خلاف داخل المكونين السني والتركماني حول النائبين الثاني والثالث لصالح

المالكي حجز مقعده نائبا أول لرئيس الجمهورية

TT

خلاف داخل المكونين السني والتركماني حول النائبين الثاني والثالث لصالح

في وقت أعلن فيه رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي إلغاء منصب نواب رئيس الوزراء وتكليف وزراء بالمهمة، فإن الكتل السياسية الطامحة بتولي شخصيات منها منصب نواب رئيس الجمهورية تتمسك بقرار المحكمة الاتحادية العليا التي أكدت عدم دستورية قرار العبادي إلغاء منصب نواب رئيس الجمهورية خلال شهر أغسطس (آب) عام 2015.
وكان العبادي ألغى انسجاما مع الاحتجاجات الشعبية التي انطلقت في شهر يوليو (تموز) عام 2015 وانطلاقا مما عده حملة إصلاحات منصب نواب رئيس الجمهورية الثلاثة (نوري المالكي وأسامة النجيفي وإياد علاوي) ونواب رئيس الوزراء الثلاثة (بهاء الأعرجي وصالح المطلك وروز نوري شاويس). وبينما عدت المحكمة الاتحادية بعد مرور نحو سنة على قرار الإلغاء وعلى إثر دعوى قضائية رفعها آنذاك نائب الرئيس أسامة النجيفي قرار إلغاء منصب نواب الرئيس مخالف لأحكام الدستور فإنها أكدت حكم إلغاء منصب نواب رئيس الوزراء.
وفيما يستمر الجدل بشأن منصبي وزيري الدفاع والداخلية اللذين تولاهما عبد المهدي بنفسه لحين حسم الجدل فإن معركة نواب رئيس الجمهورية تدور بصمت حتى الآن بين الشيعة والسنة والتركمان بوصفهم القومية الثالثة. ومن جهته فإن المستشار القانوني أحمد العبادي يرى أنه «ليس هناك علاقة بين مسألة تشكيل الحكومة وبين منصب نواب الرئيس لأن هذا المنصب وبصرف النظر عن عدد الشخصيات التي تشغله ليس من صلاحية رئيس مجلس الوزراء». وأبلغ العبادي «الشرق الأوسط» أن مناصب نواب رئيس الجمهورية هي من صلاحية رئيس الجمهورية فقط ونظمها قانون نواب رئيس الجمهورية رقم – 1 – لسنة 2011 التي تنص على اختيار نائب أو أكثر على أن لا يزيد على ثلاثة ويعرض هذا الترشيح على مجلس النواب للمُصادقة عليه بالأغلبية المُطلقة.
وفي حين لم يصدر عن رئاسة الجمهورية ما يشير إلى قرب إعلان الرئيس برهم صالح عن اختيار نائبه أو نوابه فإنه وطبقا لمصدر سياسي مطلع فإن «رئيس الجمهورية ينتظر توافقات الكتل على هذا المنصب مع أنه طبقا للدستور من صلاحياته». ويقول المصدر المطلع لـ«الشرق الأوسط» إنه «طالما أن نواب الرئيس يوزع مكوناتيا فإن رئيس الجمهورية ينتظر ترشيحات الكتل لهذا الموقع مع الأخذ بنظر الاعتبار هذه المرة يوجد ميل لمنح منصب النائب الثاني أو الثالث إلى التركمان بوصفهم القومية الثالثة وعدم اقتصاره على السنة والشيعة والأكراد». ويضيف المصدر أن «قرار المحكمة الاتحادية الذي ألغى في وقتها قرارات العبادي يعد سندا قويا للكتل التي تتمسك بهذا الموقع الذي له سند دستوري برغم ما يدور من حديث عن رفض مرجعية النجف لتعدد المناصب لتعددية المناصب وهي بلا صلاحيات كونها هدرا للمال العام».
شيعيا، لا يبدو أن هناك خلافا بشأن تولي «نوري المالكي زعيم ائتلاف دولة القانون والنائب السابق لرئيس الجمهورية تولي هذا المنصب لهذه الدورة»، طبقا لما أبلغ به «الشرق الأوسط» سعد المطلبي عضو ائتلاف دولة القانون.
أما سنيا، فإن قياديا كشف لـ«الشرق الأوسط» عن خلافات حادة داخل المكون حول من يتولى هذا المنصب في حال تم الاتفاق على اختيار نائب ثان أو ثالث لرئيس الجمهورية، مبينا أن «كلا من صالح المطلك وخميس الخنجر وأسامة النجيفي وجمال الكربولي يتنافسون على المنصب». لكن أثيل النجيفي القيادي في حزب متحدون نفى أن يكون شقيقه أسامة النجيفي مرشحا أو متنافسا، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن شقيقه «قرر أن يحتفظ بمقعده نائبا للبرلمان وسوف يتصدى من موقعه للملفات السياسية وسواها».
التركمان من جانبهم، وعلى لسان نائب رئيس الجبهة التركمانية حسن توران وهو عضو في البرلمان العراقي أبلغ «الشرق الأوسط» أنهم «يعملون الآن على منحهم منصب نائب رئيس الجمهوري بوصفه استحقاقا قوميا كوننا القومية الثالثة في العراق بعد العرب والأكراد»، مشيرا إلى أن «رئيس الجمهورية برهم صالح والقادة السياسيين في البلاد يؤيدون هذه الفكرة لا سيما أن التركمان لم يحصلوا على وزارة في الحكومة الحالية وهو أمر غير صحيح في كل الأحوال». وبالعودة إلى المصدر المطلع فإن «هناك توجها لدى بعض القادة الشيعة لمنح منصب نائب رئيس الجمهورية لشخصية تركمانية شيعية وهو ما يعني ضمنا وجود صراع صامت بين التركمان الشيعة والتركمان السنة وهو ما يعني أن شخصية تركمانية أخرى غير أرشد الصالحي، رئيس الجبهة التركمانية، يمكن أن يصبح نائبا لرئيس الجمهورية على أن يمنح الصالحي منصبا وزاريا في حكومة عادل عبد المهدي».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».