من بيروت إلى ببيلا عائلة تعود أدراجها بعدما شردتها الحرب

من بيروت إلى ببيلا عائلة تعود أدراجها بعدما شردتها الحرب
TT

من بيروت إلى ببيلا عائلة تعود أدراجها بعدما شردتها الحرب

من بيروت إلى ببيلا عائلة تعود أدراجها بعدما شردتها الحرب

يقبّل أحمد الكردي بحنان يدي حفيديه لؤي ولوليا، يبتسم لهما ويعانقهما ويلاعبهما، بعدما تسنى له أخيراً التعرف عليهما بعد ولادتهما في لبنان المجاور الذي لجأ إليه والداهما هرباً من الحرب في سوريا، ذلك بحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية.
وعاد رواد (30 عاماً)، ابن أحمد، مع زوجته وطفليه قبل بضعة أسابيع إلى بلدتهم ببيلا قرب دمشق، بعد أشهر من استعادة القوات الحكومية السيطرة عليها، على غرار آلاف من السوريين اللاجئين إلى لبنان الذين يعودون تدريجياً إلى مناطقهم بعد انتهاء المعارك فيها.
قبل شهر، انتظر رواد مع زوجته وطفليه لؤي (ثلاثة أعوام) ولوليا (عام) تسع ساعات قرب ملعب لكرة القدم في منطقة برج حمود في الضاحية الشمالية لبيروت، قبل أن يصعدوا مع مئات آخرين على متن حافلات أقلتهم إلى سوريا، في إطار عودة جماعية ينظمها الأمن العام اللبناني بالتنسيق مع دمشق.
كانت ملامح التعب واضحة على وجه رواد وهو يقف منتظراً دوره، بعدما نقل نحو عشرين حقيبة مليئة بأغراض راكمتها العائلة خلال خمس سنوات من اللجوء.
ودع بحرارة ثلاثة من أشقائه الذين بقوا في بيروت، ورافقوه إلى مكان الحافلة. ثم قال حينها مع ابتسامة خجولة «هذه العودة نهائية، لن أتغرب مرة أخرى خارج سوريا».
بعد انتظار مضن، انطلقت الحافلة القادمة من سوريا التي حملت على زجاجها المتصدع صورة للرئيس السوري بشار الأسد، باتجاه دمشق.
في ببيلا، يضيق منزل العائلة حيث التقت الصحافة الفرنسية مجدداً رواد بعد نحو ثلاثة أسابيع من وصوله، بالأبناء والأحفاد.
ويقول والد رواد، وهو رجل سبعيني يرتدي عباءة رمادية وتغزو التجاعيد وجهه، «لا قيمة لبيتي من دون أولادي وأحفادي، الآن عادت الحياة»، موضحاً «أفضّل العيش مع أبنائي وأحفادي في ظروف الحرب على الأمان والسلام في الغربة».
ويضيف بحرقة «أتمنى أن أراهم جميعاً حولي قبل أن أموت، هذه أمنيتي الأخيرة».
في العام 2012. أي بعد عام من اندلاع النزاع في سوريا، حزم أحمد الكردي وعائلته المكونة من 36 شخصاً بين أولاد وأحفاد أمتعتهم وفروا من المعارك المحتدمة قرب دمشق بين الفصائل المعارضة والقوات الحكومية لينتقلوا إلى لبنان.
بعد ثلاثة أعوام، عاد أحمد وقسم من العائلة للاستقرار في ببيلا. وانقسمت العائلة بعد ذلك بين البلدين. ولا يزال ثلاثة من أبنائه مع عائلاتهم في لبنان بعد عودة ستة آخرين بينهم رواد.
وتوقفت المعارك في ببيلا خلال العامين الأخيرين، بعدما تحولت لمنطقة «مصالحة» بين الفصائل المقاتلة والقوات الحكومية، قبل أن تستعيد الأخيرة السيطرة عليها في مايو (أيار).
في غرفة الجلوس، وبينما يلهو طفله قربه، ينظر رواد إلى صور قديمة للعائلة، وترتسم على وجهه ابتسامة خفيفة قبل أن يتنهد ويقول «غيّرتنا الحرب كثيراً، ثم جاءت الغربة لتترك أثرها أيضاً على وجوهنا».
خلال السنوات الماضية، لم يفكر رواد بالسفر إلى أوروبا لأنه «مهما كانت تلك البلدان جميلة وهادئة وآمنة، لا يمكنها أن تعوّض عن البلد حيث أهلي وذكرياتي وجيراني».
ومع بدء الأمن العام اللبناني تنظيم رحلات عودة جماعية للاجئين السوريين بالتعاون مع الحكومة السورية، قرر رواد العودة مستفيداً من إعفاء الأمن العام مخالفي شروط الإقامة من الغرامات التي كان يتوجب عليه تسديدها.
ويعيش اللاجئون في لبنان، البلد الصغير ذي الإمكانات الهشة، ظروفاً صعبة ويعتمد قسم كبير منهم على المساعدات التي تقدمها منظمات إنسانية.
وتقدم السلطات اللبنانية لوائح بأسماء الراغبين بالعودة إلى دمشق التي تدقق في الأسماء وتعطي موافقتها الأمنية عليها.
ومنذ أبريل (نيسان)، عاد نحو ستة آلاف لاجئ على دفعات، وفق ما أحصت الصحافة الفرنسية استناداً إلى بيانات الأمن العام، إلى بلدات توقفت فيها المعارك وتقع غالبيتها قرب دمشق، بينما لا تزال مناطق شاسعة في سوريا مدمرة ويتعذر على سكانها العودة إليها.
وتحذر الأمم المتحدة من إجبار اللاجئين على العودة، فيما تؤكد الحكومة اللبنانية أن عودتهم «طوعية».
ويقدر لبنان راهناً وجود نحو مليون ونصف مليون لاجئ سوري على أراضيه، بينما تفيد بيانات المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة بوجود أقل من مليون مسجلين لديها.
وتسبب النزاع الذي تشهده سوريا منذ مارس (آذار) 2011. بنزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها. وتقدر الأمم المتحدة وجود 5.6 مليون لاجئ سوري، غالبيتهم في الدول المجاورة لا سيما لبنان والأردن وتركيا.
ويبدي لاجئون سوريون في لبنان ودول أخرى، لا سيما الشباب منهم، خشيتهم من العودة خوفاً من الملاحقات الأمنية أو الالتحاق بالخدمة العسكرية الإلزامية التي تنتظرهم في سوريا.
ويبحث رواد المُعفى من الخدمة الإلزامية بسبب وضعه الصحي الناتج عن وزنه الزائد، اليوم عن عمل يؤمن رزق عائلته في ببيلا من أجل «انطلاقة جديدة»، بعدما وجد ورشة الخياطة التي كان يملكها مسروقة بالكامل.
ورغم أن «المستقبل مجهول حتى الآن»، إلا أنه يعتبر أنه «مهما طال الزمن، فالخير في هذه الأرض».
منذ عودته، يقضي رواد وقته مع عائلته أو متجولاً في شوارع البلدة التي تغيرت معالمها خلال الحرب.
خلال لقائه مع وكالة الصحافة الفرنسية، تلقى اتصالاً هاتفياً من شقيقه أيمن الموجود في لبنان للاطمئنان عليه. ويتردد الأخير في العودة إلى سوريا، لكن شقيقه يردد على مسامعه «لا سبب للبقاء في لبنان، الحرب انتهت».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.