بعد أن أعلن ستيفن جيرارد اعتزاله اللعب دوليا، أصبح هناك سؤال صعب وملح يتردد في ذهن المدير الفني للمنتخب الإنجليزي روي هودجسون: ترى من سيحل محل جيرارد ليصبح قائدا لمنتخب إنجلترا؟ والآن وقد أدار لاعب خط وسط ليفربول ظهره للساحة الدولية بعد 114 مباراة دولية شارك فيها مع منتخب الأسود الثلاثة، يجب أن يصدر هودجسون قراره الهام في الوقت الذي يستعد فيه للمشاركة في كأس الأمم الأوروبية بعد عامين في فرنسا. هناك أكثر من اسم مرشح لحمل شارة قيادة المنتخب الإنجليزي، نستعرض فيما يلي الذين يأتون على رأس القائمة:
* واين روني
برز مهاجم مانشستر يونايتد على الساحة الدولية فتى صغيرا في كأس الأمم الأوروبية عام 2004. وسجل روني أربعة أهداف في أول مشاركة أوروبية له، وأصبح أمل إنجلترا الكبير لفترة استمرت عشر سنوات. روني الذي سيبلغ عامه التاسع والعشرين في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، أحرز 40 هدفا في 95 مباراة دولية شارك فيها مع إنجلترا. ورغم أن مهاجم مانشستر يونايتد ارتدى شارة قيادة الفريق في مناسبات معدودة، إلا أنه لم يكن يوما قائدا فعليا لمانشستر يونايتد. وفي بطولة كأس العالم الماضية طالب كثيرون باستبعاده من المنتخب. ويعتقد كثيرون أيضا أن طباع روني لا تخوله قيادة المنتخب الإنجليزي عكس الصورة الحسنة أمام زملائه.
* جو هارت
استمر حارس مرمى مانشستر سيتي عمادا للمنتخب الإنجليزي منذ الإطاحة بالحارس المخضرم ديفيد جيمس في عهد المدرب الإيطالي فابيو كابيللو. ورغم أن الحارس البالغ من العمر 27 عاما شارك في 43 مباراة دولية، فإن قليلون يعدونه واحدا من أفضل حراس المرمى في العالم، خاصة بعد موسم جرى فيه استبعاده لفترة ليست قصيرة. ومثله مثل روني، لم يرتدِ هارت شارة قيادة مانشستر سيتي يوما. مستوى هارت المتذبذب لم يترك لدى رفاقه أي شعور بالثقة تجاهه.
* جاك ويلشير
وما حدث مع روني، حدث أيضا مع لاعب خط وسط آرسنال وعقدت الآمال على جاك ويلشير عندما ترك انطباعا جيدا بعد أول مشاركة دولية له وهو بعد في الثامنة عشرة من عمره. ورغم أن هذه المشاركة كانت عام 2010، فإن ويلشير شارك في 20 مواجه دولية خلال هذه الفترة بسبب الإصابات المتكررة أو الابتعاد عن مستواه. ويلشير البالغ من العمر 22 عاما، اتجهت إليه أنظار أخيرا عندما التقطته عدسات الكاميرا وهو يدخن خلال عطلة له مع هارت في لاس فيغاس في أعقاب بطولة كأس العالم في البرازيل.
* غاري كاهيل
مدافع تشيلسي كان تحت إمرة قائد المنتخب الإنجليزي السابق جون تيري في الفريق اللندني، وهو الوضع نفسه في بولتون ووندرز قبل انضمامه إلى تشيلسي مقابل سبعة ملايين جنيه إسترليني. ورغم أن كاهيل البالغ من العمر 28 عاما شارك في 27 مباراة دولية فقط، فإنه على الأرجح سيكون واحدا من الذي سيضعهم هودجسون على رأس الأسماء التي تضمها قائمته خلال العامين المقبلين.
* جوردان هندرسون
هو مدافع خط وسط ليفربول وواحد من قليلين تركوا انطباعا إيجابيا على أدائهم في بطولة كأس العالم الماضية، على الرغم من أن اللاعب البالغ من العمر 24 عاما لم يشارك في أكثر من 13 مواجهة دولية فقط. وكان هندرسون قاد المنتخب الإنجليزي تحت 21 عاما العام الماضي في كأس الأمم الأوروبية. ولا شك أن اختيار هندرسون قائدا للمنتخب الإنجليزي سيكون قرارا جريئا، ولكن وبعد المستوى الذي ظهر به مع منتخب إنجلترا في البرازيل، فإن هودجسون لن يكون خائفا من اتخاذ قرار جريء والأخذ بيد الشاب اليافع نحو مستقبل مضيء.
وأيا كان اختيار هودجسون لقائد جديد للمنتخب الإنجليزي، فببساطة يظل ستيفن جيرارد قائدا يصعب تعويضه، فبغض النظر عن عدم تتويجه بأي لقب مع إنجلترا، أو عدم وجود أي خطأ ارتكبه على أرض الملعب، يبقى جيرارد واحدا من أكثر اللاعبين اتزانا الذين عرفتهم الكرة الإنجليزية. وودع قائد إنجلترا منتخب الأسود الثلاثة بعد مسيرة محترمة نال فيها تقدير الجماهير المحلية لوفائه مع المنتخب الأول. كانت الدقائق الـ17 لجيرارد أمام كوستاريكا في المباراة الثالثة الهامشية للاعبي المدرب هودجسون في البرازيل، الأخيرة لقائد ليفربول، بعد أن أعلن اعتزاله الدولي أول من أمس.
وعلى الرغم من نيل إنجلترا نقطة واحدة من ثلاث مباريات بتعادلها الأخير مع كوستاريكا بعد خسارتين أمام إيطاليا وأوروغواي، فإن الجمهور في بيلو هوريزونتي لوح وداعا لجيرارد (34 عاما) الذي خدم بلاده في 114 مباراة دولية. بموازاة الاحترام الكبير لشخصه، بقي النجاح الدولي غائبا عن سجل جيرارد خلافا لمشواره الناجح مع ليفربول خصوصا على الصعيد القاري، ومع ذلك سيبقى اللاعب الذي يقف وراء الحارس الأسطوري بيرت شيلتون (124) وصانع اللعب ديفيد بيكام (115) في عدد المباريات الدولية، خادما وفيا في تاريخ منتخب بلاده.
لن ينسى محبو جيرارد المباراة البطولية التي قدمها مع ليفربول في نهائي دوري أبطال أوروبا 2005 عندما قلب تأخره صفر - 3 أمام ميلان الإيطالي إلى تعادل 3 – 3، ثم انتصار بركلات الترجيح، ثم قيادته الحمر في نهائي كأس إنجلترا 2006 أمام ويستهام، لكن إلهامه «الأحمر» لم ينسحب إلى المنتخب «الأبيض» حيث حجز مكانا دائما له في خط الوسط. سجل جيرارد 21 هدفا دوليا، بينها تسديدة خارقة من خارج المنطقة في مرمى ألمانيا (5 - 1) في سبتمبر (أيلول) 2001، لكن بعد ذلك لم يلمع اسمه أمام المنتخبات الكبرى، فهز شباك أمثال مقدونيا، وآندورا، وبيلاروسيا، وترينيداد وتوباغو.
«كانت تلك الليلة الألمانية واعدة خلال تدمير الألمان بأن يبصر نجم خارق النور في مباراته الدولية السادسة». يتذكر جيرارد: «كانت مباراتي المفضلة مع إنجلترا. كنا بحاجة لتحقيق نتيجة طيبة، ونجحنا في إبعادهم عن مجريات اللقاء». وبقي جيرارد ضمن نادي «الجيل الذهبي» لإنجلترا الذي لم ينجح في قيادة البلاد أبعد من الدور ربع النهائي في كأسي العالم وأوروبا. حصل جيرارد على مباراته الدولية الأولى في عهد المدرب كيفن كيغان عام 2000 ضد أوكرانيا وأصر مذذاك الوقت على أنه «يستمتع بكل دقيقة يمثل فيها بلده». خاض بطولته الأولى في كأس أوروبا عام 2000 عندما ودع من الدور الأول، ثم غاب عن مونديال 2002 لإصابة في فخذه.
لم ينجح جيرارد، الذي عانى للتأقلم مع فرانك لامبارد في خط الوسط، في انتشال إنجلترا من خيبة كأس أوروبا 2004 حيث خسرت في ربع النهائي أمام البرتغال بركلات الترجيح. بعدها بسنتين، أهدر جيرارد ركلة ترجيح أمام الخصم عينه في ألمانيا حيث ودعت من الدور ربع النهائي. منحه المدرب ستيف ماكلارين منصب القائد البديل، لكن إنجلترا فشلت في التأهل إلى كأس أوروبا 2008 بخسارتها أمام كرواتيا 2 - 3. حمل الشارة في 2010 في جنوب أفريقيا، لكن الخسارة المرة أمام ألمانيا 1 - 4 في دور الـ16 أوقفت حلم الإنجليز في معانقة اللقب مرة ثانية بعد 1966. لمح جيرارد قبل المونديال إلى أن البرازيل ستكون محطته الأخيرة ويريد الاعتزال قبل أن يتراجع مستواه. بكى جيرارد كثيرا بعد غلطة فادحة ارتكبها أمام أوروغواي سمحت للويس سواريز بتسجيل هدف في مرماه ومهدت لإقصاء إنجلترا من الدور الأول. يصعب على جيرارد أن تكون هذه الهفوة بمثابة الصفحة الأخيرة في كتابه الدولي المحترم، لكن بالنسبة لعشاق المنتخب الإنجليزي، سيبقى «ستيفي» لاعبا خلوقا خدم بلاده في السراء والضراء.