عبد المهدي ينتظر توافقات الكتل السياسية لاستكمال حكومته

استمرار المحادثات لتسوية الخلافات حول حقيبتي الدفاع والداخلية

TT

عبد المهدي ينتظر توافقات الكتل السياسية لاستكمال حكومته

رغم بدء العد التنازلي لتقديم من تبقوا من وزراء في حكومة عادل عبد المهدي إلى البرلمان العراقي في جلسته المقبلة في السادس من الشهر الحالي، لم يصدر أي توضيح بشأن ما إذا كان سيغير عبد المهدي أياً من الوزراء الذين لا تزال تدور بشأنهم إما خلافات أو شبهات.
وبينما بدأ الوزراء الـ14 الذين تم تمريرهم داخل البرلمان خلال جلسة 24 أكتوبر الماضي، ممارسة أعمالهم رغم الهجمات التي بات يتعرض لها عدد منهم، فإن عبد المهدي لا يزال ينتظر ما يمكن أن تسفر عنه المباحثات الجارية بين الكتل السياسية حالياً بشأن الآلية التي يمكن اعتمادها لتمرير الوزراء الثمانية الباقين.
وطبقاً لسياسي مطلع على كواليس المفاوضات، فإن «المباحثات ما زالت جارية بشأن الحقائب التي لا تزال تمثل مشكلة، بالأخص وزارتي الدفاع والداخلية اللتين لم يتم حتى الآن التوصل إلى حل، ولو وسط، بشأنهما». ويقول السياسي المطلع لـ«الشرق الأوسط»، إن «المفاوضات الجارية بين الكتل يمكن أن تسفر عن تغيير بعض الأسماء التي قدمها رئيس الوزراء، ولم تحظ بموافقة الكتل داخل البرلمان»، مبيناً أن «أحد أسباب تأجيل تمريرهم كان لوجود اعتراضات، إما على السير الذاتية لبعضهم، أو وجود مواقف من بعض الكتل حول بعض الشخصيات، خصوصاً المرشح لمنصب وزير الداخلية فالح الفياض، أو المرشح لمنصب وزير الدفاع فيصل الجربا».
وأوضح السياسي أن كتلة «سائرون»، التي يدعمها مقتدى الصدر، «لا تزال تعترض بشدة على الفياض، بينما كتلة (البناء) (بزعامة هادي العامري) لا تزال تدعم ترشيحه، لكن الأمر بين الطرفين قابل للتفاوض حتى يوم الثلاثاء، والأمر نفسه بالنسبة للمرشحين لحقيبة الدفاع، فيصل الجربا وهاشم الدراجي، حيث لا يزال الخلاف قائماً بشأنهما داخل المحور السني».
بدوره، أكد النائب عن تحالف «البناء»، عبد الأمير تعيبان، أن البرلمان سيمضي في جلسته المقبلة بالتصويت على جميع الحقائب الوزارية المتبقية، من ضمنها الدفاع والداخلية.
وقال تعيبان لشبكة «رووداو» الإعلامية، إن «جلسة البرلمان المقبلة ستشهد التصويت على جميع الحقائب الوزارية، من ضمنها الدفاع والداخلية»، مؤكداً أن الكتل النيابية منحت الحرية الكاملة لرئيس الوزراء لاختيار مرشحي وزارتي الدفاع والداخلية.
وأضاف: «هناك توافق كبير بين الكتل على تمرير الكابينة الوزارية لحكومة عبد المهدي في جلسة البرلمان المقبلة». وأكد تعيبان أن الجلسة المقبلة للبرلمان ستشهد أيضاً استبدال بعض الوزراء لشمولهم بقانون المساءلة والعدالة.
من جهته، يرى أمين عام الحزب الشيوعي العراقي وعضو البرلمان عن كتلة «سائرون»، رائد فهمي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «لم يعد هناك إلزام في أن تستكمل الوزارة كلها خلال الجلسة المقبلة للبرلمان، لأن الحكومة من الناحية الدستورية أصبحت كاملة، ويمكن بقاء وزارات شاغرة وتدار بالوكالة إلى حين، خصوصاً مع وجود مشكلات حول بعض الحقائب والشخصيات». وأضاف فهمي أن «كل المؤشرات تذهب باتجاه عدم إمكانية تمرير الوزراء الثمانية، بل يمكن أن يمرر قسم منهم مع بقاء حقائب أخرى شاغرة، ربما تكون من بينها وزارتا الدفاع والداخلية، بسبب عدم وجود توافق على الأسماء المقترحة».
وحول موقف كتلة «سائرون»، يقول فهمي إن «موقف (سائرون) واضح، ويتمثل في أننا أردنا أن تخرج الحكومة من منطق المحاصصة الحزبية والطائفية فقط، وهو ما نصر عليه حتى الآن».
كردياً، أكد عضو «الحزب الديمقراطي الكردستاني» والنائب السابق ماجد شنكالي لـ«الشرق الأوسط»، أن «حصة الكرد كان يفترض أن تكون 4 وزارات، لكن رئيس الوزراء عادل عبد المهدي منحنا ثلاث وزارات، اثنتان منها تم تمريرهما، وهما (المالية) و(الإعمار)، وبقيت واحدة وهي (الهجرة والمهجرين)، حيث تجري الآن مباحثات بشأنها بين الحزبين الرئيسيين (الديمقراطي الكردستاني) و(الاتحاد الوطني الكردستاني)»، مبيناً أن «أمرها لم يحسم بعد، وأتوقع أنه سيحسم في غضون الأيام القليلة المقبلة، خصوصاً في ضوء مباحثات الحزبين حول تشكيل حكومة إقليم كردستان». ورداً على سؤال عما إذا كانت هناك مرونة بين الحزبين الكرديين بخلاف التصعيد الذي أعقب انتخاب رئيس الجمهورية، قال شنكالي: «نعم هناك مرونة بين الطرفين، وأتوقع أن أجواء المباحثات بينهما بشأن حكومة الإقليم سوف تنعكس على موقفهما حيال بغداد».
وكان النائب الأول للبرلمان العراقي حسن الكعبي أعلن أن هناك شروطاً ينبغي توفرها في المرشح للكابينة الحكومية، مضيفاً أن «أي مرشح يخالف الضوابط والقوانين سيكون لنا موقف تجاهه، لذا من غير الممكن قبول وزير لا يخضع للشروط التي نص عليها القانون». وبيَّن الكعبي أنه «يشترط في تسلم الوزير لمهامه جملة من الشروط والخصائص، محددة وفقاً للقانون، أهمها (عدم شموله بقانون المساءلة والعدالة، وأن يكون غير متورط بقضايا فساد، وألا تكون عليه دعاوى أو قيود جنائية، ألا يكون ممن لهم دور بوجود تنظيم داعش في البلاد أو الإرهاب)، وأن هذه شروط قانونية غير قابلة للتغيير». وأضاف أنه «وبعد تعالي الدعوات السياسية والشعبية بتشكيل حكومة تمتلك خبرات وكفاءات (تكنواقراط مستقلة)، فإذا لم تكن الحكومة بهذه المواصفات لن تتمكن من تقديم المتطلبات التي يريدها الشعب والمرجعية الدينية الرشيدة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.