عقود متوقعة بالمليارات في معرض فرنسي للصناعات العسكرية البحرية

باريس شددت على إبقاء الممرات المائية الدولية مفتوحة من أجل السلام والأمن العالميين

ماكرون افتتح أمس المعرض الذي تصل مبيعاته السنوية إلى 45 مليار يورو (أ.ف.ب)
ماكرون افتتح أمس المعرض الذي تصل مبيعاته السنوية إلى 45 مليار يورو (أ.ف.ب)
TT

عقود متوقعة بالمليارات في معرض فرنسي للصناعات العسكرية البحرية

ماكرون افتتح أمس المعرض الذي تصل مبيعاته السنوية إلى 45 مليار يورو (أ.ف.ب)
ماكرون افتتح أمس المعرض الذي تصل مبيعاته السنوية إلى 45 مليار يورو (أ.ف.ب)

افتتح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمس فعاليات معرض الصناعات البحرية العسكرية والمدنية في منطقة «لو بورجيه» الواقعة على مدخل باريس الشمالي حيث تشارك فيه 470 شركة عارضة، بينها 278 شركة أجنبية تنتمي إلى 34 بلدا. ووجهت وزارة الدفاع الفرنسية دعوات رسمية إلى 120 بعثة عالمية للمشاركة في فعاليات المعرض الذي يستمر 4 أيام، والذي يطفئ شمعته الخمسين.
وينطلق المعرض الحالي، بينما تحتل التوترات الدولية والإقليمية واجهة الأحداث الدولية، سواء أكان ذلك الحرب على الإرهاب أم الحرب في سوريا وليبيا واليمن أم على صعيد التوترات المتنامية بين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا، إضافة إلى الصين. وقالت وزيرة الدفاع الفرنسية، في الكلمة التي ألقتها أمام «الجسم العسكري الفرنسي» إن البحار والمحيطات اليوم «وأكثر من أي يوم مضى مسرح لتحديات رئيسية في العالم، منها تحدي الوصول إلى الموارد الطبيعية مثل الطاقة كما أنها تمثل التحدي الأمني الأكبر، إضافة إلى فرض احترام الحدود ومنع التهريب بأنواعه وإبقاء الممرات البحرية والبحار والمحيطات مفتوحة» أمام الملاحة. وتأتي ملاحظة الوزيرة الفرنسية على خلفية تهديد إيران بإغلاق الممرات البحرية كمضيق هرمز أو باب المندب في حال منعت من تصدير نفطها.
وأشارت الوزيرة الفرنسية إلى أن 90 في المائة من البضائع تنقل عبر البحار، وخلاصة كلمتها أن السلام والأمن العالميين يبنيان في البحار والمحيطات». ولذا فإنه يتعين أن «يبقى البحر فضاء حرا والوصول إليه مضمونا، وحرية الملاحة مؤمنة»، بيد أن قطاع الصناعات البحرية لا تحركه فقط الاعتبارات الاستراتيجية والمصالح القومية، بل إنه كذلك ميدان تنافس صناعي وتجاري.
وتفيد الأرقام التي ذكرت في المنتدى الذي جرى على هامش المعرض، بأن مبيعاته السنوية تصل إلى 45 مليار يورو، وأن الطلبيات على الغواصات تستحوذ على ثلث القيمة العامة للقطاع. وفي بلد كفرنسا، فإن القطاع يوفر فرص عمل لـ42 ألف شخص، فيما تبلغ مبيعاته 9.5 مليار يورو، ومن المنتظر أن تصل إلى 12 مليارا في العام 2020. وأحد الأسباب التي تفسر نمو صناعاتها البحرية أن فرنسا تمتلك ثانية كبريات المساحات المائية الإقليمية الخالصة في العالم، إذ تطل على البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، إضافة إلى أنها تمتلك جزرا في المحيطين الهندي والهادي، وبالتالي فإنها بامتياز قوة بحرية.
وبحسب الوزيرة الفرنسية، فإن باريس عازمة على «فرض احترام سيادتها» على هذه المساحات. وشددت الوزيرة الفرنسية على أن البحرية الوطنية «تحمي بالطبع الحدود البحرية وتوفر حضورا عسكريا في أواسط البحار، حيث يبدأ خط دفاعنا، كما أنها تحمي جزرنا وتتيح لنا أن نتحرك وأن نستجيب للتحديات».
هذه الاعتبارات تفسر أن باريس خصصت لبحريتها العسكرية في إطار البرنامج العسكري الممتد للعام 2025 موارد مالية مرتفعة، تبلغ 295 مليار يورو، وينظر إلى البحرية الفرنسية على أنها «في قلب الاستراتيجية». ولترجمة أولوية الاهتمام بالقوة البحرية، أعلنت فلورانس بارلي إطلاق برنامج بناء حاملة طائرات جديدة ستضم إلى حاملة الطائرات الحالية «شارل ديغول» التي تخضع لعملية تحديث واسعة ستؤهلها للبقاء في الخدمة حتى العام 2030 وربما أبعد من ذلك. وبحسب التقديرات الرسمية، فإن المرحلة الأولى من هذا البرنامج الطموح ستمتد إلى عامين، وسوف تخصص للدراسات المفترضة، لتجيب على 3 أسئلة، أولها نوعية التحديات التي ستواجهنا في قادم السنوات، وبالتالي المهمات التي تنتظر حاملة الطائرات الجديدة. والسؤال الثاني يتناول «خصائص» الحاملة الجديدة بالنظر لما ستكون عليه المعارف والتكنولوجيات بعد 12 عاما، وخصوصا معرفة ما إذا كانت ستعمل بقوة الدفع النووي «كما هو حال (شارل ديغول)» أم الكلاسيكي، ويضاف إلى ذلك ملاءمتها للطائرات الحربية الجديدة التي ستحملها، التي أطلقت باريس وبرلين برنامجا مشتركا لبنائها.
بيد أن باريس - ورغم الأهمية الاستراتيجية لحاملة الطائرات - تولي الأسلحة البحرية الأخرى ما تستحقه من اهتمام، خصوصا ما يرتبط منه بقوة الردع الاستراتيجية النووية، التي كانت تقوم حتى الآن على الغواصات الأربع النووية التي تمتلكها البحرية الفرنسية من طراز «روبي» والمزودة بصورايخ باليستية نووية «M51»، وتعمل باريس على تحديثها عن طريق بناء 4 غواصات نووية هجومية من طراز «باراكودا»، ستسلم اثنتان منها لسلاح البحرية قبل العام 2025، وستعطى الأوامر لبناء الاثنتين الإضافيتين خلال الفترة عينها.
وتريد فرنسا أن تتمكن من تخصيص 2 في المائة من ثروتها الوطنية للقطاع الدفاعي، وهو ما تطالب به الولايات المتحدة الأميركية شريكاتها في الحلف الأطلسي.
وباريس لم تعد بعيدة عن تحقيق هذا الهدف بحيث تكون قادرة على تخصيص 12 مليار يورو لتحديث قوتها البحرية. وما ستقوم به هو تجديد فرقاطاتها وطائرات الرقابة البحرية من طراز «أطلانتيك 2»، وسوف تتسلم البحرية 3 فرقاطات جديدة قبل نهاية العام 2022، فيما ستعمد وزارة الدفاع إلى «تلزيم» تصنيع 7 طائرات رقابة بحرية جديدة حتى العام 2022. يضاف إلى ذلك أن باريس ستعزز جهودها لامتلاك مزيد من القطع لتعطيل الألغام البحرية، وهو ما يتزايد عليه الطلب على المستوى العالمي بسبب النزاعات وما تمثله الألغام من خطر على الملاحة البحرية.
خلاصة فلورانس بارلي في كلمتها الشاملة الجامعة هو إعادة التأكيد على أن فرنسا «أمة بحرية في جوهرها»، إلا أن الحكومة الفرنسية تريد «مقاربة أوروبية» لمواجهة التهديدات ولبناء صناعات دفاعية أوروبية تكون قادرة على المنافسة في العالم. ولذا، فإن باريس تشدد على الحاجة لبناء شراكات أوروبية، وآخرها ما قررته فرنسا وإيطاليا للعمل معاً لبناء ناقلات لتزويد القطع البحرية في البلدين.



مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.