مقابر غزة تعجز عن استقبال المزيد.. والبعض يدفن في قبور موتى سابقين

لم تجد عائلة البطش في حي التفاح شرق مدينة غزة، التي قتل 18 فردا منها وأصيب 50 آخرون في مجزرة إسرائيلية طالت منازل العائلة في المنطقة، مكانا في مقبرة الحي لدفن جثامين أبنائها، فاضطرت إلى تجهيز قبور خاصة بالضحايا في أرض تعود ملكيتها للعائلة بعد أن نفدت أمامهم كل الخيارات لدفنهم في المقابر القريبة.
وفضلت العائلة بإجماع الأحياء منهم دفن ضحايا المجزرة الإسرائيلية في أرض مجاورة تماما للمنازل المستهدفة من قبل الاحتلال. ويقول أبو الهيثم البطش لـ«الشرق الأوسط»: «لم يكن هناك أي خيار أمام العائلة لدفن الشهداء سوى في مقبرة الحي، وهي ممتلئة عن بكرة أبيها، بالإضافة إلى مقبرة الشهداء، شرق مدينة غزة، التي لا يمكن الوصول إليها بسبب التوغل الإسرائيلي في محيطها وإطلاق النار على كل هدف يتحرك في تلك المناطق».
وأشار أبو الهيثم إلى أن العائلات في قطاع غزة تفضل دوما البحث عن مقابر قريبة من منازلها لدفن الموتى بهدف زيارة قبورهم باستمرار، مبينا أن هناك مقابر أخرى في مدينة غزة لكنها بعيدة جدا عن الحي الذي تقطن به العائلة. وأضاف: «الاحتلال قتل أبناءنا مرتين، الأولى حين دمر المنازل بأكملها عليهم وحول جثثهم إلى أشلاء، والثانية بحرماننا من دفنهم في مقبرة رسمية شرعية وفق الدين كما يدفن جميع الموتى في العالم».
وقال البطش بحسرة: «لا أحد يشارك في الجنازات ولا نجد قبورا خالية في المقابر، ارحموا غزة وأوقفوا العدوان، الناس في بيوتها تحمل أكفانها بانتظار الموت الذي يطالهم من كل مكان برا وبحرا وجوا».
وقتل نحو 615 فلسطينيا وأصيب نحو أربعة آلاف آخرين حتى يوم أمس، وتقول وزارة الصحة في غزة إن مجازر دامية ارتكبت تسببت بإبادة عائلات بأكملها ومن أبرزها مجزرة عائلة «أبو جامع» في خان يونس، التي قتل 27 فردا منها.
وتقول الصحافية ميرفت أبو جامع لـ«الشرق الأوسط» إن أبناء عمها لقوا حتفهم في غارة مفاجئة دون تحذير، طالت المنزل وقتلوا جميعهم، من بينهم سبعة أطفال وتسع نساء من بينهم حامل في شهرها الخامس، مشيرة إلى أن صاروخا كان عبارة عن قنبلة كبيرة ألقي على المنزل المكون من عدة طوابق حول من بداخله إلى أشلاء.
ولفتت إلى أن عائلتها دفنت على دفعات، الأولى أشلاء في مقبرة خان يونس المركزية، ثم دفن عدد آخر انتشلت جثثهم لاحقا، قبل أن تدفن المجموعة الأخيرة مساء يوم الغارة التي وقعت فجرا.
ويقول الشاب أحمد أبو جامع لـ«الشرق الأوسط»: «لم تعد المقابر تتحمل مزيدا من الموتى، أفواج قادمة وأخرى تغادر المقبرة، شهداء بالجملة يدفنون، هناك عائلات تضطر إلى تأخير دفن شهدائها بانتظار انتهاء دفن آخرين لعدم قدرة المقبرة على استيعاب المشيعين والشهداء».
وذكر أن ستة من أفراد عائلته دفنوا صباح الاثنين الماضي وهم عبارة عن أشلاء، قبل أن تعثر طواقم الدفاع المدني على أجزاء صغيرة من اللحم لبعضهم، وأن آخرين عثر على أطرافهم فأعيد فتح القبور لدفن الأجزاء المتبقية.
وتضطر عائلات ضحايا في غزة إلى دفن بعض الجثامين في قبور موتى سابقين من أفراد العائلة، كما يقول خضر بكر، الذي شارك إلى جانب أشقائه وعدد من أفراد عائلته في تشييع جثمان والدهم الذي قتل فجر أمس في غارة إسرائيلية غرب غزة. ويشير في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أنهم توجهوا في الصباح الباكر إلى مقبرة الشيخ رضوان ولم يجدوا أي قبر خال في المقبرة المكتظة بكاملها بالموتى، مبينا أنهم اضطروا إلى دفن والدهم في قبر عمهم الذي كان توفي إثر مرض ألمّ به منذ خمس سنوات.
ولم تسلم المقابر في قطاع غزة من العدوان الإسرائيلي، إذ شنت طائرات حربية أول من أمس غارة على مقبرة الشهداء في رفح ثم أتبعتها بغارة أخرى بثلاثة صواريخ على مقبرة فرعية في المنطقة الشرقية من خان يونس ما تسبب بدمار كبير فيها.