الجزائر: 3 مرشحين لخلافة رئيس البرلمان المعزول

بوحجة رفض نقل نزاعه مع الأغلبية إلى القضاء

TT

الجزائر: 3 مرشحين لخلافة رئيس البرلمان المعزول

أبدت المعارضة في البرلمان الجزائري رفضا شديدا لتصويت «لجنة الشؤون القانونية والحريات» بـ«المجلس الشعبي الوطني» لصالح قرار «مكتب المجلس»، بعزل رئيسه سعيد بوحجة.
ومنذ اندلاعها قبل أيام، بدأت تثير هذه القضية جدلا دستوريا وقانونيا وسياسيا واسعا في البلاد، ويرجح مراقبون اختيار نائب من بين ثلاثة سياسيين، ينتمون إلى «جبهة التحرير الوطني» (أغلبية) لخلافة بوحجة.
ودان نواب «حركة مجتمع السلم» الإسلامية، و«التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» (علماني) «الانقلاب على الشرعية»، التي يمثلها، حسبهم، بوحجة، الذي لا يزال يرفض التنحي رغم منعه من دخول مكتبه بالبرلمان بالقوة.
وجاء هذا الرفض عقب اجتماع «اللجنة القانونية» مساء أول من أمس، لإقرار «حالة شغور منصب رئيس المجلس الشعبي الوطني». وقد استند أعضاؤها الذين ينتمون في غالبيتهم لخصوم بوحجة على جزئية في المادة 10 من النظام الداخلي للبرلمان، تتحدث عن «عجز رئيسه عن أداء مهامه»؛ حيث تم تكييفها من طرفهم على أن بوحجة «عاجز عن العمل معهم»، وهو مسعى مناف للقانون، بحسب المتخصصة في القانون الدستوري، فتيحة بن عبو، التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط» في هذا الموضوع.
ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية عن رئيس «اللجنة» عمار جيلاني، أن أعضاءها أدوا تقريرا: «يثبت حالة الشغور التي استوفت الشروط القانونية، وذلك بسبب عجز رئيس المجلس الشعبي الوطني عن أداء مهامه، نتيجة عدم التوافق مع النواب، وعدم الاستجابة لطلبهم بالاستقالة».
وأوضح جيلاني أن هذه الحالة تدخل ضمن التدابير القانونية، التي تضمنتها المادة 10 من النظام الداخلي للمجلس، والتي تنص على أنه «في حالة شغور منصب رئاسة المجلس بسبب الاستقالة أو العجز، أو التنافي أو الوفاة، يتم انتخاب رئيس المجلس الشعبي الوطني بنفس الطرق المحددة في هذا النظام الداخلي، في أجل أقصاه خمسة عشر يوما، اعتبارا من تاريخ إعلان الشغور». ويتولى مكتب المجلس، الذي يجتمع وجوبا لهذا الغرض: «تحضير ملف حالة الشغور وإحالته على اللجنة المكلفة الشؤون القانونية. وتعد هذه اللجنة تقريرا عن إثبات حالة الشغور يعرض في جلسة عامة للمصادقة عليه بأغلبية أعضاء المجلس».
ويجري في أوساط الأغلبية تداول أسماء نواب لخلافة بوحجة في المنصب، مثل حاج العايب، وهو أكبر النواب سنا، وعبد الحميد سي عفيف، رئيس «لجنة الشؤون الخارجية»، وجمال بوراس، النائب عن الجالية الجزائرية في المهجر، وهؤلاء المرشحون الثلاثة ينتمون إلى «جبهة التحرير»، التي ترفض أن «يفلت» هذا المنصب من يدها.
يشار إلى أن خصوم بوحجة، وعددهم يفوق 300 برلماني، يتهمونه بـ«سوء التسيير»، وهو ما ينفيه بشدة، وقد طالبهم بتقديم دليل على ذلك.
وكان جمال ولد عباس، أمين عام «جبهة التحرير»، قد دفع نوابه بقوة إلى سحب الثقة من بوحجة الذي يعد قيادياً في الحزب. وفعل رئيس الوزراء أحمد أويحيى الشيء نفسه مع نواب الحزب، الذي يقوده «التجمع الوطني الديمقراطي».
ولم يصدر عن بوحجة أي رد فعل عن تطورات القضية؛ لكن بعض المقربين منه نقلوا عنه أنه لا يرغب في نقل النزاع إلى ساحة القضاء، ولا إلى «المجلس الدستوري»، المكلف السهر على مطابقة القوانين مع الدستور.
وقال «حزب الحرية والعدالة»، الذي يرأسه وزير الإعلام سابقا محمد السعيد، في بيان أمس، إن «تنحية بوحجة قبل انقضاء عهدته تثبت أن ذهنية الانقلابات وحركات التمرد، التي مرت بها أحزاب سياسية، وخاصة تلك التي تشكل أغلبية عددية ممنوحة في البرلمان، امتدت إلى مؤسسات حيوية في البلاد، وإلا فكيف نفسر إغلاق مدخل مقر المجلس الشعبي الوطني من طرف مجموعة من النواب، لمنع رئيس المجلس بالقوة من الالتحاق بمكتبه، حتى تبرهن هذه المجموعة على وجود شغور في الرئاسة غير منصوص عليه صراحة في مثل هذه الحالة، لا في الدستور، ولا في النظام الداخلي للغرفة السفلى؟».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.