شيخ الصحافة السعودية عبد الله خياط يودّع «مع الفجر» ويرحل في سكون

الكاتب والأديب والرئيس السابق لصحيفة «عكاظ»

عبد الله خياط
عبد الله خياط
TT

شيخ الصحافة السعودية عبد الله خياط يودّع «مع الفجر» ويرحل في سكون

عبد الله خياط
عبد الله خياط

ودعت الصحافة السعودية، أمس، الصحافي والكاتب والأديب عبد الله خياط، الذي درج في بلاط صاحبة الجلالة، من العتبة الأولى حتى أصبح رئيساً لتحرير صحيفة «عكاظ»، وظلّ حتى الرمق الأخير من حياته يصافح قراءه كل يوم بعمود «مع الفجر»، وفاءً لعادة القراء الأوائل الذين يبدأون يومهم بقراءة صحف الصباح. وكان آخر ما كتبه في هذا العمود الذي نُشر أمس (الخميس) بيت شعرٍ قاله الحسن بن هاني: «دع عنك لومي فإن اللوم إغراءُ... وداوني بالتي كانت هي الداءُ».
وُلد عبد الله عمر خياط بمكة المكرمة عام 1358هـ (1939)، تدرج في العمل الصحافي بدءاً من محرر أول بشرطة العاصمة المقدسة بين عامي 1357هـ - 1379هـ، ثم سكرتير مكتب جريدة «البلاد» بمكة المكرمة بين عامي 1380هـ حتى 1382هـ، فمدير مكتب «البلاد» بمكة المكرمة في 1383هـ، ثم أصبح مدير تحرير جريدة «عكاظ» في العام الأول لتأسيسها 1964، وتولى رئاسة تحريرها في الفترة من نوفمبر (تشرين الثاني) 1965، حتى 25 فبراير (شباط) 1971.
كان خياط أول صحافي سعودي يجري حديثًا شاملاً مع الملك فهد بن عبد العزيز، رحمه الله، عن مجلس الشورى ونظام المناطق.
وإلى جانب حياته الصحافية، فقد ألّف عبد الله خياط عدداً من الكتب، اجتماعية وأدبية، وسياسية، بينها «المدمن... أنا»، و«هيروين على الشفاه» ثم كتابه القيّم «الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه»، وألّف كتاباً يحتوى على نفحات من روائع أبي الطيب المتنبي، ومن مؤلفاته كتاب «النزاهة الشامخة» عن سيرة الأديب محمد عمر توفيق.
وفي الجانب السياسي، أصدر كتابه «النصر... نحن صنعناه» يتناول مرحلة الغزو العراقي للكويت ثم تحريرها، وأصدر أيضاً كتابه القيّم «الصحافة بين الأمس واليوم» الذي تابع فيه نشأة الصحافة ومراحل تطورها.
قال عنه عبد المقصود خوجة في أمسية تكريمه في «الاثنينية»، إنه «دخل عالم الصحافة من باب الهواية»، لكنه «وبعض زملائه من عشاق الحرف شكَّلوا بكثيرٍ من الحبِّ الذي ربط بينهم الصف الثاني لروَّاد الصحافة وتحملوا المسؤولية وأكثرهم في ميعة الصبا وريعان الشباب، فكانت دماء الشباب تحفزهم للعطاء المتواصل».
ويضيف خوجة «عبد الله خياط صاحب أسلوب متميز، لا أدَّعي أنه أسلوبٌ ساخر، لكنه يمزج بين الجديَّة والسخرية، ويربط بين الواقع وبين تصوُّراته وتحليلاته الخاصة، كما أن له نظرة ثاقبة لكثيرٍ من المسائل الاجتماعية يغوص فيها بعين الحصيف ودراية الخبير».
ويوم أمس، أصدرت هيئة الصحافيين السعوديين بياناً نعت فيه «أحد رواد وأعمدة الصحافة السعودية البارزين، الصحافي والكاتب ورئيس التحرير الأستاذ عبد الله عمر خياط».
وقالت الهيئة «تشهد سيرة الأستاذ الخياط على تدرجه في المهنة وارتقاء سلمها حتى وصل قيادة التحرير في آخر مراحل إدارته الصحافية رئيساً لتحرير (عكاظ)، ولم ينقطع عن كتابة العمود الصحافي لأكثر من ستة عقود». و«عاصر الخياط المراحل الانتقالية التي مرت بها المملكة، وعاشتها الصحافة السعودية، فكان أحد المؤثرين بفكره وإدارته، وكلمته في مسار كثير من الأحداث، والبناء المؤسسي لعددٍ من المطبوعات».
وختمت بالقول «إن كان الأستاذ عبد الله خياط رحل عن عالم الصحافة والكتابة، فإن أثره وسيرته سيظلان راسخَين في أذهان محبيه وتلاميذه، ودروس الصحافة».
وزير الثقافة والإعلام السابق، الدكتور إياد مدني، قال عبر وسائل التواصل الاجتماعي، «كان عبد الله خياط، من أبرز رؤساء التحرير ونجح في جعل (عكاظ) صحيفة حية، جذابة ومواكبة لاهتمامات جمهور القراء ونخبتهم؛ وفتح الباب لشباب الصحافة ليجرّبوا ويسهموا ويظهروا».
ونعى رئيس تحرير «عكاظ» جميل الذيابي، «بوافر من الأسى والحزن الراحل عبد الله خياط» واصفاً إياه بـ«الصحافي والأستاذ الكبير وأحد بناة (عكاظ) الأوائل»، مشيراً إلى أن الراحل «لم يفقد شغفه بالمهنة والكتابة والصحافة حتى وافته المنية».
ونعاه الإعلامي المعروف محمد مختار الفال، قائلاً «فقدت الصحافة السعودية أحد فرسانها ومشعلي ساحتها بالتعليقات المثيرة سعياً للتجديد والحيوية، وأحد أبرز رؤساء تحريرها، عبد الله خياط الصحافي البارز والكاتب الذي لم توقف قلمه الآلام ولم يصرفه وهن الكبر عن الانشغال بهموم الناس وقضايا الوطن».



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».