الحكومة المغربية تقرر بشكل مفاجئ إلغاء التوقيت الشتوي

TT

الحكومة المغربية تقرر بشكل مفاجئ إلغاء التوقيت الشتوي

قرر المغرب أمس إلغاء التوقيت الشتوي، والاستمرار في العمل بالتوقيت الصيفي طوال العام، بعد أن كان مقررا تأخير الساعة 60 دقيقة غدا، الأحد الأخير من أكتوبر الحالي.
وصادقت الحكومة على هذا القرار، الذي اعتبره البعض مفاجئا، خلال اجتماع ترأسه أمس سعد الدين العثماني، وأوضحت في بيان أصدرته عقب اجتماعها أن مشروع هذا المرسوم الذي تقدم به الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة، المكلف إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية، يهدف إلى إضافة ستين (60) دقيقة إلى الساعة القانونية المحددة، بموجب الفصل الأول من المرسوم الملكي رقم 455.67 الصادر في يونيو (حزيران) 1967 بشأن الساعة القانونية؛ وذلك حتى يتسنى الاستمرار، بكيفية مستقرة، في العمل بالتوقيت الصيفي المعمول به حاليا.
وعللت الحكومة قرارها بكون «هذا الإجراء التنظيمي سيمكن من تفادي تعدد التغييرات، التي تجرى أكثر من مرة خلال السنة، وما ينجم عنها من انعكاسات سلبية خلصت إليها دراسة معمقة للوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية»، مشيرة إلى أن مجلس الحكومة قرر أيضا اتخاذ عدد من الإجراءات المصاحبة للمرسوم، وخاصة إعادة النظر في ساعة الالتحاق بالمؤسسات التعليمية، والانصراف منها حتى يتسنى للتلاميذ القيام بذلك في ظروف ملائمة، بالإضافة إلى إجراءات إدارية أخرى تهم التوقيت الإداري، كما ستتواصل عملية التشاور مع باقي الشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين بخصوص الإجراءات المواكبة.
وقال محمد بن عبد القادر، الوزير المنتدب المكلف إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية، إن قرار الحكومة ترسيم العمل بالتوقيت الصيفي استند إلى دراسة تقييمية لهذا الإجراء، وذلك بناء على عدد من المؤشرات، موضحا في لقاء صحافي مشترك مع مصطفى الخلفي، الوزير المنتدب المكلف العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، الناطق الرسمي باسم الحكومة، أن هذه المؤشرات تشمل الجوانب الصحية المرتبطة بتغيير التوقيت، والاقتصاد في الطاقة والمعاملات التجارية للمملكة.
وأضاف بن عبد القادر أن نتائج الدراسة أكدت أن اعتماد التوقيت المزدوج يخلق نوعا من الارتباك لدى المواطنين، مبرزا أن الخلاصة الأساسية للدراسة التي اعتمدت نظرة مقارنة على تجارب عدد من الدول، أبرزت الفوائد المترتبة على ترسيم التوقيت الصيفي، والتي تتمثل في تعزيز الاستقرار في الساعة الرسمية للمملكة، وأن إضافة 60 دقيقة إلى توقيت المملكة يمكن من ربح ساعة من الضوء، وهو ما يمكن المواطنين من قضاء أغراضهم في ظروف أفضل، وتقليص مخاطر الذروة في استهلاك الكهرباء التي تتسبب أحيانا في أعطاب».
وأشار الوزير المغربي إلى أن هذا القرار ستتم مواكبته بإجراءات مصاحبة، أولها إعادة النظر في توقيت التحاق التلاميذ بالمؤسسات التعليمية، موضحا أن المعيار الأساسي لهذا الإجراء هو أن يلتحق المتمدرسون صباحا بمؤسساتهم، ويغادرونها مساء في ضوء النهار. كما أبرز بن عبد القادر أن الحكومة «ستنهج خيار المرونة ليس فقط في المنظومة التربوية، بل أيضا على مستوى التوقيت الإداري ليكون أكثر مرونة، بحيث يتسنى للآباء الذين يرافقون أبناءهم إلى المدارس قبل التحاقهم بمقرات عملهم القيام بذلك، دون ضغط وفي إيقاع لائق».
ومباشرة بعد الإعلان الرسمي عن إلغاء العودة للعمل بتوقيت «غرينتش» خلال الشتاء، انطلقت ردود فعل واسعة حول هذا القرار، لا سيما أن تغيير الساعة ظل موضوع جدل لم يتوقف بين المؤيدين والمعارضين.
وكانت الحكومة قد عللت قرارها العمل بالتوقيت الصيفي بكونه يساهم في «ترشيد استعمال الطاقة والانسجام مع المحيط الاقتصادي للمغرب، وخاصة دول الاتحاد الأوروبي التي تعتمد نفس هذه المدة الزمنية عند تغيير التوقيت القانوني». وتبعا لذلك فإن قرار الاستمرار بالعمل بالتوقيت الصيفي اتخذ أيضا بناء على الموقف الجديد لدول الاتحاد الأوروبي من تغيير التوقيت.
وأطلق أمس نشطاء مغاربة على مواقع التواصل الاجتماعي، وسما يعبر عن امتعاضهم من قرار الحكومة، ومنها «المغرب ليس مقاطعة فرنسية»، و«غرينتش توقيتنا»، و«الساعة الإضافية جريمة». وذهبت صفحة «حركة ضد تغيير الساعة في المغرب» إلى حد الدعوة إلى المشاركة في الاحتجاج ضد القرار، وأطلقت استطلاعا للرأي حول الطريقة التي يرغب المشاركون في الاحتجاج بتنفيذها، إن كانت عبر تنظيم وقفة أمام البرلمان، أو في كافة المدن. كما دعت «المغاربة إلى تأخير عقارب الساعة صباح يوم الأحد لموافقتها بتوقيت «غرينتش»، وعدم العمل بتوقيت الحكومة».



«اجتماع مدريد»... مساعٍ جديدة لدعم جهود الوسطاء نحو «هدنة غزة»

فلسطينيون يتفقدون مدرسة تؤوي نازحين بعد تعرّضها لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقدون مدرسة تؤوي نازحين بعد تعرّضها لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
TT

«اجتماع مدريد»... مساعٍ جديدة لدعم جهود الوسطاء نحو «هدنة غزة»

فلسطينيون يتفقدون مدرسة تؤوي نازحين بعد تعرّضها لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقدون مدرسة تؤوي نازحين بعد تعرّضها لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)

بعد محادثات في الدوحة مع «حماس»، عدّها الوسطاء «بادرة أمل»، تعالت مطالب مشاركين في اجتماع وزاري عربي - إسلامي - أوروبي في مدريد، بأهمية «وقف إطلاق النار بغزة»، قبيل اجتماعات أممية تخشى إسرائيل من أنها ستدعم الحقوق الفلسطينية.

«اجتماع مدريد» الذي عدّته القاهرة «فرصة مهمة»، ضمن جهود أممية لوقف الحرب في غزة، يراه خبراء -تحدّثوا لـ«الشرق الأوسط»- «مساعي جديدة ومهمة خصوصاً أنه يأتي في توقيت تقف فيه المفاوضات في ظرف حرج وتحتاج إلى دفعة، وقد يشكّل الاجتماع ضغطاً دولياً على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو».

«اجتماع مدريد» يهدف إلى «التنسيق حول الأوضاع في غزة وخطوات تنفيذ حل الدولتين، والتحضير للحدث رفيع المستوى في هذا الشأن على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ79»، وفق إفادة وزارة الخارجية السعودية، الجمعة. ويشارك في الاجتماع «أعضاء اللجنة الوزارية المكلفة من القمة العربية الإسلامية الاستثنائية المشتركة (التي أُقيمت في الرياض خلال نوفمبر/تشرين الثاني 2023)».

وعدّت وزارة الخارجية المصرية، الجمعة، «اجتماع مدريد» الذي يشارك فيه وزيرها بدر عبد العاطي بأنه «سيمثّل فرصة مهمة للتشاور حول سبل دفع جهود وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وإعادة إحياء عملية السلام في الشرق الأوسط، وتنفيذ حل الدولتين».

وبحضور وزاري عربي - أوروبي، بينهم وزراء خارجية المملكة العربية السعودية، ومصر، والأردن، وفلسطين، قال وزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، في مؤتمر صحافي: «نأمل أن يُسهم الاجتماع في دفع سبل إنهاء الحرب على غزة (...) نحن نفتح جهوداً جديدة لدعم مستقبل للفلسطينيين وسلام دائم وحل الدولتين، ونجتمع لإيصال صوت موحد عربي وإسلامي وأوروبي في هذا الصدد، وللتنسيق للاجتماعات المقبلة».

وشدد الوزير الإسباني على «دعم جهود قطر ومصر والولايات المتحدة، لوقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن»، مؤكداً أنه «يجب أن تقف الحرب الآن، ولا داعي لذرائع لتمديد معاناة الملايين».

تلك المطالب سينضم إليها تصويت أممي محتمل، الأربعاء المقبل، في أروقة الجمعية العامة للأمم المتحدة، على مشروع قرار فلسطيني يطالب إسرائيل بإنهاء «وجودها غير القانوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة خلال 6 أشهر»، في حين دعا السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة، داني دانون، الجمعية العامة إلى «رفض هذا القرار الشائن بشكل قاطع».

آثار القصف الإسرائيلي على مباني شمال قطاع غزة (رويترز)

ومع ذلك الحراك الجديد، يرى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير محمد حجازي، أننا أمام «مشهد جديد» تحاول فيه الأسرة الدولية حتى في غياب الولايات المتحدة، تأكيد أن أسس عملية مدريد (التي قادت لعملية سلام في 1991) باقية، وأن أسس الحل واحدة، لافتاً إلى أن «اجتماع مدريد» «سيكون مخصصاً لدعم الأمور العاجلة، وعلى رأسها وقف إطلاق النار بغزة وتعزيز جهود الوسطاء»، وهذا ما أكده وزير الخارجية الإسباني.

ويعتقد حجازي أن الاجتماع بكل تأكيد «هو بلورة للموقف الدولي نحو الهدنة»، ونوع من الضغوط على الإدارة الأميركية، ويقدّم إليها الآلية التي يمكن من خلالها النفاذ إلى جهود الحل «إذا ما رغبت في ذلك».

نتائج «اجتماع مدريد»، بالإضافة إلى التصويت الأممي، يراها المحلل السياسي الفلسطيني، أيمن الرقب، «مساعي جديدة من باب الضغط الدبلوماسي وترتيب الأوراق مع الأصدقاء الأوروبيين، وقد تُسهم في تحريك ملف الهدنة»، مضيفاً: «لكن رغم أهمية الحراك، مَن يمتلك الضغط الحقيقي على نتنياهو، الولايات المتحدة غير المشاركة في الاجتماع، وعليها دور كبير في وقف ما يحدث بغزة لو تحركت بجدية».

في المقابل، ذكرت صحيفة «يسرائيل هيوم» اليمينية، الخميس، أن هناك «استعدادات في إسرائيل ونيويورك لإدارة معركة لمواجهة الخطوات الدراماتيكية التي تعمل عليها السلطة الفلسطينية ضد إسرائيل في الأمم المتحدة»، في حين أعلن الجيش الإسرائيلي «هزيمة لواء رفح» التابع لـ«حماس»، وعدم العثور على أي أنفاق «نشطة» في الحدود مع مصر، وفق ما نقلته صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» عن مسؤولين عسكريين، الخميس.

صورة اُلتقطت في جنوب إسرائيل بالقرب من الحدود مع قطاع غزة تُظهر الدخان يتصاعد عقب قصف إسرائيلي (أ.ف.ب)

ويسيطر الجيش الإسرائيلي حالياً على رفح الفلسطينية، والمنطقة الحدودية مع مصر، التي تشمل «محور فيلادلفيا» منذ مايو (أيار) الماضي، ولا يزال رفض نتنياهو مغادرتها عقبة رئيسية في المفاوضات؛ إذ يتذرع بأن الأنفاق تشهد تهريباً للسلاح إلى «حماس»، وهو ما نفته مصر، وطالبته بالانسحاب الفوري منه مراراً.

ووسط تأزم بالمفاوضات بسبب تلك العقبات، قال مصدر مصري رفيع المستوى، الأربعاء، في تصريحات لقناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، إن اجتماعاً حضرته «حماس» بالدوحة مع الوسطاء «يشكّل بادرة أمل» نحو عقد اتفاق.

ولا يرى حجازي أن «هناك بادرة لأن يغيّر نتنياهو مسار العنف الذي يتبناه ما لم تغيّر الولايات المتحدة أسلوبها تجاهه بشكل صارم وجاد»، ويستدرك: «أشك في ذلك، لذا سيبقى الوضع على ما هو عليه لما بعد الانتخابات الأميركية». وعوّل على «استمرار الجهود الدولية لدعم التوصل لاتفاق بوصفه أملاً وحيداً متبقياً لإنهاء التصعيد في المنطقة».

ووفق الرقب فإن العقبات التي لا تزال موجودة أمام إبرام اتفاق لا تتوقف على «محور فيلادلفيا» فقط، فهناك خلافات بشأن عدد الأسرى والمطالبات الإسرائيلية بـ«فيتو» على بعض الأسماء الفلسطينية، والوجود في الجانب الفلسطيني من معبر رفح، وعودة النازحين بحرية دون تفتيش. ولفت إلى أن الحديث الإسرائيلي عن عدم وجود أنشطة بالأنفاق تأكيد على أحاديث القاهرة المتكررة، لكن على أرض الواقع هناك أبراج مراقبة وتوسعات تنشئها إسرائيل تؤكد أن نتنياهو لا يريد أي حل لهذه العقبة في هذا المحور.