... ويُضعف الرئيس الفرنسي

ماكرون يجد ميركل شريكاً مجرباً وصلباً يمكن الاعتماد عليه (إ.ب.أ)
ماكرون يجد ميركل شريكاً مجرباً وصلباً يمكن الاعتماد عليه (إ.ب.أ)
TT

... ويُضعف الرئيس الفرنسي

ماكرون يجد ميركل شريكاً مجرباً وصلباً يمكن الاعتماد عليه (إ.ب.أ)
ماكرون يجد ميركل شريكاً مجرباً وصلباً يمكن الاعتماد عليه (إ.ب.أ)

يشعر الرئيس الفرنسي هذه الأيام بحالة من الإرهاق دفعته إلى إلغاء كل مواعيده حتى مساء الأحد القادم. ووفق مصادر قصر الإليزيه، فإن إيمانويل ماكرون وزوجته بريجيت، قررا الاستفادة من فرصة لا تزيد على أربعة أيام قبل أن يبدأ الرئيس تجواله مع انطلاق الأسبوع القادم ولأيام عديدة في شرق وشمال فرنسا، لزيارة المواقع الرئيسية التي شكّلت علامات فارقة في الحرب العالمية الأولى. بعدها، ستنطلق الاحتفالات بالذكرى المئوية الأولى لانتهائها بحضور عشرات رؤساء الدول والحكومات ومسؤولي المنظمات الدولية الذين سيشاركون في المنتدى الأول للسلام في باريس.
بيد أن متاعب ماكرون، كما يقول العارفون والخبراء بالشأن الفرنسي والأوروبي، ليس مصدرها فقط النشاط الزائد للرئيس الذي يعمل حتى ساعة متأخرة من الليل وسبعة أيام في الأسبوع، ولا زياراته التي لا تنقطع في الداخل والخارج، وإنما يرى هؤلاء أن تراجع شعبيته إلى حد مقلق (25 في المائة فقط من الفرنسيين يعبّرون عن ارتياحهم لسياسته)، وغياب النتائج المنتظرة من الإصلاحات التي انطلق بها عهده منذ وصوله إلى قصر الإليزيه، وتزايد التململ الاجتماعي والاقتصادي، واستمرار نسب البطالة في الارتفاع، إضافة إلى الصعوبات السياسية التي عانى منها منذ الصيف الماضي، كلها أصابت معنوياته في مقتل. عندما دخل ماكرون قصر الإليزيه بعد حملة رئاسية خاطفة، كانت الظروف مؤهلة لتجعل منه «قائداً» للاتحاد الأوروبي؛ بريطانيا كانت تتخبط «وما زالت» في عملية انسحابها من الاتحاد «بريكست»، بينما إسبانيا وإيطاليا تعانيان من أزمات داخلية حادة. ومن جانبها، فإن ألمانيا كانت فريسة جدل لا يتوقف بصدد سياسة المستشارة أنجيلا ميركل التي شرعت حدود بلادها أمام مئات الآلاف من المهاجرين والنازحين واللاجئين. أما وسط أوروبا وشرقها فكانا عرضة لصعود تيارات قومية بالتوازي مع صعود اليمين المتطرف في الدنمارك وهولندا والنمسا... لذا، فإن ماكرون تلبّس شخصية «المنقذ» القادر على تحريك الأمور وإعادة الحياة إلى المشروع الأوروبي عبر الدفع نحو مزيد من الاندماج.
كانت هذه صورة المشهد الأوروبي حتى أيام خلت، أي إلى حين أعلنت ميركل عزمها على الانسحاب شيئاً فشيئاً من عالم السياسة بدءاً بتخليها عن الترشح مجدداً لرئاسة حزبها «الديمقراطي المسيحي» الذي كانت زعيمته غير المنازَعة طيلة 18 عاماً، وأيضاً عزوفها عن الاستمرار في الحياة السياسية بعد انتهاء ولايتها الحالية في عام 2021. ويعتبر كثير من المحللين في ألمانيا وخارجياً أن ميركل أصبحت ضعيفة إلى درجة أنْ لا شيء يضمن بقاءها حتى ذلك التاريخ. والمرجّح السير نحو انتخابات تشريعية جديدة تفرز سلطات جديدة في الأشهر القادمة. حقيقة الأمر أن ما يصيب ميركل يصيب في الوقت نفسه ماكرون؛ ذلك أن الثنائي الفرنسي - الألماني كانا من الأساس ركيزة البناء الأوروبي، وكان ماكرون يجد في المستشارة الألمانية التي أمضت 13 عاماً في الحكم ليس فقط شريكاً مجرّباً وصلباً يمكن الاعتماد عليه في السير بالمشاريع الإصلاحية ولكن أيضاً في دفع أوروبا لتكون صاحبة تأثير في السياسة الخارجية. وفي المقابل، فإن ميركل وجدت ضالتها في الرئيس الفرنسي الساعي لإصلاح اقتصاد بلاده ليتوافق مع المعايير الأوروبية خصوصاً الألمانية لجهة العجوزات في الميزانية والدين العام وخلافه. والحال أن الطرفين اليوم مصابان بالوهن: ماكرون بسبب تراجع شعبيته وتأخر بروز نتائج إصلاحاته الاقتصادية والاجتماعية، وميركل بسبب هزائمها الانتخابية وتراخي قبضتها على حزبها، ولكن أيضاً على الحكومة، حيث إن شريكها الأول «الديمقراطي الاشتراكي» قد يتساءل عن الجدوى من البقاء في حكومة متهالكة خصوصاً أن شعبيته هو الآخر إلى تراجع حاد.
في الربيع القادم ستُجرى في بلدان الاتحاد الانتخابات الأوروبية. والمخاوف التي تقضّ مضاجع المسؤولين مصدرها الأول نمو التيارات المتطرفة والشعبوية بما في ذلك فرنسا وألمانيا. ففي فرنسا، تفيد استطلاعات الرأي بأن «التجمع الوطني» (الجبهة الوطنية سابقاً) أي اليمين المتطرف، سيحتل المرتبة الأولى، فيما الخوف في ألمانيا من استمرار تقدم «حزب البديل» المتطرف الذي حاز على 91 نائباً في الانتخابات الأخيرة، مسجلاً أعلى نسبة من الأصوات لليمين المتطرف منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية. وما يصح على فرنسا وألمانيا يصح بنسبة أكبر على العديد من البلدان الأوروبية.
من هذا المنطلق، يشكّل تراجع ميركل وانسحابها التدريجي، وفق النظرة الفرنسية، ضربة لجهود ماكرون الإصلاحية. ومن الواضح أيضاً أن القرارات التي اتخذتها ستنسحب على قدرتها على التأثير على سياسة حزبها من جهة وعلى قيادة حكومتها من جهة أخرى حتى انتهاء ولايتها بسبب الصراعات الداخلية التي بدأت في الظهور والتي كانت شخصيتها القوية قادرة على لجمها. أما داخل المجلس الأوروبي المشكّل من رؤساء الدول والحكومات، فإن الخوف الأول أن يصاب بالشلل بحيث يكون عاجزاً عن مواجهة الاستحقاقات الرئيسية: مسألة الهجرات المتدفقة على أوروبا، وإصلاح الاتحاد من الداخل، ورسم خريطة طريق للتعاطي مع الولايات المتحدة الأميركية، وتوفير الظروف لتعزيز النمو الاقتصادي.



«أكسيوس»: بايدن ناقش خططاً لضرب المواقع النووية الإيرانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
TT

«أكسيوس»: بايدن ناقش خططاً لضرب المواقع النووية الإيرانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)

قدّم مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان للرئيس جو بايدن خيارات لـ«هجوم أميركي محتمل» على المنشآت النووية الإيرانية، إذا «تحرك الإيرانيون نحو امتلاك سلاح نووي» قبل موعد تنصيب دونالد ترمب في 20 يناير (كانون الثاني).

وقالت ثلاثة مصادر مطّلعة لموقع «أكسيوس» إن سوليفان عرض تفاصيل الهجوم على بايدن في اجتماع - قبل عدة أسابيع - ظلت تفاصيله سرية حتى الآن.

وقالت المصادر إن بايدن لم يمنح «الضوء الأخضر» لتوجيه الضربة خلال الاجتماع، و«لم يفعل ذلك منذ ذلك الحين». وناقش بايدن وفريقه للأمن القومي مختلف الخيارات والسيناريوهات خلال الاجتماع الذي جرى قبل شهر تقريباً، لكن الرئيس لم يتخذ أي قرار نهائي، بحسب المصادر.

وقال مسؤول أميركي مطّلع على الأمر إن اجتماع البيت الأبيض «لم يكن مدفوعاً بمعلومات مخابراتية جديدة ولم يكن المقصود منه أن ينتهي بقرار بنعم أو لا من جانب بايدن».

وكشف المسؤول عن أن ذلك كان جزءاً من مناقشة حول «تخطيط السيناريو الحكيم» لكيفية رد الولايات المتحدة إذا اتخذت إيران خطوات مثل تخصيب اليورانيوم بنسبة نقاء 90 في المائة قبل 20 يناير (كانون الثاني).

وقال مصدر آخر إنه لا توجد حالياً مناقشات نشطة داخل البيت الأبيض بشأن العمل العسكري المحتمل ضد المنشآت النووية الإيرانية.

وأشار سوليفان مؤخراً إلى أن إدارة بايدن تشعر بالقلق من أن تسعى إيران، التي اعتراها الضعف، إلى امتلاك سلاح نووي، مضيفاً أنه يُطلع فريق ترمب على هذا الخطر.

وتعرض نفوذ إيران في الشرق الأوسط لانتكاسات بعد الهجمات الإسرائيلية على حليفتيها حركة «حماس» الفلسطينية وجماعة «حزب الله» اللبنانية، وما أعقب ذلك من سقوط نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا.

وقال سوليفان لشبكة «سي إن إن» الأميركية: «القدرات التقليدية» لطهران تراجعت؛ في إشارة إلى ضربات إسرائيلية في الآونة الأخيرة لمنشآت إيرانية، منها مصانع لإنتاج الصواريخ ودفاعات جوية. وأضاف: «ليس من المستغرب أن تكون هناك أصوات (في إيران) تقول: (ربما يتعين علينا أن نسعى الآن لامتلاك سلاح نووي... ربما يتعين علينا إعادة النظر في عقيدتنا النووية)».

وقالت مصادر لـ«أكسيوس»، اليوم، إن بعض مساعدي بايدن، بمن في ذلك سوليفان، يعتقدون أن ضعف الدفاعات الجوية والقدرات الصاروخية الإيرانية، إلى جانب تقليص قدرات وكلاء طهران الإقليميين، من شأنه أن يدعم احتمالات توجيه ضربة ناجحة، ويقلل من خطر الانتقام الإيراني.

وقال مسؤول أميركي إن سوليفان لم يقدّم أي توصية لبايدن بشأن هذا الموضوع، لكنه ناقش فقط تخطيط السيناريو. ورفض البيت الأبيض التعليق.