حظر النقاب في الإدارات الحكومية يثير جدلاً حاداً في الجزائر

حظر النقاب في الإدارات الحكومية يثير جدلاً حاداً في الجزائر
TT

حظر النقاب في الإدارات الحكومية يثير جدلاً حاداً في الجزائر

حظر النقاب في الإدارات الحكومية يثير جدلاً حاداً في الجزائر

بدأت الحكومة الجزائرية، أول من أمس، تطبيق أمر أصدره رئيس الوزراء أحمد أويحي، يتعلق بمنع النقاب في أماكن العمل بالوظيفة العمومية. لكن هذا القرار لقي، كما كان متوقعاً، شجباً من طرف نقابة أئمة المساجد، على الرغم من أن عدداً قليلاً من المحجبات يضعن النقاب، ويعملن في الغالب بمقار البلديات داخل المناطق الريفية المحافظة.
وجاء في تعليمات أويحي، التي علقت بجدران المكاتب بالإدارات الحكومية، أنه يمنع «كل لباس يعرقل ممارسة الموظفين لمهامهم، خصوصاً النقاب الذي يمنع منعاً باتاً في أماكن العمل». وذكرت أيضاً أن كل العاملين في الإدارات الحكومية ملزمون بـ«احترام قواعد ومقتضيات الأمن، التي تستوجب تحديد هوياتهم بصفة آلية ودائمة».
وقال رئيس بلدية خميس مليانة (120 كلم غرب العاصمة) لـ«الشرق الأوسط» إن حظر النقاب تم لدواع أمنية «بحسب ما ورد إلينا من طرف الحكومة، وهذا لا يمثل تضييقاً على الحريات»، مشيراً إلى أنه لا يوجد في مصالح بلديته أية امرأة منقبة. من جهته، عبر البرلماني الإسلامي مسعود عمراوي عن «استغرابه الشديد لإصدار مثل هذه التعليمات»، وعد ذلك «حرباً معلنة على الإسلام، حيث سبق إصدار تعليمات مشابهة تمنع البنات في المدارس من ارتداء الحجاب خلال الامتحانات الرسمية، بحجة أنه وسيلة للغش».
وبدوره قال جلول حجيمي، رئيس نقابة الأئمة، إن الحكومة «مطالبة بالتوقف عن ممارسة التضييق على الحريات الشخصية، لأن ذلك يفتح المجال لإثارة العواطف، وإدخال المجتمع في دوامة من الفتن والنعرات»، داعياً إلى «إصدار أوامر بمنع اللباس الفاضح داخل مقرات العمل بالقطاع العام، لما يسببه من تفسخ لقيم المجتمع الجزائري».
وفي السياق ذاته، كتب عدة فلاحي، وهو برلماني ومستشار وزير الشؤون الدينية سابقاً، على صفحته بـ«فيسبوك»، معلناً تأييده للقرار الحكومي: «نعم لحظر النقاب على أوسع نطاق، فهو مسألة اجتماعية فقهية مختلف فيها وحولها، وبالخصوص حينما تم توظيفه لأغراض مشبوهة لا علاقة لها بالحشمة والعفة». كما أن النقاب، بحسب فلاحي، «ليس فريضة، ولا واجباً شرعياً».
ورد عليه أحد الناشطين الإسلاميين بقوله إن «النقاب في الحياة اليومية الخاصة حرية شخصية، لا دخل لأحد فيه، وهو لباس كغيره من الألبسة يختاره المرء طواعية. لكن في مجالات العمل، كالتدريس والتطبيب وأماكن العمل كالمؤسسات العمومية والخاصة، من المستحسن في قناعتي الشخصية الدينية والاجتماعية والفقهية والإنسانية كشفه للتعرف على هوية الشخص أولاً، ولأداء الواجب على أكمل وجه ثانياً. ولا أتصور أن ابني يدرس عند معلمة تغطي وجهها، ولا يمكننا تصور مجتمع طبيعي تغطي النساء جميعاً فيه وجوههن».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».