«رخاوة» مفاوضات {بريكست} تزعج الشركات الألمانية

«رخاوة» مفاوضات {بريكست} تزعج الشركات الألمانية
TT

«رخاوة» مفاوضات {بريكست} تزعج الشركات الألمانية

«رخاوة» مفاوضات {بريكست} تزعج الشركات الألمانية

قبل أقل من ستة أشهر من موعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، تبدي الشركات الألمانية استياءها من طريقة سير المفاوضات التي تسبق موعد بريكست، وتكرر التحذير من مخاطر الانسحاب بلا اتفاق.
وقال يواخيم لانغ، رئيس الاتحاد الصناعي الألماني، إن «على أوروبا أن تمنع أسوأ سيناريوهات بريكست»، محذرا من أن «انفصالا للمملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي دون اتفاقية مغادرة أو اتفاقية مرحلية أو توضيح لمستقبل العلاقة؛ ما زال واردا». وبحسب الاتحاد الصناعي الألماني، فإن مصير نحو 50 ألف وظيفة في ألمانيا مهدد، لأنها تعتمد مباشرة على المبادلات مع المملكة المتحدة.
وبالأرقام المالية، فإن أكبر اقتصاد في أوروبا باع 84.4 مليار يورو (97.4 مليار دولار) من السلع إلى بريطانيا عام 2017. ما يجعل بريطانيا خامس أكبر المستوردين من ألمانيا التي استوردت منها سلعا بقيمة 37.1 مليار يورو. وتلك الأرقام تعني أن مغادرة بريطانيا دون اتفاق ستكون «كارثة يمكن أن تتسبب بمزيد من الصعوبات لعشرات آلاف العمال على جانبي القنال الإنجليزي»، بحسب لانغ.
وتهدف المحادثات الجارية لتسوية قضايا متعلقة بالانسحاب والموافقة على «مرحلة انتقالية» لتسهيل مغادرتها بإبقائها تحت القوانين الأوروبية لغاية 2020.
وفيما تم الاتفاق على الكثير من تلك القضايا، إلا أن المفاوضات تتعثر حول مسائل شائكة، مثل الحدود الآيرلندية التي لا تسمح بتنازلات كبيرة، وتقسم غالبية حكومة تيريزا ماي.
وأطلق على قمة أوروبية هذا الأسبوع «ساعة الحقيقة»، فيما يتعين على مشرعين - في كل من وستمنستر والبرلمان الأوروبي - إعطاء الضوء الأخضر لأي اتفاق وسيحتاجون لفترة من الوقت لمناقشته قبل موعد بريكست المقرر في 29 مارس (آذار) 2019. وما يزيد من الضغوط، إعلان المفوضية الأوروبية الأسبوع الماضي أنها تدرس خططا لاحتمال عدم التوصل لاتفاق بشأن بريكست.
لكن الشركات الأكثر عرضة لاحتمال تعرقل عملياتها من جراء بريكست، أقل قلقا مما يشعر به رئيس الاتحاد الصناعي.
وقالت سامية زيمرلينغ، رئيسة إدارة التصدير في شركة دلتا بروناتورا المصنعة لمواد التنظيف، ولديها عمليات في كل من ألمانيا والمملكة المتحدة: «إذا أصبحت بريطانيا دولة ثالثة (بخسارة عضويتها في السوق الموحدة الأوروبية) ذلك ليس بمشكلة، فنحن نتعامل مع 50 من الدول الثلاث».
لكنها أسفت للمحادثات المطولة التي تؤخر القيام بالتعديلات الملموسة الضرورية للشركات في أي ترتيبات تجارية جديدة، مثل تحديث أنظمة تكنولوجيا المعلوماتية المعقدة. وقالت: «ننتظر يوميا. ليس لدينا أي ثقة بالحكومة البريطانية، فهي غير حاسمة».
وحضرت زيمرلنيغ ونحو 200 مسؤول من قطاع الأعمال مؤتمرا الأربعاء الماضي نظمته غرفة التجارة والصناعة في فرنكفورت، ضمن سلسلة من الفعاليات في مراكز اقتصادية في مختلف أنحاء ألمانيا.
وتنطوي مغادرة بريطانيا على أهمية بشكل خاص لفرنكفورت، التي تعد شريان منطقة «الراين - ماين» ومركزا ماليا في الوقت نفسه.
ويأمل المصرفيون والمسؤولون السياسيون الألمان المحليون في جذب الأعمال المصرفية من لندن في أعقاب بريكست، وقد أحصت مجموعة الضغط «فرنكفورت - ماين فانيانس» الأسبوع الماضي 26 مؤسسة مالية ستقوم بنقل بعض عملياتها.
لكن في اجتماع الأربعاء، ركز خبراء من وزارة المال في برلين وإدارة الجمارك على شرح مسائل بسيطة لقادة الأعمال المجتمعين، محاولين الخروج بنبرة متفائلة وانتزاع ضحكات الحضور، غاصوا في كيفية التسجيل في البرامج الإلكترونية للجمارك أو استعادة مبالغ الضريبة على السلع المصدرة خارج الاتحاد الأوروبي.
وقال ثورستن نوبيكر، من شركة النقل بالشاحنات «إم أو إل لوجيستيكس» بين ألمانيا والمملكة المتحدة، إن فرض مزيد من الحواجز على التجارة «لن يكون أمرا جديدا بالنسبة لنا كشركة». وأضاف: «نفترض أن تكون هناك فترة انتقالية من سنتين لإعطائنا الوقت للتكيف»، متابعا: «هل سيكون البريطانيون منطقيين، هل ستكون بروكسل منطقية؟ لا أعرف، علينا أن نأمل ذلك».
لكن ألكسندر شروير من مؤسسة كوتا سولوشنز، التي تقدم النصائح للشركات بشأن التجارة العالمية، كان أكثر تشاؤما. وقال: «هناك نقاش سياسي في إنجلترا ليس له أي علاقة بالاتفاقية نفسها»، وأضاف: «واضح بالنسبة لي أنه سيكون (بريكست) متشددا».



البنك الدولي يخفض توقعاته للنمو في الشرق الأوسط إلى 3.4 % خلال 2025

تصاعد الدخان من شمال غزة قبل وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس» (رويترز)
تصاعد الدخان من شمال غزة قبل وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس» (رويترز)
TT

البنك الدولي يخفض توقعاته للنمو في الشرق الأوسط إلى 3.4 % خلال 2025

تصاعد الدخان من شمال غزة قبل وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس» (رويترز)
تصاعد الدخان من شمال غزة قبل وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس» (رويترز)

توقّع البنك الدولي نمو منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بنسبة 3.4 في المائة خلال عام 2025، تراجعاً من توقعاته السابقة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حين رجّح نموها للعام الحالي بنحو 3.8 في المائة. كما توقع نمواً للمنطقة في العام المقبل بواقع 4.1 في المائة.

ورجح أن تُنهي الاقتصادات النامية -التي تُحرّك 60 في المائة من النمو العالمي- الربع الأول من القرن الحادي والعشرين بأضعف مستويات لتوقعات النمو على المدى الطويل منذ عام 2000.

وبالنسبة إلى الاقتصاد العالمي، فتوقع نموه بنحو 2.7 في المائة خلال 2025 و2026، وهي الوتيرة نفسها التي شهدها عام 2024، مع الانخفاض التدريجي للتضخم وأسعار الفائدة.

وذكر البنك الدولي في تقرير آفاق الاقتصاد العالمي أن توقعاته لعام 2025 تقل عن توقعاته السابقة، كون عدداً من البلدان الرئيسية المصدرة للنفط مددت بعض التخفيضات الطوعية في إنتاج النفط. وقال إن الآفاق المستقبلية في المنطقة تتسم بدرجة عالية من عدم اليقين، بسبب استمرار الصراعات المسلحة والتوترات التي لا تزال شديدة في عدد من البلدان.

مجلس التعاون الخليجي

وفي بلدان مجلس التعاون الخليجي، توقّع البنك الدولي أن يبلغ النمو 3.3 في المائة في 2025، انخفاضاً من توقعاته في أكتوبر البالغة 4.2 في المائة، وذلك بسبب تمديد التعديلات الطوعية لإنتاج النفط. وعلى مستوى البلدان المصدرة للنفط من خارج مجلس التعاون الخليجي، فمن المتوقع أن يظل النشاط الاقتصادي ضعيفاً.

العاصمة الرياض (أ.ف.ب)

وعلى مستوى البلدان المستوردة للنفط، من المتوقع أن يزيد معدل النمو إلى 3.9 في المائة في المتوسط خلال 2025-2026، مدفوعاً في المقام الأول بقوة الطلب المحلي مع تراجع الضغوط التضخمية.

وفي مصر، سيُعزز الاستهلاك الخاص النشاط الاقتصادي ويدعمه، إضافة إلى تراجع التضخم، وزيادة تدفقات تحويلات المغتربين والاستثمارات، خصوصاً في أعقاب استثمارات الإمارات.

ومن المتوقع أن يزداد معدل النمو في الأردن والمغرب وتونس، وفي الوقت نفسه سيظل في الحدود المتوسطة في جيبوتي، وهو ما يرجع أساساً إلى استقرار نشاط الموانئ.

رجل يركب دراجته الهوائية بين أشجار النخيل على طول مياه الخليج في مدينة الكويت (أ.ف.ب)

المخاطر

بالنسبة للبنك الدولي، فإن مخاطر التطورات السلبية الرئيسية التي تُهدد الآفاق المستقبلية تتمثل في تصاعد الصراعات المسلحة في المنطقة واشتداد حالة عدم اليقين بشأن السياسات، لا سيما التحولات غير المتوقعة في السياسات العالمية.

وفي البلدان المصدرة للنفط، قد يؤدي انخفاض الطلب العالمي وتراجع أسعار النفط إلى مزيد من التأخير في إنهاء تعديلات إنتاج النفط، ما يضعف آفاق النمو على مستوى المنطقة.

أما في البلدان المستوردة للنفط، فيمكن أن تؤدي زيادة التدابير الحمائية التي يتخذها الشركاء التجاريون إلى خفض الصادرات، وفي الوقت نفسه من الممكن أن يكون استمرار التضخم العالمي والسياسة النقدية الأكثر تشدداً مما كان متوقعاً لهما تأثير سلبي على تكلفة التمويل الأجنبي.

وتشمل مخاطر التطورات السلبية الأخرى زيادة الاضطرابات الاجتماعية ومعدلات تواتر الظواهر المناخية بالغة الشدة والكوارث الطبيعية الأخرى. لكن على الجانب الإيجابي، يمكن أن تؤدي السياسة النقدية العالمية الأكثر تيسيراً إلى تسهيل شروط التمويل.

ومن الممكن أن يعود النمو الأقوى من المتوقع في الاقتصادات الكبرى بالنفع على النشاط الاقتصادي في المنطقة، من خلال ارتفاع الطلب العالمي.

ولا تزال آفاق النمو تتسم بالغموض في لبنان، وسوريا، والضفة الغربية وقطاع غزة، واليمن. ومن المتوقع أن تؤدي المخاوف الأمنية المستمرة في خضم التوترات الجيوسياسية الشديدة إلى تقييد النمو وتصاعد حالة عدم اليقين.

لبنانيون يحتفلون بترشيح رئيس الوزراء نواف سلام في ساحة الشهداء ببيروت (أ.ف.ب)

الاقتصادات النامية

إلى ذلك، توقّع البنك الدولي أن تُنهي الاقتصادات النامية -التي تُحرّك 60 في المائة من النمو العالمي- الربع الأول من القرن الحادي والعشرين بأضعف مستويات لتوقعات النمو على المدى الطويل منذ عام 2000. وحتى مع استقرار الاقتصاد العالمي في العامين المقبلين، فمن المتوقع أن تحقق الاقتصادات النامية تقدماً أبطأ، في إطار جهود اللحاق بمستويات الدخل في الاقتصادات المتقدمة.

وتعليقاً على ذلك، قال إندرميت جيل، رئيس الخبراء الاقتصاديين بمجموعة البنك الدولي والنائب الأول لرئيس البنك الدولي لشؤون اقتصاديات التنمية: «إن السنوات الخمس والعشرين المقبلة ستكون أصعب بالنسبة للبلدان النامية، مقارنة بالسنوات الخمس والعشرين الماضية»، مشيراً إلى «تبدد معظم القوى التي ساعدت في نهضتها ذات يوم، وظهور عوامل سلبية حلّت محل هذه القوى؛ تمثلت في ارتفاع أعباء الديون، وضعف الاستثمار ونمو الإنتاجية، وارتفاع تكاليف تغير المناخ».

وأضاف: «في السنوات المقبلة، ستحتاج الاقتصادات النامية إلى دليل جديد يُركز على الإصلاحات المحلية لتسريع وتيرة الاستثمارات الخاصة، وتعميق العلاقات التجارية، وتشجيع الاستخدام الأكثر كفاءة لرأس المال والمواهب والطاقة».

وتُعدّ الاقتصادات النامية أكثر أهمية للاقتصاد العالمي مما كانت عليه في بداية القرن الحالي، فهي تُمثل نحو 45 في المائة من إجمالي الناتج المحلي العالمي، مقابل 25 في المائة في عام 2000. كما ازداد مستوى ترابطها والاعتماد المتبادل فيما بينها، حيث إن أكثر من 40 في المائة من صادراتها السلعية تذهب إلى اقتصادات نامية أخرى، أي ضعف النسبة المسجلة في عام 2000.

وقد أصبحت الاقتصادات النامية أيضاً مصدراً مهماً لتدفقات رأس المال العالمية، وتحويلات المغتربين والمساعدات الإنمائية إلى الاقتصادات النامية الأخرى، فبين عامي 2019 و2023 شكّلت هذه الاقتصادات 40 في المائة من التحويلات العالمية، ارتفاعاً من 30 في المائة في العقد الأول من هذا القرن.