جاهدة وهبي: قدمت في ألبومي أجواء الهدوء والسكينة لأننا مللنا التوترات والاضطرابات

الفنانة اللبنانية تطلق ألبوم «شهد» الذي يتضمن عشر أغنيات من ألحانها

جاهدة وهبي
جاهدة وهبي
TT

جاهدة وهبي: قدمت في ألبومي أجواء الهدوء والسكينة لأننا مللنا التوترات والاضطرابات

جاهدة وهبي
جاهدة وهبي

قالت المطربة جاهدة وهبي إن ألبومها الجديد «شهد»، ينقل وعلى طريقتها كل ما اختزنته واختبرته ذاكرتها طيلة سنين حياتها على المستويين الفني والشخصي. وأضافت في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «كل ما ذرفته من نغمات وألحان في هذا الألبوم أهديته إلى روح والدتي، فهو العسل والشهد والألم والوجع والفرح والحب والحقيقة مجتمعين، مع التركيز على فكرة الحب الأسمى الذي لا يحتمل المواربة».
ورأت المطربة اللبنانية التي أطلقت ألبومها أخيرا في حفل على «مسرح المدينة» في بيروت بالتعاون مع شركة «رايت تراك» حضره حشد من أهل الصحافة والفن، ألا طقوس محددة لديها تعتمدها أثناء تحضيرها لأعمالها، فاللحن قد يولد معها أثناء قيادتها لسيارتها أو وهي على متن الطائرة أو في أحلامها. وقالت: «المرحلة الأهم عندي هي تلك التي أكون فيها على احتكاك كبير مع القصيدة التي أنوي تلحينها، فأقرأ ما بين السطور والأحرف وأتماهى مع خطوطها حتى تسكنني فتصبح جزءا مني يتفاعل في داخلي كالبركان».
يتضمن ألبوم جاهدة وهبي الجديد عشر أغنيات من ألحانها وإنتاجها، وقد اختارت عشر قصائد لشعراء تركوا بصماتهم الثقافية في العالم العربي أمثال أدونيس وأنسي الحاج وطلال حيدر ومحمود درويش، إضافة إلى آخرين عالميين كالشاعرتين ولادة بنت المستكفي (الأندلسية) وفروغ فرخزاد (الإيرانية) وبابلو نيرودا (التشيلي). وعن سبب اختيارها هذا الأخير تقول: «الفكرة هي أن في الألبوم قصائد حب من العالم، فالحب كوني، لا زمان أو مكان له، وقصائد هذا الشاعر التشيلي وكغيرها من كلمات الأغاني الموجودة في (شهد) هي التي اختارتني، فجنسية القصيدة لا تهمني، بل الأهم أن تقلقني».
ووصفت جاهدة وهبي ألبومها أنه بمثابة هدهدات أو أراجيح للكبار، وقالت: «نحن نعيش في زمن تلاحقنا فيه التوترات والاضطرابات على جميع الأصعدة، لذلك رغبت في تقديم عمل يبعث فينا الهدوء والسكينة، فعندما نسمعه نحلم ونسافر من خلاله إلى عالم البراءة تماما كالهدهدات التي ينام عليها الصغار».
وجاهدة وهبي المتهمة بالنخبوية واختيارها قصائد صعبة قد لا يستوعب معناها سوى قلة من الناس، علقت قائلة: «أنا سعيدة بهذا الاتهام وبأنني أتوجه دائما للمثقفين، ولكن يهمني أن أوضح أنني حاولت تقريب هذه القصائد من الأذن العادية، فأنا ضد المقولة الرائجة: (الجمهور عايز كده) والدليل على ذلك أن أغنية «لا تمضي إلى الغابة» من ألبومي السابق وصلت إلى الجميع فرددوها وحفظوها، وما زالت حتى اليوم تلاقي صدى طيبا، وهذا هو المقصود من خياراتي في تلك القصائد الجميلة».
وعن هذه الحميمية في كلمات الأغاني التي تحمل صورا جريئة في الحب أحيانا كثيرة، ردت قائلة: «برأيي، كي نشعر تماما بأي حالة نصادفها يجب أن نكون حقيقيين، وإذا افتقدت الصورة التي أنقلها في الأغنية حقيقتها، فذلك يعني أنني مخادعة، وأعد أنه لا ننجح في الحب إلا إذا تجلى بأقصى معانيه، فمعه ممنوع المواربة، ويجب أن يكون متفلتا من كل القوانين ليصل إلى متلقيه بانسيابية».
ومن بين الأغاني التي يتضمنها الألبوم «لك عطر» و«حلم» و«سوناتة حب» و«وصال» و«ليل يا ليل» وغيرها. أما أغنية «نجمة الصبح» للشاعر طلال حيدر التي تفتتح الألبوم فتقول كلماتها: «حلوة متل قرص العسل.. كل ما انتلى بيحلى.. لعملك العرس.. مطرح ما النبي صلى.. مفتوح سوق الذهب.. كل مين اجا ملا». أما موسيقى الأغاني التي قامت بتسجيلها في بلجيكا مع موسيقيين بارزين من أوروبا، وتحت إدارة العراقي أسامة عبد الرسول (أشرف على الإنتاج وشارك في العزف وفي توزيع بعض الأغاني) والمايسترو ديك فان درهرست، فهي ساكنة هادئة تنقلك إلى زمن خافت يحتفي بالحب والعشق دون صراخ أو ضجيج. وتقول جاهدة وهبي في هذا الصدد: «قصدت أن يحمل ألبومي كل هذه الصور الصامتة وأن يكون ليليا بامتياز، وفي المقابل أنوي أن أصدر قريبا ألبوما إيقاعيا ذا مزاج شعبي باللغة المحكية وبقصائد رائعة».
أما الموسيقيون الذين شاركوا في تنفيذ ألبوم «شهد» فهم: فيليب توريو (أكورديون)، مروان فقير (كمان) ولودة فيركامت (تشيللو) وماتياس لاغا (كلارينيت) وفرنسوا تايلوفر (ايقاع). كما شارك عازفون ضيوفا كل من بدرو غوريدي على الكلارينت، إيلي معلوف على البزق، وحسن حسنوف – صولو كلارينت. وتقول الفنانة اللبنانية إنها دائما ما تبحث عن المختلف في المشهد الغنائي، وإن تعاونها مع هؤلاء الموسيقيين مثال على ذلك، وأضافت: «أحاول أن أجتهد في هذا المجال لأقدم موسيقى تبقى رديفة أي زمن».
وعدّت جاهدة وهبي أن الحب والشعر والفن الأصيل هم منقذو العالم من التخبطات التي تسوده، وأنها ترغب في إيصال رسالتها هذه عبر أغانيها إلى كل الناس، وقالت: «كم أتمنى أن أغذي العالم بإيجابية الحب الذي من شأنه أن ينقل المتلقي من حالة إلى أخرى فيمسح بالغناء ولو ذرة من حزنه، فأنا أشدد على أن الفن أخلاق، ومن عشقي الصوفي للفن أريد أن أقدم ما يحرك رمال وبلادة هذا المجتمع».
وعن سبب إهدائها الألبوم إلى روح والدتها قالت: «هذا العمل انتهيت من تحضيره قبل سنة ونصف، ووضعته في الدرج إثر مرض والدتي ورحت أحضر لشيء آخر مختلف تماما بعنوان (مزامير) التي أديتها على طريقة التجويد، فكنت أنشدها لوالدتي وهي على سرير المرض لتنام وتخف آلامها، فكانت تتفاعل معي رغم الحالة الصحية المتردية التي كانت تعيش فيها. وعندما رحلت أحسست أن هذا الألبوم أقل ما يمكنني أن أقدمه لروحها، فهو بمثابة كل اللحظات التي عشتها وأنا أعده وكل اللحظات التي سأعيشها وأنا أغنيه».
أما جديد جاهدة وهبي، فهو مشروع تعريب ولبننة أهم أغاني المغنية الفرنسية الراحلة إديت بياف، في قصائد كتبها أهم الشعراء والأدباء الفرانكفونيين، التي ستجمعها في ألبوم ينطلق من باريس مع حلول العام المقبل بالتعاون مع شركة «كومنبرودكشن».



وليد توفيق لـ«الشرق الأوسط»: عندما أعتلي المسرح تكون أفكاري ابنة اللحظة

في حفل الـ{موركس دور} مع الشاعر نزار فرنسيس (وليد توفيق)
في حفل الـ{موركس دور} مع الشاعر نزار فرنسيس (وليد توفيق)
TT

وليد توفيق لـ«الشرق الأوسط»: عندما أعتلي المسرح تكون أفكاري ابنة اللحظة

في حفل الـ{موركس دور} مع الشاعر نزار فرنسيس (وليد توفيق)
في حفل الـ{موركس دور} مع الشاعر نزار فرنسيس (وليد توفيق)

في حفل الـ«موركس» بنسخته الـ24 الأخيرة حصد الفنان وليد توفيق جائزة «اليوبيل الذهبي» على مشواره الفني. فهو أمضى حتى اليوم كل هذه السنوات يحقق النجاح تلو الآخر. بالنسبة له فإن التكريمات التي حصدها كانت كثيرة، ولكنه يستطرد قائلاً: «يبقى التكريم الذي ألاقيه في بلدي لبنان له مذاق آخر. كما أن هذا النوع من الحفلات يتيح لي فرصة الالتقاء بفنانين، وخصوصاً بممثلين لا أصادفهم كثيراً. فلمّة الفن عزيزة على قلبي. والتكريم جميل، خصوصاً إذا ما جاء من جهة راقية مثل الـ(موركس دور). فنحن نفتخر بهذه الجائزة اللبنانية الصنع. ونقدّر ما يقوم به الطبيبان زاهي وفادي حلو سنوياً لتنظيمها».

يقول لـ«الشرق الأوسط» إن مشواره كان طويلاً وتخللته صعوبات ومطبّات عدة، ولكن النجاح والفرح كللاه باستمرار. ويتابع: «لقد تعلمّت دروساً كثيرة من كل خطوة قمت بها. ولعلّ الدرس الأهم يتعلّق بعدم التنازل عن مبادئ معينة. فهناك أشخاص يحاولون إغراقك بالخطأ عندما يلمسون نجاحاتك. أصررت على مكانتي الفنية وعرفت كيف أواكب كل جديد. فالمطلوب من الفنان ألا يعيش الركود أبداً. فيبحث دائماً عما يحرّك ويعزز مشواره».

50 سنة من النجاحات لا بد أن يلمسها محاور وليد توفيق في شخصيته الرصينة والقريبة إلى القلب في آن. وعندما تسأله «الشرق الأوسط» عما يستوقفه في مشواره هذا، فيردّ: «عندما أستعيد شريط ذكرياتي أشعر بالغبطة. وأندم في المقابل على عدم إعطاء أولادي الوقت الكافي لأكون بقربهم. راضٍ أنا من دون شك عن مسيرتي، وأهنئ نفسي بحب الناس لي».

مشواره الفني الخمسيني تكلل بالنجاحات المتتالية (وليد توفيق)

يعترف وليد توفيق بأمر يراوده دائماً: «أشعر بأن كل ما مررت به كان مكتوباً لي، ولطالما أحسست بأن قوة ربانية تمسك بيدي وتسيّرني كما تشاء. لا شك أني اجتهدت وتعبت، ولكنّ هناك أمراً أقوى مني ساعدني. أمشي بطريقي على ما يقدّر الله. وعندما أعتلي المسرح لا أحضّر للأمر مسبقاً. فهناك إحساس معين يولد عندي في اللحظة نفسها، فتأتيني الفكرة من دون أي تخطيط لها. وهو ما حصل معي في حفل الـ(موركس دور) الأخير. وكلمتي كانت ارتجالية تترجم مشاعري. وعندما أهديت جائزتي للجيش اللبناني ولشهداء الحرب، كان ذلك وليد اللحظة».

أثناء تكريمه في حفل «موركس دور» واعتلائه المسرح ليتسلمها من الشاعر نزار فرنسيس، قدما معاً ثنائياً شعرياً، وتناولا موضوع الوفاء. فهل يرى الساحة اليوم تفتقد لهذه القيمة الإنسانية؟ «قلّة الوفاء ليست بالأمر المستجد على الساحة الفنية. وحتى في أيام عمالقة الفن مثل الراحلين عبد الحليم حافظ وعبد الوهاب، كانا يشتكيان من الأمر ذاته. فالتاريخ يعيد نفسه، ولكن من الضروري التذكير بالوفاء. فهو من أجمل وألذ الأعمال الإنسانية».

لا ينفي وليد توفيق صراعات كانت تشهدها الساحة كي يحافظ الفنان على مكانته، فتقفل الأبواب بوجه موهبة جديدة قد تشكّل عليه الخطر. ويضيف في سياق حديثه: «الفنان الناجح يخاف من دون شك، ولكنه عندما يلجأ إلى هذا النوع من الحروب يكون فاقداً للثقة بنفسه. كما أن عصرنا الحالي قضى على هذه الآفة. وما ساهم في ذلك (السوشيال ميديا). فما عادت الموهبة الجديدة تنتظر من يدعمها كي تبرز تفوقها. وهناك أمثلة كثيرة على هذا الموضوع ومواهب تحوّلت إلى (تريند) بين ليلة وضحاها».

«لا أحد يسقط إلا من فعل يده»، هكذا يختصر الفنان وليد توفيق اختفاء نجم وصعود آخر. «أشبّه المشهد بمباراة في الملاكمة. فكلما كان الملاكم حذراً ومتنبهاً استطاع التحكم بنتيجة المباراة».

يشير إلى أن بعض هذه الحروب قد يشنها متعهدو الحفلات على فنان، فيضعون النجم في موقف محرج عندما يفرضون عليه مشاركة موهبة جديدة في حفل معين. «بالنسبة لي لقد تعلمت من خبرتي أن لكل فنان طريقه بحيث لا يمكن أن يؤثر عليه طرف آخر. في إحدى المرات طلب مني الغناء في حفل للراحل وديع الصافي. وبدل أن أشعر بالحرج لأنه قد يجتاح الأجواء ويؤثر على إطلالتي طالبت بتقديمه شخصياً على المسرح. كما أن الفنان القدير لا يمكن تغييبه، ولعل أصدق دليل على ذلك هو حفل الـ(تريو الغنائي) الذي نظمه المستشار تركي آل الشيخ. فوضع أهم النجوم في مشهدية واحدة. وأتمنى أن تتكرر مرة أخرى فنجتمع على قلب واحد وإرادة واحدة».

يستعدّ لإصدار أغنية "كبرت البنّوت" لجورج خباز (وليد توفيق)

عرف وليد توفيق كيف يواكب الأجيال بانتقائه اللحن والكلمة المناسبين في أعماله. ويعلّق: «الكلمة تلعب الدور الأكبر في عملية أي تجديد نعبرها. فزياد الرحباني حوّل فيروز إلى موسيقى الجاز. خرجت يومها بعض الأصوات تندد بهذا التغيير. ولكنه عرف كيف يواكب هذا التحول بالكلمة. وعندما تحضر هذه الأخيرة بالشكل المطلوب يسهل علينا الأمر كثيراً».

عاش وليد توفيق فترة الحرب مثل غيره من اللبنانيين بقلق وترقب. وخرج منها بإصرار أكبر على وطنيته. «كانت فترة قاسية جداً، ولكنني تأكدت من خلالها أن السيادة هي التي تبني الأوطان. أتمسك اليوم بلبنان أكثر من أي وقت مضى».

أخيراً شهدت الساحة الفنية مواقف حرجة لفنانين أدرجت على لائحة الذكاء الاصطناعي. فما رأي وليد توفيق بهذا التطور الإلكتروني الجديد؟ يردّ: «إنه سيف ذو حدّين كأي اكتشاف إلكتروني آخر عايشناه. لا شك أنه بدّل في مشهدية الحياة عامة. وأحياناً نتوقع له التمدد والانتشار إلى حدّ يدفعنا للخوف من نتائجه المقبلة. ولكنه في الوقت نفسه وجد حلولاً كثيرة لمشاكل يومية. ومؤخراً أبهرني هذا الاختراع عندما سمعت ديو بصوتينا جورج وسوف وأنا. فقد قدمها لي مفاجأة استوديو التسجيل عندما علم أن الوسوف يحب أغنيتي (لا تسأليني). غناها معي بواسطة الذكاء الاصطناعي فأحببت التجربة».

يتمنى وليد توفيق في فترة الأعياد أن يتوحد اللبنانيون تحت راية واحدة. «علينا أن نكون كمشط الشعر متحدين لا أحد يفرّقنا. وفي العام الجديد أتوق إلى رؤية أرزة لبنان شامخة دائماً على علم بلدي. وأن يتم انتخاب رئيس للجمهورية أولاً».

وبالنسبة لأعماله الجديدة يقدم وليد توفيق على خطوة سبّاقة. «قريباً سأصدر أغنية جديدة بعنوان (كبرت البنّوت) لجورج خباز. فهو سبق وغناها وتركت أثرها الكبير عندي. ولدي تعاون آخر معه من خلال أغانٍ مختلفة له أنوي تقديمها بصوتي. كما أني أحضّر لـ(ميدلي) يتألف من ثلاث أغنيات قديمة لي أعدت توزيعها، ويتضمن (راح حبيبي) و(غجرية) و(ما أحلاها السمرة)».