مشاورات الحكومة تنتظر عودة الحريري... وبري يعتبر تأليفها {أكثر من ضرورة}

رئيس البرلمان أكد أنه لن يكون هناك خلاف على بيانها الوزاري

وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل التقى وفداً مغاربياً أمس (دالاتي ونهرا)
وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل التقى وفداً مغاربياً أمس (دالاتي ونهرا)
TT

مشاورات الحكومة تنتظر عودة الحريري... وبري يعتبر تأليفها {أكثر من ضرورة}

وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل التقى وفداً مغاربياً أمس (دالاتي ونهرا)
وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل التقى وفداً مغاربياً أمس (دالاتي ونهرا)

يسود الانتظار الحَذِر الأجواء السياسية في لبنان على وقع تفاوت التوقعات بإمكانية الإفراج عن الحكومة في الأيام المقبلة أو عدمها. ويأتي ذلك بعدما نُقل عن رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري إبلاغه كتلته النيابية أن اجتماع يوم أول من أمس كان الأخير برئاسته قبل تشكيل الحكومة، في وقت فضّل رئيس مجلس النواب نبيه بري ترقّب المستجدات ليُبنَى على الشيء مقتضاه.
وبينما أعلن رئيس الجمهورية ميشال عون، حسب بيان لمكتبه، أنه تابع التطورات السياسية المرتبطة بتشكيل الحكومة الجديدة، في ضوء الاتصالات التي تمت خلال الساعات الماضية بهدف تذليل العُقد أمام ولادة الحكومة، تفيد المعلومات بأن البحث بات ينحصر في «حصة حزب القوات اللبنانية» بعد تمسّك الرئيس بوزارة العدل إلى جانب موضوع تمثيل «سُنة 8 آذار» في الحكومة.
وقال النائب في كتلة «التنمية والتحرير» ميشال موسى الذي كان ضمن النواب الذين التقوا مع بري، أمس، لـ«الشرق الأوسط»: «يمكن القول: إننا في مرحلة الانتظار الحَذِر، وهو ما عبّر عنه بري الذي رأى أن ما نُقل عن الحريري قد يكون إشارة إيجابية، لكنّه فضّل ترقّب المستجدات انطلاقاً من تجارب التفاؤل السابقة التي لم تصل إلى نتائج إيجابية، مع تأكيده أهمية الإسراع في تأليف الحكومة لأسباب عدّة أهمها الاقتصادية».
ونقل النواب الذين التقوا بري في «لقاء الأربعاء النيابي» عنه، أمس، تأكيده أن «وجوب تأليف الحكومة بات أكثر من ضرورة»، مشدداً على «خطورة الوضع الاقتصادي في البلاد بالاستناد إلى الواقع والوقائع التي يملكها». وقال: «إذا كان تأليف الحكومة هو غاية الأهمية، فإن تآلف الحكومة هو أكثر أهمية»، مجدداً الدعوة إلى «تطبيق القوانين وتشكيل الهيئات الناظمة».
وأكد بري أنه «لن تكون هناك مشكلة حول البيان الوزاري بعد تأليف الحكومة، لأنه يستند في خطوطه الأساسية إلى بيان الحكومة الحالية». وهو ما أشار إليه مصدر في «كتلة لبنان القوي»، مؤكداً أن الحكومة باتت في المربّع الأخير، ولا مجال لعدم التأليف، معتبراً أنه «لن تكون هناك أي مشكلة حول البيان الوزاري الذي سيعتمد في مجمله على البيان الأخير في حكومة تصريف الأعمال الحالية».
وبينما تتجه الأنظار إلى ما سينتج عن المشاورات حول حصّة «القوات» وتحديداً الوزارة التي ستحصل عليها بدلاً عن العدل التي يتمسك بها الرئيس عون، أكد النائب في «القوات» جورج عقيص، أن العُقدة الحقيقية هي في قرار الجهة السياسية التي تحاول تحجيم القوات، وليس في «القوات».
وقال في حديث إذاعي: «نحن في انتظار عودة الحريري من السعودية، بعدما كان قد بشّرنا بولادة سريعة للحكومة حتى قبل انعقاد اجتماع كتلة (المستقبل) المقبل، كما أننا في انتظار الرد على الأفكار التي قدمتها (القوات) فضلاً عن العرض وفق التمثيل الحكومي الذي يوازي حجمها ووزنها».
وعن اتهام «القوات» بأنها تماطل في تشكيل الحكومة بانتظار العقوبات الأميركية على «حزب الله»، قال: «نحن لا ننتظر أي أمر من خارج الحدود، بل العرض المقدم لـ(القوات)»، مضيفاً: «نحن مع الحزب في مجلس النواب والحكومة والمؤسسات اللبنانية، ونعلم أنه ممثَّل شعبياً في الانتخابات النيابية الأخيرة. لذلك ليس لدينا أي نية حالياً للتحدث عن العقوبات، قبل أن تصبح نافذة، وليبنَى بعدها على الشيء مقتضاه، انطلاقاً من المصلحة اللبنانية العليا».
وبعد رفض الحريري مراراً البحث في تمثيل ما يُعرف بـ«سنة 8 آذار»، وأن هذا الأمر غير مدرج على جدول مباحثات الحكومة، اعتبر «اللقاء التشاوري للنواب السنة المستقلين»، أن تمثيله في هذه الحكومة أمر بدهي لا يحتاج إلى مَنَة من أحد ولا يخضع لمساومات أو تسويات أو توليفات على الطريقة اللبنانية، كما أنه محق سياسياً ودستورياً ووفق كل المعايير المتبعة لتشكيل حكومة وحدة وطنية.
وبينما ثمّن اللقاء دعم حلفائه له في هذا المطلب، استغرب في اجتماع عقده أمس، ما وصفه بـ«دفاع الرئيس المكلف، الشرس، عن الأحادية السُّنية الممثَّلة في تياره مع الاقتناع الكامل بأن قراءة هادئة للواقع السياسي اللبناني ولنتائج الانتخابات ولواقع التمثيل السني في البرلمان كفيلة بأن يراجع نفسه ويتقبل الحقيقة بأن تيار المستقبل وإن كان متقدماً في تمثيل الشارع السني، فإنه لم يعد وحده المعبر عن هذا الشارع ولم يعد مبرراً له لا سياسياً ولا دستورياً الاحتفاظ بالأحادية السنية وحصر التمثيل السني به، إذ أظهرت الانتخابات النيابية وجود ثقل سني شعبي كبير خارج تيار المستقبل».
واعتبر اللقاء أن «تجاهل الحريري لمطلبه لا ينفي وجوده، وأن عدم طرحه ضمن جدول أعماله هو وكتلته يعني أن جدول الأعمال ناقص، وأن التحجج بأن النواب السنة المستقلين لا يشكلون حزباً كبيراً، يُردّ عليه بأن قانون الانتخابات في لبنان لم يكن على أساس حزبي، كما أن نتائج الانتخابات تسمح بتشكيل تحالف أو جبهة سياسية تعبر عن التوجه السياسي لناخبيها».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».