رئيس بلدية القدس المحتلة يروّج خطته لإنهاء «أونروا» وطردها من المدينة

تقوم على إغلاق مدارسها وعياداتها وتحويل المستفيدين إلى مؤسسات البلدية

تلميذات مدرسة في مخيم شعفاط للاجئين شمال القدس ينتظرن الحافلات قرب جدار الفصل (إ.ب.أ)
تلميذات مدرسة في مخيم شعفاط للاجئين شمال القدس ينتظرن الحافلات قرب جدار الفصل (إ.ب.أ)
TT

رئيس بلدية القدس المحتلة يروّج خطته لإنهاء «أونروا» وطردها من المدينة

تلميذات مدرسة في مخيم شعفاط للاجئين شمال القدس ينتظرن الحافلات قرب جدار الفصل (إ.ب.أ)
تلميذات مدرسة في مخيم شعفاط للاجئين شمال القدس ينتظرن الحافلات قرب جدار الفصل (إ.ب.أ)

عرض رئيس بلدية الاحتلال في القدس نير بركات، أمس، على أعضاء اللجنة الداخلية في الكنيست الإسرائيلي، خطته لإنهاء وجود وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في القدس.
وقال بركات إن «البلدية تعمل على تقديم خدماتها للجميع هنا، بمن في ذلك الذين يتلقون خدماتهم من (أونروا)» في إشارة إلى اللاجئين. وأضاف: «الجميع يجب أن يتلقى الخدمات من البلدية؛ كأي مواطن».
وهذه ليست أول مرة يتحدث فيها بركات عن خطته لإنهاء عمل «أونروا» في القدس؛ فقد سبق أن أصدر تعليمات إلى موظفي البلدية المختصين بإعداد الخطة بهدف تقديمها إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، للمصادقة عليها.
وتقوم الخطة على إغلاق مدارس «أونروا» وإنهاء أي خدمات أخرى تقدمها، مثل العيادات الطبية.
ويرى بركات أن وجود «أونروا» يعوق تطوير القدس.
وعبرت «أونروا» عن قلقها إزاء مخطط بركات لإنهاء عملها وطردها من القدس الشرقية المحتلة. وقالت مصادرها إنها لن ترضخ لإرادته، وحذّرت من عواقب مثل هذا المخطط على المدينة وأهلها.
وأكدت «أونروا» أنها لا تكاد تصدق أن «هناك من يفكر بهذه الطريقة، ويريد إغلاق المدارس والمؤسسات الطبية بهذا الشكل القسري وغير الإنساني».
وتدير «أونروا» مخيم «شعفاط» للاجئين الفلسطينيين، شمال القدس، وهو المخيم الوحيد في المدينة، ويزيد عدد سكانه على 20 ألفا، ولها 5 مدارس في المدينة: في شعفاط وصور باهر وسلوان ووادي الجوز، إضافة إلى مركز طبي رئيسي في القدس.
وتقدم «أونروا» خدمات صحية للاجئين في المدينة، وكذلك خدمات اجتماعية ومالية. ويبلغ عدد اللاجئين المسجلين لديها في القدس نحو مائة ألف.
وعرض بركات كتباً دراسية من مؤسسات تعليمية تابعة لوكالة «الغوث»، تمجد المقاتلة الفلسطينية دلال المغربي، التي نفذت علمية الساحل الشهيرة عام 1978، مستنكرا «تمجيد الإرهاب».
وقال بركات، وهو يعرض صفحة من كتاب تحوي صورة للمغربي: «لقد حان الوقت لوضع حد لكذب اللاجئين، والقرار الأميركي تقليص ميزانيتهم يشكل فرصة لتطبيق هذه الخطة، من أجل وضع حد لتشويه الحقائق».
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أوقف العام الحالي، تمويل الوكالة الدولية بشكل كامل.
وتخطط واشنطن لإنهاء عمل «أونروا» ضمن خطة تشمل شطب حق العودة والاعتراف بنحو 40 ألف لاجئ فقط، هم الذين بقوا أحياء من نحو 700 ألف لاجئ خرجوا من قراهم عام 1948، رافضة الأرقام التي تقدمها «أونروا» حول أكثر من 5 ملايين لاجئ.
وتبنت الولايات المتحدة الموقف الإسرائيلي القائل إن صفة اللجوء لا تورث، وبالتالي لا تنطبق الصفة على أبناء اللاجئين وأحفادهم.
والأسبوع الماضي أكدت مسؤولة إسرائيلية أن دراسة للحكومة الإسرائيلية خلصت إلى أن عدد اللاجئين الفلسطينيين بالآلاف، وليس بالملايين كما تقول وكالة مساعدات تابعة للأمم المتحدة.
ووصفت تسيبي حوتوفلي، وهي نائبة وزير الخارجية الإسرائيلي، عام 2018 بأنه «نقطة تحول» لـ«أونروا» وتعريفها للاجئين الفلسطينيين؛ «إذ قالت الولايات المتحدة لا مزيد، وتؤيد دولة إسرائيل هذه السياسة».
وقالت حوتوفلي لمحطة إذاعة تل أبيب (102 إف - إم)، إن الباحثين في وزارتها ومجلس الأمن القومي الإسرائيلي، قاموا بتجميع تقرير يشير إلى «وجود (عدد محدود من آلاف) اللاجئين الفلسطينيين اليوم (...) لا يقترب من الملايين»، من دون أن تذكر تفاصيل عن كيفية قيام الباحثين الإسرائيليين بحساب هذه الأرقام المنخفضة.
ورفضت الأمم المتحدة والسلطة الفلسطينية والأردن وجامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي ودول أخرى، قرار الولايات المتحدة وتعهدوا بدعم الوكالة الدولية.
وفي خطاب مفتوح، قال المفوض العام لـ«أونروا» بيير كراهينبول إن «الطبيعة المطولة لأزمة لاجئي فلسطين ليست فريدة من نوعها»، مضيفا أن «أطفال وأحفاد اللاجئين، الذين نزحوا منذ فترة طويلة، في أفغانستان والسودان والصومال والكونغو وغيرها من الأماكن، معترف بهم أيضا بصفتهم لاجئين وتساعدهم الأمم المتحدة».
وقامت دول مانحة بالمساهمة في سد بعض النقص في ميزانية الوكالة، لكنها بقيت تعاني عجزا ماليا هذا العام يصل إلى 110 ملايين دولار.
ولم يعرف كيف ستتدبر الوكالة أمرها في العام المقبل.
ومع غياب أفق واضح، بدأت «أونروا» خطة تقشف، لكنها تسببت في توترات ومواجهات وتهديدات وإضرابات عن العمل في قطاع غزة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.