فنون العالم الإسلامي تعود إلى صالات المزادات في لندن

دار سوذبيز تستعد لعرض فخار إزنيك وأسطرلاب مملوكي وأكواب قهوة عثمانية

 لوحتان تمثلان السلطان العثماني بيازيد الأول والسيد الاكبر جون دو لا فاليتا من عمل رسام البلاط الملكي بمالطا
لوحتان تمثلان السلطان العثماني بيازيد الأول والسيد الاكبر جون دو لا فاليتا من عمل رسام البلاط الملكي بمالطا
TT

فنون العالم الإسلامي تعود إلى صالات المزادات في لندن

 لوحتان تمثلان السلطان العثماني بيازيد الأول والسيد الاكبر جون دو لا فاليتا من عمل رسام البلاط الملكي بمالطا
لوحتان تمثلان السلطان العثماني بيازيد الأول والسيد الاكبر جون دو لا فاليتا من عمل رسام البلاط الملكي بمالطا

تنشغل قاعات المزادات في لندن هذه الأيام بموسم فنون العالم الإسلامي والفن المعاصر من منطقة الشرق الأوسط. وتتنافس الدور فيما بينها على عرض قطع متميزة ومختلفة بتاريخها وصنعتها، وإن كانت تتشارك في كونها تضم أهم الفئات المطلوبة في فنون العالم الإسلامي مثل المصاحف القديمة والنادرة، والمخطوطات العلمية والمنمنات والسجاد والمجوهرات، وغيرها.
وفي جولة لـ«الشرق الأوسط» على قسم الفن الإسلامي بدار سوذبيز عرض لنا المختصون في القسم أبرز القطع التي سيتضمنها مزاد الدار للفنون الإسلامية الذي يقام 24 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي.

من خزف إزنيك

ومن أبرز القطع المعروضة وأعلاها سعراً (300 ألف إلى 500 ألف جنيه إسترليني) يتصدر صحن خزفي من طراز «إزنيك» العثماني يعود صنعه إلى القرن الخامس عشر. وخلال حديث مع بينيدكت كارتر، رئيس قسم الشرق الأوسط بسوذبيز، يشير إلى أن القطعة تتميز بأنها واحدة من أهم قطع خزف إزنيك التي لا تزال خارج المتاحف والمؤسسات العالمية. الصحن الذي لا يزال بحالة جيدة يلقي الضوء على أهم مواصفات صناعة خزف إزنيك ويتميز باستخدام اللون الأزرق الغامق. الصحن هو واحد من أربع قطع تُعرض ثلاث منها في متاحف عالمية، مثل متحف اللوفر بباريس، ويحمل الصحن اسم المقتني وهو ماكس ديبان. الصحن أيضاً يحمل الموتيفات المعتادة في مثل هذه القطع، ويتميز باستخدام أسلوب الأرابيسك والحرف العربي، لكنه أيضاً يحمل تأثراً بتصميم السيراميك الصيني، وبخاصة مع وجود نماذج من فخار الصين في أجزاء الإمبراطورية العثمانية.
واستخدمت الصحون المماثلة في التصميم تاريخياً لتقديم الطعام في البلاط السلطاني. وكان السلطان محمد الفاتح، المعروف عنه رعايته الفنون والعمارة وحبه إقامة المآدب واستضافة الفنانين الأجانب لبلاطه السلطاني. ويروى أن استخدام الفخاريات من إزنيك في الولائم الكبرى في البلاط الملكي قد ازدهر بفضل وجود المال لصناعة هذا النوع المكلف من الفخاريات. ويمثل عهد خزف إزنيك، الذي يصادف القرن السادس عشر، العصر الذهبي لصناعة الخزف التركية.

حامل للمصحف

يعرض لنا كارتر هنا حاملاً خشبياً لوضع المصحف، (70 ألفاً إلى 100 ألف جنيه إسترليني) أنيقاً وبسيط التفاصيل، واكتفى فيه الصانع بكتابة اسمَي «محمد» و«علي» مطعّمة بالعاج والعظم. وصنعت مثل هذه القطع لوضع كتب ومصاحف كبيرة الحجم بشكل يسهل القراءة. يعود تاريخ صنع هذه القطعة النادرة، كما يؤكد كارتر، إلى الفترة ما بين 1429 و1470م، ويبدو فيها تأثير مشترك للأسلوبين المملوكي والعثماني؛ وهو ما يجعله قطعة متفردة، حيث تعبر عن فترة الانتقال من دولة المماليك للدولة العثمانية.

أسطرلاب مملوكي

يكاد لا يخلو مزاد للفن الإسلامي من قطع الأسطرلاب الساحرة، وهنا نرى نموذجاً آخر على البراعة والدقة التي تفرد بها الصانع المسلم. الأسطرلاب مصنوع من النحاس المطعّم بالذهب والفضة، ويحمل توقيع صانعه محمد بن أبي بكر القواس، وتاريخ صنعه (1351 - 1352م). القطعة، كالمتوقع، تحمل سعراً حالياً (200 ألف إلى 300 ألف جنيه إسترليني). صنع الأسطرلاب في سوريا التي كانت مركزاً لعلم الفلك في تلك الفترة.

قارورة مملوكية

تتميز القطع، التي تعود للعصر المملوكي، باستخدام الزجاج ببراعة لا تضاهى. وفي المزاد نرى نموذجاً لصناعة الزجاج متمثلاً في قارورة للشرب منقوشة بألوان متنوعة من الأزرق للأحمر والأخضر والأصفر. وتقدر الدار لها سعراً يراوح ما بين 20 ألفاً و30 ألف جنيه إسترليني.

إناء من اليشم المنقوش

يعرض لنا كارتر إناءً من اليشم الفاتح اللون يحمل نقوشاً بارعة على هيئة أزهار صغيرة وسيقانها، ويقول: إن قطعة اليشم المستخدمة تحمل طيفاً من اللون الأسود الطبيعي، وإن الصانع وظّف اللون ببراعة ضمن التصميم. سعر القطعة يقدر ما بين 15 ألفاً و25 ألف جنيه إسترليني.

محراب من ديار بكر

في أحد الأركان في الحجرة المزدحمة بأرفف الكتب والطاولات التي تحمل المعروضات يستند محراب يرجع إلى أحد المساجد في ديار بكر، يعود إلى الربع الأخير من القرن السادس عشر. وينتظم المحراب في 12 لوحاً فخارياً زينت بآيات القرآن الكريم وبالرسومات والألوان. يشير كارتر إلى أن القطعة التي تحمل سعراً يراوح ما بين 300 ألف و500 ألف جنيه إسترليني لم تظهر في السوق الفنية منذ بيعها في سوذبيز عام 1996.

أكواب القهوة المزركشة

من البلاط العثماني في القرن التاسع عشر سافرت تلك الأكواب الصغيرة والمنقوشة بإبداع متناه، بعد أن كانت تزين صواني تقديم القهوة في البلاط الملكي. تقدم الدار مجموعة كبيرة من تلك الأكواب التي تختلف تصميماتها ونقوشها، فمنها ما صنع من الفضة، ومنها ما صنع من الذهب وزُيّنت بقطع الماس وباللآلئ الصغيرة وحملت رسوماً بديعة بالمينا الملونة. الأكواب، حسب الخبير، صنعت في سويسرا للبيع في السوق العثمانية.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».