بكين وطوكيو تعززان علاقاتهما وسط تصاعد التوتر مع واشنطن

رئيس الوزراء الياباني يصف العلاقات مع بكين بأنها «عند نقطة تحول تاريخية»

الرئيس الصيني شي مرحباً بآبي الذي يشعر بأنه لا يمكنه حصر رهاناته بالولايات المتحدة بسبب «ضبابية» سياسة ترمب (أ.ف.ب)
الرئيس الصيني شي مرحباً بآبي الذي يشعر بأنه لا يمكنه حصر رهاناته بالولايات المتحدة بسبب «ضبابية» سياسة ترمب (أ.ف.ب)
TT

بكين وطوكيو تعززان علاقاتهما وسط تصاعد التوتر مع واشنطن

الرئيس الصيني شي مرحباً بآبي الذي يشعر بأنه لا يمكنه حصر رهاناته بالولايات المتحدة بسبب «ضبابية» سياسة ترمب (أ.ف.ب)
الرئيس الصيني شي مرحباً بآبي الذي يشعر بأنه لا يمكنه حصر رهاناته بالولايات المتحدة بسبب «ضبابية» سياسة ترمب (أ.ف.ب)

في اليوم الثاني من زيارته الأولى لبكين، وقع رئيس وزراء اليابان شينزو آبي مع نظيره الصيني لي كه تشيانغ مجموعة واسعة من الاتفاقيات، إحداها لمبادلة العملة بقيمة 30 مليار دولار. ويتطلع أكبر اقتصادين في آسيا لتطوير العلاقات وزيادة الثقة، في ظل خلاف حول تقليص العجز التجاري مع الولايات المتحدة. وقالت «رويترز» إن الصين واليابان اتفقتا على تعزيز العلاقات الثنائية، وتعهدتا بتكثيف التعاون في مجالات مختلفة، بدءاً بالمالية والتجارة وانتهاءً بالابتكار وإدراج الأسهم.
وعقد آبي مع الرئيس الصيني شي جينبينغ جولة محادثات خلال زيارته، وهي الأولى منذ 7 سنوات لمسؤول ياباني على هذا المستوى. وتتطلع الجارتان للتوصل إلى آفاق جديدة لتعزيز الثقة التي شابها الضعف في بعض الأحيان منذ استئناف العلاقات الدبلوماسية عام 1972. كما اتفق رئيس وزراء اليابان شينزو آبي ونظيره الصيني لي كه تشيانغ على التعاون من أجل نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية.
وتأمل شركات يابانية، بينها شركات سيارات كبرى مثل «تويوتا»، في تطبيع العلاقات مع الصين، بحيث يمكنها المنافسة مع الشركات الأوروبية والأميركية، في حين تتوقع بكين من طوكيو إقرار برنامجها الطموح «الحزام والطريق»، وهو مبادرة يأمل الرئيس الصيني في أن تعزز روابط التجارة والنقل مع بلدان أخرى.
وقال آبي إن العلاقات الثنائية مع الصين تقف «عند نقطة تحول تاريخية»، وأضاف أنه أجرى مناقشات «صريحة» مع لي منذ وصوله إلى بكين. وكان آبي قد وصل إلى الصين الخميس، على رأس وفد كبير من رجال الأعمال. وقال في حفل استقبال بمناسبة الذكرى الأربعين لمعاهدة السلام بين الصين واليابان: «اليوم، تلعب اليابان والصين دوراً أساسياً في النمو الاقتصادي، ليس فقط في آسيا بل في العالم».
وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع لي، أضاف آبي أن الزعيمين اتفقا على «لعب دور بناء من أجل سلام هذه المنطقة وازدهارها». وتابع رئيس الوزراء الياباني: «أعتقد أن التجارة النشطة ستعزز العلاقات بين الشعبين الياباني والصيني بشكل أكبر». وقال رئيس الوزراء الصيني إن «الأوضاع الدولية غير مستقرة حالياً، وقد ازدادت الضبابية»، مضيفاً أن التعاون الاقتصادي بين البلدين سيكون «مفيداً لتطوير التجارة الحرة عالمياً».
وتريد الصين أن تنضم اليابان إلى مبادرة «الحزام والطريق»، التي تهدف إلى بناء طرق للتجارة والبنية التحتية عبر القارات. وستكون تلك خطوة حساسة بالنسبة لليابان، في ضوء تحالفها الوثيق مع الولايات المتحدة. ومع ذلك، وافقت بكين وطوكيو على التعاون في مشاريع البنية التحتية في البلدان النامية، خلال زيارة لي لليابان في وقت سابق من العام الحالي. ورغم أن الدولتين تتنازعان على جزر في بحر الصين الشرقي، لم تتم إثارة القضية خلال زيارة آبي، لكن موضوع السيادة لا يزال عاملاً خلافياً بين البلدين.
وقبل أيام فقط من زيارة آبي، قدمت طوكيو شكوى رسمية بعد إبحار سفن صينية حول الجزر المتنازع عليها التي تطلق عليها طوكيو اسم «سينكاكو»، وتسميها بكين جزر دياويو. وقال متحدث باسم الحكومة اليابانية إن آبي، وفي موازاة هذه الإيجابية، وجّه رسائل أكثر حزماً بتحذيره الصين من أنه «لن يطرأ تحسّن حقيقي في العلاقات من دون التوصل لاستقرار في شرق بحر الصين الجنوبي». كذلك أبلغ آبي لي بأن «المجتمع الدولي، بما فيه اليابان، يراقب عن كثب أوضاع حقوق الإنسان في الصين»، بحسب المتحدث الياباني.
ولطالما انتقدت الصين اليابان لعدم تقديمها اعتذاراً كافياً عن دورها في الحرب العالمية الثانية. ولكن قبل الرحلة، اتخذت بكين موقفاً تصالحياً أكبر إزاءها. وفي السنوات الأخيرة، شهدت العلاقات بين البلدين تحسناً، بعد أن تدهورت إلى أدنى مستوى في عام 2012، عندما قامت طوكيو بـ«تأميم» الجزر.
وتعود آخر زيارة رسمية أجراها رئيس وزراء ياباني لبكين إلى 2011. لكن بعد أن فرض الرئيس الأميركي رسوماً جمركية مشددة على 250 مليار دولار من الصادرات الصينية، بدأت الصين تعتبر اليابان بمثابة تحوّط في مواجهة الحمائية الأميركية المتزايدة. وقال شي خلال اجتماعه مع آبي إن «الترابط بين البلدين يزداد عمقاً يوماً بعد يوم»، متعهداً بزيادة التعاون الاقتصادي، بحسب صحيفة «بيبلز ديلي»، الناطقة باسم الحزب الشيوعي.
وتسارع التقارب الصيني الياباني في الأشهر الأخيرة، مع استعداد ثاني وثالث أكبر اقتصادات العالم لمواجهة سلسلة من الإجراءات التجارية الأميركية غير المواتية، تتمثل خصوصاً في زيادة التعرفة الجمركية على البضائع الصينية واليابانية بهدف تخفيض العجز الأميركي معهما. وفي حين ترغب شركات الأعمال اليابانية في تحسين مكانتها في السوق الصينية، تهتم بكين بالحصول على التكنولوجيا والمعرفة التي تملكها الشركات اليابانية. وقال مدير مركز الدراسات اليابانية في جامعة فوندان الصينية، هو لينغيوان، إن سياسة ترمب التجارية ساهمت في التقارب الصيني الياباني. وقال هو لـ«الصحافة الفرنسية» إن «ضبابية سياسة ترمب جعلت آبي يشعر بأنه لا يمكنه حصر رهاناته بالولايات المتحدة»، مضيفاً: «إذا قام بإصلاح علاقته بالصين سيكون أكثر قدرة على أخذ المبادرات، كما ستكون لديه مساحة أكبر في مفاوضاته المستقبلية مع الولايات المتحدة».
وجاء في صحيفة «غلوبل تايمز» الصينية: «على الرغم من أن الولايات المتحدة عامل مؤثر جداً في العلاقات الصينية اليابانية، فإن تأثيرها محدود». وتابعت الصحيفة الحكومية: «إذا كانت بكين وطوكيو تنويان التخطيط لمستقبل العلاقات الثنائية بينهما بناء على نمط سلوك واشنطن، لما نجم عن ذلك سوى الضياع». ومنذ اللقاء العابر في 2014 بين آبي وشي على هامش قمة، تبادل الجانبان زيارات وزارية، وخففا لهجة التصريحات التهجمية.



مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.