع عن قرب على أوضاع المناطق التي سيزورها.
يبقى أن للرئيس ماكرون هدفاً دبلوماسياً من تجواله، ففي زمن يطغى على أوروبا الجدل الخاص بالهجرات المكثفة المنصبّة على الشواطئ الأوروبية انطلاقاً من أفريقيا، فإن ماكرون سيغتنم الفرصة للتعبير عن اعتراف فرنسا الرسمية بفضل المستعمرات الأفريقية السابقة في الدفاع عن الأراضي الفرنسية وخصوصاً بالدور الذي لعبه ما تسمى «القوة السوداء» التي شكّلتها فرنسا من 17 بلداً أفريقياً من وراء الصحراء، أي أفريقيا السوداء. ولذا، فإن أحد ضيوف ماكرون في جولته سيكون رئيس مالي إبراهيم بوبكر كايتا، الذي سيلتحق به في مدينة رينس، بعد غد (الثلاثاء).



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.