الدراما المصرية تحاول اللحاق بأسواق المنصات الرقمية

بيومي فؤاد يصور «حشمت في البيت الأبيض» للعرض على «نتفلكس»

من مسلسل «حشمت في البيت الأبيض» الذي يجري تصويره حالياً
من مسلسل «حشمت في البيت الأبيض» الذي يجري تصويره حالياً
TT

الدراما المصرية تحاول اللحاق بأسواق المنصات الرقمية

من مسلسل «حشمت في البيت الأبيض» الذي يجري تصويره حالياً
من مسلسل «حشمت في البيت الأبيض» الذي يجري تصويره حالياً

بالتوازي مع الطفرة التي حققتها شبكة «نتفلكس» الأميركية في جذب نسب المشاهدة من التلفزيون التقليدي، بدأ صناع الدراما المصرية، في توجيه جزء من الإنتاج لتغذية المنصات الإلكترونية. والفنان الكوميدي بيومي فؤاد بدأ تصوير مسلسل جديد بعنوان «حشمت في البيت الأبيض»، يتم إنتاجه في 13 حلقة فقط، مدة كل واحدة منها 18 دقيقة، من المقرر أن تعرض على «نتفلكس» مطلع عام 2019، بالتوازي مع منصة جديدة سيتم إطلاقها خلال المرحلة المقبلة بعنوان «إن»، حسب هاني عبد الله، المنتج الفني للمشروع، الذي يضم أيضاً إنتاج مسلسلين وثلاثة برامج.
وأكد عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن المسلسل سيعرض مترجماً باللغة الإنجليزية، حتى يستطيع فهمه من لا يجيد العربية، مشيراً إلى أن اختيار الفكرة كان عاملاً مهماً في تسويقها خارجياً لمنصة «نتفلكس»؛ حيث تدور الأحداث حول «حشمت» رجل من أصول مصرية، يصل لمنصب رئيس الولايات المتحدة الأميركية.
وقال الفنان بيومي فؤاد، لـ«الشرق الأوسط»، إنه لم يتردد في خوض التجربة، خصوصاً أنها ستكون الأولى في مصر التي تنتج مباشرة للعرض على المنصات الرقمية، مؤكداً على أن مخاطبة الجمهور من الشباب عبر الوسائل الحديثة تحتاج دراسة واستعدادات، من حيث الفكرة والتنفيذ، لتناسبهم، فالشباب لا يشاهد حلقات طويلة، إلا إذا تم تنفيذها باحترافية شديدة، ووجد فيها ما يجذبه للاستمرار في المشاهدة، وهو ما يضع صناع هذه المسلسلات في اختبار صعب.
الاتجاه لعرض أعمال جديدة عبر المنصات الرقمية لن يكون فقط عبر «نتفلكس»، وإنما أيضاً من خلال «شاهد دوت نت» المملوكة لمؤسسة «mbc»، والتي كشفت يوليو (تموز) الماضي، أن خطتها الخمسية الجديدة، للمرحلة الثالثة من التطوير، التي تستهدف التوسع الأفقي والعمودي والنمو حتى عام 2023، تعتمد في جزء كبير منها على تطوير «شاهد»، ليكون منافساً حقيقياً في السوق، ويتحول إلى «نتفلكس» العالم العربي، مؤكدة على أنها ستدعمه بإنتاجات خاصة تعرض حصرياً، بما يخدم ملايين المستخدمين، ويستطيع منافسة أكبر التكتلات الرقمية الموجودة في المنطقة، والتي تستحوذ على نحو 60 في المائة من عائدات الإعلان الرقمي، وهي: «غوغل»، و«يوتيوب»، و«فيسبوك».
من جهته، قال المنتج والخبير الإعلامي عمرو قورة، لـ«الشرق الأوسط»، إن «المنصات الرقمية في العالم العربي ليس لديها حتى الآن عدد المشتركين الذي يسمح لها بأن تغطي تكلفة المحتوى الذي يتم شراؤه، ولكن الاستثمار في هذا المجال يحتاج إلى نفس طويل، لأن (نتفلكس) كانت تحقق خسائر كبيرة جدا في البداية؛ لأنها كانت تضخ أموالاً كثيرة لشراء المحتوى، وفي الوقت نفسه لم يكن عدد الاشتراكات كافياً لتغطية ما يتم إنفاقه؛ لكن حاليا أصبح لديها 140 مليون مشترك حول العالم، متوسط اشتراك الفرد 10 دولارات، بما يوازي مليار و400 مليون دولار شهرياً».
وكشف قورة، أن «نتفلكس» حاليا تشتري عدداً كبيراً من المسلسلات المصرية، سواء نجحت أم لم تنجح جماهيرياً؛ سواء كان أبطالها من نجوم الصف الأول أم لا، فهي تسعى لأن تكون لديها مكتبة كبيرة يكون من بينها أعمال مصرية وعربية، لتخاطب المشاهد العربي، الذي لا يتجاوز عدد اشتراكاته 150 ألفاً، وهو رقم منخفض جداً بالنسبة لطموحاتها.
وأضاف قورة أنه نادى قبل عام تقريباً، بأن تقوم الدولة المصرية بتدشين منصة رقمية على غرار «نتفلكس»، يعرض عليها كل الإنتاج المصري المتميز، ولكن هذا لم يتحقق حتى الآن، مما يدفع المنتجين لبيع أعمالهم إلى المنصات الخارجية، موضحاً أنه شخصياً باع من إنتاجه لـ«نتفلكس» مسلسل «أبواب الخوف»، ويتم التفاوض على شراء «طرف تالت» و«تحت الأرض»، كما اشترت أيضاً «جراند أوتيل»، وأعمالاً أخرى كثيرة.
وذكر قورة أن هذه المنصات الجديدة، تهتم بالموضوعات الجديدة والأفكار المتطورة؛ لأنها تستهدف الجمهور أقل من 40 سنة، المنفتح على العالم، وبالتالي تبحث عن محتوى يناسب عقلية الشباب، وليس «ست البيت»، ويميز هذه المنصات أنها تتماشى مع التغير الذي طرأ على عادات المشاهدة، فالشباب لا يريد أن يرتبط بموعد محدد للمشاهدة، فهو يذهب للجامعة ويخرج مع أصدقائه، ثم يأتي في أي لحظة ليشاهد الحلقة التي يريدها، أو يأتي في يوم إجازته ويشاهد المسلسل الذي يريده كاملاً، ولذلك شبكة مثل «نتفلكس» تشترط أن تشتري المسلسل كاملاً، وتعرضه كاملاً أيضاً، فهي لا تطرح كل يوم حلقة مثل التلفزيون التقليدي، كما أن لديها نسبة تحرر كبيرة جداً؛ لأنها لا تخضع للرقابة؛ لكنها في المقابل تتيح لرب الأسرة أن يحدد لأفراد أسرته أي مستوى يتعرضون له.



ميشال رميح: أغنية «عم يوجعني بلدي» ترجمت فيها أحاسيسي الحقيقية

يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
TT

ميشال رميح: أغنية «عم يوجعني بلدي» ترجمت فيها أحاسيسي الحقيقية

يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)

قبل أسابيع قليلة، شارك المغني ميشال رميح في المهرجان الفني اللبناني في ولاية أريزونا في أميركا. تردد رميح قبل الموافقة على هذه المشاركة. وجد نفسه محرجاً في الغناء على مسرح عالمي فيما لبنان كان يتألّم، ولكنه حزم أمره وقرر المضي بالأمر كونه سيمثّل وجه لبنان المضيء. كما أن جزءاً من ريع الحفل يعود إلى مساعدة النازحين. ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «كانت الحفلة الأولى لي التي أقيمها خلال هذه الحرب. وترددي جاء على خلفية مشاعري بالحزن على وطني».

خلال الحرب أصدر ميشال رميح أغنيته الوطنية «عم يوجعني بلدي». وقدّمها بصورة بسيطة مع عزف على البيانو، فلامست قلوب سامعيها بدفء كلماتها ولحنها النابع من حبّ الوطن. فهو كما ذكر لـ«الشرق الأوسط» كتبها ولحنها وسجّلها وصوّرها في ظرف يوم واحد. ويروي قصة ولادتها: «كنا نتناول طعام الغداء مع عائلتي وأهلي، ولم أتنبه لانفصالي التام عن الواقع. شردت في ألم لبنان ومعاناة شعبه. كنت أشعر بالتعب من الحرب كما كثيرين غيري في بلادي. والأسوأ هو أننا نتفرّج ولا قدرة لنا على فعل شيء».

ألّف رميح أغنيته "عم يوجعني بلدي" ولحّنها بلحظات قليلة (ميشال رميح)

وجعه هذا حضّه على الإمساك بقلمه، فكتب أحاسيسه في تلك اللحظة. «كل ما كتبته كان حقيقياً، وينبع من صميم قلبي. عشت هذا الوجع بحذافيره فخرجت الكلمات تحمل الحزن والأمل معاً».

يقول إنه لا يحب التخلّي عن مشاعر التفاؤل، ولذلك آثر تمرير ومضات رجاء تلونها. وجعه الحقيقي الذي كان يعيشه لم يمنعه من التحلي بالصبر والأمل. ويوضح لـ«الشرق الأوسط»: «في النهاية سنقوم من جديد؛ كوننا شعباً صلباً لا تشّلنا الأزمات. والفنان صاحب الأحاسيس المرهفة لا يمكنه أن يفرّق بين وجهة سياسية وأخرى، ولا بين طائفة وأخرى ينتمي إليها هذا الشخص أو ذاك. فما أعرفه جيداً هو أننا جميعنا لبنانيون، ولذلك علينا التوحّد ومساعدة بعضنا البعض. رؤية أبناء بلدي يهجرون منازلهم وقراهم المدمّرة، لامستني عن قرب، فولدت أغنيتي (عم يوجعني بلدي)؛ لأني بالفعل عشت ألماً حقيقياً مع نفسي».

حفرت في ذاكرة ميشال رميح مشاهد عدة مؤثّرة عن لبنان المهجّر والمدمّر، كما يقول. «لن أنسى ذلك المسنّ الذي بكى خسارته لزوجته وبيته معاً. اليوم لا يجد مكاناً يؤويه، كما يفتقد شريكة حياته. وكذلك تعاطفت مع الأطفال والأولاد الذين لا ذنب لهم بحروب الكبار. فهؤلاء جميعاً أعتبرهم أهلي وإخوتي وأبنائي. كان لا بد أن تخرج مني كلمات أغنية، أصف فيها حالتي الحقيقية».

ميشال ابن زحلة، يقيم اليوم في أميركا. يقول: «هاجرت إلى هناك منذ زمن طويل. وفي كل مرة أعود بها إلى لبنان أشعر بعدم قدرتي على مغادرته. ولكن بسبب أطفالي اضطررت للسفر. وعندما أغادر مطار بيروت تمتلكني مشاعر الأسى والحزن. لم أرغب في ترك بلدي وهو يمرّ في محنة صعبة جداً. ولكن الظروف مرات تدفعنا للقيام بعكس رغباتنا، وهو ما حصل معي أخيراً».

يقول بأنه لا يحب التخلّي عن مشاعر التفاؤل (ميشال رميح)

صوّر ميشال أغنيته، وسجلها في الاستوديو، في الوقت نفسه. لم يرغب في أن تكون مصطنعة بمشهديتها بل أن تمثّل واقعاً يعيشه. «الأغنية ليست تجارية، كتبت كلماتها على قصاصة ورق صغيرة. وأنا أتوجّه إلى استوديو التسجيل قمت بتلحينها».

سبق وتعاون رميح في عدة أغنيات مع مجموعة شعراء وملحنين، ومن بينهم هيثم زيات وسليم عساف. ولكن في أغنية «عم يوجعني بلدي» ترك العنان لأحاسيسه، فلحّن وكتب وغنّى من هذا المنطلق. صديقه ريكاردو عازار تسلّم مهمة عزف اللحن على آلة البيانو. «لم أشأ أن ترافقها آلات وإيقاعات كثيرة لأنها أغنية دافئة ووطنية».

يعدّ رميح الأغنية الوطنية وجهة يجب أن يتحوّل إليها كل فنان تتملّكه أحاسيس حقيقية تجاه وطنه. ويستطرد: «هكذا أنا مغنٍ أستطيع أن أقاوم عندما بلدي يشهد مرحلة صعبة. لا أستطيع أن ألتزم الصمت تجاه ما يجري من اعتداءات على أرضه. ولأن كلمات الأغنية تنبع من رحم الواقع والمشاعر، لاقت انتشاراً كبيراً».

حتى أثناء مرور لبنان بأزمات سابقة لم يوفّر ميشال رميح الفرصة ليغني له. «أثناء ثورة أكتوبر (تشرين الأول) وانفجار المرفأ غنيّت لبنان بأسلوبي وعلى طريقتي. وتركت مساحة مضيئة بأمل في الغد تبرز في أعمالي. غنيت (شعب لبنان) يومها من ألحان هيثم زيات».

تركت مساحة مضيئة بأمل في الغد تبرز في أعمالي (ميشال رميح)

ينقل ميشال رميح حقيقة أحاسيس كل لبناني اضطر إلى هجرة وطنه. «قد يعتقد البعض أن من يعيش خارج لبنان وهو في أزمة، يتمتع بالراحة. هذا أمر خاطئ تماماً. فقد عصرني الألم وأنا أغادر وطني، وكلما حلّقت الطائرة وصغرت صورة لبنان من الأعلى، شعرت بحزن أكبر. جميع أبناء لبنان ممن أعرفهم هنا في أميركا يحزّ في قلبهم ابتعادهم عن وطنهم المجروح. ولكنهم جميعهم يأملون مثلي بالعودة القريبة إليه. وهو ما يزيد من صبرهم، لا سيما وأن أعمالهم وعائلاتهم تعيش في أميركا».

أغانٍ وطنية عديدة لفتت ميشال رميح أخيراً: «أرفع القبعة لكل فنان يغني لبنان المتألم. استمعت إلى أغانٍ عدة بينها لجوزف عطية (صلّوا لبيروت)، ولماجد موصللي (بيروت ست الدنيا)، وأخرى لهشام الحاج بعنوان (بيروت ما بتموت)، وكذلك واحدة أداها الوليد الحلاني (بعين السما محروس يا لبنان)». ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «أعتبر هذه الأغاني بمثابة غذاء الروح لوطني لبنان. لا شك أن ما أعنيه يأتي مجازياً؛ لأن لا شيء يعوّض خسارات بلدي. ولكن من ناحيتي أجد صوتي وأغنيتي هما سلاحي الذي أدافع فيه عن بلدي».

عندما غادر رميح لبنان منذ نحو الشهر كان في زيارته الثانية له بعد غياب. فحب الوطن زرعه في قلبه، ونما بداخله لا شعورياً. «لن أستسلم أبداً، وسأثابر على زيارة لبنان باستمرار، على أمل الإقامة فيه نهائياً وقريباً. فوالداي علّماني حب الوطن، وكانا دائماً يرويان لي أجمل الذكريات عنه. وأتمنى أن أشهد مثل هذه الذكريات كي أرويها بدوري لأولادي».