مشاورات تشكيل الحكومة اللبنانية دخلت مرحلة تحديد الأسماء

حلّ «العقدة الدرزية»... وتنازل باسيل عن شرط 11 وزيراً

الحريري التقى رؤساء الحكومات اللبنانيين السابقين السنيورة وسلام وميقاتي في بيت الوسط أمس (الشرق الأوسط)
الحريري التقى رؤساء الحكومات اللبنانيين السابقين السنيورة وسلام وميقاتي في بيت الوسط أمس (الشرق الأوسط)
TT

مشاورات تشكيل الحكومة اللبنانية دخلت مرحلة تحديد الأسماء

الحريري التقى رؤساء الحكومات اللبنانيين السابقين السنيورة وسلام وميقاتي في بيت الوسط أمس (الشرق الأوسط)
الحريري التقى رؤساء الحكومات اللبنانيين السابقين السنيورة وسلام وميقاتي في بيت الوسط أمس (الشرق الأوسط)

بات تأليف الحكومة اللبنانية أمام ساعات حاسمة من المشاورات التي تكثّفت في اليومين الأخيرين ولا سيّما بين الرئيس المكلف سعد الحريري وأطراف العقد الأساسية، وتحديدا «الدرزية» منها و«المسيحية». واجتمع الأفرقاء المعنيون على بث الأجواء التفاؤلية بقرب التشكيل بعد نحو ستة أشهر على تكليف الحريري الذي كان قد وعد في الرابع من شهر أكتوبر (تشرين الأول) الحالي على تأليف الحكومة خلال عشرة أيام. ومع إقراره بأن التشكيل استغرق وقتا أطول مما يجب، أكّد أمس: «إننا سنتمكن من تشكيلها إن شاء الله وقد أصبحنا قريبين جداً من ذلك». والأجواء نفسها عبّر عنها رئيس مجلس النواب نبيه بري من جنيف، قائلا: «الأمور بشأن الحكومة تتقدم».
وبعد اللقاء الذي عقده الحريري مساء أوّل من أمس مع رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني طلال أرسلان، اجتمع أمس مع وزير المال علي حسن خليل، والنائب وائل أبو فاعور موفداً من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، الذي التقى بعد الظهر الرئيس عون بعد ساعات على زيارة أرسلان إلى قصر بعبدا.
وفيما تم ترسية التوزيع العددي للحقائب المرتبطة بالعقدة المسيحية على قبول «التيار الوطني الحر» ورئيس الجمهورية بالحصول على عشرة وزراء بعدما كان وزير الخارجية جبران باسيل يتمسك بـ11 وزارة، وحصول «القوات اللبنانية» على أربع حقائب، حلّت العقدة الدرزية بما قدّمه رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان عبر طرح خمسة أسماء توافقية للاختيار فيما بينها من دون أن يتمثّل شخصيا في الحكومة.
وبعدما كان أرسلان حرص بعد لقائه عون على القول إنه قدّم تنازلا بعدم الحصول على حقيبة وزارية، رافضا الحديث عن إقصائه، ردّ جنبلاط عليه من قصر بعبدا قائلا: «لا يمكن لأحد أن يقصي الآخر والرئيس عون حريص على الاستقرار، ولا نريد خلق مشكلات إضافية، وقد جرى تنازل مشترك وانتهى الأمر». ووصف جنبلاط لقاءه بعون بـ«الإيجابي» رافضاً وجود «عقدة درزية»، ومشيرا إلى أنه سلّم رئيس الجمهورية حلولا حول توزير الوزير الدرزي الثالث، وذلك بعدما كان يتمسّك بحصر الوزراء الدروز الثلاثة بـ«اللقاء الديمقراطي».
وردا على سؤال عن التجاذب مع «القوات اللبنانية» حول وزارة التربية، رفض جنبلاط الدخول في التفاصيل، وقال: «نحن نريد ونفضّل ونصر على وزارة التربية، ولا نريد أن تعطى لنا وزارة عليها خلافات، بل نريد الابتعاد عن الخلافات»، مضيفا: «وزارة التربية ووزارة ثانية ستكون مقبولة بالنسبة إلينا، لكن ليس وزارة البيئة، لأننا لا نريد الاختلاف مع تجار النفايات، ولا المهجرين، لأن هذه الوزارة يجب أن تقفل لانتهاء ملفها».
وانحصرت مشاورات يوم أمس بتوزيع حقائب «العدل» و«الأشغال» بالدرجة الأولى، و«التربية» و«الصحة» بالدرجة الثانية، في موازاة بدء كل طرف تحضير لائحة أسماء وزرائه. وفيما لفتت مصادر وزارية مطّلعة على المفاوضات لـ«الشرق الأوسط»، أن التوجّه هو لحصول «القوات» على «العدل» بعدما كانت الأجواء تشير إلى رفض رئيس الجمهورية التنازل عنها وإبقاء «الأشغال» لـ«تيار المردة» والسير بالاتفاق السابق على إعطاء «الصحة» لـ«حزب الله» وإبقاء «التربية» لـ«اللقاء الديمقراطي»، استبعدت مصادر أخرى تنازل رئيس الجمهورية وباسيل عن «العدل» و«الأشغال» معا، بعدما كان وزير الخارجية قد رفع السقف بشأن الأخيرة في مواجهة الوزير الحالي يوسف فنيانوس، ومطالبا بالحصول عليها. في المقابل، اعتبرت مصادر قيادية في «تيار المستقبل» «أن رفع سقف المطالب لم يكن إلا من باب المزايدات ليصلوا فيما بعد إلى حجمهم الحقيقي والقول: (قدّمنا تنازلات)، وبالتالي ليس من مصلحة أحد الآن الوقوف حجر عثرة أمام كل التقدّم الحاصل». وبين هذا الطرح وذاك، أشارت بعض المعلومات إلى إمكانية استبدال «الصحة» والأشغال» بين «المردة» و«حزب الله» الذي كانت بعض التحذيرات ارتفعت حيال حصوله على «الصحة»، وبالتالي إبعاد شبح قطع المساعدات الأميركية عنها.
وفي خضم الحراك الحكومي، بات محسوما بقاء «حزب الكتائب» خارجها، وهو ما أكّده أمس رئيسه النائب سامي الجميل، قائلا: «لم نطلب المشاركة ولم ندخل في مفاوضات حول هذا الموضوع». وانتقد مسار المشاورات التي يسير وفقها تشكيل الحكومة، موضحا «نحن مرتاحون في موقفنا ولسنا مقتنعين بمسار الأمور والنهج المتبع الذي لن يؤدي إلى النتيجة المطلوبة». وأضاف «انطلاقا من هنا، نحن بانتظار أن نرى كيف ستتشكل الحكومة وسوف نتعاطى معها وفق أدائها. فإذا كان أداؤها جيدا فسوف نشجع، وإذا كان سيئا فسوف نقول الحقيقة كما عودنا الناس أن نقول. وبرأيي يجب أن يبقى في لبنان صوت حر وصوت يقول الحقيقة للناس، من دون أن يضع مصالحه الخاصة قبل مصلحة البلد، كما السياسة في لبنان للأسف، مصلحة الأفرقاء فوق كل اعتبار على حساب البلد وعلى حساب الناس والاقتصاد، وعلى حساب الوضع المعيشي الذي أعتقد أنه أصبح في أسوأ أيامه».
وعبّر عن أسفه للتأخير في تشكيل الحكومة بعيدا عن رؤية لمعالجة الوضع الاقتصادي والسياسي، وقال: «نحن منذ 5 أشهر بلا حكومة لأنهم مختلفون على الأحجام والحصص وهذا شيء معيب. وبرأيي، الأخطر أنهم غير متفقين على شيء له علاقة بالبلد، والخلاف كله هو على الحصص والمصالح وعلى الأحجام».



مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
TT

مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)

تسعى الحكومة المصرية، لتعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، في مجال إدارة الموارد المائية، في ظل تحديات كبيرة تواجهها تتعلق بـ«محدودية مواردها». وخلال لقائه سفيرة الاتحاد الأوروبي في القاهرة أنجلينا إيخورست، الاثنين، ناقش وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، التعاون بين الجانبين، في «إعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجتها».

وتعاني مصر عجزاً مائياً، حيث يبلغ إجمالي الموارد المائية، نحو 60 مليار متر مكعب سنوياً، في مقابل احتياجات تصل إلى 114 مليار متر مكعب سنوياً، وبنسبة عجز تقدر 54 مليار متر مكعب، وفق «الري المصرية».

وتعتمد مصر على حصتها من مياه نهر النيل بنسبة 98 في المائة، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً.

وحسب بيان لـ«الري المصرية»، ناقش سويلم، مع سفيرة الاتحاد الأوروبي، مقترحات تطوير خطة العمل الاستراتيجية (2024-2027)، طبقاً للأولويات المصرية، مشيراً إلى الدعم الأوروبي لبلاده في مجالات «رفع كفاءة الري، وإعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجة المياه، والتكيف مع تغير المناخ».

ووقَّعت الحكومة المصرية، والاتحاد الأوروبي، إعلاناً للشراكة المائية، خلال فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، COP28، الذي عُقد في دبي عام 2023، بهدف تحقيق الإدارة المستدامة للموارد المائية، وتعزيز الحوار، وتبادل الخبرات.

وأوضح وزير الري المصري أن «الإجراءات التي تتبعها بلاده لرفع كفاءة استخدام المياه، تندرج تحت مظلة الجيل الثاني لمنظومة الري»، منوهاً بقيام الوزارة حالياً «بتأهيل المنشآت المائية، ودراسة التحكم الآلي في تشغيلها لتحسين إدارة وتوزيع المياه، والتوسع في مشروعات الري الحديث»، إلى جانب «مشروعات معالجة وإعادة استخدام المياه، ودراسة تقنيات تحلية المياه من أجل الإنتاج الكثيف للغذاء».

ومن بين المشروعات المائية التي تنفذها الحكومة المصرية، بالتعاون مع عدد من دول الاتحاد الأوروبي، «البرنامج القومي الثالث للصرف، وتحسين نوعية المياه في مصرف (كيتشنر)، وتحديث تقنيات الري لتحسين سبل عيش صغار المزارعين في صعيد مصر، ومراقبة إنتاجية الأراضي والمياه عن طريق الاستشعار عن بعد».

وتعوِّل الحكومة المصرية على الخبرات الأوروبية في مواجهة ندرة المياه، وفق أستاذ الموارد المائية، في جامعة القاهرة، نادر نور الدين، الذي أشار إلى أن «القاهرة سبق أن استعانت بخبراء أوروبيين لصياغة حلول للتحديات المائية التي تواجهها مصر»، وقال إن «كثيراً من المقترحات التي قدمها الخبراء تنفذها الحكومة المصرية في سياستها المائية، ومن بينها التوسع في مشروعات معالجة المياه، وتحلية مياه البحر، واعتماد نظم الري الحديث».

وللتغلب على العجز المائي شرعت الحكومة المصرية في تطبيق استراتيجية لإدارة وتلبية الطلب على المياه حتى عام 2037 باستثمارات تقارب 50 مليون دولار، تشمل بناء محطات لتحلية مياه البحر، ومحطات لإعادة تدوير مياه الصرف بمعالجة ثلاثية، إضافة إلى تطبيق مشروع تحول للري الزراعي الحديث.

ويعتقد نور الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخبرة الأوروبية في مجال تطوير إدارة المياه والتغيرات المناخية هي الأفضل في هذا المجال»، مشيراً إلى أن «القاهرة تسعى إلى الاستفادة من المنح الأوروبية المقدَّمة في تلك المجالات، وخصوصاً، التكيف مع التغيرات المناخية»، معتبراً أن «التعامل مع العجز المائي في مصر من أولويات السياسة المائية المصرية».

ويُعد الاتحاد الأوروبي من أهم الشركاء في المجال التنموي بالنسبة لمصر، وفق أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، الذي أشار إلى أن «التعاون المائي بين الجانبين يأتي ضمن الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي جرى توقيعها بين الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبي، لتطوير التعاون بمختلف المجالات».

ويرى شراقي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاتحاد الأوروبي يمتلك التكنولوجيا والخبرات الحديثة بشأن تطوير استخدام المياه، خصوصاً في الدول التي تعاني من شح مائي».