منظمات إنسانية تنتقد قصف البنتاغون مسجدين في سوريا

بعد عام ونصف عام من مسجد «الجنة»

TT

منظمات إنسانية تنتقد قصف البنتاغون مسجدين في سوريا

بعد عام ونصف عام من حملة قامت بها منظمات حقوق الإنسان الأميركية، بالإضافة إلى منظمات إنسانية عالمية، ضد البنتاغون، بسبب هجوم جوي على مسجد عمر بن الخطاب، في قرية الجنة، بمحافظة حلب في سوريا، وقتل ما لا يقل عن 38 شخصا، انتقدت، أمس الجمعة، بعض هذه المنظمات البنتاغون، بسبب هجمات جوية على مسجدين في سوريا، خلال الأسبوعين الماضيين.
وقال بيان أصدرته منظمة «هيومان رايتس ووتش» إنها، بالتحالف مع منظمات إنسانية دولية، بدأت التحقيق فيما حدث.
وأشار البيان إلى ما حدث لمسجد عمر بن الخطاب في العام الماضي، بأن البنتاغون لم يدقق في مراقبة المسجد قبل ضربه. وبأن التحقيقات التالية أوضحت أن مقاتلي تنظيم داعش لم يكونوا في المسجد عند قصفه.
وقالت صحيفة «ستارز آند سترايبز» (نجوم وشرائط) أمس الجمعة، التي تغطي الأخبار العسكرية، إن الطائرات العسكرية الأميركية ضربت مسجدين خلال الأسبوعين الماضيين، وإن الضربة الأولى كانت يوم 18 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي في السوسة، في شرق سوريا، قرب الحدود مع العراق، وشملت أهدافاً أخرى بالإضافة إلى مسجد المدينة.
في ذلك الوقت، نقلت وكالة «أسوشييتد برس» الخبر، وقالت إن مقاتلي «داعش» كانوا يسيطرون على المدينة، وإنهم شنوا هجمات على مواقع «قوات سوريا الديمقراطية» التي تتحالف مع قوات التحالف الدولي. وإن المقاتلين هجموا على معسكرات لاجئين قريبة من المدينة، وخطفوا 130 عائلة منها. ويعتقد أن القصف الأميركي كان ردا على ذلك. وقالت الوكالة إن 46 شخصا قتلوا في الهجوم الأميركي.
وحسب صحيفة «ستارز آند سترايبز»، وقع الهجوم الأميركي الثاني يوم الاثنين الماضي، أيضا في مدينة السوسة، وشمل الهجوم مسجدا في المدينة. ونقلت الصحيفة قول مسؤول في البنتاغون بأن الهجوم الثاني «ضرب مواقع إرهابيين داخل مسجد، كانوا يتخذونه قاعدة ضد قوات التحالف». وقالت الصحيفة: «يحمي قانون الحروب الدولي أماكن العبادة أثناء الحروب». وقال بيان أصدره البنتاغون عن هجوم يوم الاثنين، إن المسجد يقع «وسط مبانٍ أخرى يستخدمها (داعش) في سوريا لمهاجمة (قوات سوريا الديمقراطية)». وأضاف مدير العمليات العسكرية في البنتاغون، روب ماننغ، للمراسلين الصحافيين الذين يغطون البنتاغون: «تكون المساجد عادة من بين المباني التي تتمتع بالحماية في زمن الحرب؛ لكن هذا المسجد فقد هذا الوضع عندما اختاره (داعش) عمدا مركزا للقيادة والتحكم».
وقال: «هذا هو الهجوم الثاني في أسبوع؛ حيث ينتهك سوء استخدام (داعش) للمسجد قانون الحرب، وجعل هذه المساجد هدفا عسكريا... إن قانون الحرب البرية هو مجموعة قوانين معترف بها دولياً لتنظيم سير الحرب. ويتطلب قانون الحرب من المقاتلين حماية المباني الدينية والأضرحة، وغيرها من الأماكن المقدسة». وقال: «جعلتنا مراقبتنا المتعمقة لـ(داعش) مدركين وجود مقاتلي (داعش) فقط (في مسجد ما). نحن نجري تحقيقات في جميع المزاعم ذات المصداقية بشأن سقوط ضحايا مدنيين». وأضاف: «نعرف جميعا أن (داعش) تنظيم وحشي. وبالتأكيد ليست عندهم مشكلة على الإطلاق عندما يتعرض مدنيون للخطر».
في مارس (آذار) من العام الماضي، نقل تلفزيون «سي إن إن»، استنادا إلى مصدر في وزارة الدفاع الأميركية، اعتراف عسكريين أميركيين بقصف مبنى «كان جزءا من مجمع ديني في شمال سوريا». وقال التلفزيون: «كشفت التحقيقات أن المبنى كان مخصصا للأغراض الدينية. وأن منشآت مماثلة، إضافة إلى مدارس، ومستشفيات، تدخل في قائمة المؤسسات التي لا يمكن استهدافها». لكن قبل اعتراف البنتاغون، كان البنتاغون قد نفى قصف المسجد. وأعلن أن الغارة استهدفت تجمعا لتنظيم القاعدة جرى في مبنى مجاور. وعرض البنتاغون صورا جوية قال إنها تؤكد أن المسجد «يظل قائما» إلى جانب مبنى شبه مدمر جراء قصف أميركي.
في ذلك الوقت، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية، جيف ديفيس، تعليقا على الصورة أمام الصحافيين، إن «المسجد لا يزال قائما وهو شبه سليم»، مضيفا أن «لا معلومات مؤكدة» حتى الآن عن سقوط ضحايا مدنيين في القصف الأميركي.
أمس الجمعة، قالت منظمة «هيومان رايتس ووتش»، إن البنتاغون أنكر، في البداية، قصف مسجد عمر بن الخطاب في قرية الجنة العام الماضي، وأنكر قتل مدنيين، ثم عاد واعترف بذلك.
وقالت المنظمة إن تحالف منظمات إنسانية اتصل بسكان قرية الجنة بعد هجوم العام الماضي، وجمع معلومات وصورا وفيديوهات، أوضحت أن القصف الجوي الأميركي وقع «حيث تجمع نحو 300 شخص من أجل المحاضرات الدينية... ودمر بالكامل قسم الخدمات في المسجد، وقتل ما لا يقل عن 38 شخصا»، وإن البنتاغون ما كان سيحقق في الهجوم «إلا بعد نشر صور الأجساد والحطام، التي بدأت تنتشر في وسائل التواصل الاجتماعي، وتتحدى تصريحات البنتاغون». وأضافت المنظمة الإنسانية: «يبدو أن السلطات الأميركية أساءت بشكل أساسي فهم طبيعة المبنى الذي هاجمته. يبدو أنها لم تفهم بشكل كاف نمط الحياة في المنطقة».
وكان البنتاغون قد قال إن الهجوم وقع بعد نهاية صلاة العشاء، «مما يدل على أن المدنيين قد غادروا المنطقة»؛ لكن قال بيان أصدرته المنظمة في ذلك الوقت: «ما هي الصلاة التي أشار إليها المسؤول العسكري؟ المعلومات التي قدمها الموجودون في المسجد تظهر أن الهجوم وقع في نحو الساعة 6:55 مساء، أي قبل 15 دقيقة من صلاة العشاء في ذلك اليوم». وأضاف البيان: «قال سكان محليون إنه من المعروف في المنطقة أن المجموعة الدينية المسؤولة عن المسجد كانت تعقد محاضرات دينية في المبنى المستهدف كل يوم خميس، بين صلاتي المغرب والعشاء، وقت وقوع الهجوم». وقال البيان: «تحظر قوانين الحرب بشكل صارم الهجمات التي تستهدف مدنيين أو مؤسسات مدنية، والهجمات العشوائية التي لا تميز بين الأهداف العسكرية والمدنية، والهجمات غير المتناسبة مع ما حدث». وأضاف البيان: «يمكن أن تصل الانتهاكات الجسيمة لقوانين الحرب إلى مرحلة جرائم حرب. وتشمل هذه استهداف المدنيين، أو المؤسسات المدنية (بما في ذلك المساجد) عمدا. وإطلاق هجمات عشوائية، أو غير متناسبة، عمدا». وقال البيان: «صار واضحا أن المسؤولين الأميركيين فشلوا في فهم الجوانب الأساسية لقانون الحرب».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.