إيطاليا تغازل حفتر وتتوقع حضوره مؤتمر باليرمو حول ليبيا

بعد محادثات السراج وسلامة في روما

TT

إيطاليا تغازل حفتر وتتوقع حضوره مؤتمر باليرمو حول ليبيا

في مسعى جديد لتكرار تجربة الوساطة الفرنسية لحل الأزمة الليبية، نشطت الدبلوماسية الإيطالية مجدداً في إجراء محادثات مع الأطراف الليبية المحلية الفاعلة لضمان حضورها المؤتمر الدولي الذي سيعقد الشهر المقبل في باليرمو.
وكان مقرراً أن يبدأ أمس المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني الليبي، زيارة رسمية إلى إيطاليا قبل أقل من أسبوعين من استضافتها هذا المؤتمر، الذي تسعى الحكومة الإيطالية لضمان حضور تمثيل ليبي وإقليمي ودولي كبير خلاله.
وبعد يوم واحد فقط على المحادثات التي أجراها رئيس الحكومة الإيطالية جوزيبي كونتي مع فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية، في العاصمة الإيطالية روما، سيحل المشير حفتر ضيفاً على روما التي تنتظر أيضا وصول كل من المستشار عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب المتواجد في مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي، وخالد المشرى رئيس المجلس الأعلى للدولة المتواجد في العاصمة طرابلس.
كما أجرى رئيس الوزراء الإيطالي محادثات مع غسان سلامة رئيس بعثة الأمم المتحدة، التي لا تزال تبذل جهودا لإقناع الفرقاء الليبيين بالتوصل إلى تسوية لإنهاء الأزمة السياسية والعسكرية في البلاد التي انزلقت إلى الفوضى بعدما أسفرت انتفاضة، دَعَمَها حلف شمال الأطلسي (الناتو)، عن الإطاحة بالعقيد الراحل معمر القذافي عام 2011.
وتسعى إيطاليا في مؤتمر تخطط لاستضافته في مدينة باليرمو عاصمة جزيرة صقلية إلى تكرار المؤتمر الذي عقدته الأطراف الليبية الأربعة الرئيسية في العاصمة الفرنسية باريس خلال شهر مايو (أيار) الماضي، لكن أيضا مع ضمان مشاركة أطراف محلية لم تحضر هذا المؤتمر، خاصة ممثلين سياسيين وعسكريين عن مدينة مصراتة في غرب ليبيا.
وكان وزير الخارجية الإيطالي إنزو موافيرو قد نقل أول من أمس عن المشير حفتر القائد العسكري المسيطر على شرق ليبيا قوله إنه سيحضر مؤتمر باليرمو الذي يستهدف إيجاد تسوية بين الجماعات المتناحرة في البلاد.
وقال موافيرو للصحافيين على هامش مؤتمر في مدينة فلورنسا الإيطالية إن الاجتماع سيعقد في مدينة باليرمو عاصمة صقلية يومي 12 و13 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل بمشاركة أطراف رئيسية من داخل ليبيا وخارجها.
وأضاف موافيرو أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ستكون من بين الزعماء الأجانب الذين سيحضرون الاجتماع، بينما تعهدت الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا بإرسال ممثلين رفيعي المستوى للمشاركة.
وتحرص إيطاليا على حضور حفتر خوفاً من أن يقضي عدم حضوره على أي آمال للتوصل إلى تسوية سياسية من أجل إنهاء العنف المستمر منذ سنوات في هذا البلد الغني بالنفط.
وفى تصعيد واضح لنبرة الغزل السياسية التي اعتمدتها إيطاليا تجاه حفتر أخيراً، قال موافيرو: «ينبغي أن يكون هناك (في باليرمو). أكد لنا أنه سيحضر وبالتالي فنحن نعول على حقيقة أنه سيحضر».
ولم يعلن حفتر رسمياً حتى الآن ما إن كان سيشارك، أم لا في مؤتمر باليرمو، إذ أبقى العميد أحمد المسماري الناطق الرسمي باسمه واسم الجيش الوطني الليبي، الغموض حول إمكانية حضور حفتر من عدمه، بعدما أعلن في مؤتمره الصحافي يوم الأربعاء الماضي أن المشير حفتر لم يحسم موقفه بشأن حضور هذا المؤتمر أو المشاركة فيه.
وسيطر الجيش الوطني الليبي بقيادة حفتر العام الماضي على بنغازي ثانية كبرى المدن الليبية بعد طرد متشددين إسلاميين وغيرهم، علما بأن حفتر هو المنافس الرئيسي لرئيس الوزراء فائز السراج الذي يقود حكومة انتقالية مدعومة من الأمم المتحدة ومقرها العاصمة طرابلس. وشنّ حفتر في مايو عام 2014 حملة في بنغازي استمرت 3 سنوات، ما وضعه في صورة القائد العسكري القادر على استعادة النظام، كما يعد أحد أبرز المرشحين المحتملين للمنافسة على منصب الرئيس المقبل للبلاد، إذا ما أجريت انتخابات رئاسية هناك.
إلى ذلك، نفى عثمان عبد الجليل وزير التعليم في حكومة السراج ما أثير إعلاميا حول سعيه إلى تولي منصب السراج، في إطار المقترح الذي قدمه بعض أعضاء مجلس النواب لتعديل السلطة التنفيذية في البلاد.
ونُقل عن عبد الجليل قوله: «أرفض الزج باسمي، وفي مثل هذه الأوقات الحرجة التي تمر بها البلاد»، معتبراً أن مهمته الأساسية كانت وما زالت دعم الاستقرار والعمل على توفير الخدمات والنهوض بالدولة، وبالأخص في مجال التعليم.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.