إسرائيل تعمل على إحداث اختراقات في الاتحاد الأوروبي

نتنياهو يتطلع إلى تحالفات ثنائية على هامش قمة «كرايوفا» في بلغاريا

TT

إسرائيل تعمل على إحداث اختراقات في الاتحاد الأوروبي

صرّح مسؤول إسرائيلي بأن إعلان الرئيس البرازيلي المنتخب، جاير بولسونارو، نيته نقل سفارة بلاده إلى القدس، شكّل دافعاً جدياً لجهود الدبلوماسية الإسرائيلية في إقناع دول أخرى بنقل سفاراتها وممثلياتها الدبلوماسية من تل أبيب إلى القدس. وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن خطوة بولسونارو أعادت إلى الأذهان تعهد الرئيس التشيكي، ميلوش زمان، بأنه ينوي نقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس. وقال المسؤول الإسرائيلي، في تصريح لصحيفة «يسرائيل هيوم» (إسرائيل اليوم) العبرية: «هذا الموضوع (نقل السفارة) مطروح على طاولة المحادثات التي يجريها رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو أثناء زيارته الرسمية الحالية لبلغاريا، كجزء من الجهود الإسرائيلية لتعزيز أواصر تحالفات انفرادية من مجموعة دول الاتحاد الأوروبي».
وبحسب المسؤول، فإن حضور نتنياهو قمة «كرايوفا» في مدينة فارنا البلغارية على البحر الأسود، التي يشارك فيها زعماء كل من بلغاريا وصربيا واليونان ورومانيا، «تأتي على خلفية المساعي الإسرائيلية لزعزعة موقف نفاق الاتحاد الأوروبي المعادي لإسرائيل». وتابع المسؤول الرفيع قوله إن «إسرائيل تدرس هذه الأيام إمكانية الخروج بمبادرة لإنشاء تحالفات جديدة داخل الاتحاد الأوروبي، وذلك من أجل إضعاف ما تعتبره إسرائيل معضلة محورية تواجهها إسرائيل في تعاملها مع الاتحاد الأوروبي، الذي يحوّل الأموال إلى جمعيات إسرائيلية غالبيتها يسارية وتنشط في مجال الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي». ويرى المسؤول الإسرائيلي أن إسرائيل قادرة على العثور على قاسم مشترك مع كثير من الدول الأوروبية التي تعارض هذا النهج، وذلك لأن عدد الدول التي تصر على نقل الأموال لهذه الجمعيات المذكورة لا يتعدى 10 دول أوروبية، من بينها ألمانيا وفرنسا.
وكان نتنياهو توجه الخميس إلى بلغاريا للقاء قادة سياسيين من دول البلقان، معلناً أنه سيركز على تعزيز العلاقات الدبلوماسية معها والدفع من أجل تغيير في «الموقف المنافق والعدائي» داخل الاتحاد الأوروبي تجاه إسرائيل. وأضاف نتنياهو: «هذا ليس اجتماع أصدقاء فحسب، وإنما يهدف بالطبع إلى تعزيز العلاقات مع كل بلد من هذه البلدان. ومع ذلك، فهي أيضاً كتلة من البلدان التي أرغب في الترويج لسياستي فيها، وتغيير الموقف المنافق والمعادي للاتحاد الأوروبي». وتابع نتنياهو، قبل مغادرته إلى مدينة فارنا المطلة على البحر الأسود: «هذه عملية ستتطلب وقتاً، ولكنني أؤمن بوضع هدف والسعي إليه بشكل منهجي، وأعتقد أن ذلك سيتحقق مع مرور الوقت». وأضاف: «هذا مهم لدولة إسرائيل، التي تشهد مكانتها ارتفاعاً في العالم». ورد الاتحاد الأوروبي على نتنياهو قائلاً عبر بيان: «الاتحاد الأوروبي وإسرائيل يتمتعان بعلاقات قوية متبادلة المنفعة. إن الاتحاد الأوروبي شريك إسرائيل الاقتصادي الأول وحليف سياسي قوي، وملتزم تماماً بأمنها ورفاهيتها. إن الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء هم الشيء نفسه، ويتم اعتماد قرارات السياسة الخارجية بالإجماع».
وهذه ليست أول مواجهة بين نتنياهو والاتحاد الأوروبي، فقد دخل في السابق في مواجهات مع الكتلة بسبب عملية السلام الإسرائيلية - الفلسطينية والاتفاق النووي مع إيران. ويزعم عادة أعضاء في الائتلاف الحاكم وبعض نواب المعارضة أيضاً بأن الاتحاد يعامل الدولة اليهودية بصورة غير منصفة ويقف عادة على الجانب الخاطئ من التاريخ. وتثير معارضة بروكسل الثابتة للتوسع الاستيطاني وهدم إسرائيل للمباني الفلسطينية، وكذلك التمويل الأوروبي لمنظمات غير ربحية يسارية، غضب اليمين الإسرائيلي منذ سنوات.
وتدهورت العلاقات بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي، الذي يتضمن 28 دولة، بشكل كبير، بعد قرار الأخير في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015 وضع علامات على منتجات المستوطنات. وفي رد أولي غاضب، قامت إسرائيل بتعليق الاتصالات مع الاتحاد الأوروبي، لكنها سرعان ما قامت باستئنافها. وكانت هناك علامات أخرى على حدوث انفراج، فعلى سبيل المثال في أواخر عام 2016، قال مسؤول كبير في بروكسل إن الاتحاد على استعداد لإعادة عقد مجلس الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، وهو منتدى ثنائي على المستوى الوزاري، بعد توقف دام 5 سنوات. لكن سرعان ما توترت العلاقات مجدداً. وفي يوليو (تموز) 2017، خلال زيارة قام بها إلى بودابست، سُمع نتنياهو عن طريق الخطأ وهو يصف الاتحاد الأوروبي بالمجنون لإصراره على ربط الدفع بالعلاقات الثنائية قدماً بتحقيق تقدم في العملية السلمية. وتفاقمت التوترات بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب في 6 ديسمبر (كانون الأول) 2017، اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل، وهي خطوة اعترض عليها الاتحاد الأوروبي بشدة. كما تولت بروكسل دور كبير المدافعين عن الاتفاق النووي مع إيران مع إعلان ترمب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق في 8 مارس (آذار) الماضي. ولم تقم بروكسل بالتنديد بخطوة الرئيس الأميركي فحسب، بل تعهدت بحماية الشركات الأوروبية من إعادة فرض العقوبات الأميركية عليها.
منذ ذلك الحين، ازدادت حدة الهجمات الإسرائيلية على الاتحاد من حيث الوتيرة والكثافة، إذ يتهم الوزراء الإسرائيليون علانية الاتحاد الأوروبي بتمويل جهود مقاطعة مناهضة لإسرائيل وحتى منظمات لها صلة بالإرهاب. وشارك نتنياهو أمس ضيف شرف في منتدى «كرايوفا» الذي حضره زعماء بلغاريا ورومانيا وصربيا واليونان. وهذه أول مرة يحضر فيها هذا المنتدى زعيم أجنبي. وعقد نتنياهو لقاءات منفردة مع رئيس الوزراء البلغاري بوريسوف، ورئيسة الوزراء الرومانية دانتشيلا، والرئيس الصربي فوتشيتش، ورئيس الوزراء اليوناني تسيبراس، وقال في ختامها: «أحضر هنا قمة مشتركة لـ4 دول، وهذه هي أول مرة، حيث توجه تلك الدول دعوة لزعيم آخر خارج هذا المنتدى للمشاركة فيه. هذا شرف عظيم لإسرائيل، وهذا يعكس مكانة إسرائيل المتصاعدة في العالم. كل واحد منهم وعدني بأنه سيعمل على تحسين نهج تصويته في الأمور التي تتعلق بنا في الاتحاد الأوروبي وفي الأمم المتحدة، وإضافة إلى ذلك فإنهم يريدون أن ندفع قدماً أنبوب الغاز الذي يربط بين حقل الغاز الإسرائيلي ليفياتان وأوروبا والبلقان. إنهم يريدون الغاز الإسرائيلي كثيراً ويريدون التكنولوجيا الإسرائيلية والصداقة معنا. هذا مؤشر جيد».



مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

قالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان اليوم (الأحد)، إن الوزير بدر عبد العاطي تلقّى اتصالاً هاتفياً من نظيره الصومالي أحمد معلم فقي؛ لإطلاعه على نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت مؤخراً في العاصمة التركية، أنقرة، بين الصومال وإثيوبيا وتركيا؛ لحل نزاع بين مقديشو وأديس أبابا.

ووفقاً لـ«رويترز»، جاء الاتصال، الذي جرى مساء أمس (السبت)، بعد أيام من إعلان مقديشو وإثيوبيا أنهما ستعملان معاً لحل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي استقطبت قوى إقليمية وهدَّدت بزيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وجاء في بيان وزارة الخارجية المصرية: «أكد السيد وزير خارجية الصومال على تمسُّك بلاده باحترام السيادة الصومالية ووحدة وسلامة أراضيها، وهو ما أمَّن عليه الوزير عبد العاطي مؤكداً على دعم مصر الكامل للحكومة الفيدرالية (الاتحادية) في الصومال الشقيق، وفي مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار».

وقال زعيما الصومال وإثيوبيا إنهما اتفقا على إيجاد ترتيبات تجارية للسماح لإثيوبيا، التي لا تطل على أي مسطح مائي، «بالوصول الموثوق والآمن والمستدام من وإلى البحر» بعد محادثات عُقدت يوم الأربعاء، بوساطة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

وهذا الاجتماع هو الأول منذ يناير (كانون الثاني) عندما قالت إثيوبيا إنها ستؤجر ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية بشمال الصومال مقابل الاعتراف باستقلال المنطقة.

ورفضت مقديشو الاتفاق، وهدَّدت بطرد القوات الإثيوبية المتمركزة في الصومال لمحاربة المتشددين الإسلاميين.

ويعارض الصومال الاعتراف الدولي بأرض الصومال ذاتية الحكم، والتي تتمتع بسلام واستقرار نسبيَّين منذ إعلانها الاستقلال في عام 1991.

وأدى الخلاف إلى تقارب بين الصومال ومصر، التي يوجد خلافٌ بينها وبين إثيوبيا منذ سنوات حول بناء أديس أبابا سداً مائيّاً ضخماً على نهر النيل، وإريتريا، وهي دولة أخرى من خصوم إثيوبيا القدامى.

وتتمتع تركيا بعلاقات وثيقة مع كل من إثيوبيا والصومال، حيث تُدرِّب قوات الأمن الصومالية، وتُقدِّم مساعدةً إنمائيةً مقابل موطئ قدم على طريق شحن عالمي رئيسي.

وأعلنت مصر وإريتريا والصومال، في بيان مشترك، في أكتوبر (تشرين الأول) أن رؤساء البلاد الثلاثة اتفقوا على تعزيز التعاون من أجل «تمكين الجيش الفيدرالي الصومالي الوطني من التصدي للإرهاب بصوره كافة، وحماية حدوده البرية والبحرية»، وذلك في خطوة من شأنها فيما يبدو زيادة عزلة إثيوبيا في المنطقة.

وذكر بيان وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الأحد)، أن الاتصال بين الوزيرين تطرَّق أيضاً إلى متابعة نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت في أسمرة في العاشر من أكتوبر.

وأضاف: «اتفق الوزيران على مواصلة التنسيق المشترك، والتحضير لعقد الاجتماع الوزاري الثلاثي بين وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا؛ تنفيذاً لتوجيهات القيادات السياسية في الدول الثلاث؛ لدعم التنسيق والتشاور بشأن القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك».

وفي سبتمبر (أيلول)، قال مسؤولون عسكريون واثنان من عمال المواني في الصومال إن سفينةً حربيةً مصريةً سلَّمت شحنةً كبيرةً ثانيةً من الأسلحة إلى مقديشو، تضمَّنت مدافع مضادة للطائرات، وأسلحة مدفعية، في خطوة من المرجح أن تفاقم التوتر بين البلدين من جانب، وإثيوبيا من جانب آخر.

وأرسلت القاهرة طائرات عدة محملة بالأسلحة إلى مقديشو بعد أن وقَّع البلدان اتفاقيةً أمنيةً مشتركةً في أغسطس (آب).

وقد يمثل الاتفاق الأمني مصدر إزعاج لأديس أبابا التي لديها آلاف الجنود في الصومال، يشاركون في مواجهة متشددين على صلة بتنظيم «القاعدة».