توجه برلماني لإلغاء «قيادات العمليات» العراقية

يبدو أن أغلب المواقف البرلمانية تسير باتجاه التخلص من «الإرث» الأمني الذي طرحته حالة عدم الاستقرار، والهجمات الإرهابية التي كانت تطال المناطق والأسواق والسكان المدنيين من قبل المجاميع المسلحة، وبلغت ذروتها عام 2007. وجزء من ذلك الإرث الخطوة التي أقدم عليها رئيس الوزراء الأسبق، نوري المالكي، بتشكيل قيادة للعمليات في أغلب المحافظات العربية، ومنها بغداد، حيث أُسِّست تلك القيادات بموازاة وزارتي الدفاع والداخلية، وحصلت على صلاحيات أوسع، في أحيان كثيرة، من صلاحيات الوزارتين الأمنيتين، وارتبطت تلك العمليات بالقائد العام للقوات المسلحة.
وفي إطار سعي القوى السياسية في البرلمان الجديد، إلى التخلص من «قيادات العمليات، وعددها 9»، طالب أكثر من خمسين نائباً بإلغاء هذا التشكيل الذي يعتبره كثيرون غير قانوني، وانتفَت الحاجة إليه بعد التحسُّن الأمني الذي تعيشه عموم البلاد في الأشهر الأخيرة، بعد القضاء على تنظيم «داعش».
وأعلنت مصادر برلمانية أن أكثر من خمسين نائباً «قدَّموا إلى رئاسة البرلمان وثيقة رسمية حملت توقيعاتهم، أكدوا من خلالها عدم وجود غطاء دستوري لوجود قيادة العمليات، وطالبوا بإلغائها بشكل نهائي وإعطاء الملف الأمني لوزارة الداخلية». ولم تخلُ عملية المطالبة بإلغاء قيادة العمليات من ممانعة بعض الكتل والشخصيات النيابية، لكن الاتجاه البرلمان العام يسير نحو عملية الإلغاء.
ويرى القيادي في كتلة «المحور» البرلمانية ظافر العاني، أن «الأمر المستغرب اليوم هو الإبقاء على قيادة العمليات وليس الإبقاء عليها». ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «لم نفاتح الكتل السياسية في موضوع الإلغاء، إنما نعرف أن الكتل الكردية لديها موقف قريب من موقفنا، وهناك كتل شيعية ترى أنها حلقة زائدة». ويشير العاني إلى أن «قيادات العمليات ليس لها أي إطار قانوني منذ اليوم الأول لتأسيسها، وهي ترتبط بالقائد العام الذي ليس لديه الأهلية الكاملة لإدارة العمليات، وهي مهمة يُفترض أن تقع على عاتق رئاسة أركان الجيش».
ويؤكد أن «ملف قيادات العمليات غالباً ما أُدِير بطريقة سياسية، بحيث أفرغ وزارتي الدفاع والداخلية من مضمونهما، وأتصور أنها (العمليات) ضربت جميع التقاليد العسكرية العراقية، لذلك نرى أن وزير الداخلية الأسبق محمد الغبان قدم استقالته من منصب وزارة الداخلية لتزاحم صلاحياتها مع صلاحية قيادة العمليات».
من جهته، يقول القيادي في «عصائب أهل الحق» إن موقف الحركة وكتلة «صادقون» البرلمانية ترى أن «قيادة العمليات حلقة زائدة في المنظومة الأمنية العراقية في الوقت الحالي».
ويعتقد الربيع أن «وجود قيادات للعمليات في المحافظات العراقية، ربما كانت ضرورية في مرحلة بناء الدولة والصراع مع (داعش)، كنت الظروف تقتضي إلى جهة تجمع أغلب الصنوف العسكرية، وهذه الظروف تراجعت اليوم». ويعتقد الربيعي أن «المشكلات التي رافقت قيادات العملية كانت كثيرة، ومنها التنازع بين مختلف القوى التي ضمتها تلك العمليات مع وزارتي الدفاع والداخلية، بحيث أدت في أحيان كثيرة، خصوصاً في الأزمات الأمنية، إلى أن يلقي كل طرف من الأطراف المسؤولية على الآخر بشأن الحادث الأمني أو الإرهابي».
لكن الربيعي يعتقد أن «وجود قيادة مشتركة مهمتها التنسيق بين مختلف القطعات العسكرية أمر لا بأس به، خصوصاً في المناطق التي ما زالت ساخنة». وحول ما يُشاع من أن إلغاء قيادات العمليات من الأوليات التي سيباشرها رئيس الوزراء المكلف، عادل عبد المهدي، نفى الربيعي علمه بالأولويات التي يضعها عبد المهدي على أجندته، لكنه أكد أنه «مع المطالبة بحلها، كون ذلك يمثل حلاً لكثير من المشكلات الأمنية المتعلقة بتقاطع الصلاحيات بين القوى الأمنية».
يُشار إلى أن «قيادة عمليات بغداد» أولى القيادات التي تأسست مطلع عام 2007، وقامت بإطلاق خطة فرض القانون في العاصمة بغداد، التي كانت تسيطر عليها التنظيمات المسلحة السنية والميليشيات الشيعية، وقد اختير لقيادتها حينذاك، اللواء الركن عبود كنبر، ثم تأسست نحو 8 قيادات أخرى في البصرة ونينوى والفرات الأوسط والأنبار وديالى.