محققون دوليون: الإبادة الجماعية متواصلة في ميانمار

مطالبات بإحالة الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية

محققون دوليون: الإبادة الجماعية متواصلة في ميانمار
TT

محققون دوليون: الإبادة الجماعية متواصلة في ميانمار

محققون دوليون: الإبادة الجماعية متواصلة في ميانمار

أطلع مجلس الأمن للمرة الأولى من رئيس لجنة تقصي الحقائق المعنية بميانمار مرزوقي داروسمان على تفاصيل تقريره الذي أعده محققون دوليون ويكشف أن السلطات العسكرية في هذا البلد لا تزال تواصل حملة «الإبادة الجماعية» ضد مسلمي الروهينغيا. فيما دعت الدول الغربية إلى إحالة هذا الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية وسط اعتراضات من الصين وروسيا. وأفاد المحققون بأن الأدلة أشارت إلى جرائم منظمة ضد الإنسانية بقيادة ستة من كبار ضباط الجيش، موجهين أيضاً انتقادات لاذعة لرئيسة الحكومة في ميانمار أونغ سان سو تشي التي لم تمنع ارتكاب هذه الجرائم والتي أنكرت وقوعها. وطلبت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وبلدان أخرى عقد هذه الجلسة العامة لمجلس الأمن حول انتهاكات حقوق الإنسان في ميانمار، والاستماع إلى إحاطة داروسمان.
وحاولت روسيا والصين منع النقاش على أساس أن مسألة حقوق الإنسان خارجة عن نطاق صلاحيات مجلس الأمن. لكن بعد تصويت إجرائي، حصل مؤيدو عقد الجلسة على تسعة أصوات، بينما صوتت روسيا والصين وبوليفيا ضدها، وامتنع ثلاثة أعضاء عن التصويت، فحسم الأمر لصالح عقد الجلسة.
وقال داروسمان: «يصف تقريرنا الحوادث الأخيرة في ولاية راخين بأنها كارثة مخططة لحقوق الإنسان كان يمكن التنبؤ بها، كارثة ستكون لها آثار حادة لأجيال كثيرة مقبلة إن لم يكن إلى الأبد»، مضيفاً أن التقرير «يصف بالتفصيل عمليات التاتماداو (جيش ميانمار) في ست قرى. اتسمت تلك العمليات بمذابح على نطاق واسع وأعمال قتل أخرى للمدنيين، بمن فيهم النساء والأطفال وكبار السن، وأعمال اغتصاب جماعي وحرق ونهب». وأكد أن ما يحصل هو «إبادة جماعية متواصلة تحصل في الوقت الراهن»، معتبراً أن «ميانمار تمثل بالضبط نوع السلام والأمن الذي أنشئت الأمم المتحدة ولا سيما هذا المجلس للتصدي له».
ولفت إلى أن «الروهينغيا عانوا القتل والتعذيب والاغتصاب على أيدي الجيش»، موضحاً أن «كبار الجنرالات العسكريين قاموا بشكل منهجي بنزع حرية مجموعة أقلية. وأجبروهم على العمل والتهجير».
ودعا المجلس إلى «إحالة ميانمار إلى المحكمة الجنائية الدولية أو إنشاء محكمة دولية متخصصة»، مشدداً على أن «المساءلة على المستوى الوطني لا يمكن أن تحصل». كما أوصى «بفرض حظر على الأسلحة وفرض عقوبات محددة ضد كبار المسؤولين العسكريين الستة الذين قادوا هذه الانتهاكات».
وقال داروسمان أيضاً إن «عمليات القتل المستهدف لأقلية الروهينغيا توقفت، لكن مسلمي الروهينغيا الباقين والذين يصل عددهم إلى 400 ألف شخص لا يزالون يواجهون قيوداً واضطهاداً شديداً. وتشمل تلك الانتهاكات إحداث ضرر بدني جسيم وفرض إجراءات لوقف الولادات»
واستند التقرير الذي أعده المحققون الدوليون إلى أكثر من 850 مقابلة أجريت طوال 18 شهراً، وتضمنت سرد تفاصيل الهجمات المروعة التي شنها جيش ميانمار في 25 أغسطس (آب) 2017 ضد الروهينغيا في ولاية راخين. وتسببت هذه الهجمات في مقتل ما لا يقل عن عشرة آلاف شخص، وتدمير أكثر من 37 ألف منزل للروهينغيا، ونزوح جماعي لثلاثة أرباع مليون شخص إلى بنغلاديش المجاورة.
وفي وقت سابق أمام الجمعية العامة، استنكرت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بوضع حقوق الإنسان في ميانمار، يانغي لي، فشل قيادة البلاد في اتباع مسار ديمقراطي، فضلاً عن إنكارها المستمر ومحاولاتها تشتيت الانتباه عن ادعاءات وقوع فظائع ضد الروهينغيا. وقالت لي إن «قيادة ميانمار لا تفعل ما يتعين عمله لتحقيق السلام والمصالحة بشكل حقيقي. ولا تدعم العدالة وسيادة القانون». وأشارت إلى تأكيد الحكومة أنها ستحقق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان، إذا قدمت لها الأدلة. ولكنها استبعدت حصول ذلك. ومع ذلك أقرت بوجود أمل في تحقيق العدالة لشعب ميانمار، مشيرة إلى قرار مجلس حقوق الإنسان الأخير الذي أنشأ آلية مستقلة جديدة لجمع وحفظ وتحليل الأدلة على أكثر الجرائم الدولية وانتهاكات حقوق الإنسان خطورة والمرتكبة في ميانمار منذ عام 2011، ولكنها نبهت إلى أن إنشاء الآلية المستقلة خطوة موقتة وغير كافية لتحقيق العدالة لجميع ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي في ميانمار. وشددت على ضرورة أن يواصل المجتمع الدولي العمل لضمان مقاضاة من يدعى أنهم مسؤولون عن الجرائم الخطيرة، وأن يحدث ذلك أمام المحكمة الجنائية الدولية أو جهة قضائية ذات مصداقية. كما أكدت الخبيرة الدولية على ضرورة أن يتحد مجلس الأمن ويحيل الوضع في ميانمار إلى المحكمة الجنائية الدولية من دون تأخير. وأشارت إلى تقارير تفيد بممارسة التحرش والاستغلال والسخرة، وقيام الحكومة بحملة متواصلة لإجبار جميع الروهينغيا، على حمل «بطاقات تحقق قومية».
وفي النسخة النهائية لتقرير بعثة الأمم المتحدة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق، قدم المحققون توصيات محددة بضرورة إصلاح القيادة العليا للجيش الوطني، بما في ذلك القائد الأعلى مين أونغ هلينغ.
وكان سفير ميانمار لدى الأمم المتحدة في جنيف كيو مو تون رفض الاستنتاجات التي توصل إليها الفريق واصفاً إياها بأنها «أحادية الجانب». وأنشأ مجلس حقوق الإنسان في آذار (مارس) 2017 بعثة تقصي الحقائق بغرض تحديد حقائق وملابسات الانتهاكات المزعومة لحقوق الإنسان في ميانمار التي ارتكبتها بشكل رئيسي قوات الأمن، ولا سيما الجيش.



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.