كوابيس الجرح العراقي... بالفرنسية

ترجمة لرواية «وحدها شجرة الرمان»

كوابيس الجرح العراقي... بالفرنسية
TT

كوابيس الجرح العراقي... بالفرنسية

كوابيس الجرح العراقي... بالفرنسية

عن دار «سندباد» صدرت أخيراً ترجمة فرنسية لرواية العراقي سنان أنطون «وحدها شجرة الرمان» بعنوان «seul le grenadier»، وهي رواية تتناول الفواجع التي مرّ بها العراق، وخاصة الحرب العراقية الإيرانية، ثم الاحتلال الأميركي عام 2003.
فمن الصفحة الأولى يبدأ سنان أنطون روايته بكابوس يرى فيه بطله جواد كاظم (الراوي) رأسه مقطوعاً وهو يناجي رأس حبيبته ريم المقطوع أيضاً، ثم تتكرر الكوابيس في الرواية بمشاهدات مختلفة تدور في فلك واحد؛ الموت، ولا شيء سوى الموت الذي يحصد الجميع.
الموت المجاني، والقتل على الهوية، والصراع الطائفي بين سنة وشيعة، «كانت هناك في الماضي خطوط أو بعض السواقي بين السنة والشيعة، وبين هذه المجموعة وتلك، يسهل عبورها وقد لا نراها، والآن بعد الزلزال تشققت الأرض وأصبحت السواقي أخاديد، ثم أصبحت الأخاديد وديانا امتلأت بالدم».
القصة تدور حول عائلة شيعية تمتهن مهنة غسل الأموات أباً عن جد. الوالد حسن الذي يملك «مغيسل» في بغداد يقوم بغسل الموتى مع مساعده حمودي، ويدرب ولديه (أمير، وجواد) على المهنة. جواد يروي معاناة عائلته كمثال لمعاناة عائلات الشعب العراقي بأكمله، خلال فترة الحروب «المجانية» التي قادها صدام حسين. تبدأ المأساة بمقتل الولد البكر أمير الذي درس الطب في معركة الفاو إبان الحرب العراقية الإيرانية، وعودته محمولا في صندوق على ظهر سيارة أجرة ملفوفا بالعلم العراقي كعشرات الآلاف من الشباب العراقيين الذين وصلوا ديار أهاليهم محمولين في صناديق على ظهر سيارات الأجرة. الأب حسن الذي فجع بولده يُقتل بدوره فيما بعد بصاروخ أميركي أثناء تأديته صلاة الفجر في منزله.
في عراق ممزق، عراق ما بعد الحروب المجانية يصر جواد على دراسة الفن التشكيلي والنحت، وهي هوايته، إذ تدرب على يد مدرس الرسم رائد إسماعيل، رغم معارضة والده قبل مقتله: «هادي شنو تسوي بيها، (يقول الأب في حوارات طويلة تحث الابن على مزاولة مهنة غسل الموتى، حيث كل الحوارات وردت بالعامية العراقية) مهنتنا مهنة شريفة يابه»، لكنه كان مغرماً بالفن والنحت وتماثيل النحات الشهير جياكومتي، وللهرب من دكة غسل الموتى كان يرسم وجه أبيه، أو حمودي وهو يغسل الميت ما أغضب والده: «عيب إبني الأموات إلهم حرمة ارسم أبوك ارسم حمودي شكد ما تريد بس عوف الأموات بحالهم»، هرب من المغيسل وراح يعمل في صباغة (دهان) البيوت الفاخرة للأثرياء الجدد، ويكتشف الطبقة الطفيلية التي اغتنت من هذه الحروب وباتت تملك سلطة المال. بعد مقتل والده استمر مساعده حمودي بالعمل في المغيسل، ويقتسم مع جواد الذي يعيل أمه الدخل مناصفة، لكن حمودي اختفى ذات يوم ولم يعد، وبات في عداد القتلى بالتفجيرات في كل مكان.
في كلية الفنون تعرف على ريم ابنة، وهي عائلة غنية، التي كانت بدورها قد فقدت زوجها الضابط في الجيش الذي قتل في إحدى المعارك على الجبهة، وارتبط معها بحب جارف، وعقد خطبته عليها، لكن سعادته لم تدم طويلا، إذ فقد أثرها بعد فترة فبحث عنها في كل مكان دون جدوى إلى أن تسلم منها رسالة تقول له فيها إنها في عمان وقد أجرت عملية جراحية لاستئصال الثدي بعد أن اكتشفت أنها مصابة بالسرطان الذي انتشر في العراق بسبب استخدام اليورانيوم المخفف في المتفجرات الأميركية، ثم انقطعت عنه أخبارها كلياً.
سيق به إلى الخدمة العسكرية مرغماً في منطقة السماوة حيث تعرف على باسم وباتا صديقين حميمين، لكن هذه الصداقة لم تدم طويلا، فالقصف الأميركي على المبنى الذي يقيمان فيه لم يرحم باسم الذي قتل من جرائه. بعد عودته من خدمته في السماوة لم يجد مكانا آخر للعمل سوى المغيسل والتعايش مع مهنة الموت.
العم صبري المنتمي للحزب الشيوعي، والذي كان ملاحقا من قبل مخابرات حزب البعث، عاد بعد غياب طويل إلى بغداد من منفاه في ألمانيا في زيارة قصيرة وطلب منه جواد المساعدة للسفر إلى أوروبا فهو لم يعد يطيق مهنة الموت، عندما جهز نفسه للسفر واستقل سيارة تقله إلى معبر طريبيل مع عائلة أخرى هاربة من القتل، لم يتمكن من عبور الحدود الأردنية لكونه عازبا، فالأردن لم يكن يقبل إلا زيارات العائلات، فيجد نفسه مضطرا للعودة إلى بغداد وإلى المغيسل ليتابع غسل الموتى نهارا، ومعاناة الكوابيس ليلاً، فدكة غسل الموتى تلاحقه في أحلامه، والأموات تزداد أعدادهم كل يوم على دكة المغيسل مع الانفلات الأمني، ومع مجيء رجل يدعى الفرطوسي (عامل خير) ليطلب منه غسيل الجثث التي تلقى في الشوارع ولا أحد يكترث بها، وتنهش بها الكلاب السائبة، ومعظم الأحيان تأتي ناقصة الأعضاء أو أشلاء... «كان كل يوم صعبا وله مآسيه الخاصة بتفاصيلها، لكن الخميس كان الأطول والأصعب؛ لأنه اليوم الذي تصل فيه ثلاجة الفرطوسي المحملة بحصاد الموت الأسبوعي... فإذا كان الموت ساعي بريد فأنا الذي أتلقى رسائله كل يوم».
لقد حاول أنطون سرد الواقع في فترة قلقة جدا عاشها العراق منذ قيام الثورة الإسلامية في إيران ودخول العراق في حرب طويلة معه، ثم غزو الكويت، والحرب الأميركية الأولى في عاصفة الصحراء، التي فرضت أميركا بعدها حصارا شديدا على العراق انتهت بحرب أخيرة سقطت من جرائها بغداد ومعها نظام صدام حسين، بأسلوب مباشر وصريح بمزيج من الفصحى والعامية باللهجة العراقية التي يصعب أحيانا فهمها من قارئ غير عراقي، لكنها أعطت للرواية رونقا جميلا يعكس الواقع المعاش في الطبقات الشعبية، «وهذا ما تفتقره الرواية بترجمتها إلى لغة أجنبية، في مقارنة بين النص العربي والنص الفرنسي، لكون الحوارات العامية لا يمكن ترجمتها، فتأتي بلغة فرنسية سليمة تفتقر إلى عذوبة الجمل المحكية بالعامية العراقية بعفويتها ومعانيها».
العراق الذي دخل أتون حرب طائفية داخلية، بعد الحروب الخارجية، بين سنة وشيعة، عرف سنان أنطون كيف يجعل من بطله جواد أن يكون خارج هذه اللعبة الخطرة التي جعلت الجدران السميكة العالية «الكونكريتية» ترتفع بين الطائفتين، فهو يقف ضد طرح والدته التي تعتبر أن السنة هم القتلة، وهم الذين يفجرون المراقد المقدسة... ولا يرى سوى عراق واحد يتساوى فيه السني والشيعي والمسيحي وكل المكونات الأخرى للشعب العراقي.
في باحة المغيسل كانت هناك شجرة رمان وحيدة تشرب ماء الغسيل، كان الوالد حسن يجلس إليها يشرب إستكانة شاي ويطقطق بسبحته...



فهد المطيري لـ«الشرق الأوسط»: «فخر السويدي» لا يشبه «مدرسة المشاغبين»

فيلم «فخر السويدي» تناول قضية التعليم بطريقة فنية (الشركة المنتجة)
فيلم «فخر السويدي» تناول قضية التعليم بطريقة فنية (الشركة المنتجة)
TT

فهد المطيري لـ«الشرق الأوسط»: «فخر السويدي» لا يشبه «مدرسة المشاغبين»

فيلم «فخر السويدي» تناول قضية التعليم بطريقة فنية (الشركة المنتجة)
فيلم «فخر السويدي» تناول قضية التعليم بطريقة فنية (الشركة المنتجة)

أكد الفنان السعودي فهد المطيري أن فيلمه الجديد «فخر السويدي» لا يشبه المسرحية المصرية الشهيرة «مدرسة المشاغبين» التي قدمت في سبعينات القرن الماضي، لافتاً إلى أن الفيلم يحترم دور المعلم ويقدّره حتى مع وجود الطابع الكوميدي في العمل.

الفيلم الذي عُرض للمرة الأولى ضمن مسابقة «آفاق السينما العربية» بالنسخة الماضية من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، تدور أحداثه في 8 فصول حول رهان مدير المدرسة على تأسيس «الفصل الشرعي» ليقدم من خلاله نهجا مختلفاً عن المتبع.

وقال المطيري لـ«الشرق الأوسط» إن «المدرسة تشكل فترة مهمة في حياة كل شخص ولا تزال هناك ذكريات ومواقف راسخة في ذاكرتنا عنها، الأمر الذي سيجعل من يشاهد الفيلم يشعر بأن هناك مواقف مشابهة ربما تعرض لها أو شاهدها بالفعل خلال مسيرته التعليمية»، مرجعاً حماسه لتقديم شخصية الأستاذ «شاهين دبكة» مدير ثانوية «السويدي الأهلية» رغم كون الدور لرجل أكبر منه سناً إلى إعجابه بالفكرة التي يتناولها العمل وشعوره بالقدرة على تقديم الدور بشكل مختلف.

فهد المطيري مع أبطال الفيلم (الشركة المنتجة)

وأضاف المطيري: «إن الماكياج الذي وضعته لإظهار نفسي أكبر عمراً، استوحيته جزئياً من الفنان الراحل حسين الرضا خصوصاً مع طبيعة المدير ومحاولته المستمرة إظهار قدرته في السيطرة على الأمور وإدارتها بشكل جيد، وإظهار نفسه ناجحاً في مواجهة شقيقه الأصغر الذي يحقق نجاحات كبيرة في العمل ويرأسه».

وحول تحضيرات التعامل مع الشخصية، أكد المطيري أن خلفيته البدوية ساعدته كثيراً لكونه كان يحضر مجالس كبار السن باستمرار في منزلهم الأمر الذي لعب دوراً في بعض التفاصيل التي قدمها بالأحداث عبر دمج صفات عدة شخصيات التقاها في الواقع ليقدمها في الدور، وفق قوله.

وأوضح أنه كان حريصاً خلال العمل على إبراز الجانب الأبوي في شخصية شاهين وتعامله مع الطلاب من أجل تغيير حياتهم للأفضل وليس التعامل معهم على أنه مدير مدرسة فحسب، لذلك حاول مساعدتهم على بناء مستقبلهم في هذه المرحلة العمرية الحرجة.

وأشار إلى أنه عمل على النص المكتوب مع مخرجي الفيلم للاستقرار على التفاصيل من الناحية الفنية بشكل كبير، سواء فيما يتعلق بطريقة الحديث أو التوترات العصبية التي تظهر ملازمة له في الأحداث، أو حتى طريقة تعامله مع المواقف الصعبة التي يمر بها، وأضاف قائلاً: «إن طريقة كتابة السيناريو الشيقة أفادتني وفتحت لي آفاقاً، أضفت إليها لمسات شخصية خلال أداء الدور».

المطيري خلال حضور عرض فيلمه في «القاهرة السينمائي» (إدارة المهرجان)

وعن تحويل العمل إلى فيلم سينمائي بعدما جرى تحضيره في البداية على أنه عمل درامي للعرض على المنصات، أكد الممثل السعودي أن «هذا الأمر لم يضر بالعمل بل على العكس أفاده؛ لكون الأحداث صورت ونفذت بتقنيات سينمائية وبطريقة احترافية من مخرجيه الثلاثة، كما أن مدة الفيلم التي تصل إلى 130 دقيقة ليست طويلة مقارنة بأعمال أخرى أقل وقتاً لكن قصتها مختزلة»، موضحاً أن «الأحداث اتسمت بالإيقاع السريع مع وجود قصص لأكثر من طالب، والصراعات الموجودة»، مشيراً إلى أن ما لمسه من ردود فعل عند العرض الأول في «القاهرة السينمائي» أسعده مع تعليقات متكررة عن عدم شعور المشاهدين من الجمهور والنقاد بالوقت الذي استغرقته الأحداث.

ولفت إلى أن «الفيلم تضمن تقريباً غالبية ما جرى تصويره من أحداث، لكن مع اختزال بعض الأمور غير الأساسية حتى لا يكون أطول من اللازم»، مؤكداً أن «المشاهد المحذوفة لم تكن مؤثرة بشكل كبير في الأحداث، الأمر الذي يجعل من يشاهد العمل لا يشعر بغياب أي تفاصيل».

وحول تجربة التعاون مع 3 مخرجين، أكد فهد المطيري أن الأمر لم يشكل عقبة بالنسبة له كونه ممثلاً، حيث توجد رؤية مشتركة من جميع المخرجين يقومون بتنفيذها في الأحداث، ولافتاً إلى أن حضورهم تصوير المشاهد الأخرى غير المرتبطة بما سيقومون بتصويره جعل الفيلم يخرج للجمهور بإيقاع متزن.