بوادر «تصعيد دبلوماسي» بين واشنطن وموسكو حول سوريا

لافروف يستقبل نصر الحريري اليوم... ولندن تستضيف الاثنين اجتماعاً لـ «المجموعة الصغيرة»

TT

بوادر «تصعيد دبلوماسي» بين واشنطن وموسكو حول سوريا

تشهد الأيام المقبلة سلسلة من الاجتماعات رفيعة المستوى لبحث الملف السوري وسط اختلاف بين أجندتين: روسية ترمي إلى التركيز على ملفي اللاجئين والإعمار، وأميركية تتمسك بأوراق الضغط والوجود العسكري شرق سوريا للدفع نحو «انتقال سياسي».
يبدأ الأسبوع الدبلوماسي الحافل بلقاء رئيس «هيئة التفاوض السوري» المعارض نصر الحريري مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في موسكو اليوم، ثم يقدم المبعوث الدولي سيتفان دي ميستورا إيجازا إلى أعضاء مجلس الأمن غدا عن نتائج زيارته الأخيرة إلى دمشق أمس، حيث التقى وزير الخارجية السوري وليد المعلم لبحث ملف تشكيل اللجنة الدستورية. إذ كان لافتا أن المعلم أبلغ دي ميستورا أن «كل هذه العملية يجب أن تكون بقيادة وملكية سوريا، باعتبار أن الدستور وكل ما يتصل به هو شأن سيادي بحت يقرره الشعب السوري بنفسه دون أي تدخل خارجي تسعى من خلاله بعض الأطراف والدول لفرض إرادتها على الشعب السوري».
وكانت الدول «الضامنة» الثلاث، روسيا وإيران وتركيا، عقدت اجتماعات مع دي ميستورا في جنيف الشهر الماضي، واتفقت على قائمتي الحكومة والمعارضة للجنة الدستورية (من أصل 50 في كل قائمة)، لكن الدول الثلاث لم تقر القائمة الثالثة التي وضعها دي ميستورا من مرشحي المجتمع المدني والمستقلين. كما أبلغت دمشق المبعوث الدولي تمسكها بأغلبية الثلثين ورئاسة اللجنة وفرضت شروطا على آلية التصويت في اللجنة التي ستضم 45 - 50 اسما.
وأعرب دبلوماسيون غربيون عن اعتقادهم أن المضي في «خيار دمشق» يعني أن تكون الإصلاحات الدستورية تتم في لجنة تابعة لمجلس الشعب (البرلمان) السوري، ما جعل الدول الغربية تدفع باتجاه التمسك بشروط تشكيل اللجنة كي تحظى بدعم دولي.
سيكون إيجاز دي ميستورا خطوة مهمة لتحديد خياراته في الشهر الأخير من مهمته، بين الدفع بتشكيل اللجنة برعاية دولية أو ترك الخيار وتحميل المسؤولية لدمشق في إفشال إطلاق عملية جنيف، بحيث يتسلم المبعوث الجديد الذي يعتقد أن السفير النرويجي في الصين غير بدرسون الأكثر ترجيحا لتسلمه ملفا معقدا ينذر بتصعيد بين روسيا وحلفائها من جهة وأميركا وحلفائها من جهة أخرى.
إلى حين ذلك، تسعى كل من واشنطن وموسكو لحشد لمواقف حلفائها. وعلم أن دول «المجموعة الصغيرة» التي تضم أميركا وبريطانيا وفرنسيا وألمانيا والسعودية والأردن ومصر ستعقد اجتماعا في لندن الاثنين بمشاركة رئيس «هيئة التفاوض السورية» المعارضة، نصر الحريري.
وكان وزراء «المجموعة الصغيرة» أكدوا بعد اجتماعهم في نيويورك معايير تشكيل اللجنة الدستورية للتمهيد لانتخابات رئاسية وبرلمانية سورية بمشاركة السوريين في الشتات ورقابة الأمم المتحدة.
ويتوقع أن يتم التأكيد على هذا الموقف خلال اجتماع لندن، إضافة إلى تجديد التمسك بشروط المشاركة في إعمار سوريا بينها حصول «انتقال سياسي» وربما البحث في ورقة سابقة تضمنت مبادئ الحل السياسي وضرورة «تقليص صلاحيات الرئيس» وتعزيز صلاحيات رئيس الوزراء وإقرار مبدأ اللامركزية في سوريا.
ويستند التصلب في موقف واشنطن لقرار إدارة الرئيس دونالد ترمب البقاء عسكريا شرق سوريا وفي قاعدة التنف والبدء بترميم العلاقات مع تركيا عبر التعاون في منبج ودعم موقفها في اتفاق سوتشي الخاص بإدلب.
في المقابل، تستضيف تركيا السبت قمة روسية - تركية - فرنسية - ألمانية هي الأولى من نوعها. وإذ أعرب بعض الدبلوماسيين الأوروبيين عن القلق من نجاح الرئيس فلاديمير بوتين بـ«إحداث اختراق في الموقف الأوروبي بمشاركة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل»، أشاروا إلى أن موسكو تريد التركيز على أولويتين: إعادة اللاجئين السوريين والمساهمة في إعمار سوريا من دون انتظار الانتقال السياسي.
وبدأ الكرملين اتصالات مع أنقرة وطهران لترتيب قمة روسية - إيرانية - تركية رابعة ضمن مسار سوتشي للدول الضامنة الثلاث، الذي أسس لاتفاقات خفض التصعيد ومهد لاتفاق سوتشي الخاص بإدلب.
وفي حال فشل مسار تأسيس اللجنة الدستورية وفق مسار جنيف، قد تدفع موسكو باتجاه تشكيل اللجنة ضمن مسار سوتشي الذي كان بدأ لدى عقد مؤتمر الحوار الوطني السوري في المنتجع الروسي بداية العام الحالي. وتراهن دول أخرى على أن موسكو «بحاجة لشرعية دولية وقد تضغط على دمشق للمضي في تشكيل اللجنة الدستورية»، في وقت قدمت موسكو «نصيحة» لدمشق لـ«إصدار عفو عام يمكن أن يقدم الجانب الروسي لدول أوروبية لإعادة اللاجئين السوريين من دون تخوف من ملاحقات».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.