«المركزي البريطاني» يبقى حذراً ومنفتحاً على «كل الاحتمالات» قبل «البريكست»

حذر بنك إنجلترا المركزي أمس من آثار حالة عدم اليقين التي تواجهها المؤسسات التجارية على الاقتصاد البريطاني (رويترز)
حذر بنك إنجلترا المركزي أمس من آثار حالة عدم اليقين التي تواجهها المؤسسات التجارية على الاقتصاد البريطاني (رويترز)
TT

«المركزي البريطاني» يبقى حذراً ومنفتحاً على «كل الاحتمالات» قبل «البريكست»

حذر بنك إنجلترا المركزي أمس من آثار حالة عدم اليقين التي تواجهها المؤسسات التجارية على الاقتصاد البريطاني (رويترز)
حذر بنك إنجلترا المركزي أمس من آثار حالة عدم اليقين التي تواجهها المؤسسات التجارية على الاقتصاد البريطاني (رويترز)

فيما أثيرت أنباء متضاربة، أمس، عن توصل بريطانيا والاتحاد الأوروبي إلى اتفاق مبدئي على الخدمات المالية في مرحلة ما بعد «البريكست»، أبقى بنك إنجلترا (المركزي البريطاني) على أسعار الفائدة دون تغيير أمس، ولمح إلى زيادات أسرع قليلاً في تكاليف الاقتراض مستقبلاً، إذا مضت عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بسلاسة، لكنه حذر من حالة من عدم اليقين إذا جاء الانفصال في مارس (آذار) المقبل محملاً بتبعات سلبية.
وقال محافظ بنك إنجلترا مارك كارني للصحافيين في لندن، أمس، إن الكثير من المؤسسات التجارية قررت تعليق استثماراتها لحين اتضاح الأمور بالنسبة لها، متابعاً أن هذه المؤسسات «تريد المزيد من الوضوح، وسوف تحصل على ذلك... والتوصل لاتفاق بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سوف يساعد في إطلاق الاستثمارات المتوقفة».
ونقلت «بلومبرغ» عن كارني: «نحن نبنى رأينا وفقاً لسلسلة من الأمور، وهو يعتمد ليس فقط على نماذج الاقتصاد الكلي... ولكن على المشاورات المكثفة مع المؤسسات التجارية»، موضحاً أن «هناك رؤية واضحة لمستوى انخفاض نمو الاستثمار وأسباب ذلك».
وقال بنك إنجلترا إن صانعي السياسات التسعة صوتوا بالإجماع على الإبقاء على سعر الفائدة عند 0.75 في المائة، بما يتماشى مع التوقعات في استطلاع أجرته «رويترز» لآراء خبراء اقتصاديين، بعد زيادة سعر الفائدة في أغسطس (آب) للمرة الثانية فحسب منذ الأزمة المالية.
ويهيمن الانفصال البريطاني على التوقعات الخاصة بخامس أكبر اقتصاد في العالم، الذي يشهد تباطؤاً للنمو منذ قرار التصويت على الخروج من الاتحاد الأوروبي في استفتاء أُجري في يونيو (حزيران) 2016. ولا يتوقع معظم الخبراء الاقتصاديين زيادة أسعار الفائدة مجدداً حتى منتصف 2019.
وقال البنك إن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على نحو يحمل تبعات سلبية قد يؤدي إلى ضغوط تضخمية ناجمة عن ضعف العملة، وتضرر سلسلة الإمداد ورسوم تجارية محتملة، ما يشير إلى أنه قد يضطر لزيادة أسعار الفائدة.
وفي غضون ذلك، أشارت وسائل الإعلام البريطانية، أمس، إلى أن بريطانيا توصلت لاتفاق مبدئي مع الاتحاد الأوروبي على الخدمات المالية في مرحلة ما بعد «البريكست»، ما سيمنح شركات الخدمات المالية البريطانية دخولاً مستمراً إلى الأسواق الأوروبية بعد انفصال بريطانيا عن الاتحاد.
لكن متحدثاً باسم رئيسة الحكومة البريطانية أشار أمس إلى أن ما ينشر هو «تكهنات»، وأن المفاوضات «ما تزال جارية»، إلا أنه أوضح أن هناك «تقدماً جيداً»... فيما نفى مسؤول أوروبي الأمر برمته.
وبحسب صحيفة «ذي غارديان» البريطانية، فإن الاتفاق تم التوصل له في المفاوضات التي جرت بين المفاوضين البريطانيين والأوروبيين مساء الأربعاء، وبموجبه يقبل الاتحاد الأوروبي بأن بريطانيا لديها حقوق مساوية لبروكسل فيما يتعلق بالتشريعات، وأن الشركات البريطانية سيسمح لها بالعمل في أوروبا، لكن هذه المساواة ما زال تطبيقها محدوداً في مجالات معينة... كذلك يمكن لبروكسل سحب الترخيص بعمل الشركات البريطانية في أوروبا.
وبدورها، قالت صحيفة «التايمز» البريطانية، نقلاً عن مصادر حكومية، إن المفاوضين البريطانيين والأوروبيين توصلوا إلى اتفاق مبدئي على كل جوانب الشراكة المستقبلية في الخدمات وكذلك تبادل البيانات. وأفادت الصحيفة بأن اتفاق الخدمات سيمنح الشركات البريطانية حق الدخول إلى الأسواق الأوروبية طالما ظلت القواعد المالية البريطانية متماشية بوجه عام مع قواعد الاتحاد الأوروبي.
ووفقاً لتقرير «التايمز»، فإن الاتحاد الأوروبي سيقبل أن يكون لدى المملكة المتحدة قواعد «مطابقة» لبروكسل، وأن يُسمح لشركات الخدمات المالية البريطانية بالعمل في أوروبا مثلما تفعل حالياً.
لكن كبير مفاوضي «بريكست» في الاتّحاد الأوروبي، ميشال بارنييه، نفى أمس ما أوردته صحيفة «تايمز»، وكتب على «تويتر»: «مقالات صحافية مضلّلة حول (بريكست) والخدمات الماليّة... تذكير: يمكن للاتّحاد الأوروبي منح بعض الخدمات المالية وسحبها من تلقاء نفسه - مثل أي دولة أخرى، والاتّحاد الأوروبي مستعد للمشاركة في حوار تنظيمي وثيق مع المملكة المتحدة في إطار الاحترام المطلق لاستقلالية الجانبين». وكان دومنيك راب، وزير الدولة البريطاني المسؤول عن ملف الخروج من الاتحاد الأوروبي، قال أول من أمس إنه يتوقع التوصل إلى اتفاق مع التكتل بشأن الخروج بحلول 21 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي. وقال الوزير في خطاب أرسله في 24 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ونشر يوم الأربعاء، إنه تم تحقيق «تقدم كبير» خلال الأسابيع الأخيرة، بفضل المقترحات البريطانية الجديدة، لتسوية الخلاف بشأن تجنب الفحص الجمركي للبضائع عبر الحدود الآيرلندية.
وأشارت وكالة «بلومبرغ» للأنباء إلى أن هذا الموضع أدى إلى تعثر المفاوضات شهوراً، في حين يبدو راب متفائلاً بشأن الوصول إلى حل شامل.



«المركزي الصيني» يعلق شراء السندات مع معاناة اليوان

مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)
مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)
TT

«المركزي الصيني» يعلق شراء السندات مع معاناة اليوان

مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)
مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)

علَّق البنك المركزي الصيني شراء سندات الخزانة يوم الجمعة، مما رفع العائدات لفترة وجيزة وأثار تكهنات بأنه يكثف دفاعه عن عملة اليوان التي تتراجع منذ انتخاب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة.

وتقطع هذه الخطوة خمسة أشهر من الشراء، وتتزامن مع موجة بيع شرسة في أسواق السندات العالمية، مما يشير إلى أن بنك الشعب الصيني يحاول أيضاً ضمان ارتفاع العائدات في الداخل بالتوازي، أو على الأقل وقف الانخفاض، كما يقول المحللون.

وعقب الإعلان عن الخطوة، ارتفعت العائدات التي تتحرك عكسياً مع أسعار السندات، رغم أن أسعار الفائدة القياسية لأجل عشر سنوات كانت أقل قليلاً بحلول المساء.

ويشير التحول في السياسة واستجابة السوق الحذرة، إلى محاولة بنك الشعب الصيني إحياء النمو الاقتصادي من خلال الحفاظ على ظروف نقدية ميسرة في حين يحاول أيضاً إخماد ارتفاع السندات الجامح، وفي الوقت نفسه استقرار العملة وسط حالة من عدم اليقين السياسي والاقتصادي.

وقال محللون في «كومرتس بنك» في مذكرة: «لقد أشار البنك إلى استعداده لتخفيف السياسة بشكل أكبر... ومع ذلك، فإن ضعف اليوان بسبب الدولار القوي واتساع الفارق مع أسعار الفائدة الأميركية من شأنه أن يعقد موقف بنك الشعب الصيني».

واستشهد بنك الشعب الصيني بنقص السندات في السوق كسبب لوقف عمليات الشراء، والتي كانت جزءاً من عملياته لتخفيف الأوضاع النقدية وتعزيز النشاط الاقتصادي.

وكان عائد سندات الخزانة الصينية لأجل عشر سنوات قد ارتفع في البداية أربع نقاط أساس، لكنه انخفض في أحدث تداولات بأكثر من نصف نقطة أساس إلى 1.619 في المائة. وارتفع اليوان قليلاً رغم أنه كان يتداول عند مستوى ثابت حول 7.3326 يوان مقابل الدولار، وهو أدنى مستوى له في 16 شهراً.

وقال كين تشيونغ، كبير استراتيجيي النقد الأجنبي الآسيوي في بنك «ميزوهو»: «أحد الأسباب الرئيسية لانخفاض قيمة اليوان هو اتساع فجوة العائد بين الصين والولايات المتحدة، لذا فإن البنك المركزي يرسل إشارة إلى السوق بأن معدل العائد من غير المرجح أن ينخفض ​​أكثر».

وقال البنك المركزي الصيني في بيان إنه سيستأنف شراء السندات عبر عمليات السوق المفتوحة «في الوقت المناسب حسب العرض والطلب في سوق السندات الحكومية».

وكانت أسعار السندات في الصين في ارتفاع مستمر منذ عقد من الزمان - وهو الارتفاع الذي بدأ في الزيادة منذ ما يقرب من عامين حيث تسببت مشكلات قطاع العقارات وضعف سوق الأسهم في تدفق الأموال إلى الودائع المصرفية وسوق الديون.

وهذا الأسبوع شهدت السوق موجة بيع عالمية، والتي زادت بفضل الطلب الذي لا يقاوم على الأصول الآمنة ومراهنات المستثمرين على المزيد من خفض أسعار الفائدة في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وحذر بنك الشعب الصيني لشهور من مخاطر الفقاعة مع انخفاض العائدات طويلة الأجل إلى مستويات قياسية متتالية، على الرغم من أن السلطات في الوقت نفسه توقعت المزيد من التيسير. وهبطت العملة بنحو 5 في المائة منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، ويرجع ذلك إلى حدٍ كبير إلى المخاوف من أن تهديدات ترمب بفرض تعريفات تجارية جديدة ستزيد من الضغوط على الاقتصاد الصيني المتعثر.

وقال هوانغ شيويفينغ، مدير الأبحاث في شركة «شنغهاي أنفانغ برايفت فاند كو» في شنغهاي، إنه يتوقع استمرار الاتجاه الهبوطي في عائدات السندات مع «استمرار السوق في التعامل مع وضع التكالب على الأصول»، حيث يوجد نقص في فرص الاستثمار الجيدة... ويوم الجمعة، نقلت «فاينانشيال نيوز»، وهي مطبوعة تابعة لبنك الشعب الصيني، عن أحد خبراء الاقتصاد قوله إن السوق يجب أن تتجنب التوقعات المفرطة بشأن تخفيف السياسة النقدية.

وفي الأسواق، أنهت أسهم الصين وهونغ كونغ الأسبوع على انخفاض مع امتناع المتداولين عن زيادة استثماراتهم في السوق وانتظار تدابير تحفيزية جديدة من بكين.

وأغلق مؤشر «سي إس آي 300» الصيني ومؤشر «شنغهاي المركب» على انخفاض بنحو 1.3 في المائة يوم الجمعة. وانخفض مؤشر هانغ سنغ القياسي في هونغ كونغ 0.9 في المائة. وعلى مستوى الأسبوع، انخفض مؤشر «سي إس آي 300» بنسبة 1.1 في المائة، بينما انخفض مؤشر هانغ سنغ بنسبة 3.5 في المائة.

وقال محللون بقيادة لاري هو، من مؤسسة «ماكواري» في مذكرة: «السؤال الرئيسي في عام 2025 هو مقدار التحفيز الذي سيقدمه صناع السياسات. سيعتمد ذلك إلى حد كبير على تأثير التعريفات الجمركية، حيث سيفعل صناع السياسات ما يكفي فقط لتحقيق هدف نمو الناتج المحلي الإجمالي. ويشعر عدد قليل من المستثمرين أن السوق صاعدة، حيث تظل أرباح الشركات ضعيفة وسط ضعف الطلب المحلي. والرأي السائد هو أن السيولة ستصبح أكثر مرونة في عام 2025 ولكن النمو الاسمي سيظل بطيئاً».