تونس: «السياحة الحزبية» تهدد بشلّ البرلمان

TT

تونس: «السياحة الحزبية» تهدد بشلّ البرلمان

بعد الاجتماع الذي عقده مكتب لجان البرلمان التونسي في الرابع من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، ووزع خلاله رئاسة اللجان البرلمانية وعضويتها على الكتل البرلمانية حسب عددها وأعضائها، تغيرت المعادلة بسرعة إثر انتقال 12عضوا برلمانيا، ينتمون إلى حزب الاتحاد الوطني الحر، من كتلة الائتلاف الوطني الداعمة لحكومة يوسف الشاهد، إلى الكتلة البرلمانية الممثلة لحزب النداء، المتمسك بإسقاط الحكومة، وهو ما يهدد عمل البرلمان التونسي بـ«شلل تام»، حسب عدد من متابعي العمل البرلماني في تونس.
وتبادلت الكتلتان البرلمانيتان الاتهامات بـ«تخريب العمل السياسي، وإرباك النشاط البرلماني»، بسبب ما أصبح يصطلح عليه في تونس بظاهرة «السياحة الحزبية»، التي ترمز إلى انتقال عشرات أعضاء البرلمان من كتلة برلمانية إلى أخرى، في ظل غياب قانون يمنع تغيير الكتل البرلمانية الممثلة للأحزاب خلال المدة النيابية. وفي هذا الشأن دعا فوزي اللومي، القيادي في حزب النداء، إلى «تجريم السياحة الحزبية، وفرض الاستقالة من طرف البرلمان على النائب المتجول بين الأحزاب»، على حد تعبيره.
وأضاف اللومي منتقدا الوضعية الحالية للبرلمان بقوله إن المواطن التونسي «انتخب نوابا ضمن أحزاب سياسية بعينها، ولتنفيذ خيارات ووعود انتخابية محددة، لكنه سرعان ما يجد أحزابا أخرى وكتلا برلمانية مغايرة، لا علاقة لها بمن انتخبهم في الأساس».
وتمسكت كتلة الائتلاف الوطني بالتوزيع الذي أقره مكتب البرلمان بداية هذا الشهر، وأكدت ضرورة الالتزام بذلك حتى نهاية السنة البرلمانية الحالية، مبرزة أن حركة النهضة لم تغير الخريطة البرلمانية بعد تراجع ممثلي حزب النداء من 86 عضوا إلى 39 عضوا فقط، وأنها حافظت على نفس الترتيب المعتمد على نتائج الانتخابات البرلمانية سنة 2014، رغم تسيدها المشهد البرلماني بـ68 مقعدا برلمانيا.
في المقابل، أربك انتقال 12 نائبا برلمانيا من حزب «الاتحاد الوطني الحر» إثر اندماجه مع حزب النداء، حسابات كتلة الائتلاف الوطني بعد خسارتها لترتيبها الثاني بعد «النهضة»، لصالح الكتلة البرلمانية لحزب النداء.
وخلال توزيع المناصب داخل اللجان البرلمانية في الرابع من الشهر الحالي، حصلت كتلة الائتلاف الوطني، تبعا لوجودها في المرتبة الثانية خلف حركة النهضة، على رئاسة لجنة التشريع العام ولجنة الصحة، ولجنة التنمية الجهوية واللجنة الانتخابية. كما تمكنت من الحصول على منصبي مساعد رئيس في لجنتين برلمانيتين.
أما كتلة نداء تونس، التي تراجعت إلى المرتبة الثالثة، فقد أسندت لها رئاسة أربع لجان برلمانية، وحصلت على منصب رئيس مساعد في لجنتين. غير أنها لم تعد راضية عن هذا التقسيم إثر استعادتها للمركز الثاني في المشهد البرلماني، وهذا ما جعلها تطالب بإعادة توزيع رئاسة اللجان البرلمانية طمعا في سيطرتها على المزيد منها، خاصة وهي مقبلة على سنة انتخابية، وتحاول إقناع البرلمانيين بضرورة تعديل القانون الانتخابي.
وعانى البرلمان التونسي من عدة أزمات، أهمها الغيابات المتكررة للنواب، وصعوبة المصادقة على مشاريع القوانين، والخلافات المستمرة حول بعض القوانين نتيجة التشرذم، ووجود عدد كبير من ممثلي الأحزاب السياسية (نحو 15 حزبا ممثلا في البرلمان)، وهذا ما جعل الأحزاب الكبرى تدعم فكرة الرفع من عتبة دخول البرلمان من 3 في المائة إلى 5 في المائة من أصوات الناخبين. وعلى صعيد متصل أعلن الهاشمي الحامدي، رئيس حزب تيار المحبة، عن استقالته من رئاسة الحزب، وتجميد قرار ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة، مؤكدا أن ترشحه لرئاسة الجمهورية سيبقى رهين التفاف الشعب التونسي مع الحزب، على حد قوله.
وأضاف الحامدي أن حزب تيار المحبة سيواصل نشاطه، برئاسة القيادي حسان الحناشي، وستكون له قائمات انتخابية في جميع دوائر الانتخابات البرلمانية. كما نفى الحامدي ما راج من أخبار حول وجود مفاوضات، تؤكد التحاقه بحزب النداء، مثلما حصل مع حزب الاتحاد الوطني الحر الذي اندمج بالكامل في حزب النداء.



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.