الدنمارك تريد دعماً أوروبياً لفرض عقوبات على إيران

تل ابيب: مخابراتنا وراء كشف مؤامرة استهدفت اغتيال أحوازيين في كوبنهاغن

سيارات للشرطة الدنماركية خلال عملية أمنية على جسر قرب كوبنهاغن في 28 سبتمبر (أيلول) الماضي (إ.ب.أ)
سيارات للشرطة الدنماركية خلال عملية أمنية على جسر قرب كوبنهاغن في 28 سبتمبر (أيلول) الماضي (إ.ب.أ)
TT

الدنمارك تريد دعماً أوروبياً لفرض عقوبات على إيران

سيارات للشرطة الدنماركية خلال عملية أمنية على جسر قرب كوبنهاغن في 28 سبتمبر (أيلول) الماضي (إ.ب.أ)
سيارات للشرطة الدنماركية خلال عملية أمنية على جسر قرب كوبنهاغن في 28 سبتمبر (أيلول) الماضي (إ.ب.أ)

سعت الدنمارك، أمس، إلى الحصول على دعم شركائها الأوروبيين لفرض عقوبات على طهران المتهمة بالتحضير «لاعتداء» يستهدف معارضين إيرانيين في البلد الاسكندينافي، في وقت كشفت فيه مصادر بجهاز المخابرات الخارجية الإسرائيلي (الموساد) أن عملاءه هم الذين قدّموا المعلومات التي أدت إلى إحباط هذا الاعتداء الذي استهدف خصوصاً اغتيال قائد الفرع المحلي لتنظيم «حركة النضال العربي لتحرير الأحواز» في كوبنهاغن.
وقالت مصادر الاستخبارات الإسرائيلية إن إحباط تنفيذ العملية تم قبل نحو 3 أسابيع، عندما أبلغت إسرائيل السلطات الدنماركية بوجود خلية إيرانية تخطط لتنفيذ عملية إرهابية. وبحسب المواصفات التي قدمتها، فقد تم ضبط مركبة بداخلها 3 مواطنين إيرانيين، كان أحدهم يحمل الجنسية الدنماركية. وتبين أن بحوزتهم مواد متفجرة وعبوات ناسفة. وأفادت الاستخبارات الدنماركية بأن لديها اعترافات منهم بالتخطيط لعملية الاغتيال، وأن شخصاً مرتبطاً بالاستخبارات الإيرانية، نظمهم.
وقال النائب السابق لرئيس «الموساد»، رامي بن براك، في حديث للإذاعة الإسرائيلية، أمس، إن جهازه قدم معلومات قيمة لكثير من دول أوروبا وبعض الدول العربية أيضاً حول النشاط الإيراني، وإنه بفضل هذه المعلومات تم إحباط عشرات عمليات الإرهاب التي كانت تستهدف مدنيين ونشطاء سياسيين. وذكر، في هذا السياق، أنه قبل نحو 3 أشهر تم إحباط عملية مماثلة في باريس بمساعدة عناصر «الموساد».
واتهمت الدنمارك إيران، أول من أمس، بإعداد «اعتداء» ضد 3 إيرانيين يقيمون على أراضيها ويشتبه بأنهم أعضاء في «حركة النضال العربي من أجل تحرير الأحواز» التي حمّلتها طهران جزئياً مسؤولية هجوم دامٍ بمدينة الأحواز جنوب غربي إيران في سبتمبر (أيلول) الماضي.
وتصاعدت لهجة التصريحات بين كوبنهاغن وطهران منذ الكشف عن المخطط أول من أمس، الذي نفت طهران أي دور لها فيه، واتهمت «أعداءها» بتدبير مؤامرة ضدها من خلال «تقارير متحيزة» لتقويض علاقاتها بأوروبا، بحسب ما أشارت إليه وكالة الصحافة الفرنسية.
لكن الدنمارك تؤكد من جانبها أنه ليس لديها أي شك في تورط النظام الإيراني في هذا المخطط. وقال وزير الخارجية الدنماركي آندرس سامويلسن: «إنها الحكومة الإيرانية، إن الدولة الإيرانية تقف وراءه».
وقال رئيس الوزراء لارس لوكي راسموسن، أمس، على هامش اجتماع قادة أوروبا الشمالية في أوسلو، إن حكومته بدأت اتصالات مع الأعضاء السبعة والعشرين الآخرين في الاتحاد الأوروبي «لاتخاذ إجراء مشترك».
وفي أول تعليق من المفوضية الأوروبية، قالت المتحدثة باسمها مايا كوسيانيتش للصحافيين: «نأسف لأي تهديد لأمن الاتحاد الأوروبي، ونتعامل مع كل حادث بجدية بالغة. لذا، نعرب عن تضامننا مع الدولة المعنية، وهي في هذه الحالة الدنمارك».
وذكر مصدر دبلوماسي لوكالة الصحافة الفرنسية أن العقوبات المحتملة التي قد تقرر على المستوى الأوروبي، ستكون اقتصادية.
وأعربت تيريزا ماي رئيسة وزراء بريطانيا، أول من أمس في أوسلو، عن تضامن المملكة المتحدة مع كوبنهاغن، لكن شركاء الدنمارك الأوروبيين بدوا متريثين في الرد، على ما لاحظت الوكالة الفرنسية. ونقلت الوكالة عن رئيس حكومة تصريف الأعمال في السويد ستيفان لوفن: «إننا نتابع (الملف) عن كثب مع أصدقائنا الدنماركيين، وعندما نحصل على مزيد من المعلومات، فسنقرر بشأن التدابير المحتملة» للرد.
وفي السويد، اعتقل في 21 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي رجل نرويجي من أصل إيراني يُفترض أنه كُلّف بإعداد هجمات في الدنمارك.
وقالت رئيسة حكومة النرويج إرنا سولبرغ: «إننا نعمل على رد ملموس. قلنا إننا سنرد»، مشيرة إلى أنها تنتظر نتائج تحقيق الشرطة في بلدها غير العضو في الاتحاد الأوروبي.
وعبر «تويتر»، أثنى وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أول من أمس على الدنمارك؛ عضو حلف شمال الأطلسي، لاعتقال «قاتل تابع للنظام الإيراني».
لكن الأميركيين والأوروبيين منقسمون بشأن سياساتهم حيال إيران. وأشارت وكالة الصحافة الفرنسية إلى أنه في حين انسحبت واشنطن من الاتفاق النووي الذي وقع مع إيران في صيف 2015 وأعادت فرض عقوباتها الاقتصادية عليها، يؤكد الأوروبيون حرصهم على صيانته. وقد أعلن رئيس وزراء الدنمارك: «سنتشاور مع حلفائنا الأوروبيين خلال الأيام المقبلة سعياً للتوصل إلى رد موحد». وأضاف: «نريد الحفاظ على الاتفاق النووي»، محذرا طهران من أن هذا ليس صكاً على بياض للتستر على «نمط الأنشطة التي شهدناها».
وعبرت بروكسل عن الموقف نفسه على لسان المتحدثة باسم المفوضية التي دعت إلى التمييز بين المسائل المثيرة للخلاف. وقالت كوسيانيتش: «يجري بحث القضايا الأخرى المثيرة للقلق (...) نستمر في تأييد (الاتفاق) ما دامت إيران تحترم التزاماتها». وأكدت أن الجهود المبذولة لإنقاذ الاتفاق النووي لا تعني أن الاتحاد الأوروبي يتغاضى عن مسائل أخرى مثل برنامج إيران الباليستي، والتدخل في النزاعات الإقليمية.
واستدعت الدنمارك أول من أمس السفير الإيراني في كوبنهاغن. كما استدعت الدنمارك سفيرها في طهران.



تحقيقات جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي: أحداث 7 أكتوبر كان ممكناً منعها

قوات الأمن الإسرائيلية تقف في موقع هجوم طعن بالقدس (رويترز)
قوات الأمن الإسرائيلية تقف في موقع هجوم طعن بالقدس (رويترز)
TT

تحقيقات جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي: أحداث 7 أكتوبر كان ممكناً منعها

قوات الأمن الإسرائيلية تقف في موقع هجوم طعن بالقدس (رويترز)
قوات الأمن الإسرائيلية تقف في موقع هجوم طعن بالقدس (رويترز)

نشر جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت) ملخصاً لتحقيقاته في إخفاقاته خلال الفترة التي سبقت هجوم جماعة «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وخلص إلى وجود إخفاقات داخل المنظمة، لكنه أشار في الغالب إلى عناصر خارجية مثل التقسيم غير الواضح للمسؤوليات مع الجيش الإسرائيلي، وسياسة حكومية دفاعية مفرطة فيما يتعلق بغزة على مرِّ السنين، وعدم ملاءمة جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي لمواجهة عدو يشبه في طريقة قتاله «حماس»، وفق ما نقلته صحيفة «تايمز أوف إسرائيل».

ويقول جهاز الأمن إن هناك حاجة إلى تحقيق أوسع نطاقاً، وهو تلميح محتمل إلى الحاجة المتصورة إلى لجنة تحقيق حكومية، التي رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تأسيسها.

ويقول الجهاز إن كثيراً من نتائج التحقيق لا يزال سرِّياً، لأنها ستكشف عن أدوات وأساليب استخباراتية سرية لدى «شين بيت».

وقد توصَّل التحقيق إلى أن «شين بيت» فشل في توفير تنبيه للهجوم الواسع النطاق الذي شنَّته «حماس» في السابع من أكتوبر. ولم تسفر إشارات التحذير التي تلقاها «شين بيت» في ليلة السادس من أكتوبر عن اتخاذ إجراءات كبرى من الأجهزة الإسرائيلية.

وبينما تمكَّن فريق صغير من ضباط النخبة من «شين بيت»، والشرطة الإسرائيلية الذين تم نشرهم على حدود غزة قبل الهجوم من المساهمة في القتال، فإنهم لم يتمكَّنوا من منع الهجوم الضخم الذي شنَّته «حماس».

رونين بار رئيس جهاز الأمن الداخلي (شين بيت) يشارك في حفل أُقيم في متحف ياد فاشيم للهولوكوست في القدس يوم ذكرى الهولوكوست... 5 مايو 2024 (متداولة)

أسباب الفشل

يشير التحقيق إلى أسباب عدة، تتعلق بالاحتراف والإدارة لدى الأجهزة الإسرائيلية، التي أسهمت في الفشل في صدِّ هجوم 7 أكتوبر. ويقول «شين بيت»: «تم فحص الفشل التنظيمي بدقة، وتم تعلم الدروس، وما زال يتم تعلمها».

بالإضافة إلى ذلك، وجد التحقيق أن «شين بيت» لم يقلل من شأن «حماس»، بل على العكس من ذلك، حيث كان لدى الجهاز «فهم عميق للتهديد، وكانت لديه مبادرات ورغبة في إحباط التهديد، خصوصاً (القضاء) على قادة (حماس)».

وبحسب التحقيقات، فإن هناك أسباباً عدة وراء عدم قيام جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت) بإعطاء أي إنذار مسبق للهجوم الشامل الذي شنَّته «حماس»:

- خطط «حماس» للغزو البري، التي حصل عليها الجيش الإسرائيلي في وثيقة تُعرَف باسم «أسوار أريحا»، لم يتم التعامل معها بشكل صحيح على مدى سنوات عدة، ولم يتم تحويل الخطط إلى سيناريو يتدرب عليه الجيش وجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي.

- عدم وضوح تقسيم المسؤولية بين الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي فيما يتعلق بالمنظمة التي ينبغي لها أن تقدم إنذاراً للحرب، وسط تحوّل «حماس» من جماعة عسكرية صغيرة إلى قوة عسكرية كاملة.

- وفق التحقيق، كان تركيز جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت) على إحباط الهجمات الإرهابية، ولم تكن أساليبه قابلةً للتطبيق على عدو يتصرف كجيش.

- خلال الليل بين السادس والسابع من أكتوبر، كانت هناك فجوات في «التعامل مع المعلومات ودمج الاستخبارات»، فضلاً عن العمليات التي لم تتبع البروتوكول المعتاد، ونقص «الاندماج» مع استخبارات الجيش الإسرائيلي.

- كانت هناك فجوات في عمل آليات الإشراف الاستخباراتي.

- كان التقييم هو أن «حماس» كانت تحاول تسخين الوضع بالضفة الغربية، ولم تكن مهتمةً بفعل ذلك في قطاع غزة.

- كان لدى «شين بيت» «فهم غير صحيح» لقوة الحاجز الحدودي الإسرائيلي مع غزة وقدرة الجيش الإسرائيلي على الرد.

- لم يتم التشكيك في نوايا «حماس» المزعومة بشكل كافٍ في أثناء التقييمات.

- كانت المعلومات الاستخباراتية قليلة نسبياً، بما في ذلك نتيجة لحرية العمل المحدودة في قطاع غزة، خصوصاً من قبل «شين بيت» بشكل مستقل.

بناء قوة «حماس»

كما توصَّل تحقيق «شين بيت» إلى أسباب عدة مكَّنت «حماس» من بناء قواتها لهجوم السابع من أكتوبر، واتخاذ القرار بتنفيذ الهجوم وفق تحقيقات جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي:

- كانت سياسة إسرائيل تجاه غزة تتمثل في الحفاظ على فترات من الهدوء، الأمر الذي مكَّن «حماس» من بناء قوة هائلة.

- تدفق الأموال إلى غزة وتسليمها إلى الجناح العسكري لحركة «حماس».

- التآكل المستمر لردع إسرائيل.

- وبحسب التحقيق، محاولة التعامل مع منظمة «إرهابية» على أساس الاستخبارات والتدابير الدفاعية، مع تجنب المبادرات الهجومية.

- ومن بين العوامل المُحفِّزة لقرار «حماس» بتنفيذ الهجوم، الانتهاكات الإسرائيلية على الحرم القدسي، والموقف تجاه السجناء الفلسطينيين، والإدراك بأن المجتمع الإسرائيلي أصبح ضعيفاً.

رئيس «شين بيت» الإسرائيلي رونين بار (يمين) ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي حينها الفريق أول هرتسي هاليفي (يسار) يجريان تقييماً مع كبار الضباط في خان يونس جنوب قطاع غزة... 11 ديسمبر 2023 (الجيش الإسرائيلي)

رئيس «شين بيت»: أتحمّل المسؤولية

وفي بيان مصاحب، قال رئيس «شين بيت»، رونين بار، إن الوكالة «لم تمنع مذبحة السابع من أكتوبر... وبصفتي رئيساً للمنظمة، سأتحمل هذا العبء الثقيل على كتفي لبقية حياتي».

وأضاف: «كشف التحقيق أنه لو تصرف جهاز (شين بيت) بشكل مختلف، في السنوات التي سبقت الهجوم وخلال ليلة الهجوم - سواء على المستوى المهني أو المستوى الإداري - لكان من الممكن تجنب المذبحة. هذا ليس المعيار الذي توقَّعناه من أنفسنا، أو الذي توقَّعه الجمهور منا».

وتابع: «يظهر التحقيق أن جهاز (شين بيت) لم يقلل من شأن منافسنا، بل على العكس من ذلك، فقد أخذ زمام المبادرة، وذهب إلى الهجوم وحاول قطع التهديد في مهده ، ولكن على الرغم من كل هذا، فشلنا».

ويضيف بار أن التحقيق الحقيقي في الإخفاقات يتطلب تحقيقاً أوسع نطاقاً يجسد أيضاً الاتصال والتعاون بين العناصر الأمنية والسياسية.

ويقول: «إن الطريق إلى الإصلاح، كما أكد التقرير، يتطلب عملية واسعة من الوضوح والحقيقة». وأضاف: «لذلك طلبت من لجنة التحقيق والقيادة العليا للوكالة التحقيق ومناقشة، ليس فقط الأسباب التي أدت إلى فشل الخدمة، بل أيضاً إلقاء نظرة واسعة على جميع عمليات العمل ذات الصلة في المنظمة، بوصفها جزءاً من الدروس المستفادة وفرصةً للتغيير الشامل. لكن هذا يتطلب أيضاً الاستعداد للتغيير في الواجهة السياسية والأمنية، وإلا فإن الفشل قد يعود في المستقبل».

وأضاف: «أعتقد أن هذه المنظمة قوية، ومستقرة، ومتواضعة، وقيمها أكثر احترافية مما كانت عليه عشية المذبحة».