ليبرمان يقيم عمارة استيطانية وسط البلدة القديمة بالخليل

الحكومة الفلسطينية تناشد العالم التدخل لوقف حملات الاستيطان الإسرائيلية

جنود إسرائيليون ومستوطنون خلال جولة خطط لها في مدينة الخليل (ا.ف.ب)
جنود إسرائيليون ومستوطنون خلال جولة خطط لها في مدينة الخليل (ا.ف.ب)
TT

ليبرمان يقيم عمارة استيطانية وسط البلدة القديمة بالخليل

جنود إسرائيليون ومستوطنون خلال جولة خطط لها في مدينة الخليل (ا.ف.ب)
جنود إسرائيليون ومستوطنون خلال جولة خطط لها في مدينة الخليل (ا.ف.ب)

بعد الكشف عن مساعي وزير الأمن الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، بناءَ عمارة يهودية ضخمة في قلب البلدة القديمة في الخليل، على مقربة من الحرم الإبراهيمي، وعن اتفاقية موقَّعة بين وزارة الإسكان الإسرائيلية ومستوطنة «معاليه أدوميم» لبناء 20 ألف وحدة سكنية جديدة، توجَّهت حكومة الوفاق الوطني في السلطة الفلسطينية، بنداء عاجل إلى العالمين العربي والإسلامي والمجتمع الدولي بأسره، لأن يتحملوا مسؤولياتهم إزاء إجراءات الاحتلال.
وقال المتحدث الرسمي باسم الحكومة الفلسطينية، يوسف المحمود، إن الإعلان عن الشروع في بناء استيطاني جديد، مكوَّن من عشرات الوحدات الاستيطانية فوق سوق الخضار بالبلدة القديمة من مدينة الخليل، يشير إلى حجم التغوُّل الاحتلالي الاستيطاني في هذه المدينة التي تعاني من الحملات الاستيطانية الرهيبة، والتي تهدف إلى إغراقها بالمستوطنين والمستوطنات، على طريق اقتلاع وتهجير أهلها وأصحابها الأصليين.
وشدَّد المحمود على أن الحملات الاستيطانية التي تُشنّ على مدينة الخليل، تترافق مع حملات ادعاء وتزوير للتاريخ العربي القديم، وشواهده الحضارية الأولى، وامتداده إلى التاريخ العربي الإسلامي، وتاريخ القطر العربي الفلسطيني، سعياً لتكوين رواية مصطنعة هي أولاً وأخيراً رواية الاحتلال المزوّرة.
وأكد المحمود على أن مدن القدس والخليل وبيت لحم جزء من مدن الرواية التاريخية العربية الكنعانية القديمة، التي أسهمت في وضع الأسس الأولى للحضارة الإنسانية على الأرض، وأنها تتعرض لغزو الاستيطان والاحتلال ومحاولات التهجير والطمس والتغيير، الأمر الذي يتطلب أيضاً تحرّكاً عاجلاً من قبل المنظمات والمؤسسات والهيئات الدولية المختصة، وعلى رأسها «اليونيسكو»، التي اعتبرت مدينة الخليل مدينة إرث عالمي، لوقف هذا العدوان الاحتلالي الذي يمس الشعب والتراث الحضاري العالمي، بقدر ما يعتدي على القوانين وعلى الشرعية الدولية.
وكان ليبرمان قد أعلن، صباح أمس (الخميس)، أنه سيطرح أمام الحكومة، خطة جديدة لبناء عمارة استيطانية جديدة في قلب مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية المحتلة، تضم وحدات سكنية، وذلك في تغريدة له على موقع «تويتر». وتبيّن أن المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، أفيخاي مندلبليت، صادَقَ على عملية البناء.
وستضاف هذه العمارة إلى مشروع سكني استيطاني آخر بادر إليه ليبرمان نفسه، وصادقت عليه الحكومة الإسرائيلية في جلستها يوم الأحد 14 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، يشتمل على خطة لبناء 31 وحدة استيطانية في قلب المدينة هو الأول من نوعه الذي سيقام فيها منذ 16 عاماً.
وقال ليبرمان في تغريدته: «نواصل بزخم تطوير الحي الاستيطاني في الخليل»، وتابع أن ذلك «لم يحدث منذ 20 عاماً». وأضاف: «سنواصل تعزيز البناء الاستيطاني بالخليل، وسنقدم مخططاً لبناء عمارة استيطانية جديدة في قلب الخليل».
وبالإضافة إلى الشراكة في الموقف الاستيطاني الاستعماري، يسعى ليبرمان لمشاريعه الاستيطانية ليرد على منافسه على أصوات اليمين المتطرف، نفتالي بنيت، الذي يتهمه بالتقاعس عن الاستيطان؛ فيحاول الظهور بالأكثر حرصاً وإبداعاً من بنيت في تعزيز سياسة التهويد والاستيطان.
وكشفت صحيفة «هآرتس» أن بناء الوحدات الاستيطانية الجديدة في الخليل سيتمّ «تنفيذه في موقع قاعدة عسكرية إسرائيلية سابقة»، ولفتت إلى أن المشروع يأتي في إطار «تطوير المجتمع اليهودي في مدينة الخليل».
وتقول مصادر فلسطينية إن المشروع الاستيطاني سيقام في منطقة شارع الشهداء التي قُسِّمت لجزأين في عام 1997، علماً بأن الاحتلال يسيطر على البلدة القديمة ومنطقة الحرم الإبراهيمي، في حين يتبع القسم الآخر لسيطرة السلطة الفلسطينية. المعروف ان إسرائيل احتلَّت الخليل كجزء من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية عام 1967.
وفي عام 1997، وقّعت منظمة التحرير الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية «بروتوكول الخليل»، الذي تم بموجبه الانسحاب الإسرائيلي من مساحة 80 في المائة من المدينة ليصبح ضمن سيادة السلطة الفلسطينية الكاملة، والبقية بمساحة 20 في المائة تقع ضمن السيطرة الأمنية للاحتلال الإسرائيلي، مع الإبقاء على إدارة فلسطينية مدنية فيه.
ويقع الحرم الإبراهيمي وقلب مدينة الخليل القديمة ضمن الجزء الثاني، حيث مئات المستوطنين الإسرائيليين، ويشتكي الفلسطينيون من الاعتداءات المتكررة عليهم، سواء من المستوطنين أو جنود الاحتلال. وقد قسمت سلطات الاحتلال الحرم الإبراهيمي ما بين المسلمين واليهود.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».