رئيس الحكومة المغربية يعترف بصعوبة إصلاح التعليمhttps://aawsat.com/home/article/1435866/%D8%B1%D8%A6%D9%8A%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D9%88%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%BA%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D9%8A%D8%B9%D8%AA%D8%B1%D9%81-%D8%A8%D8%B5%D8%B9%D9%88%D8%A8%D8%A9-%D8%A5%D8%B5%D9%84%D8%A7%D8%AD-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%85
اعتبر سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية، بأن إصلاح منظومة التربية والتعليم ببلاده «ورش معقد وصعب»، مؤكداً أن إنجاح هذا المشروع الإصلاحي الكبير «لن يكتمل إذا نقصت التعبئة المجتمعية والشعور بالمسؤولية الجماعية». وقال العثماني في كلمة ألقاها أمس بمناسبة اليوم الدراسي، الذي نظمه مجلس النواب حول مشروع القانون الإطار لإصلاح التعليم، إن «مثل هذه القضايا والإصلاحات الكبرى لا بد للمجتمع نفسه أن يكون منخرطاً فيها»، مشددا على أنه «لا بد أن نتحلى في مواجهة هذه المشاكل المعقدة بقدر كبير من التواضع». وأفاد رئيس الحكومة المغربية بأن إخراج مشروع القانون الإطار المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، الذي وصفه بـ«المشروع الإصلاحي الهيكلي»، بعد المصادقة عليه من قبل البرلمان، سيشكل «مكسبا تشريعيا غير مسبوق في هذه الولاية»، مبرزا أن الرؤية الاستراتيجية للتربية والتكوين 2015 - 2030، جعلت من المساواة وتكافؤ الفرص، وضمان تعليم ذي جودة للجميع، ركائزها الأساسية. وأضاف العثماني موضحا: «نحاول أن نخفف من النظرة السلبية إلى تعليمنا، وهي نظرة سيئة»، وذلك في إشارة واضحة إلى واقع التعليم بالبلاد، الذي يلقى انتقادات حادة من طرف مختلف الفاعلين، وهو ما رد عليه رئيس الحكومة بالقول: «الجميع يتحدث عن وضعية المدرسة العمومية والكل ينتقدها، وهو نفسه تخرج منها وتعلم النقد فيها، ولكن عندما ننتقد دون أن نقدم أفكارا، أو حلولا، فإن هذا النقد يتحول إلى هدم، وهنا تقع المشاكل»، داعيا في هذا السياق إلى التحلي بالإنصاف والموضوعية في النقد. وذهب العثماني في حديثه إلى أن المجتمع المغربي يعيش مرحلة انتقالية، وقال بهذا الخصوص: «الإشكال الكبير هو أن القيم المجتمعية جزء أساسي من المنظومة ورافعة أساسية لكل إصلاح، ونحن كمجتمع نعيش مرحلة انتقالية، الكثير من القيم والمفاهيم فيها تتغير». وزاد العثماني موضحا أن جزءا كبيرا من ثقافتنا محافظة، و«دخلنا إلى التحديث وأخذنا شيئا منه، وأحيانا يتخيل إلينا أننا نأخذ الشيء السلبي، فلا نحن تقمصنا الإيجابي في هذا الطرف، ولا بقينا متشبثين بإيجابية الطرف الآخر». ومضى قائلا: «إذا لم نبنِ قيما إصلاحية سليمة تقوم على العمل والنزاهة والجدية واحترام القانون، فإنه لا يمكن لأي مشروع إصلاحي أن ينجح، وهذه القيم هي الأساس والأرضية الصلبة لأي إصلاح». كما شدد العثماني على القول إن القيم «شرط أساسي إذا أردنا محاربة الرشوة والغش ومعالجة الكثير من الظواهر السلبية التي نعيشها، ولا بد أن نبدأ من منظومة القيم أولاً»، حسب تعبيره.
القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.
ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.
ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.
وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.
وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».
وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.
وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.
أزمات الفلاحين
سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.
يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.
على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.
تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».
ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.
وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».
ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.
وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.
يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».
فرصة ثانية
يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.
أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.
ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».
أنواع جديدة
يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.
ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.