غضب فلسطيني بعد تلويح أستراليا بتغيير موقفها من القدس

إسرائيل تتحدث عن خطوة «شجاعة»... وسلسلة انتقادات فلسطينية وعربية وإندونيسية

وزير الخارجية الفلسطيني ونظيره الإندونيسي في مؤتمر صحافي في جاكرتا أمس (رويترز)... وفي الاطار موريسون يتحدث إلى وسائل الإعلام أمس (إ.ب.أ)
وزير الخارجية الفلسطيني ونظيره الإندونيسي في مؤتمر صحافي في جاكرتا أمس (رويترز)... وفي الاطار موريسون يتحدث إلى وسائل الإعلام أمس (إ.ب.أ)
TT

غضب فلسطيني بعد تلويح أستراليا بتغيير موقفها من القدس

وزير الخارجية الفلسطيني ونظيره الإندونيسي في مؤتمر صحافي في جاكرتا أمس (رويترز)... وفي الاطار موريسون يتحدث إلى وسائل الإعلام أمس (إ.ب.أ)
وزير الخارجية الفلسطيني ونظيره الإندونيسي في مؤتمر صحافي في جاكرتا أمس (رويترز)... وفي الاطار موريسون يتحدث إلى وسائل الإعلام أمس (إ.ب.أ)

انتقد الفلسطينيون ودول عربية وماليزيا، إعلان رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون، أنه سيدرس إمكانية الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، بما يشمل نقل سفارة بلاده إليها، فيما رحب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالخطوة ووصفها بـ«الشجاعة».
وقال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، في مؤتمر صحافي مع وزيرة الخارجية الإندونيسية ريتنو مارسودي في جاكرتا، إنه يشعر بالحزن لاحتمال انتهاك أستراليا القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن الدولي. وأَضاف المالكي: «أستراليا تجازف بالعلاقات التجارية والأعمال مع بقية العالم خصوصاً العالمين العربي والإسلامي».
واتهمت الخارجية الفلسطينية موريسون باتخاذ مواقف متناقضة. إذ أكد مراراً التمسك بحل الدولتين، وشجّع الطرفين على استمرار الحوار والمفاوضات نحو اتفاق سلام، فيما يفكر بالاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل.
وقالت الخارجية الفلسطينية، إن مثل هذه الفكرة تُبعد إمكانية تحقيق ذلك السلام، وهو الهدف الذي يتحدث عنه موريسون.
وخاطبت الخارجية موريسون قائلة: «إن الالتزام بحل الدولتين يعني عدم أخذ أي إجراء أحادي من شأنه المساس بوضعية القدس، وإن التزام أستراليا بمفهوم حل الدولتين، ليس التزاماً مجرداً أو شكلياً لا علاقة له بأي قضية أخرى، مثل القدس أو الحدود أو المستوطنات أو اللاجئين أو الأمن أو المياه، وإنما مرتبط بمخرجات التفاوض حول هذه الموضوعات، التي تعد هي موضوعات الحل النهائي، والتي على أساسها، وعند التوصل إلى تفاهمات حولها، يمكن التوقيع على اتفاق سلام يسمح بتطبيق حل الدولتين».
وطالبت الخارجية، رئيس وزراء أستراليا بإعادة النظر في هذه التصريحات المضرة بمصالح أستراليا ومواقفها الدولية.
وحظي الموقف الفلسطيني بدعم فوري مصري وإندونيسي. وقالت وزيرة الخارجية الإندونيسية، إن بلادها تدعم حل الدولتين في صراع الشرق الأوسط، وتحذّر أستراليا من المجازفة بزعزعة الأمن. وأضافت: «تطالب إندونيسيا أستراليا ودولاً أخرى بدعم محادثات السلام... وعدم اتخاذ خطوات ستهدد عملية السلام واستقرار الأمن العالمي».
ويُفترض توقيع اتفاق تجاري مهمّ بين البلدين خلال العام الحالي. ونقلت قناة التلفزيون الأسترالية الحكومية «إيه بي سي» عن مسؤول في جاكرتا قوله، إن اتفاقاً تجارياً مهماً بين البلدين قد يجمد رداً على أي خطوات لها علاقة بالقدس.
أما محمد خيرت السفير المصري لدى أستراليا، فأكد أن سفراء 13 دولة عربية اجتمعوا في كانبيرا، أمس، بدافع القلق من أن تضر الخطوة التي تدرسها أستراليا بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل بفرص السلام. والاجتماع كان بناءً على طلب من السفارة الفلسطينية في أستراليا.
وقال خيرت: «اتفقنا على إرسال خطاب إلى وزيرة الخارجية، نبدي فيه قلقنا ومخاوفنا إزاء مثل هذا التصريح». وتابع: «أي قرار مثل هذا قد يضرّ بعملية السلام... سيكون لذلك عواقب سلبية على العلاقات، ليس فقط بين أستراليا والدول العربية وإنما الكثير من (الدول الإسلامية) أيضاً».
وكان موريسون قد قال، أمس، إن بلاده منفتحة تجاه الاعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل ونقل سفارتها من تل أبيب إلى المدينة. وجاء حديثه قبل أربعة أيام من الانتخابات الفرعية في سيدني، حيث يواجه تحالف يمين الوسط الذي ينتمي إليه، خطر فقدان قبضته على السلطة.
وستُجرى انتخابات على مقعد ونتوورث الشاغر. وتوضح الأرقام أن 12.5% من السكان في ونتوورث يهود، وهي النسبة الأكبر لهم من أي مكان آخر في أستراليا.
وسلطت وسائل إعلام أسترالية الضوء على أن المرشح، الذي ينافس مرشح حزب موريسون في الانتخابات الفرعية المنتظرة، السبت المقبل، في نتوورث، هو ديف شارما سفير أستراليا السابق لدى إسرائيل، الذي أثار فكرة الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة أستراليا إليها من قبل.
وفي وقت سابق الاثنين، نادى شارما بالاعتراف بالقدس خلال حدث انتخابي في بوندي.
وهاجمت الناطقة باسم حزب العمال المعارض للسياسة الخارجية، بيني وونغ، رئيس الوزراء موريسون، ووصفته بأنه بائس. مضيفةً أنه «من أجل الحفاظ على منصبه مستعدّ لقول أي شيء، إنه يعتقد أنه سيجني بضعة أصوات إضافية -حتى على حساب مصالح أستراليا الوطنية».
لكن موريسون نفى أنه يريد استمالة اليهود أو أنه رضخ لضغوط أميركية. وقال إنه منفتح على الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، مع التمسك بسياسة أستراليا المؤيدة لقيام دولة فلسطينية. وأضاف: «أعتقد أن علينا تحدي القول بأن قضايا مثل دراسة مسألة العاصمة تعد من المحرمات». وتابع: «لم يُتخذ قرار في ما يتعلق بالاعتراف بالعاصمة أو نقل سفارة... لكن ما نفعله في نفس الوقت، هو ببساطة، أن نكون منفتحين على هذا المقترح».
وفوراً أثارت تصريحاته موجة جدل كبيرة في الداخل.
وأدانت السفارة الفلسطينية في أستراليا الإعلان، ووصفته بـ«المقلق للغاية». وقالت إنه سوف يعزز محاولات الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإحياء مفاوضات السلام، بطريقة تتجاهل مسألة القدس واللاجئين.
كان ترمب قد اعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة إليها، في خطوة أغضبت الفلسطينيين وقادت إلى قطيعة مع واشنطن. ونادت السفارة في بيان كانبيرا، إلى «توخي الحذر والتعقل إزاء مسألة الوضع النهائي الحساسة هذه، والتفكير بشكل جدي في عواقب خطوة كهذه».
ولم يسلم موريسون من انتقادات داخلية. ووصفت صحيفة سيدني «مورنينغ هيرالد»، التغير الواضح في الموقف، بأنه «مجرد من المبادئ وجبان». وقال المحلل السياسي في جامعة سيدني، رود تيفن، إن دافع التغير في الموقف هي السياسة الداخلية. وأضاف: «هذا تغيير كبير. إنه يخالف الجميع باستثناء أميركا... ولكن مع إجراء انتخابات ونتوورث، بعد ثلاثة أيام، فإن الأمر واضح تماماً... لأن هناك ناخبين يهوداً».
وفوراً رحبت إسرائيل بالتغيير الواضح في السياسة. وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي اتصل به موريسون لتوضيح موقفه، على «تويتر»، إنه يشكر موريسون جداً على دراسته هذه الخطوة. وأَضاف: «سكوت موريسون أبلغني بأنه يدرس الاعتراف رسمياً بالقدس عاصمةً لإسرائيل ونقل السفارة الأسترالية إلى القدس. أنا أشكره على ذلك». وتابع: «سوف نستمر في تعزيز العلاقات بين إسرائيل وأستراليا».
لكن لاحقاً، بدا أن موريسون تراجع في مواجهة الانتقادات الكبيرة، مؤكداً أنه يريد مشاورة حلفائه أولاً. وقال بعد ساعات من إعلانه، إنه منفتح على فكرة الاعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل، وإنه يرغب في «استطلاع آراء قادة المنطقة في هذه القرار، قبل أن تشكل الحكومة وجهة نظر محددة حول هذه القضية».



​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
TT

​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)

يتكبد المزارعون اليمنيون خسائر كبيرة بسبب موجة الصقيع التي تشهدها البلاد بفعل الموجة الباردة التي تمر بها منطقة شبه الجزيرة العربية تزامناً مع عبور منخفض جوي قطبي، فيما يحذر خبراء الأرصاد من اشتدادها خلال الأيام المقبلة، ومضاعفة تأثيراتها على السكان والمحاصيل الزراعية.

واشتكى مئات المزارعين اليمنيين في مختلف المحافظات، خصوصاً في المرتفعات الغربية والوسطى من تضرر محاصيلهم بسبب الصقيع، وتلف المزروعات والثمار، ما تسبب في خسائر كبيرة لحقت بهم، في ظل شحة الموارد وانعدام وسائل مواجهة الموجة، مع اتباعهم طرقاً متعددة لمحاولة تدفئة مزارعهم خلال الليالي التي يُتوقع فيها زيادة تأثيرات البرد.

وشهد عدد من المحافظات تشكّل طبقات رقيقة من الثلج الناتجة عن تجمد قطرات الندى، خصوصاً فوق المزروعات والثمار، وقال مزارعون إن ذلك الثلج، رغم هشاشته وسرعة ذوبانه، فإنه أسهم في إتلاف أجزاء وكميات من محاصيلهم.

وذكر مزارعون في محافظة البيضاء (270 كيلومتراً جنوب شرقي صنعاء) أن موجة الصقيع فاجأتهم في عدد من الليالي وأتلفت مزروعاتهم من الخضراوات، ما دفعهم إلى محاولات بيع ما تبقى منها قبل اكتمال نضوجها، أو تقديمها علفاً للمواشي.

خضراوات في محافظة عمران أصابها التلف قبل اكتمال نضجها (فيسبوك)

وفي مديرية السدة التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، اشتكى مزارعو البطاطس من تلف الثمار خلال الأيام الماضية، بينما كانوا ينتظرون اكتمال نضوجها للبدء في تسويقها ونقلها إلى منافذ البيع.

ويعتزم غالبية المزارعين التوقف عن الزراعة خلال الأسابيع المقبلة حتى تنتهي موجة الصقيع، مشيرين إلى أن تأثير الموجة يكون أشد على المزروعات في بداية نموها، بينما يمكن للمزروعات التي نمت بشكل كافٍ أن تنجو وتكمل نموها، إلا أنها لن تصل إلى مستوى عالٍ من الجودة.

أسبوع من الخطر

في غضون ذلك حذّر مركز الإنذار المبكر في محافظة حضرموت السكان من موجة برد شديدة، وتشكّل الصقيع على مناطق الداخل، خلال الأيام المقبلة، داعياً إلى اتخاذ أقصى التدابير، واتباع الإرشادات الصحية للوقاية من ضربات البرد القارس، واستخدام وسائل التدفئة الآمنة مع رعاية كبار السن والأطفال من تأثيراتها.

طفلة يمنية بمحافظة تعز تساعد عائلتها في أعمال الزراعة (فيسبوك)

ونبّه المركز المزارعين لضرورة اتباع إرشادات السلامة لحماية محاصيلهم من آثار تشكل الصقيع المتوقع تحديداً على المرتفعات والأرياف الجبلية في مختلف المحافظات.

وخصّ بتحذيراته الصيادين والمسافرين بحراً من اضطراب الأمواج، واشتداد الرياح في مجرى المياه الإقليمية وخليج عدن وحول أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي، وسائقي المركبات في الطرق الطويلة من الغبار وانتشار العوالق الترابية نتيجة هبوب رياح نشطة السرعة، وانخفاض مستوى الرؤية الأفقية.

وطالب المركز باتخاذ الاحتياطات لتجنيب مرضى الصدر والجهاز التنفسي مخاطر التعرض للغبار خاصة في المناطق المفتوحة والصحراوية.

وتتضاعف خسائر المزارعين في شمال اليمن بسبب الجبايات التي تفرضها الجماعة الحوثية عليهم، فعلى الرغم من تلف محاصيلهم بسبب الصقيع، فإن الجماعة لم تعفهم من دفع المبالغ المقررة عليهم، خصوصاً أنها - كما يقولون - لجأت إلى فرض إتاوات على محاصيلهم قبل تسويقها وبيعها.

طبقة من الثلج تغطي خيمة نصبها مزارع يمني لحماية مزروعاته من الصقيع (إكس)

ومن جهتهم، حذّر عدد من خبراء الأرصاد من خلال حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من موجة برد شديدة تستمر حتى مطلع الأسبوع المقبل، على مختلف المناطق والمحافظات، بما فيها الصحارى، وتصل فيها درجة الحرارة إلى ما دون الصفر، مع احتمالات كبيرة لإتلاف مختلف المزروعات والمحاصيل.

صقيع وجراد

وتؤثر موجات الصقيع على أسعار الخضراوات والفواكه بسبب تراجع الإنتاج وارتفاع تكلفته، وإلى جانب ذلك تقل جودة عدد من المنتجات.

وأوضح خبير أرصاد في مركز الأرصاد الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية أن كتلة هوائية قطبية بدأت، أخيراً، التقدم باتجاه المناطق الشمالية والصحراوية، مع هبوب الرياح الشمالية الجافة، متوقعاً أن تسهم في إثارة ونقل كميات كبيرة من الغبار يمتد تأثيرها إلى خارج البلاد.

يمني في محافظة ذمار يتجول على دراجته ملتحفاً بطانية (فيسبوك)

ووفق الخبير الذي طلب التحفظ على بياناته، بسبب مخاوفه من أي عقوبات توقعها الجماعة الحوثية عليه بسبب حديثه لوسائل إعلام غير تابعة لها، فمن المحتمل أن تكون هذه الكتلة الهوائية القطبية هي الأشد على البلاد منذ سنوات طويلة، وأن تمتد حتى السبت، مع وصول تأثيراتها إلى كامل المحافظات.

وبيّن أن التعرض للهواء خلال هذه الفترة قد يتسبب في كثير من المخاطر على الأفراد خصوصاً الأطفال وكبار السن، في حين سيتعرض كثير من المزروعات للتلف، خصوصاً في المرتفعات والسهول المفتوحة، مع احتمالية أن تنخفض هذه المخاطر على المزارع في الأودية والمناطق المحاطة بالمرتفعات.

ووفقاً للخبراء الزراعيين، فإن الصقيع يتسبب في تجمد العصارة النباتية في أوراق النباتات وسيقانها الطرية، وبمجرد شروق الشمس، وتغيّر درجات الحرارة، تتشقق مواضع التجمد أو تذبل، تبعاً لعوامل أخرى.

تحذيرات أممية من عودة الجراد إلى اليمن خلال الأسابيع المقبلة (الأمم المتحدة)

وطبقاً لعدد من الخبراء استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم، فإن تأثيرات الصقيع تختلف بحسب تعرض المزارع للرياح الباردة، إلا أن تعرض المزروعات للرياح الباردة في المرتفعات لا يختلف كثيراً عن وقوع نظيرتها في الأودية والسهول تحت تأثير الهواء الساكن شديد البرودة.

وفي سياق آخر، أطلقت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) تحذيراً من غزو الجراد في اليمن، بعد انتشار مجموعات قليلة منه على سواحل عدة دول مطلة على البحر الأحمر، بما فيها السواحل اليمنية.

وتوقعت المنظمة في تقرير لها أن تزداد أعداد الجراد وتتكاثر في اليمن خلال فصل الشتاء، وأن تتجه الأسراب إلى سواحل البحر الأحمر للتكاثر، ما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في أعداد الجراد في المنطقة، بما يشمل اليمن.

ويعدّ الجراد من أكثر التهديدات التي تواجهها الزراعة في اليمن، ويخشى أن يؤثر وصول أسرابه إلى البلاد على الأمن الغذائي.