أوروبا توطّد علاقتها بآسيا على خلفية التوتر مع واشنطن

قمة القارتين بحثت تعزيز التعاون الاقتصادي

صورة تذكارية لقادة الاتحاد الأوروبي ودول آسيوية في بروكسل يوم الجمعة الماضي (أ.ف.ب)
صورة تذكارية لقادة الاتحاد الأوروبي ودول آسيوية في بروكسل يوم الجمعة الماضي (أ.ف.ب)
TT

أوروبا توطّد علاقتها بآسيا على خلفية التوتر مع واشنطن

صورة تذكارية لقادة الاتحاد الأوروبي ودول آسيوية في بروكسل يوم الجمعة الماضي (أ.ف.ب)
صورة تذكارية لقادة الاتحاد الأوروبي ودول آسيوية في بروكسل يوم الجمعة الماضي (أ.ف.ب)

القمة الأوروبية الآسيوية التي انعقدت في بروكسل يومي الخميس والجمعة الماضيين، كادت تمرّ مرور الكرام خارج الدائرة المركزية للأضواء الإعلامية التي جذبتها قضية «بريكست»، رغم الاهتمام الكبير الذي أولاه الاتحاد الأوروبي لهذا اللقاء والتحضيرات الضخمة التي سبقته.
كل القادة الآسيويين الرئيسيين، بمن فيهم رئيس الوزراء الصيني لي كيكيانغ ونظيره الياباني شينزو آبي، لبّوا هذه الدعوة السنوية التي حرص الأوروبيون من خلالها على إظهار الاتحاد في صورة موحدة ومتراصّة عشيّة خروج الشريك البريطاني، وعلى استعدادهم للدخول في تحالفات دولية تصون النظام المتعدد الأطراف الذي يتعرّض لضربات من جهات عدة.
لكن في الوقت نفسه، شدّد القادة الأوروبيون على أن هذه العلاقة المتنامية تجاريّاً واستراتيجياً مع القارة الآسيوية لا تهدف إلى تشكيل جبهة مشتركة في وجه الولايات المتحدة التي تخلخل قراراتها النظام الدولي منذ مجيء الإدارة الجديدة. وقد أوضحت ذلك المندوبة الأوروبية السامية لشؤون السياسة الخارجية فيديريكا موغيريني، عندما قالت: «نحن لا ننظّم القمم ضد أحد».
الحرص الأوروبي على توطيد العلاقات التجارية والاستراتيجية وتوسيعها مع الدول الآسيوية، يقابله حذر شديد لعدم إغضاب الولايات المتحدة في هذه المرحلة الدقيقة التي تسعى فيها بروكسل وواشنطن إلى تحاشي اندلاع حرب تجارية بين الطرفين، من شأنها أن تؤدي إلى فرض ضرائب جمركية جديدة على الصادرات الأوروبية الكبرى إلى الولايات المتحدة، وبخاصة السيارات.
وخيّم هذا التوازن الصعب بين مغازلة الآسيويين من غير إثارة حفيظة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، على القمّة التي وصفتها المفوضيّة الأوروبية بأنها «الأكبر والأهم من بين القمم التي شهدتها بروكسل هذا العام». لكنها بقيت محجوبة عن الرأي العام وراء الجدل الذي بات شبه بيزنطي حول «بريكست»، والمناوشات بين إيطاليا وشركائها حول الموازنة.
ولخّصت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، منهكةً بعد المناقشات الطويلة يوم الخميس حول شروط الخروج البريطاني وإصرار الإيطاليين على تجاوز قواعد الموازنة، مدى الأهمية التي يوليها الاتحاد للشراكة مع الدول الآسيوية عندما قالت: «نحن نناقش الآن قضايانا الصغيرة، لكن بعد ساعات تبدأ المناقشات المهمة مع الآسيويين».
وتدرك ميركل، التي تقود القوة الاقتصادية الأولى في أوروبا، أن بلدان الاتحاد الأوروبي تواجه خطراً محدقاً بسبب الاهتزاز الجيوسياسي الكبير الناجم عن محاولة الإدارة الأميركية فرض نظام عالمي جديد قوامه العلاقات الثنائية، بدل المنتديات المتعددة الأطراف التي ينحسر فيها ثقل الدول الكبرى.
وقد جاء في البيان الختامي لهذه القمة الأوروبية الآسيوية الثانية عشرة، أن «الأحداث الدولية الأخيرة قد عزّزت أهمية هذا المنتدى كمدماك أساسي لنظام دولي متعدد الأطراف قوامه القواعد والمواثيق الدولية». وتقول المديرة التنفيذية لمركز التجاري الدولي، آرانتشا سانتشيز، إن «الصعود الآسيوي هو أحد الأسباب الرئيسية التي أدّت إلى تعدد الأقطاب في العالم»، وتدعو إلى توثيق التعاون بين أوروبا وآسيا من أجل توطيد النظام متعدد الأطراف والحيلولة دون السقوط في ثنائية جديدة بين الصين والولايات المتحدة.
وتجدر الإشارة إلى أن الاتحاد الأوروبي قد وقّع في السنوات الأخيرة اتفاقاً للتجارة الحرة مع سنغافورة، ومن المتوقّع أن يبرم اتفاقات أخرى قريباً مع اليابان وفيتنام وتايلاند وإندونيسيا. وفي مؤتمرها الصحافي بعد القمة، قالت المستشارة الألمانية إن «الدول الآسيوية تشكّل ثلثي سكّان الكرة الأرضية، وثلثي التجارة العالمية، وثلثي إجمالي الناتج العالمي». وتفيد مصادر المفوضية الأوروبية بأن 35% من الصادرات الأوروبية تذهب حالياً إلى آسيا، حيث ينتظر أن يكون فيها عام 2030 ثلثا الطبقة المتوسطة في العالم.
وقالت مصادر دبلوماسية إن المناقشات في القمة تناولت أيضاً عدداً من الموضوعات التي ما زالت موضع خلاف بين الطرفين، مثل الدعم لبعض الصناعات والإفراط في القدرة الإنتاجية لبعض القطاعات مثل الصلب، ودور المؤسسات الرسمية في الصين.
ومن الموضوعات التي تخيّم عادةً على القمم الأوروبية الآسيوية، من غير أن يتطرّق إليها الأوروبيون إلا بالتلميح والإيحاء، الحريات العامة والديمقراطية. وكان البرلمان الأوروبي قد اعتمد قراراً الشهر الماضي يدين «المضايقة والاعتقال والملاحقة التي يتعرّض لها المدافعون عن حقوق الإنسان والمحامون والصحافيون ومنظمات المجتمع المدني في الصين، التي أقفلت 25 من أهم المواقع الشبكية في العالم».
لكن يبدو أن الاتحاد الأوروبي يفضّل المراهنة على البراغماتية في علاقاته مع الدول الآسيوية، رغم الانتقادات التي يتعرّض لها في الداخل، كما يُستدلّ من المشاركة الأوروبية على أعلى المستويات في هذه القمة، باستثناء الدنمارك والسويد اللتين مثّلهما وزيرا الخارجية.



«أكسيوس»: بايدن ناقش خططاً لضرب المواقع النووية الإيرانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
TT

«أكسيوس»: بايدن ناقش خططاً لضرب المواقع النووية الإيرانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)

قدّم مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان للرئيس جو بايدن خيارات لـ«هجوم أميركي محتمل» على المنشآت النووية الإيرانية، إذا «تحرك الإيرانيون نحو امتلاك سلاح نووي» قبل موعد تنصيب دونالد ترمب في 20 يناير (كانون الثاني).

وقالت ثلاثة مصادر مطّلعة لموقع «أكسيوس» إن سوليفان عرض تفاصيل الهجوم على بايدن في اجتماع - قبل عدة أسابيع - ظلت تفاصيله سرية حتى الآن.

وقالت المصادر إن بايدن لم يمنح «الضوء الأخضر» لتوجيه الضربة خلال الاجتماع، و«لم يفعل ذلك منذ ذلك الحين». وناقش بايدن وفريقه للأمن القومي مختلف الخيارات والسيناريوهات خلال الاجتماع الذي جرى قبل شهر تقريباً، لكن الرئيس لم يتخذ أي قرار نهائي، بحسب المصادر.

وقال مسؤول أميركي مطّلع على الأمر إن اجتماع البيت الأبيض «لم يكن مدفوعاً بمعلومات مخابراتية جديدة ولم يكن المقصود منه أن ينتهي بقرار بنعم أو لا من جانب بايدن».

وكشف المسؤول عن أن ذلك كان جزءاً من مناقشة حول «تخطيط السيناريو الحكيم» لكيفية رد الولايات المتحدة إذا اتخذت إيران خطوات مثل تخصيب اليورانيوم بنسبة نقاء 90 في المائة قبل 20 يناير (كانون الثاني).

وقال مصدر آخر إنه لا توجد حالياً مناقشات نشطة داخل البيت الأبيض بشأن العمل العسكري المحتمل ضد المنشآت النووية الإيرانية.

وأشار سوليفان مؤخراً إلى أن إدارة بايدن تشعر بالقلق من أن تسعى إيران، التي اعتراها الضعف، إلى امتلاك سلاح نووي، مضيفاً أنه يُطلع فريق ترمب على هذا الخطر.

وتعرض نفوذ إيران في الشرق الأوسط لانتكاسات بعد الهجمات الإسرائيلية على حليفتيها حركة «حماس» الفلسطينية وجماعة «حزب الله» اللبنانية، وما أعقب ذلك من سقوط نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا.

وقال سوليفان لشبكة «سي إن إن» الأميركية: «القدرات التقليدية» لطهران تراجعت؛ في إشارة إلى ضربات إسرائيلية في الآونة الأخيرة لمنشآت إيرانية، منها مصانع لإنتاج الصواريخ ودفاعات جوية. وأضاف: «ليس من المستغرب أن تكون هناك أصوات (في إيران) تقول: (ربما يتعين علينا أن نسعى الآن لامتلاك سلاح نووي... ربما يتعين علينا إعادة النظر في عقيدتنا النووية)».

وقالت مصادر لـ«أكسيوس»، اليوم، إن بعض مساعدي بايدن، بمن في ذلك سوليفان، يعتقدون أن ضعف الدفاعات الجوية والقدرات الصاروخية الإيرانية، إلى جانب تقليص قدرات وكلاء طهران الإقليميين، من شأنه أن يدعم احتمالات توجيه ضربة ناجحة، ويقلل من خطر الانتقام الإيراني.

وقال مسؤول أميركي إن سوليفان لم يقدّم أي توصية لبايدن بشأن هذا الموضوع، لكنه ناقش فقط تخطيط السيناريو. ورفض البيت الأبيض التعليق.