بعلبك تحن إلى عودتها لحضن الدولة

الأهالي كسروا حاجز الخوف وأعلنوا عن ضيقهم من الفلتان فكانت الخطة الأمنية

فندق بالميرا العريق في بعلبك يعاني من تجاهل الترميم ({فيسبوك})
فندق بالميرا العريق في بعلبك يعاني من تجاهل الترميم ({فيسبوك})
TT

بعلبك تحن إلى عودتها لحضن الدولة

فندق بالميرا العريق في بعلبك يعاني من تجاهل الترميم ({فيسبوك})
فندق بالميرا العريق في بعلبك يعاني من تجاهل الترميم ({فيسبوك})

تحاول مدينة بعلبك عاصمة البقاع الشمالي التفلت من حاضرها، كأن بها رغبة بالعودة إلى عصرها الذهبي في ستينات وسبعينات القرن الماضي. هذا ما تشي به الإقامة في فندق بالميرا الذي شيده عام 1872 المهندس اليوناني ميمكاليس باركلي المطل على الأعمدة التاريخية في المنطقة الرومانية. وهذا ما يكرسه موظفان في الثمانين من عمرهما يتوليان الخدمة. هما في الفندق منذ خمسينات القرن الماضي، كما يقول أحدهما، أحمد كساب، لـ«الشرق الأوسط». ويضيف: «كان في المدينة أربعين سيارة وخمس باصات و10 سيارات تاكسي أميركية. أجرة ركوب الباص إلى بيروت ربع ليرة. وأجرة التاكسي الأميركاني ليرة كاملة».
تحط الرحال في غرفة جان كوكتو. هنا نام الكاتب والمصمم والكاتب المسرحي والفنان والمخرج عام 1960. وهنا رسم على الجدار وجهاً مع «تحية ودية» وترك لوحة لمسرحية «الآلة الشيطانية» التي قدمها في مهرجانات المدينة الدولية بالاشتراك مع الممثلة جان مورو. وأودع كلمات جاء فيها: أليست الشرفة الغامضة لبعلبك التي يفترض أن يرحل منها البشر نحو النجوم، هي المكان المثالي لإقلاع الشاعر ومداه.
تشعر أنك في ضيافته أو أنت دخيل عليه. ذلك أنك تبحث عن بعلبك التي لم يعرفها. فقد عرف بعلبك عندما كانت تعبق بسحر تاريخها وتتحضر للازدهار لتحتل مكانة تليق بها. يدل على ذلك المجد الغابر للفندق، الذي بدأ يتداعى ويتساقط طلاء الجدران في قاعاته وغرفه. لا تجديد ولا صيانة. والسبب هو ما سيطالعك عندما تغادره باتجاه شوارع المدينة وناسها، حيث تطغى الأعلام السود في ذكرى عاشوراء والثياب السود التي تشكل زياً موحداً للعابرين من نساء ورجال.
تترك المجد الغابر للفندق فأنت لا تريد أن تقع ضحية الازدواجية بين كل هذا الشعر والسحر والفن والعظمة مقابل ما سوف يتكشف لك بعد حوارات مع أهل المدينة الذين يتابعون نتائج الخطة الأمنية بحذر، لأن تجاربهم السابقة برهنت لهم أن حياتهم هنا محكومة بالقمع والخوات والتهريب ونهب المال العام والموارد الطبيعية. وأن الخطط الأمنية تبقى مرحلة عابرة لامتصاص النقمة الشعبية أو الإيحاء بأن الدولة تقوم بواجباتها في حين أن الآمر والناهي في المدينة معروف.
أحد الظرفاء قال: «إنه لم يعد يستطيع النوم، لأن الناس تعودوا أزيز الرصاص، الذي خفت مع وجود الجيش في شوارع المدينة»، مضيفاً: «صدقاً نحن نحب الدولة لكن المطلوب منها أن تحبنا بالمقابل».
ملاحظتان تستوقف زائر بعلبك - الهرمل، الأولى أن حاجز الجيش عند مدخل الفندق، ينسحب عناصره مساءً، ليحل مكانهم عناصر من «حزب الله»، ويقطعون الطريق في الاتجاهين، خلال إحياء مراسم عاشوراء في إحدى الحسينات وسط بعلبك.
والثانية هي السجائر، فثمنها في بعلبك أقل منه في بيروت. ولدى السؤال عن السبب يجيب البائع بثقة وبصوت عالٍ ومن دون أي إحراج: لأنها تهريب.
يقول فؤاد لـ«الشرق الأوسط»، إن «الخطة الأمنية صفر. لكن كان من المفترض القيام بها لاسترضاء أهالي بعلبك - الهرمل بعدما كسروا حاجز الخوف وأعلنوا عن ضيقهم من الفلتان الأمني الذي يحظى بغطاء من قوى الأمر الواقع».
وفؤاد ليس اسماً حقيقياً، كذلك معظم الأسماء التي تدلي بشهادتها، لأن التحفظ على الهويات هو الشرط الأول للحديث.
لا يوافق علي، ولا يستطيع أن يكبت غضبه. يقول: «الإنماء حصل على صعيد الطرق والبنى التحتية. وهناك معمل لفرز النفايات. الأحوال تتحسن. وإن بقيت غير كافية. والتقصير من الدولة وليس من حزب الله الذي يحاول أن يسد الفراغ الاقتصادي والأمني بكل ما أوتي من قدرة. لولاه لكانت أوضاعنا كارثة».

ولاءات وانعدام الخدمات
علي يشير إلى أن من يعتمد على حزب الله اقتصادياً يقارب 20 في المائة يحصلون على رواتب شهرية من خلال عملهم في مؤسسات الحزب، وهناك 50 في المائة يتلقون مساعدات لقاء الولاء والتأييد والمشاركة في كل ما يتعلق بالحزب. هذا عدا المساعدات المتفرقة وبطاقات «نور» التي تؤمن لحاملها حسومات كبيرة لشراء مختلف السلع. عندما لا يجد المواطن مورداً يصبح المورد «حزب الله».
يوافقه صاحب مكتبة، فيوضح أن ثلث زبائنه يشترون الكتب والقرطاسية لأولادهم مع بدء العام الدراسي ببطاقات «نور» التي يقدمها الحزب إلى الأهالي.
رئيس البلدية السابق غالب ياغي يقول لـ«الشرق الأوسط»: «لدى أهل بعلبك - الهرمل موجة عالية من السخط، فخلال 25 عاماً لم يقدم الحزب ومعه حركة أمل شيئاً للمنطقة. لذا نلاحظ الجهود الحالية لوضع الشيعة في معركة مع الطوائف الأخرى وإيهامهم بأنهم مستهدفون. ويا غيرة الدين». ليستدرك: «هم يملكون السلاح والمال ويتحكمون بالمنطقة، لكن الناس تنتخبهم. النق جارٍ لكن لا موقف».
ويضيف ياغي أن «النقمة يرتفع منسوبها بين حين وآخر. فقد تم تعيين 70 شيعياً من الجنوب في جهاز أمن الدولة ولم يعين أحد من بعلبك - الهرمل، مما أثار حفيظة الأهالي الذين يتهمون الثنائي الشيعي بأنه السبب في الأزمة الاقتصادية وتشريع الفلتان الأمني، الجميع يعرف أن الزعران لديهم غطاء لم يتوقف نهائياً لكنه خف كثيراً. ونتمنى أن يدوم بوجود الجيش مع الخطة الأمنية».
ويوضح ياغي أن قوى الأمن تخاف قمع المخالفات. لأن من يملك النفوذ والغطاء لا يخضع للقانون. بالتالي كل ما يحصل هباء. الحل هو بقيام الدولة. إذ لا يزال من هو خارج الدولة يقوم بما يقوم به رغم الخطة الأمنية».
حتى المؤيدين للحزب أو حركة أمل يتحدثون عن تجاوزات. «فالقوى الأمنية توقف أحدهم، يأتي قرار بإخراجه. وكأن الكلام عن رفع الغطاء قرار فاضي. وغالباً ما يستنجد الذي يتعرض إلى تهديد واعتداء بالقوى الأمنية. إلا أنها لا تأتي إلا بعد فوات الأوان. هذا إذا لم تتعرض إلى إطلاق نار على عناصرها».
فرض الخوات على الناس ظاهرة يصفها التجار بالكارثة. يقول أحدهم: «بعد دخول الجيش توقفت عصابات فرض الخوة. هم الآن يشعرون بالتهديد لوجود الجيش. إذا خفت قبضة الجيش تعود الخوات».
حديث النقمة يجب أن يتم من دون شهود، لذا يستدعي الحوار تغيير الأماكن في المقهى بعيداً عن أسماع الفضوليين، كما يقول محاوري، مضيفاً: «أمن مفقود يعنى استقرار مفقود. كان أهل بيروت يحبون قضاء عطلهم في رأس العين. اليوم يقاطعون المنطقة خوفاً من سلب سياراتهم على الطريق. حتى ابن بعلبك الذي يعيش في بيروت، صار يخاف، فيتجنب الحضور ما لم يكن مضطراً».
ويضيف: «ظاهرة أخرى تقلق صغار التجار الذين يقعون في قبضة عصابات تتاجر بالكبتاغون والأبيض التي تعطي المحتاجين منهم ديوناً مع فوائد كبيرة، ثم تصادر تجارتهم بعد تراكم الفوائد وتستخدم هذه المتاجر لتبييض الأموال».

شد عصب عشائري وطائفي
يقول الناشط السياسي حسين الحاج حسن لـ«الشرق الأوسط» إن «من يمشي في شوارع بعلبك، يلاحظ أن كل خمسة أمتار هناك مظاهر استرضاء للناس، ومحاولة شد العصب من خلال الشحن الطائفي والمذهبي. الانتخابات كانت المفصل الذي أشار إلى حالة التململ، حتى الساعة الخامسة عصرا في يوم الانتخابات ظهرت الأزمة واضحة، وصولا إلى التمديد والحشد واللعب بالأصوات، ومجرد وجود ثلاث لوائح في وجه لائحة الثنائي الشيعي أمر لم يكن يحصل سابقاً. كما أن الكلام على وسائل التواصل الاجتماعي يشير إلى أن نفوذ الثنائي الشيعي لم يعد كما كان».
لكن صديق حسين لا يوافقه. هو يعتبر أن الحزب تمكن من استعادة ساحته وشد العصب. يقول: «ربما الضائقة الاقتصادية هي السبب. لكن الأمور لن تبقى على ما هي عليه، لأنهم لا يريدون تغيير الأوضاع. قدمنا مشاريع زراعات بديلة وحصلنا على عدة آلاف من شتل الزيتون كبديل عن زراعة حشيشة الكيف، لكن لا أحد يريد أن يسمعنا. كما أنهم نقلوا المحافظة من داخل بعلبك إلى جرود بعلبك. اختاروا عقاراً في الجرد وأبرموا صفقة لقطعة أرض عادة لا يتجاوز ثمنها 300 ألف دولار، لتباع إلى الجهة المانحة التي تساهم في بناء المحافظة بـ8 ملايين دولار».
يدخل جهاد على سياق الحديث، فيقول: «هناك مضاربات عقارية ولعب على الوتر الطائفي. ثكنة غورو وسط المدينة، تركها الجيش، وسكنها مهجرون لبنانيون. مساحتها 25 ألف متر تصلح لتجميع إدارات الدولة وفيها مواقف لركن السيارات مما يحل مشكلة السير. وفيها 600 مهجر، أنجزت دراسة لدفع تعويضات لهم مقابل إخلائهم الثكنة. اعترض حزب الله وحركة أمل، صار عدد المهجرين 1200 ثم ارتفع إلى 2400 ثم طوي الملف ووقف المشروع، وبقيت الثكنة بؤرة لكل الآفات التي يمكن تصورها».
وفي حين يعتبر جهاد أن الحديث عن انحسار سيطرة الثنائي الشيعي عن المنطقة هو حلم وأمنية ذاتية. يقول: «التململ يجب أن يتحول إلى فعل. المطلوب أن يدعم الأهالي المشاريع الإيجابية التي لا تهدف إلا إلى تحسين أوضاعهم، كما هي الحال في مساندة التحرك لإنقاذ مياه ينابيع رأس العين من السرقة. الموضوع ليس سياسيا هو موضوع مياه وإنماء. هناك حجم أعمال بقيمة 25 مليار ليرة ومشروع شبكة عملية بتمويل من البنك الدولي. سلمه البنك إلى مصلحة المياه مع تقديم دعم تكنولوجي، وساهم في تمويل عقد تشغيل لشركة خاصة لأن مصلحة المياه لا تستطيع القيام بالعمل. المشغل يقبض ولا يقوم بشيء. فقد تم حفر أربعة آبار على حوض رأس العين. وبدأ بيع المياه الذي يجب أن تصل إلى الناس. والقيمون على المشروع يتقاسمون الأرباح، ومع هذا لم يتحرك المزارعون المتضررون من نضوب ينابيع رأس العين التي تسقي بساتينهم. تم رفع دعوى، لكن هناك مماطلة لأن الدعوى بيد قوى الأمر الواقع».
ولا تنتهي مشكلات بعلبك. لكن يبقى البكاء على أطلال المجد الغابر. يقول الموظف في فندق بالميرا أحمد كساب: «رأس العين كانت مثل الغابة اليوم أصبحت صحراء».
رزق الله على أيام زمان، كانت بعلبك في عزها في عهد الرئيس كميل شمعون. كان يأتي مع مرافق واحد هو سائقه، يجلس مع العمال يأكل معهم الكوسا بالبرغل. وكانت فيروز تحضر ومعها فرقة مؤلفة من 120 شخصاً لتقديم الليالي اللبنانية في المهرجانات. كلهم أقاموا في «بالميرا»، كذلك فريد الأطرش وعبد الحليم حافظ وغيرهم، أم كلثوم كانت تتعشى في «بالميرا» وتذهب لتنام لدى صديقتها بديعة مصابني في «شتورا». كل لبنان يتحسن إلا بعلبك. أصبحت أسوأ مما كانت عليه في خمسينات وستينات القرن الماضي.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.