في ذكرى إسقاط القذافي... ليبيا تطالب بدور عربي أكبر

إيطاليا تجدد اعتراضها على إجراء انتخابات... وتأييد فرنسي ـ تونسي للخطة الأممية

صورة وزعتها البعثة الأممية لزيارة رئيسها غسان سلامة إلى مصراتة بغرب ليبيا أمس
صورة وزعتها البعثة الأممية لزيارة رئيسها غسان سلامة إلى مصراتة بغرب ليبيا أمس
TT

في ذكرى إسقاط القذافي... ليبيا تطالب بدور عربي أكبر

صورة وزعتها البعثة الأممية لزيارة رئيسها غسان سلامة إلى مصراتة بغرب ليبيا أمس
صورة وزعتها البعثة الأممية لزيارة رئيسها غسان سلامة إلى مصراتة بغرب ليبيا أمس

اتفقت الحكومتان المتنازعتان على السلطة في ليبيا للمرة الأولى، ودون تنسيق مشترك، على اعتبار أمس عطلة رسمية، وذلك تخليداً للذكرى السابعة لإعلان تحرير ليبيا، وإسقاط نظام العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011. وفي غضون ذلك، دعا المجلس الأعلى للدولة من مقره بالعاصمة طرابلس الجامعة العربية إلى لعب دور أكبر لحل الأزمة السياسية، ووضع حد لما سماه بـ«التدخلات الإقليمية السلبية في ليبيا».
وأعلن مجلس الدولة، أول من أمس، أن عضو المجلس علي السويح التقى الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، وسلمه رسالة من رئيس المجلس خالد المشري، تناولت دعوة للجامعة العربية إلى لعب دور أكبر في حث الأطراف الليبية على تنفيذ الاتفاق السياسي والالتزام به، ووضع حد للتدخلات الإقليمية السلبية في ليبيا.
وقررت الحكومة المؤقتة، التي يترأسها عبد الله الثني في شرق البلاد، اعتبار أمس عطلة رسمية، يستثنى منها المؤسسات والجهات العامة، التي يتطلب طبيعة عملها المكوث بمقراتها.
وكانت حكومة السراج، التي تدير المنطقة الغربية من العاصمة طرابلس، قد أعلنت هي الأخرى أن أمس عطلة رسمية في البلاد، وذلك بمناسبة عيد التحرير في جميع المؤسسات العامة، باستثناء العاملين في المرافق ذات الخدمات الإنسانية والأمنية الحيوية العاجلة.
لكن غابت أمس أي مظاهر احتفالية في ليبيا، التي تعاني من فوضى أمنية وعسكرية وصراع على السلطة، رغم محاولات البعثة الأممية إيجاد تسوية سياسية مقبولة في البلاد.
ميدانيا، شهدت العاصمة طرابلس مساء أول من أمس اشتباكات متقطعة بين ميليشيات مسلحة، إذ نقل موقع «بوابة أفريقيا» الإخباري عن عضو مجلس الدولة سعد بن شرادة أن الهدوء عاد إلى منطقة زاوية الدهماني بالمدينة بعد اشتباكات بين مسلحين، ردا على مقتل خيري الككلي الملقب بحنكورة. كما وردت تقارير عن إطلاق رصاص في مقر الأمن المركزي بالمنطقة، التي قامت قوات الأمن بضرب طوق أمني حولها، فيما تداولت أوساط صحافية معلومات عن اغتيال مسؤول أمني في العاصمة.
ونعتت الإدارة العامة لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية في طرابلس، عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، المقدم علي أبو شهيوة، مدير فرع جنوب طرابلس، إثر اغتياله أمس رمياً بالرصاص في منطقة قصر بن غشير، وقالت في بيان مقتضب إن التحقيقات لا زالت جارية لمعرفة الجناة.
في غضون، ذلك دعا غسان سلامة، رئيس بعثة الأمم المتحدة، أعضاء مجلسي النواب والدولة عن مدينة مصراتة إلى تقديم الدعم للدفع قدما بالإصلاحات الاقتصادية والأمنية، مشيرا إلى أن الأمم المتحدة تعمل دون كلل مع النظراء الليبيين على كلتا الجبهتين لضمان إحراز التقدم.
وأرجع سلامة الزيارة التي بدأها أمس إلى مدينة مصراتة، في غرب البلاد، للاستماع لآراء الأعضاء حول أفضل السبل لإحداث انفراجة في حالة الجمود السياسي الحالي، التي خلفتها المؤسسات الوطنية الليبية.
وطبقا لبيان أصدرته البعثة الأممية، فقد أعرب أعضاء مجلس مصراتة البلدي وأعضاء مجلسي النواب والدولة عن دعمهم لما وصفوه بحيادية الأمم المتحدة، وللإصلاحات الاقتصادية التي طال ترقبها، والدفع بالترتيبات الأمنية الجديدة لتصحيح الوضع في طرابلس، مشددين على الحاجة لموقف دولي واضح وموحد تجاه ليبيا.
ومن جهتها، قالت البعثة إن الزيارة تستهدف الاجتماع أيضا مع قادة عسكريين ومحليين ومنظمات المجتمع المدني، بما في ذلك النساء والشباب.
من جهة ثانية، اعتبر رئيس الحكومة الإيطالية جوزيبي كونتي أن التفكير بإمكانية إجراء انتخابات في ليبيا بحلول العاشر من شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل، هو بمثابة «أمر غير حكيم». ونقلت وكالة «آكي» الإيطالية عن كونتي قوله في تصريحات صحافية إنه تقاسم هذا التقييم مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وذلك على هامش اجتماعات للاتحاد الأوروبي في بروكسل مؤخرا.
وحول المؤتمر الذي تنظمه بلاده الشهر المقبل لأجل ليبيا في باليرمو، قال كونتي إنه تم توجيه الدعوات إلى جميع الجهات الفاعلة الرئيسية، مضيفا أن إيطاليا «تقدم طاولة للحوار، وفرصة للمواجهة، وإن استطعنا إحراز تقدم ما نكون قد قدمنا إسهاما كبيرا لليبيين وللمجتمع الدولي».
إلى ذلك، أكد خميس الجهيناوي، وزير الخارجية التونسي، ونظيره الفرنسي جان لودريان، عقب محادثاتهما في تونس، حرصهما على مرافقة المسار السياسي في ليبيا، وتشجيع الليبيين على الحوار والتفاوض، وفقا لخطة غسان سلامة رئيس البعثة الأممية إلى ليبيا. بدورها، أبلغت سفيرة فرنسا لدى ليبيا بياتريس دوهيلين، فتحي باش أغا وزير الداخلية بحكومة السراج، خلال لقائهما أمس في طرابلس، بأن بلادها مستعدة لتقديم الدعم اللوجيستي لليبيا، وذلك من خلال مساعدتها في مراقبة الحدود، ووضع الخطط الأمنية، وتدريب جميع منتسبي وزارة الداخلية في الداخل والخارج. واعتبر أغا في المقابل أن هذا اللقاء بداية لما سماه بتعاون أمني حقيقي بين ليبيا وفرنسا، مشيرا إلى تفعيل جميع الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الموقعة بين البلدين، ومساعدة ليبيا في الحد من تدفق المهاجرين من أفريقيا، ومكافحة ظاهرة الهجرة غير الشرعية.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».