طلبة ومرضى ينجحون في مغادرة غزة مع تسهيلات على رفح

يضطرون لدفع مبالغ مالية كبيرة لجهات مجهولة

فلسطينيون ينتظرون في معبر رفح جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون ينتظرون في معبر رفح جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

طلبة ومرضى ينجحون في مغادرة غزة مع تسهيلات على رفح

فلسطينيون ينتظرون في معبر رفح جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون ينتظرون في معبر رفح جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

ينادي عناصر من الشرطة الفلسطينية بأسماء أشخاص يتسللون إلى خلف حاجز يفصلهم عن حشد تجمع في خان يونس، وترتسم معالم الارتياح على وجوههم... أخيراً سيكون بإمكانهم الخروج من قطاع غزة المحاصر عبر مصر، وبعضهم للمرة الأولى في حياته.
جاء كثير من هؤلاء المحظوظين بحقيبة واحدة، أو حقيبة رياضية ثبتوها بين أرجلهم في صالة يوسف النجار الرياضية في خان يونس، التي حولتها حركة حماس إلى قاعة انتظار للمسافرين عبر معبر رفح. من هنا، سينطلقون في حافلات إلى المعبر الحدودي مع مصر، مسافة ستستغرق نحو 20 دقيقة، قبل أن يتمكنوا من دخول سيناء في الأراضي المصرية.
ومعبر رفح هو الطريق الوحيدة بالنسبة إلى سكان غزة للخروج إلى العالم.
وتحاصر إسرائيل قطاع غزة حصاراً خانقاً منذ أن سيطرت حركة حماس عليه في 2007. وتفرض سلطات الاحتلال قيودًا مشددة على معبر بيت حانون (إيريز) البري الوحيد بين غزة وإسرائيل. وغالباً ما تغلقه تماماً بعد التوترات الأمنية.
تبلغ مساحة القطاع 360 كيلومتراً مربعاً، ويعيش فيه نحو مليوني شخص.
ومنذ الإطاحة بالرئيس الإسلامي محمد مرسي، أغلقت مصر بدورها معبر رفح، متهمة «حماس» بدعم تمرد في شبه جزيرة سيناء، ومتحدثة عن تهريب سلاح وتسلل متطرفين بين الجانبين. لكن، بعد تحسن العلاقات بين مصر و«حماس» خلال الأشهر الأخيرة، أعادت مصر فتح معبر رفح في 12 مايو (أيار). يخرج من المعبر نحو 200 شخص يومياً، باستثناء عطلة نهاية الأسبوع. وتقتصر أذونات العبور هذه الأيام على الطلبة والمرضى الذين يحتاجون إلى علاج طبي، والحجاج والمعتمرين وحاملي الجنسيات الأجنبية والإقامات الخارجية.
وينتظر مصلح دربي (21 عاماً)، الطالب في كلية الطب في مصر تحت أشعة الشمس، بينما يراقب بائعي السجائر والشاي والقهوة، ينادون على بضائعهم خارج قاعة الانتظار.
وعلى مدى 3 سنوات، لم يزر دربي الذي يدرس الطب في مصر أهله، خوفاً من ألا يتمكن من العودة. إذ إن المعبر كان يفتح في السابق نحو 10 أيام في السنة، وغالباً ما يتم إقفاله بشكل مفاجئ.
وقال دربي لوكالة الصحافة الفرنسية: «عدت في يونيو (حزيران) الماضي لزيارة الأهل (...) على الرغم من أنني سجلت مع وزارة الداخلية منذ يونيو للمغادرة» مع بدء السنة الجامعية، «لكنني تأخرت في الحصول على إذن المغادرة، وبالتالي تأخرت عن الجامعة مدة أسبوعين».
ويقول إن بعض الطلاب «دفعوا رسوماً إضافية فسافروا قبلي»، مشيراً إلى أنه خسر ما يوازي سنة جامعية كاملة، بسبب فتح المعبر وإغلاقه بشكل مستمر.
وفي قاعة الانتظار، يقول كثيرون على مضض، إنهم دفعوا «ما بين 1500 دولار وألفي دولار أميركي»، لما يسمونه «تنسيقاً»، حتى يضمنوا ورود أسمائهم على لائحة المغادرين. ومن الصعب معرفة الجهة التي تذهب إليها الأموال.
ونفى المتحدث باسم وزارة الداخلية التابعة لحركة حماس في غزة، إياد البزم، أن يكون أي مسؤول فلسطيني يتلقى نقوداً، مؤكداً أن «لا أحد يدفع هنا أبداً».
وقال البزم: «لدينا قائمة بأسماء آلاف من سكان غزة، على لائحة الانتظار للخروج من القطاع، ويجري إبلاغهم عادة بوصول دورهم عبر الإنترنت».
ويقول عبد الله شاهين (32 عاماً) ويعمل منذ 15 عاماً حمالاً في المعبر، وقد ارتدى سترة عمله البرتقالية: «إن تدفق المسافرين لا يزال ضئيلاً مقارنة بعهد مرسي». ويضيف: «كانت تعبر الحدود 30 حافلة يومياً، ويمر نحو 1800 مسافر في اليوم». أما «حالياً، فالذين يغادرون لا يعودون... يهاجرون».
ويخرج عبد الله من جيبه علب سجائر يقوم ببيعها عملاً إضافياً، بينما تستعد الحافلات للتحرك.
ويحلم خليل، طالب الهندسة المعمارية الذي اكتفى بذكر اسمه الأول، «بترك البلاد والعودة إلى ألمانيا حيث ولد»، لكنه لم يحصل على الجنسية.
ويقول بابتسامة خجولة: «طريق واحدة... لا عودة».
ويضيف، رداً على سؤال عن أسباب عدم رغبته بالعودة: «في الخارج، يختلف الأمر، يمكن لأي شخص مبدع أن ينجح».
ويقول إن اثنين من أصدقائه هاجرا، مشيراً إلى أنه يحتاج إلى أكثر من 3 آلاف دولار ليقوم بالمغامرة نفسها، من ضمنها ألفا دولار للمرور عبر رفح.
والرحلة طويلة وصولاً إلى القاهرة.
ويقول مسؤول مصري للفرنسية: «في بعض الأحيان، يضطر المسافرون إلى النوم في الجانب المصري من معبر رفح، بسبب حظر التجول في سيناء، الذي يفرض اعتباراً من الساعة 17:00 بالتوقيت المحلي».
ويضيف: «هناك نقاط تفتيش كثيرة على الطريق».
ويشكو حسام عجوري (35 عاماً)، الذي يكمل دراسته لمادة التاريخ في مصر، قائلاً: «قبل أن تسيطر حماس على غزة عام 2007، كانت الرحلة إلى القاهرة تستغرق 6 ساعات. والآن تستغرق على الأقل 48 ساعة».
أما عايدة بركة (53 عاماً)، فجاءت لتجرب حظها بالمغادرة، من دون أن يكون اسمها مدوناً على الموقع الإلكتروني الخاص بالمغادرين. وتقول: «تقدمت بطلب منذ منتصف شهر يونيو للمغادرة بهدف زيارة ابنة أختي المريضة في الأردن».
وتتساءل: «أين الإنسانية؟»، فيما يظهر نقابها فقط عينين مليئتين بالغضب: «الإخوة المصريون لا يفعلون ما يكفي للفلسطينيين، وهم الأقرب إلينا. نريدهم أن يكونوا أكثر إنسانية».
وتعمل حماس مع مصر الآن، في سبيل تحقيق تهدئة تشمل فتح المعابر وتخفيف الحصار. لكن الرئيس الفلسطيني محمود عباس يعارض ذلك، باعتباره سيسهم في تقوية حماس وفصل قطاع غزة عن الضفة.
ويصر عباس على تحقيق مصالحة أولاً، ويقول إن السلطة هي الجهة المخولة بتوقيع اتفاقات تهدئة بعد المصالحة.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».