كريستوف لومير يغادر دار «هيرميس» أكتوبر في المقبل

السبب الرئيس والمعلن أنه ينوي التفرغ لخطه الخاص

من تشكيلته لربيع وصيف 2014  -  المصمم كريستوف لومير
من تشكيلته لربيع وصيف 2014 - المصمم كريستوف لومير
TT

كريستوف لومير يغادر دار «هيرميس» أكتوبر في المقبل

من تشكيلته لربيع وصيف 2014  -  المصمم كريستوف لومير
من تشكيلته لربيع وصيف 2014 - المصمم كريستوف لومير

مصمم «هيرميس» للجانب النسائي، كريستوف لومير، سيترك الدار في شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، بعد أن يقدم آخر تشكيله له لربيع وصيف 2015 خلال أسبوع الأزياء الجاهزة بباريس. وبهذا سيضع نقطة النهاية على أربع سنوات من العمل مع الدار التي يثير مجرد اسمها تسارع دقات القلب، لمنتجاتها الفاخرة التي تطول لائحة انتظارها. أعلن الخبر هذا الأسبوع ولم يعلن بعد عن اسم خليفته، وبالتالي لا يعرف أحد ما إذا كانت الدار ستلقي بالمسؤولية على أحد معاوني المصمم، ممن يعرفون الدار جيدا، أم أنها ستلجأ إلى توظيف مصمم من خارج الدار. وفي كل الحالات، فإن الكثير من المصممين الشباب سيتحمسون، وليس ببعيد أن يكون بعضهم قد قدموا سيرهم الذاتية لآكسيل ديما، الرئيس التنفيذي للدار، عسى أن يحظوا بوظيفة العمر. فدار «هيرميس» اسم يتربع على قمة بيوت الأزياء المتخصصة في المنتجات المترفة، ومن القلائل الذين يحققون الأرباح في كل سنة، رغم أنف الأزمات الاقتصادية وتغيرات السوق.
كريستوفر لومير، الذي التحق بالدار منذ أربع سنوات كخليفة لجون بول غوتييه، آتيا من شركة «لاكوست»، قال إن سبب المغادرة رغبته في التفرغ لخطه الخاص، الذي بدأ ينمو بشكل ملحوظ، ما جعله يرغب في التفرغ له تماما. وأشار إلى أن تجربته في «هيرميس» كانت غنية وممتعة على المستويين الإنساني والمهني، لأنها كانت مبنية على النقاش الفكري البناء والتواصل بين كل الأطراف من إداريين إلى مصممين أو حرفيين.
سر نجاح الدار كما أضاف أنها لا تتسرع الربح، بقدر ما تطمح إلى الاستمرارية وخلق سمعة تفوح بالأناقة الراقية والأزياء الكلاسيكية التي لا تعترف بزمن. «اليوم، هناك اهتمام كبير بوسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، كما أن كل شيء يتحرك بسرعة، ما يجعل الجميع يشعر بعدم الارتياح وبأن هناك شيئا خطأ في هذا الوسط أو الصناعة. دار (هيرميس) في المقابل لا تتسرع الربح، وتؤمن بالحرفية العالية، لأن الترف يعني الزمن، وتلك العلاقة الجيدة التي تربط بين الناس»، حسبما قال. واسترسل مضيفا بأنه عندما التحق بالدار منذ أربع سنوات شعر بالدفء والحميمية منذ الوهلة الأولى، حيث استقبله الجميع وكأنه صديق قديم، كما «كان هناك حوار ودعم، على العكس من باقي الوسط. أشعر بالأسف أن الموضة أصبحت ميدانا للتنافس وكأنه ميدان حرب. فهناك الكثير من الضغوط والعنف، ما يجعل الوضع صعبا بالنسبة لمصمم في مقتبل العمر».
ما يتحدث عنه لومير من ضغوط هو واقع يعاني منه الكثير من المصممين، خصوصا الذين يعملون تحت إدارة مجموعات كبيرة تتطلب نتائج واضحة في كل موسم، ولا ترحم في حال لم يتحقق ذلك بعد موسم أو موسمين على الأكثر. فالمصمم بالنسبة لهم يتقاضى مبالغ عالية، وفي المقابل عليه أن يحقق نتائج أيضا عالية حتى يبرر ما يتقاضاه ويضمن بقاءه. هذا الوضع يعاني منه الكثير من المصممين الشباب ولا يجدون بدا منه، فهم من جهة يتمنون أن يبقوا مستقلين وأحرارا، ومن جهة أخرى يطمحون إلى التوسع والعالمية، الأمر الذي لا يتأتى دون دعم مادي كبير من هذه المجموعات. قد يكون كريستوفر لومير أكثر حظا، لأنه عمل مع شركة «لاكوست» لمدة عشر سنوات إلى جانب خطه الخاص، قبل أن يلتحق بواحد من أهم بيوت الأزياء الفرنسية والعالمية لها مبادئ خاصة وتوجهات مختلفة عما تعرفه السوق، ما أعطاه مساحة كبيرة لتطوير نفسه وقدراته، والأهم من هذا أعطاه قوة للوقوف في وجه إملاءات الموضة ومتطلباتها التي لا ترحم. ما كان في صالحه أيضا أنه من النوع الذي لا يميل إلى أن يكون في الواجهة وعازفا عن الأضواء، ما جنبه الكثير من المطبات والانتقادات. يشرح أن الأمر ليس بطوليا بقدر ما يعكس شخصيته، «فقد وضعت دائما حاجزا بيني وبين الموضة.. أنا أعشق تصميم الأزياء، وأعشق عملي، لكني لا أتقن لعبة تلميع صورتي الشخصية أمام وسائل الإعلام. فأنا لم أهتم يوما بالسيرك الذي يدور حول الموضة، لأنه يعتمد على الصورة، وأنا أهتم أكثر بما هو أعمق ومنطقي».
من جهته أعرب أكسيل ديما، الرئيس التنفيذي لدار «هيرميس»، عن شكره للمصمم وعلى تفانيه طوال السنوات الأربع، قائلا إن «تحت إدارته الفنية جرى تسليط الضوء أكثر على الحرفية وجمالياتها، ما كانت له نتائج مالية مهمة ومرضية». وبالفعل، فقد سجلت الدار في الربع الثالث من هذا العام ارتفاعا في سوق العملات بنسبة 12.9 في المائة، كما أن احتفالاتها بالحرفية وعالمها المترف الخاص من خلال عدة فعاليات لا تتوقف، عدا أن حقائبها لا تزال الأكثر تأجيجا للأحلام وعنوانا للجاه والذوق الراقي. وهذا يتطلب قدرة فنية على التصميم توازي قدرات فذة على التسويق، وكلها عناصر تتقنها «هيرميس» سواء مع كريستوف لومير أو مع غيره.



الأقمشة تبرز لاعباً أساسياً في أزياء المساء والسهرة هذا الموسم

الممثلة الأميركية أوبري بلازا في جاكيت توكسيدو وقبعة من المخمل تتدلى منها ستارة من التول (دولتشي أند غابانا)
الممثلة الأميركية أوبري بلازا في جاكيت توكسيدو وقبعة من المخمل تتدلى منها ستارة من التول (دولتشي أند غابانا)
TT

الأقمشة تبرز لاعباً أساسياً في أزياء المساء والسهرة هذا الموسم

الممثلة الأميركية أوبري بلازا في جاكيت توكسيدو وقبعة من المخمل تتدلى منها ستارة من التول (دولتشي أند غابانا)
الممثلة الأميركية أوبري بلازا في جاكيت توكسيدو وقبعة من المخمل تتدلى منها ستارة من التول (دولتشي أند غابانا)

في عالم الموضة هناك حقائق ثابتة، واحدة منها أن حلول عام جديد يتطلب أزياء تعكس الأمنيات والآمال وتحتضن الجديد، وهذا يعني التخلص من أي شيء قديم لم يعد له مكان في حياتك أو في خزانتك، واستبدال كل ما يعكس الرغبة في التغيير به، وترقب ما هو آتٍ بإيجابية وتفاؤل.

جولة سريعة في أسواق الموضة والمحال الكبيرة تؤكد أن المسألة ليست تجارية فحسب. هي أيضاً متنفس لامرأة تأمل أن تطوي صفحة عام لم يكن على هواها.

اقترح المصمم رامي علي لربيع وصيف 2025 قطعاً متنوعة كان فيها التول أساسياً (رامي علي)

بالنسبة للبعض الآخر، فإن هذه المناسبة فرصتهن للتخفف من بعض القيود وتبني أسلوب مختلف عما تعودن عليه. المتحفظة التي تخاف من لفت الانتباه –مثلاً- يمكن أن تُدخِل بعض الترتر وأحجار الكريستال أو الألوان المتوهجة على أزيائها أو إكسسواراتها، بينما تستكشف الجريئة جانبها الهادئ، حتى تخلق توازناً يشمل مظهرها الخارجي وحياتها في الوقت ذاته.

كل شيء جائز ومقبول. المهم بالنسبة لخبراء الموضة أن تختار قطعاً تتعدى المناسبة نفسها. ففي وقت يعاني فيه كثير من الناس من وطأة الغلاء المعيشي، فإن الأزياء التي تميل إلى الجرأة والحداثة اللافتة لا تدوم لأكثر من موسم. إن لم تُصب بالملل، يصعب تكرارها إلا إذا كانت صاحبتها تتقن فنون التنسيق. من هذا المنظور، يُفضَّل الاستثمار في تصاميم عصرية من دون مبالغات، حتى يبقى ثمنها فيها.

مع أن المخمل لا يحتاج إلى إضافات فإن إيلي صعب تفنن في تطريزه لخريف وشتاء 2024 (إيلي صعب)

المصممون وبيوت الأزياء يبدأون بمغازلتها بكل البهارات المغرية، منذ بداية شهر أكتوبر (تشرين الأول) تقريباً، تمهيداً لشهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول). فهم يعرفون أن قابليتها للتسوق تزيد في هذا التوقيت. ما يشفع لهم في سخائهم المبالغ فيه أحياناً، من ناحية الإغراق في كل ما يبرُق، أن اقتراحاتهم متنوعة وكثيرة، تتباين بين الفساتين المنسدلة أو الهندسية وبين القطع المنفصلة التي يمكن تنسيقها حسب الذوق الخاص، بما فيها التايورات المفصلة بسترات مستوحاة من التوكسيدو أو كنزات صوفية مطرزة.

بالنسبة للألوان، فإن الأسود يبقى سيد الألوان مهما تغيرت المواسم والفصول، يليه الأحمر العنابي، أحد أهم الألوان هذا الموسم، إضافة إلى ألوان المعادن، مثل الذهبي أو الفضي.

المخمل كان قوياً في عرض إيلي صعب لخريف وشتاء 2024... قدمه في فساتين وكابات للرجل والمرأة (إيلي صعب)

ضمن هذه الخلطة المثيرة من الألوان والتصاميم، تبرز الأقمشة عنصراً أساسياً. فكما الفصول والمناسبات تتغير، كذلك الأقمشة التي تتباين بين الصوف والجلد اللذين دخلا مناسبات السهرة والمساء، بعد أن خضعا لتقنيات متطورة جعلتهما بملمس الحرير وخفته، وبين أقمشة أخرى أكثر التصاقاً بالأفراح والاحتفالات المسائية تاريخياً، مثل التول والموسلين والحرير والمخمل والبروكار. التول والمخمل تحديداً يُسجِّلان في المواسم الأخيرة حضوراً لافتاً، سواء استُعمل كل واحد منهما وحده، أو مُزجا بعضهما ببعض. الفكرة هنا هي اللعب على السميك والشفاف، وإن أتقن المصممون فنون التمويه على شفافية التول، باستعماله في كشاكش كثيرة، أو كأرضية يطرزون عليها وروداً وفراشات.

التول:

التول كما ظهر في تشكيلة المصمم رامي علي لربيع وصيف 2025 (رامي علي)

لا يختلف اثنان على أنه من الأقمشة التي تصرخ بالأنوثة، والأكثر ارتباطاً بالأفراح والليالي الملاح. ظل طويلاً لصيقاً بفساتين الزفاف والطرحات وبأزياء راقصات الباليه، إلا أنه الآن يرتبط بكل ما هو رومانسي وأثيري.

شهد هذا القماش قوته في عروض الأزياء في عام 2018، على يد مصممين من أمثال: إيلي صعب، وجيامباتيستا فالي، وسيمون روشا، وهلم جرا، من أسماء بيوت الأزياء الكبيرة. لكن قبل هذا التاريخ، اكتسب التول شعبية لا يستهان بها في القرنين التاسع عشر والعشرين، لعدد من الأسباب مهَّدت اختراقه عالم الموضة المعاصرة، على رأسها ظهور النجمة الراحلة غرايس كيلي بفستان بتنورة مستديرة من التول، في فيلم «النافذة الخلفية» الصادر في عام 1954، شد الانتباه ونال الإعجاب. طبقاته المتعددة موَّهت على شفافيته وأخفت الكثير، وفي الوقت ذاته سلَّطت الضوء على نعومته وأنوثته.

التول حاضر دائماً في تشكيلات المصمم إيلي صعب خصوصاً في خط الـ«هوت كوتور» (إيلي صعب)

منذ ذلك الحين تفتحت عيون صناع الموضة عليه أكثر، لتزيد بعد صدور السلسلة التلفزيونية الناجحة «سيكس أند ذي سيتي» بعد ظهور «كاري برادشو»، الشخصية التي أدتها الممثلة سارة جيسيكا باركر، بتنورة بكشاكش وهي تتجول بها في شوارع نيويورك في عز النهار. كان هذا هو أول خروج مهم لها من المناسبات المسائية المهمة. كانت إطلالة مثيرة وأيقونية شجعت المصممين على إدخاله في تصاميمهم بجرأة أكبر. حتى المصمم جيامباتيستا فالي الذي يمكن وصفه بملك التول، أدخله في أزياء النهار في تشكيلته من خط الـ«هوت كوتور» لعام 2015.

إطلالة من خط الـ«كروز» لدار «ديور» استعملت فيها ماريا غراتزيا تشيوري التول كأرضية طرزتها بالورود (ديور)

ما حققه من نجاح جعل بقية المصممين يحذون حذوه، بمن فيهم ماريا غراتزيا تشيوري، مصممة دار «ديور» التي ما إن دخلت الدار بوصفها أول مصممة من الجنس اللطيف في عام 2016، حتى بدأت تنثره يميناً وشمالاً. تارة في فساتين طويلة، وتارة في تنورات شفافة. استعملته بسخاء وهي ترفع شعار النسوية وليس الأنوثة. كان هدفها استقطاب جيل الشابات. منحتهن اقتراحات مبتكرة عن كيفية تنسيقه مع قطع «سبور» ونجحت فعلاً في استقطابهن.

المخمل

إطلالة من خط الـ«كروز» لدار «ديور» اجتمع فيها المخمل والتول معاً (ديور)

كما خرج التول من عباءة الأعراس والمناسبات الكبيرة، كذلك المخمل خرج عن طوع الطبقات المخملية إلى شوارع الموضة وزبائن من كل الفئات.

منذ فترة وهو يغازل الموضة العصرية. في العام الماضي، اقترحه كثير من المصممين في قطع خطفت الأضواء من أقمشة أخرى. بملمسه الناعم وانسداله وألوانه الغنية، أصبح خير رفيق للمرأة في الأوقات التي تحتاج فيها إلى الدفء والأناقة. فهو حتى الآن أفضل ما يناسب الأمسيات الشتوية في أوروبا وأميركا، وحالياً يناسب حتى منطقة الشرق الأوسط، لما اكتسبه من مرونة وخفة. أما من الناحية الجمالية، فهو يخلق تماوجاً وانعكاسات ضوئية رائعة مع كل حركة أو خطوة.

تشرح الدكتورة كيمبرلي كريسمان كامبل، وهي مؤرخة موضة، أنه «كان واحداً من أغلى الأنسجة تاريخياً، إلى حد أن قوانين صارمة نُصَّت لمنع الطبقات الوسطى والمتدنية من استعماله في القرون الوسطى». ظل لقرون حكراً على الطبقات المخملية والأثرياء، ولم يُتخفف من هذه القوانين إلا بعد الثورة الصناعية. ورغم ذلك بقي محافظاً على إيحاءاته النخبوية حتى السبعينات من القرن الماضي. كانت هذه هي الحقبة التي شهدت انتشاره بين الهيبيز والمغنين، ومنهم تسلل إلى ثقافة الشارع.

يأتي المخمل بألوان غنية تعكس الضوء وهذه واحدة من ميزاته الكثيرة (إيلي صعب)

أما نهضته الذهبية الأخيرة فيعيدها الخبراء إلى جائحة «كورونا»، وما ولَّدته من رغبة في كل ما يمنح الراحة. في عام 2020 تفوَّق بمرونته وما يمنحه من إحساس بالفخامة والأناقة على بقية الأنسجة، وكان الأكثر استعمالاً في الأزياء المنزلية التي يمكن استعمالها أيضاً في المشاوير العادية. الآن هو بخفة الريش، وأكثر نعومة وانسدالاً بفضل التقنيات الحديثة، وهو ما جعل كثيراً من المصممين يسهبون فيه في تشكيلاتهم لخريف وشتاء 2024، مثل إيلي صعب الذي طوعه في فساتين و«كابات» فخمة طرَّز بعضها لمزيد من الفخامة.

من اقتراحات «سكاباريللي» (سكاباريللي)

أما «بالمان» وبرابال غورانغ و«موغلر» و«سكاباريللي» وغيرهم كُثر، فبرهنوا على أن تنسيق جاكيت من المخمل مع بنطلون جينز وقميص من الحرير، يضخه بحداثة وديناميكية لا مثيل لها، وبان جاكيت، أو سترة مستوحاة من التوكسيدو، مع بنطلون كلاسيكي بسيط، يمكن أن ترتقي بالإطلالة تماماً وتنقلها إلى أي مناسبة مهمة. الشرط الوحيد أن يكون بنوعية جيدة حتى لا يسقط في خانة الابتذال.