«فتح» تهاجم «حماس» وتعتبرها «واجهة تحالف شيطاني»

إسرائيل «تكافئ» غزة بالوقود بعد خفض التوتر على الحدود

مسعفون يجلون شاباً أصيب في مواجهات مع الجنود الإسرائيليين قرب السياج الحدودي شرق خانيونس في جنوب قطاع غزة أول من أمس (أ.ب)
مسعفون يجلون شاباً أصيب في مواجهات مع الجنود الإسرائيليين قرب السياج الحدودي شرق خانيونس في جنوب قطاع غزة أول من أمس (أ.ب)
TT

«فتح» تهاجم «حماس» وتعتبرها «واجهة تحالف شيطاني»

مسعفون يجلون شاباً أصيب في مواجهات مع الجنود الإسرائيليين قرب السياج الحدودي شرق خانيونس في جنوب قطاع غزة أول من أمس (أ.ب)
مسعفون يجلون شاباً أصيب في مواجهات مع الجنود الإسرائيليين قرب السياج الحدودي شرق خانيونس في جنوب قطاع غزة أول من أمس (أ.ب)

شنّت حركة «فتح» التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، هجوماً عنيفاً على حركة «حماس» واتهمتها بالإصرار على عقد صفقة إنسانية في قطاع غزة، مستغلَّة دماء الفلسطينيين في مسيرات العودة على حدود القطاع، مغلّبة بذلك المصالح الضيقة على مصلحة وحدة الفلسطينيين.
ووصف أمين سر المجلس الثوري لحركة «فتح»، ماجد الفتياني، حركة «حماس» بـ«واجهة تحالف شيطاني تقوده إسرائيل والإدارة الأميركية، لضرب المشروع الوطني وإبقاء الاحتلال». وقال الفتياني «إن (حماس) تسعى إلى سلخ قطاع غزة عن الضفة الغربية، من خلال مبررات إنسانية».
وأضاف: «كل ما تقوم به (حماس) هو تقديم أوراق اعتماد مجانية للاحتلال لتمرير ما يريده».
وذكّر الفتياني بتصريحات القيادي في «حماس» محمود الزهار التي نفى فيها مسؤولية حركته عن إطلاق صاروخ من القطاع باتجاه بئر السبع، قبل أيام، واتهامه «السلطة الوطنية» بالوقوف وراء ذلك، قائلاً إنها تصريحات تُسقِط ادعاء المقاومة وتتقاطع مع إسرائيل للإبقاء على الوضع الراهن في قطاع غزة، على حساب المصلحة الوطنية.
وجاء هجوم «فتح» الشديد ضد «حماس»، في ظل تقارير حول قرب التوصل إلى اتفاق تهدئة جديد في القطاع.
وخفّضت حركة «حماس»، أول من أمس (الجمعة)، من زخم المواجهات على حدود قطاع غزة مع إسرائيل، استجابة لجهود مصرية وأممية لوضع اتفاق تهدئة جديد في القطاع. وشاركت أعداد أقل في مواجهات الجمعة الأخيرة، وكانت أقل عنفاً، في مؤشر إلى نجاح المصريين في خفض مستوى التوتر والصدامات في القطاع تمهيداً، كما يبدو، لاتفاق تهدئة قريب.
ونجحت الفصائل الفلسطينية في إبقاء أغلبية المتظاهرين على بعد مسافات من الحدود، ضمن خطة لتقليل أعداد القتلى والمصابين.
وأقرَّ ناطقون إسرائيليون باسم الجيش والحكومة بأن أحداث الجمعة دلّت على أن «حماس» سعت إلى خفض اللهيب «حالياً». وقالت مصادر في الدوائر الأمنية في إسرائيل، أمس، إن المظاهرات التي جرت الجمعة على الحدود كانت الأهدأ منذ سبعة أشهر.
ولفتت المصادر إلى تضاؤل عمليات إلقاء الزجاجات الحارقة والعبوات الناسفة والقنابل اليدوية من الجانب الفلسطيني، تجاه قوات الجيش الإسرائيلي خلال المواجهات. وبحسب تقديرات الدوائر الأمنية فإن «حماس» نشرت مسلحين قرب الحدود للحفاظ على الهدوء ولمنع اندلاع أعمال عنيفة.
لكن حركة «فتح» رأت في كل ذلك استثماراً من «حماس» لهذه المسيرات في سبيل تحقيق أهداف محددة. وقالت «فتح»، في بيان، إن «(حماس) حوّلت وأمام صمت فصائلي يندى له الجبين مسيرات العودة من مسيرات عودة إلى مسيرات (تحريكية)، من أجل التفاوض مع دولة الاحتلال».
واتهمت «فتح» حركة «حماس» بـ«خطف المسيرات وتطويعها لأجندات حزبية ولتعزيز فصل غزة وكينونتها»، مطالبة بـ«موقف وطني حازم من الكل الوطني».
وقال المتحدث باسم «فتح» عاطف أبو سيف، إنه يجب إعادة مسيرات العودة إلى الأهداف الأولى المتمثلة «بتأكيد حق شعبنا في أرضه وعودته إليها وحريته واستقلاله الوطني»، متهماً «حماس» بأنها حوّلت هذه الأهداف إلى «مطالب تفاوضية» مع دولة الاحتلال.
وقال أبو سيف: «لم يستشهد أبطال شعبنا، وهم يتحدون بصدورهم العارية رصاص القناص من أجل هذا التهافت على مفاوضات إنسانية، ولم تستشهد الممرضة رزان النجار ولا الطفل محمد أيوب ولا الصحافي أحمد أبو حسين وكل شهداء المسيرة الأكرم منّاً جميعاً من أجل ذلك».
وطالب أبو سيف حركة «حماس» بـ«العودة إلى الإجماع الوطني، والسعي إلى رفع يدها عن الانقسام حتى يسقط وينهار وتعود الوحدة الوطنية، بدلاً من السعي وراء مفاوضات مع دولة الاحتلال، ومقايضة تضحيات شعبنا في مسيرة العودة».
ورفضت «فتح» ما عدّته إصراراً من «حماس» على خطف مصير قطاع غزة، وتمسكها بالانقسام بطريقة مريبة ضاربة عرض الحائط كل الجهود التي تسعى إلى إنهائه، مُفشِلة كل الجهود الهادفة لإعادة اللحمة والوحدة الوطنية.
وقالت الحركة في بيان «إن إصرار (حماس) على عدم إطلاق سراح الوحدة الوطنية الحبيسة في سجون انقلابها منذ ما يزيد على أحد عشر عاماً، يتطلب موقفاً وطنياً حازماً أمام هذا الرفض الحمساوي لإنهاء الانقسام».
وأضافت: «إنه وبدلاً من أن تسعى حماس مع الكل الوطني لوضع حد لسنوات الانقسام الأسود، فإنها تلهث وراء صفقة مع دولة الاحتلال ليست وباعتراف مهندسي (صفقة القرن) في واشنطن وتل أبيب، إلا مدخلاً خلفياً لتنفيذها».
وتابعت: «إنه في الوقت الذي تقاوم فيه القيادة الفلسطينية بحزم وشجاعة المخططات التصفوية، فإن (حماس) تفتح الأبواب على مصراعيها من أجل أن تمرّ الصفقة، دون أن تتورع عن استخدام تضحيات شعبنا وبطولات في مسيرات العودة من أجل ذلك».
وتوجّه «حماس» نحو التهدئة ليس جديداً، فقد أعلنت الحركة سابقاً أنها ماضية في هذا الطريق على الرغم من معارضة الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
لكن الجديد أن مصر عادت بقوة إلى إدارة ملف التهدئة بعدما جمّدته سابقاً بسبب اعتراضات عباس.
وكان وفد مصري زار قطاع غزة والتقى مسؤولين من الفصائل على أن يعود مجدداً، الأسبوع المقبل.
والتقى نائب رئيس المخابرات المصرية أيمن بديع رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية، ثم طار إلى إسرائيل للقاء مستشار الأمن القومي مئير بن شبات، ومسؤولين كبار في جهاز الأمن العام «الشاباك»، في إطار الاتصالات الهادفة إلى التوصل إلى التهدئة في غزة.
ورفض عباس قبول أي اتفاق تهدئة في غزة باعتباره يُسهِم في تقوية حكم «حماس»، وفصل قطاع غزة عن الضفة الغربية. وأصرّ عباس على توقيع اتفاق مصالحة على أن تتولى بعده السلطة إدارة مفاوضات التهدئة.
وينوي عباس الرد على كل هذه التحركات بوقف أي تمويل للقطاع.
وتدفع السلطة ما مقداره 96 مليون دولار لغزة شهرياً.
وفيما اعتبر نوعاً من المكافأة لغزة، أكد الجيش الإسرائيلي، أمس، أنه يخطط لضخ وقود إلى القطاع اليوم بعد منعه في وقت سابق. وقالت صحيفة «هآرتس» إن ضباطاً كباراً في المؤسسة العسكرية الإسرائيلية سيعملون على استغلال الهدوء النسبي الذي شهدته حدود قطاع غزة الجمعة، من أجل إدخال الوقود إلى قطاع غزة.
وكتبت الصحيفة أن الطريقة التي عملت بها «حماس» على فرض الهدوء خلال المظاهرات، وقيام أفرادها بدوريات على السياج، ومنع المتظاهرين من الوصول إليه، هي حافز آخر لإعادة تزويد غزة بالوقود.
وطالَبَ ضباط كبار في الجيش باعتبار ما حدث، أول من أمس (الجمعة)، بادرة تُشِير إلى تغيير مهم، وأن إسرائيل يجب أن ترد على ذلك طالما استمر الهدوء.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».