مشاورات يمنية في السويد الشهر الحالي... والجديد «هدنة ثامنة»

دعوة أميركية إلى جولة مفاوضات وترحيب بريطاني

مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث (رويترز)
مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث (رويترز)
TT

مشاورات يمنية في السويد الشهر الحالي... والجديد «هدنة ثامنة»

مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث (رويترز)
مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث (رويترز)

عاد الملف اليمني بقوة إلى العناوين الرئيسية في نشرات الأخبار وتقارير وكالات الأنباء العالمية بعد دعوة أميركية لاستئناف المشاورات السياسية في السويد خلال شهر، لكن الجديد هذه المرة يتمثل في مسألة هدنة ثامنة بعد سبع هدن منذ 2015، تستبق اجتماع الفرقاء الذين لم يجلسوا حول طاولة واحدة منذ تعطيل الحوثيين الحل الأممي خلال مشاورات الكويت في أغسطس (آب) 2016.
وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في بيان: «حان الآن وقت وقف الأعمال القتالية بما في ذلك الضربات باستخدام الصواريخ والطائرات المسيرة من المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون على السعودية والإمارات». وأضاف في بيان: «بعد ذلك، ينبغي أن تتوقف الضربات الجوية للتحالف في كل المناطق المأهولة باليمن».
وأعلن مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث، أمس، أنّه سيعمل على عقد مفاوضات جديدة بين أطراف النزاع في اليمن في غضون شهر، وذلك غداة دعوة أميركية مماثلة.
وقال غريفيث في بيان نشر على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «ما زلنا ملتزمين جمع الأطراف اليمنية حول طاولة المفاوضات في غضون شهر، لكون الحوار هو الطريق الوحيد للوصول إلى اتفاق شامل».
وكان وزير الدفاع الأميركي جيم ماتيس دعا الثلاثاء إلى وقف لإطلاق النار في اليمن ومشاركة جميع أطراف النزاع في مفاوضات تعقد في غضون الثلاثين يوماً المقبلة. كما طالب وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في البيان الذي نشر فجر الأربعاء (الثلاثاء بالتوقيت المحلي بواشنطن) إلى وقف الأعمال القتالية في اليمن، وقال إن المفاوضات التي تقودها الأمم المتحدة لإنهاء الحرب ينبغي أن تبدأ الشهر المقبل.
والشهر الماضي أفاد وزير الخارجية الأميركي الكونغرس الأميركي بأن السعودية والإمارات تعملان على تقليص الخسائر في صفوف المدنيين باليمن، بينما أشار ماتيس سابقا إلى إبداء السعودية والإمارات استعداد تبني مساعي غريفيث بهدف إيجاد حل للصراع عن طريق التفاوض.
وقال: «ينبغي أن نتحرك صوب مساع للسلام هنا. ولا نستطيع القول إننا سنفعل ذلك في مرحلة ما من المستقبل. علينا أن نقوم بذلك خلال الأيام الثلاثين المقبلة». ورحّب غريفيث في بيانه بالدعوات الأميركية، وقال: «أحثّ جميع الأطراف المعنية على اغتنام هذه الفرصة للانخراط بشكل بنّاء في جهودنا الحالية لاستئناف المشاورات السياسية على وجه السرعة».
بدورها، أيدت تيريزا ماي رئيسة وزراء بريطانيا دعوة الولايات المتحدة إلى وقف التصعيد في اليمن. وقالت للبرلمان أمس الأربعاء: «بالتأكيد... ندعم الدعوة الأميركية لوقف التصعيد في اليمن... لن يكون لوقف إطلاق النار في أنحاء البلاد تأثير على الأرض إن لم يرتكز على اتفاق سياسي بين الأطراف المتحاربة»، وفقا لما أوردته «رويترز»، في الوقت الذي قال فيه وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت لهيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي): «هذا إعلان محل ترحيب شديد لأننا نعمل منذ وقت طويل من أجل وقف الأعمال القتالية في اليمن».
وزيرة خارجية السويد مارغوت فالستروم أعلنت بدورها استعداد بلادها لاستضافة محادثات ترعاها الأمم المتحدة بين الحكومة اليمنية والانقلابيين الحوثيين في اليمن. وقالت فالستروم في تصريح للإذاعة السويدية، خلال زيارة للعاصمة النرويجية أوسلو: «تلقينا استفسارا من الأمم المتحدة بشأن إمكانية أن تكون البلاد مكانا يستطيع المبعوث الأممي جمع الطرفين فيه».
وأضافت: «علينا أن نتذكر أن هذه هي أكبر أزمة إنسانية في العالم، ولطالما دعمنا - في الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة - جهود مارتن غريفيث، ومن الجيد محاولة بذل جهد لترتيب محادثات سياسية».
ورفضت فالستروم التعليق على موعد المفاوضات، وقالت إن العملية من المفترض أن تبدأ بعد وقف إطلاق النار.
وأعادت التصريحات الغربية والأممية بإمكانية استئناف المشاورات مع الميليشيات الحوثية هذا الملف إلى رأس أولويات نقاشات الحكومة وقيادة الشرعية في سياق الاستعداد للجولة المقبلة.
وفي هذا السياق، أفادت المصادر الرسمية بأن نائب الرئيس اليمني الفريق علي محسن الأحمر التقى أمس في الرياض وزير الخارجية خالد اليماني، للاطلاع على سير عمل وزارة الخارجية وأداء البعثات الدبلوماسية والجهود المبذولة لإيصال صوت الشرعية للخارج.
وفيما استمع الأحمر إلى تقرير عن الجهود المبذولة والأنشطة والفعاليات المختلفة للوزارة، شدد على ضرورة مضاعفتها والتأكيد دوماً على حرص الشرعية بقيادة الرئيس عبد ربه منصور هادي على إحلال السلام الدائم المبني على المرجعيات الثلاث وعدم التنازل عن أي منها بما يحقق إنهاء الانقلاب واستعادة الدولة اليمنية.
وأشار نائب الرئيس اليمني إلى تجاوب الشرعية مع دعوات السلام وحضور الوفد الحكومي مشاورات جنيف الأخيرة بناءً على دعوة المبعوث الأممي، في حين رفض الحوثيون الحضور مما يعكس حالة استهتارهم بجهود السلام وإصرار الجماعة على المضي في زيادة معاناة المواطنين.
وأوضح الأحمر - بحسب وكالة «سبأ» بنسختها الرسمية - أن المعركة التي يخوضها اليمنيون اليوم بدعم التحالف «هي حرب دفاعية فرضتها الميليشيات الانقلابية واقتضتها ضرورة الموقف ومستوى التهديد الذي تشكله جماعة الحوثي على مرجعيات اليمنيين وأمن اليمن والمنطقة».
وأفادت المصادر الرسمية اليمنية بأن الأحمر ناقش مع اليماني «المستجدات على مختلف الأصعدة وتجاوب الشرعية المستمر مع جهود المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث وحرص القيادة السياسية والحكومة الشرعية على التخفيف من معاناة اليمنيين التي تتضاعف يوماً بعد آخر بفعل استمرار الممارسات الهمجية للحوثيين». يشار إلى أن المبعوث الأممي أورد في بيانه أنه سيواصل «العمل مع جميع الأطراف للاتفاق على خطوات ملموسة لتجنيب كل اليمنيين النتائج الكارثية لاستمرار الصراع، وللتعامل على وجه السرعة مع الأزمة السياسية والأمنية والإنسانية في اليمن»، مضيفا: «أحث جميع الأطراف المعنية على اغتنام هذه الفرصة للانخراط بشكل بناء مع جهودنا الحالية لاستئناف المشاورات السياسية على وجه السرعة، من أجل التوصل لاتفاق على إطار للمفاوضات السياسية وعلى تدابير لبناء الثقة، والتي تتضمن على وجه الخصوص: تعزيز قدرات البنك المركزي اليمني وتبادل الأسرى وإعادة فتح مطار صنعاء. وما زلنا ملتزمين بجمع الأطراف اليمنية حول طاولة المفاوضات في غضون شهر، لكون الحوار هو الطريق الوحيد للوصول إلى اتفاق شامل».
وذكر البيان أن المبعوث الخاص «يعبر عن تفاؤله بالانخراط الإيجابي لكل من الحكومة اليمنية وأنصار الله مع جهوده، ويؤكد عزمه مواصلة العمل مع جميع الأطراف المعنية في المنطقة من أجل التوصل إلى تسوية سياسية شاملة لإنهاء الصراع في اليمن».


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.