جدل متواصل حول إلغاء مجانية التعليم العالي في المغرب

جدل متواصل حول إلغاء مجانية التعليم العالي في المغرب
TT

جدل متواصل حول إلغاء مجانية التعليم العالي في المغرب

جدل متواصل حول إلغاء مجانية التعليم العالي في المغرب

لا يكاد الجدل حول مجانية التعليم العالي في المغرب ينتهي حتى يبدأ من جديد، فمنذ أن أطلق وزير التعليم العالي لحسن الداودي، تصريحاته قبل أكثر من عام، حول ضرورة العمل على وضع حد لمجانية التعليم في الجامعات والمعاهد والمدارس العليا، لم تتوقف ردود الفعل حول هذه القضية.
الوزير الداودي، القيادي في حزب العدالة والتنمية ذي المرجعية الإسلامية، الذي يترأس الحكومة منذ نهاية عام 2011، أعلن في أغسطس (آب) 2012، أن القرار سيطبق على الجميع، لكنه استدرك لاحقا قائلا إن أبناء الأسر الفقيرة لن يطالهم القرار، وإن من يجب عليهم دفع الرسوم هم أبناء الأسر الميسورة، وتصل نسبتهم إلى نحو 10 في المائة كحد أقصى، خاصة في المعاهد العليا ومدارس الهندسة وكليات الطب والصيدلة. وذلك لمحاولة تعويض جزء من مصروفات الدولة على منح الطلاب داخل المغرب، والتي تصل لأكثر من 212 مليون دولار سنويا.
وقال محمد بناني، وهو مدرس في سلك التعليم الثانوي، لـ«الشرق الأوسط» إن الطبقة المتوسطة ستكون المتضرر الأول من قرار وزير التعليم العالي في حال تطبيقه، مشيرا إلى أن تحويل الكليات والمعاهد إلى مؤسسات تجني الأموال قد يحدث تفاوتا حادا بين طبقات المجتمع المغربي.
وأنشأ ناشطون مغاربة صفحة على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» تحمل اسم «جميعا ضد إلغاء مجانية التعليم بالمغرب»، لاقت إقبالا من رواد الشبكات الاجتماعية، وتعالت فيها الأصوات المنددة بالقرار.
وفي منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي، وتزامنا مع بداية العام الدراسي الجديد 2013 - 2014، عاد الوزير الداودي ليقول إن إلغاء مجانية التعليم موجه بالأساس في المرحلة الأولى إلى الطلاب الأجانب.
ويوجد في المغرب آلاف الأجانب، اختاروا إكمال دراساتهم العليا في مؤسسات التعليم العالي، التي توفر لهم مقاعد لطلاب ينتمون لأكثر من 80 جنسية من مختلف بلدان العالم، ضمنهم طلبة من 16 بلدا عربيا، ونحو 40 بلدا أفريقيا، في مختلف التخصصات في 14 جامعة و31 معهدا ومدرسة عليا تتوزع بين عدة المدن.
ويتصدر طلبة موريتانيا واليمن وليبيا ودول الخليج وفلسطين والسودان الطلاب العرب من حيث العدد، في حين يحتل الطلاب السنغاليون المرتبة الأولى بالنسبة للطلبة الأفارقة.
وقال الأمين العام لاتحاد الطلاب الموريتانيين في المغرب، أبحيدة ولد خطري لـ«الشرق الأوسط» إنه يجب إعادة النظر في القرار الذي يعتزم الوزير الداودي تطبيقه، وتمنى من الوزير «التراجع عن قراره، لأنه وبكل بساطة قرار لا يخدم المملكة المغربية الشقيقة، ولا سياستها الفريدة في الانفتاح على مختلف الدول الشقيقة والصديقة».
وأشار ولد خطري إلى أن دراسة الأجانب في المغرب تعود بنفع كبير عليهم وعلى دولهم، وفي نفس الوقت لها مردود معنوي واستراتيجي إيجابي للمغرب.
ويقول ولد خطري إنه على يقين أن المغرب سيعطي للطلبة الموريتانيين، البالغ عددهم 2500 طالب، وضعية خاصة، وذلك نظرا للعلاقة التاريخية المتميزة بين البلدين.
ويشير مراقبون إلى أن قرار الوزير الإسلامي، وهو أستاذ محاضر في الجامعة، قد يكون نابعا من ملاحظته الإقبال الكبير وغير المسبوق الذي شهده المغرب، بسبب أجواء الاضطراب التي عرفتها الكثير من البلدان العربية. وفي هذا الإطار، كان الوزير قال في حديث له خلال مؤتمر دولي في مدينة الصخيرات المغربية في سبتمبر الماضي، إن حكومته تسعى لـ«جذب» آلاف الطلاب من مختلف الدول لما لذلك من أهمية في توفير مصادر مالية إضافية لبلاده، مشيرا إلى أنهم في مفاوضات متقدمة مع ماليزيا لاستقبال سبعة آلاف طالب في كليات الطب، كانوا يتابعون دراساتهم في مصر.
وقال أحمد عبد الرحمن (26 سنة)، وهو طالب فلسطيني من قطاع غزة، إن الطلاب الذين يزاولون دراستهم الآن في المغرب لن يشملهم القرار، ولكن الطلاب في الدفعات المقبلة قد يتضررون من إلغاء مجانية التعليم، مشيرا إلى أن الحكومة المغربية تقدم منحا خاصة للطلبة الفلسطينيين، زيادة على المنح العادية التي تقدمها الوكالة المغربية للتعاون الدولي.
وتتولى ملف دراسة الطلاب الأجانب في المغرب، الوكالة المغربية للتعاون الدولي التابعة لوزارة الخارجية، وتستقبل ملفاتهم عن طريق الملحقيات الثقافية في سفارات بلادهم بالرباط، ومن ثم تقوم بتوجيهها إلى وزارة التعليم العالي التي تصدر رخصا خاصة لكي يتمكنوا من التسجيل في مؤسسات التعليم العالي.
وتقدم الوكالة منحا مالية للطلبة الأجانب بقيمة نحو 180 دولارا لكل شهرين، وتوفر لهم إمكانية السكن في الأحياء الجامعية، بل إنه يوجد في العاصمة الرباط «الحي الدولي» المخصص للطلبة الأجانب.
وقال صو ممادو، الأمين العام لرابطة الطلاب الأفارقة في المغرب، لـ«الشرق الأوسط» إن أكبر المتضررين من إلغاء مجانية التعليم هم الطلاب الأفارقة، خصوصا أولئك القادمين من دول فقيرة لا تتحصل على فرص كافية للتعليم العالي.
وأضاف ممادو أنه وزملاءه الأفارقة يتوجهون إلى المغرب عن وعي، ولعدة أسباب، في مقدمتها مجانية التعليم وجودته، وحفاوة الاستقبال التي يتلقونها.



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.