«صدى القوافل»... معرض يقتفي آثار طرق التجارة تاريخياً في شبه الجزيرة العربية

يستضيف متحف الشارقة للآثار حالياً معرض «صدى القوافل... مراكز حضارية من المملكة العربية السعودية خلال فترة ما قبل الإسلام»، بمتحف الشارقة للآثار، وحضر افتتاحه حاكم الشارقة الشيخ سلطان بن محمد القاسمي، والأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز، رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في المملكة العربية السعودية. ويأتي هذا المعرض ضمن مجالات التعاون الثقافي بين هيئة الشارقة للمتاحف والهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في المملكة العربية السعودية، وتستمر فعالياته حتى 31 يناير (كانون الثاني) 2019.
يضّم المعرض نحو خمسين قطعة أثرية مكتشفة في المملكة العربية السعودية، تعرض للمرة الأولى أمام الجمهور، وتكشف عن الروابط التاريخية العميقة والتقاليد والعادات المشتركة بين أبناء منطقة الجزيرة العربية. وتحمل هذه القطع أهمية فنية وتاريخية وعلمية خاصة في مجال تحليل ودراسة تاريخ التجارة وطرق القوافل والآثار في شبه الجزيرة العربية. وإلى جانب تلك القطع يتضمن المعرض 6 قطع أثرية من مقتنيات متحف الشارقة للآثار اكتُشفت في أهم المواقع التاريخية في الشارقة، وهي مليحة ومويلح وجبل البحيص، التي يعود تاريخها إلى فترة تتراوح ما بين 2000 سنة قبل الميلاد وعام 300 بعد الميلاد.
وتُعد المجموعة الأثرية المعروضة من المملكة العربية السعودية ذات أهمية تاريخية وفنية، وتم اكتشافها في مناطق تاريخية مهمة في ذلك الوقت، تشمل مواقع نجران، والعلا، وتيماء، التي تعتبر بمواقعها الجغرافية محطات توقف على أهم الخطوط التجارية الرئيسية، حيث كان المسافرون وقوافل التجار يقصدونها وهم محملون بالبضائع المختلفة مثل البخور والأواني الفخارية وغير ذلك من المصنوعات الحرفية. كما كان المسافرون على الطرق التجارية القديمة يعبرون نجران في جنوب الجزيرة العربية في طريقهم إلى موقع العلا، الذي شكّل نقطة ربط بين المدن والمناطق في الجنوب، والمراكز الثقافية الكبرى في أقصى الشمال، بينما كان موقع تيماء نقطة عبور رحلاتهم إلى بلاد الرافدين.
وتتضمن قائمة القطع الأثرية التي ستعرض للجمهور منحوتات غنية بالتفاصيل من البرونز للماعز والإبل، ومذبحاً من الحجر الرملي ينتهي بمجسم لرأس ثور له قرنان، ومفتاحاً من البرونز، ومباخر بتصاميم متنوعة، وعدداً من التماثيل، إضافة إلى مجموعة من الجرار والأواني الفخارية مختلفة الأشكال والأحجام. ويُقدم المعرض لمحة عن السُّبل التي كان يتبعها أبناء القرى والمدن في مختلف أرجاء الجزيرة العربية للتواصل والتبادل التجاري فيما بينهم، حيث كان سكان المنطقة يتنقلون ويعبرون المسافات الشاسعة باستخدام شبكة معقدة وواسعة من الطرق التي كانت تربط بين أطراف الجزيرة العربية، وتتيح لهم الفرصة لتبادل البضائع التجارية وأحدث الأدوات المتوفرة في ذلك الوقت، وكان التواصل قائماً بين أبناء المنطقة حتى قبل اختراع العملات وصك النقود والقيام بالمعاملات بهدف تحقيق المكاسب المادية.
ويؤكد المعرض، وعبر عرض المقتنيات المكتشفة في كل من المملكة العربية السعودية والشارقة جنباً إلى جنب، على وجود صلات وثيقة عميقة وتاريخية، وتشابه في التقاليد والعادات بين سكان الجزيرة العربية، كما يقدم لمتابعي الفنون والآثار والتاريخ لمحة عن دور تجارة البضائع والمصنوعات في الحفاظ على المجتمعات، في مراحل ما قبل التعامل بالنقود.