«الويب الخفي» أكبر بـ500 مرة من الويب العادي

يعتبر «الويب المظلم» (أو الشبكة المظلمة) جزءاً مخفياً من الإنترنت، ولا يمكن الوصول إليه إلا بواسطة برنامج إلكتروني خاص، هو «تور» أو TOR «ذا أونيون راوتر» (موجه إشارة البصل). وقد تم تطوير البرنامج بداية لاستخدامات حكومية قبل أن يصبح متوفراً للمستخدمين العاديين.
في الوقت الذي يتيح فيه الـويب المظلم لمستخدميه فرصة إخفاء هويتهم وتجاوز رقابة الإنترنت، يشيع ارتباطه بالكثير من النشاطات غير القانونية، كبيع وشراء المخدرات، وغيرها من الأشياء التي يحظرها القانون.

شبكة مظلمة
إذن، ما يعرف بالويب المظلم، هو جزء من الإنترنت الخفي، ويرتبط عادة بمجموعة من النشاطات غير القانونية الأخرى مثلو الأسلحة النارية، والبيانات المالية المسروقة، وغيرها من المعلومات القيّمة. أما العامل الجاذب لهذا الجزء من الشبكة، فهو الخفاء التام للهوية.
قد يبدو هذا الأمر شائناً، لكن بعض الخبراء يجادلون بأن الشبكة المظلمة مفيدة في التحايل على الرقابة التي تفرضها الشبكة العنكبوتية.
وبينما يمضي الناس معظم وقتهم على الإنترنت على ما يعرف بالـ«شبكة السطحية»، أي الجزء الذي يمكن الوصول إليه عبر محرّكات التصفح ومحرّكات البحث المعتمدة، بات من السهل على أي أحد تقريباً أن يبلغ الشبكة المظلمة.
يشكّل الـويب المظلم قسماً صغيراً من الويب الخفي، وهي جزء من الإنترنت لا يمكن الوصول إليه إلا باستخدام محرّكات بحث خاصة. يتضمّن هذا الأخير مواقع إلكترونية عدّة تفرض على المستخدمين أن يسجّلوا دخولهم فيه بواسطة اسم مستخدم وكلمة مرور. وتشير التقديرات إلى أن الويب الخفي أكبر بنحو 400 أو 500 مرّة من الإنترنت الشائع. أما «الويب المظلم» فيعتبر أصغر نسبياً، ويتألف من سلسلة من الشبكات المشفّرة القادرة على إخفاء هوية المستخدمين وأماكن تواجدهم، ويمكن الحصول إليه عبر برنامج إلكتروني خاص.

اتصال خفي
في حديث لشبكة «سي إن بي سي» الإخبارية الأميركية، قال تشارلز كارماكل، نائب رئيس شركة «فاير آي» للأمن الإلكتروني «عندما يلجأ الناس عادة إلى الويب المظلم، يبحثون غالباً عن جانب من الإنترنت لا يمكن الوصول إليه إلى عبر شبكة تصفّح سرية تعرف بـ(تور)».
إن أحد الوظائف الأساسية لشبكة «تور» هي السماح للمستخدمين بالوصول إلى صفحات «أونيون»، المشفّرة بشكل خاص لضمان سرية تامة.
وشرح كارماكل، أن «تور» يسمح للمستخدمين بالاتصال بمواقع عادية بشكل سري حتى لا يتمكّن مزوّدو الإنترنت من معرفة الموضوعات التي يتصفحونها، ومن جهة أخرى، يحول دون تحديد هذه المواقع لمكان تواجد المستخدمين الذين يزورون صفحاتهم.
على متصفّح «تور» تتمّ إعادة توجيه طلبات الاتصال أكثر من مرة قبل الوصول إلى الوجهة المطلوبة. ففي حال كان مستخدم من سنغافورة مثلاً يحاول الاتصال بموقع إلكتروني في لندن، يمكن أن يتمّ إعادة توجيه هذا الطلب على متصفّح «تور» من سنغافورة إلى نيويورك إلى سيدني وإلى كايب تاون، وأخيراً إلى لندن.
واعتبر كارماكل، أنّ خدمة كـ«تور» هي أداة مفيدة لكثير من المستخدمين لتجاوز رقابة الدولة وحملات فرض النظام على الإنترنت. وأضاف، أنه وبواسطة هذه الخدمة، يمكن للناس أن يتواصلوا مع العالم دون أي انعكاسات سلبية، لافتاً إلى أن الصحافيين والجهات المسؤولة عن إنفاذ القانون يمكنهم أيضاً الاستفادة من هذه الخدمة.

نشاط غير قانوني
على الرغم من جميع ما ورد، لا يزال اسم «الويب المظلم» اليوم مرتبطاً وعلى نطاق واسع بالنشاطات غير القانونية. فقد شهدت السنوات الأخيرة إيقاف الكثير من الأسواق المهمة العاملة في هذه الشبكة المظلمة كـ«سيلك رود» و«ألفا باي» و«هانسا» لعملها في تجارة المخدرات، وغيرها من الأمور المحظورة.
تعمل الجهات المسؤولة عن إنفاذ القانون حول العالم بجهد لتوجيه ضربات قاضية للتجمعات التي يستخدمها المجرمون على «الدارك ويب»، بحسب ما أفاد جايمس شابل، الشريك المؤسس لشركة «ديجيتال شادوز» المتخصصة في مخاطر التجسس ومقرّها لندن.
وقد تمّ القضاء على سوق «هانسا» العام الماضي مثلاً من قبل الشرطة الألمانية المحلية بعد سيطرة السلطات على مقرّ عملها. وقال المسؤولون، إنهم جمعوا نحو 10000 عنوان لزبائن في السوق وقدّموها لوكالة تطبيق القوانين الأوروبية (يوروبول).
وفي حديثه، قال شابل «إن ما رأيناه من تأثير هذه العملية كان شديد الأهمية. في البداية، ظننّا أن الكثير من المواقع ستعود للعمل عبر الشبكة لتحل محل (هانسا) مباشرة بعد القضاء عليها»، لكنه لفت إلى أن النتيجة كانت عكسية؛ إذ إن الكثير من المستخدمين انتقلوا من متصفّح «تور» إلى خدمات أخرى تعتمد على الرسائل كـ«ديسكورد» و«تيليغرام».