إردوغان يوسع حملته ضد جماعة «غولن» بتوقيف 115 من الأمن

بدأت الحكومة التركية حملة تطهير واسعة لأنصار الداعية الإسلامي فتح الله غولن من مؤسسات الدولة منذ بداية العام، ويعتقد أن نحو 10 آلاف موظف إضافي على الأقل ستشملهم هذه العملية في صفوف الشرطة والنيابات العامة ودوائر الدولة المدنية، بعد نحو 15 ألفا تمت إقالتهم أو تغيير مراكزهم حتى الآن. وأوضح مصدر رسمي تركي لـ«الشرق الأوسط» أن هذه الأرقام أولية، وقد ترتفع إلى ما هو أكثر من ذلك بكثير في ضوء التحقيقات التي تجريها الأجهزة الرسمية التركية المكلفة بالموضوع، موضحا أن الأولوية كانت للقضاء، ثم لسلك الشرطة، فالدوائر المدنية.
وأكد المصدر أن عملية «استئصال الكيان الموازي» انطلقت ولن تتوقف إلا بإنهاء هذه الظاهرة التي وُصفت بالشاذة. وأشارت المصادر إلى أن القضاء وضع يده على هذا الملف وستتم متابعته إلى النهاية، مهما كانت الضغوط التي يمارسها بقايا «الكيان الموازي».
وفي المقابل، حذرت مصادر في حركة «خدمة» التي يرأسها الداعية غولن من أن الحكومة التركية قد تلفق أدلة على تورط الجماعة في عمليات إرهابية. وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «الحكومة» تقوم بتصفية حسابات مع موظفي الإدارة العامة لفرض الولاء للحزب الحاكم لا للدولة. وأشارت المصادر إلى أن التوقيفات كانت مخالفة للقانون بالشكل قبل المضمون لانطلاقها في الليل، وهو ما يمنعه القانون التركي، فيما تؤكد المصادر الرسمية أن العملية بدأت مع الفجر.
وأكد رئيس الوزراء رجب طيب إردوغان أنه يتابع عمليات القبض على مسؤولي ورجال الشرطة، لافتا إلى أنه من الممكن أن تنتقل هذه العمليات إلى مجالات أخرى. وقال إردوغان ردا على أسئلة الصحافيين على هامش اجتماع الوداع للمجموعة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية الحاكم، معلقا على عمليات الاعتقال التي بدأت في حق رجال الأمن المشاركين في تحقيقات قضية الفساد والرشوة، في 17 ديسمبر الماضي «إننا نتابع الوضع». وفي إجابته عن سؤال أحد الصحافيين حول إمكانية أن تنتقل هذه العمليات إلى مجال آخر، رد قائلا «بالطبع».
وذكرت قناة «سي إن إن تورك» الإخبارية التركية أنه جرى اعتقال عشرات من كبار ضباط الشرطة بتهمة الضلوع في أنشطة تجسس وتنصت غير قانونية خلال تحقيق فساد طال المقربين من إردوغان. وذكرت القناة أنه جرى احتجاز 76 ضابطا على الأقل في 22 محافظة تركية للاشتباه في تشكيل منظمة إجرامية والتنصت على الهواتف دون سند قانوني.
وأمرت النيابة العامة في إسطنبول بالقبض على 115 شرطيا في إطار العملية الأمنية، التي انطلقت فجر أمس، ضد «الكيان الموازي»، الذي تتهمه الحكومة بالتغلغل في مفاصل الدولة. كما ألقي القبض في ولاية «شانلي أورفا»، جنوب شرقي تركيا، على ستة عناصر من الشرطة، بينهم ضابط، حيث من المقرر أن ينقلوا إلى إسطنبول بعد إخضاعهم للفحوصات الطبية. وتوجه النيابة العامة في إسطنبول للمتهمين 7 تهم مختلفة، بينها «محاولة الإطاحة بحكومة الجمهورية التركية بالقوة، أو منعها من أداء مهامها جزئيا، أو كليا»، وذلك في إطار تحقيقين منفصلين عن «التجسس»، و«التنصت غير القانوني». وبلغ عدد الموقوفين في العملية منذ بدايتها 67 شخصا من عدة ولايات تركية بينها أنقرة، وإزمير، وديار بكر، ووان، وأنطاليا، وبيتليس، وشانلي أورفا، إلى جانب إسطنبول. وأصدر المدعي العام في مدينة إسطنبول أمرا أمس بالقبض على 39 شخصا مشتبها يعملون في شعبة المخابرات، بمديرية الأمن، في إطار التحقيق بقضية «الكيان الموازي»، بحسب بيان صادر عن النيابة العامة في إسطنبول أمس. وأشار البيان إلى توقيف 15 مشتبها إلى الآن، مع التأكيد على إتمام عمليات إلقاء القبض على جميع المشتبهين، في العملية الأمنية.
وذكر مراسل «الأناضول» أن من بين المعتقلين مدير وحدة مكافحة الإرهاب السابق، إبان عمليتي 17 و25 ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، وهي العملية التي اتهم فيها أبناء وزراء من حكومة إردوغان بالضلوع في قضايا فساد، ثم تلتها لاحقا تسريبات تتهم إردوغان ونجله بالتورط في قضايا فساد، اتهمت بتدبيرها جماعة غولن التي يقال إن لها نفوذا كبيرا داخل القضاء والشرطة التركيين.
وأوضح البيان أن المدعي العام أمر أول من أمس أيضا باعتقال 76 مشتبها من المنتسبين لقوى الأمن، بتهمة التنصت غير المشروع على رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان بعد العثور على أجهزة تنصت في مكتب رئيس الوزراء التركي وفي سيارته الرسمية، العام الماضي. وبلغ عدد الذين ألقي القبض عليهم إلى الآن 67 شخصا، من أصل 115 مشتبها في إطار التحقيق في القضيتين.
وكانت الحكومة التركية أطلقت أكبر عملية تنقلات في صفوف القضاة والمدعين العامين المشرفين على تحقيقات الفساد، أطاحت بنحو ألف نائب عام وقاض، بمن فيهم زكريا أوز الذي أشعل فتيل قضية الفساد في إسطنبول، ونَقَلتْهم إلى وظائف وأماكن أخرى في أطراف البلاد، ثم أطاحت في مرحلة تالية بنحو 15 ألف شخص من الكوادر البيروقراطية المختلفة، في إطار حركة لتصفية «الكيان الموازي» داخل الدولة.
وانتقدت وسائل إعلام محسوبة على جماعة غولن ما وصفته بأنه «تعمد لإهانة رئيس شعبة مكافحة الإرهاب الأسبق بمديرية أمن إسطنبول يورت أطايون، الذي كان مسؤولا عن التحقيقات في قضايا مكافحة الإرهاب، وتعمد إظهاره مكبل اليدين من الخلف أمام وسائل الإعلام». وبحسب المصادر، كان أطايون تلقى استدعاء تليفونيا للتحقيق معه، وتوجه طواعية في ساعة مبكرة من صباح أمس إلى مديرية مكافحة الإرهاب، وبعد مرور ساعتين من التحقيق معه تم نقله إلى مركز الفحوصات الطبية وهو مكبل اليدين خلف ظهره بعكس مسؤولي الأمن ورجال الشرطة، الذين شاركوا في تحقيقات قضايا الفساد في 17 و25 ديسمبر الماضي، الذين ألقي القبض عليهم الليلة الماضية وكبلت أياديهم من الأمام.
ونفى محامي أطايون ما تردد من ادعاءات عن مقاومة موكله لرجال الشرطة لعرقلتهم عن أداء واجبهم، قائلا إنه توجه مع موكله إلى مديرية مكافحة الإرهاب بوسائلهما الخاصة، حيث أدلى موكله بإفادته أمام المحقق، دون أي اعتراض أو مقاومة منه، لافتا إلى أنه تم تكبيل يد موكله خلف ظهره في أثناء نقله إلى المركز الطبي.
وقال أطايون للصحافيين «لقد أتيت بنفسي متطوعا لأدلي بإفادتي، وها أنا مكبل اليدين من خلف ظهري»، وعند سؤال أحد الصحافيين له عن سبب اعتقاله، رد أطايون قائلا «بسبب دوافع سياسية بحتة».