وسائل التواصل في السلك التعليمي... طوق نجاة في حالات الطوارئ

وظفت الجامعات الأميركية خاصية رسائل «تويتر» في حالات الطوارئ  التي تنقطع فيها وسائل الاتصال التقليدية للتواصل مع الطلبة مثل الأعاصير (غيتي)
وظفت الجامعات الأميركية خاصية رسائل «تويتر» في حالات الطوارئ التي تنقطع فيها وسائل الاتصال التقليدية للتواصل مع الطلبة مثل الأعاصير (غيتي)
TT

وسائل التواصل في السلك التعليمي... طوق نجاة في حالات الطوارئ

وظفت الجامعات الأميركية خاصية رسائل «تويتر» في حالات الطوارئ  التي تنقطع فيها وسائل الاتصال التقليدية للتواصل مع الطلبة مثل الأعاصير (غيتي)
وظفت الجامعات الأميركية خاصية رسائل «تويتر» في حالات الطوارئ التي تنقطع فيها وسائل الاتصال التقليدية للتواصل مع الطلبة مثل الأعاصير (غيتي)

قد تتعدد استخدامات منابر التواصل الاجتماعي من التواصل إلى تبادل المعلومات وتناقل الأخبار حتى مخاطبة الشعوب، إلا أن المؤسسات التعليمية وجدت لها استخداما آخرا. حيث وظفت الجامعات الأميركية خاصية رسائل موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي في حالات الطوارئ التي تنقطع فيها وسائل الاتصال التقليدية للتواصل مع الطلبة وأولياء أمورهم. ففي حالات الأعاصير التي تجبر الجامعات على إغلاق أبوابها وينقطع عنها الاتصال الهاتفي تجد مراكز التواصل الاجتماعي في بعض الجامعات نفسها وقد تحولت إلى مراكز معلومات للطلبة وذويهم حول مواعيد إعادة الافتتاح وأحوال الجامعة بشكل عام.
وتستفيد الجامعات من تجاربها بحيث تكون أكثر استعدادا في المرات التالية التي تواجه فيها حالات طوارئ لكي يتحسن الأداء والإعداد المسبق لما يجب أن يفعله الفريق من أجل استمرار التواصل في كل الظروف. وعلى غرار فرق الإسعاف الأوليّ يتطوع في كل جامعة فريق تواصل اجتماعي للطوارئ مُدرَّب على استخدام «تويتر» ووسائل التواصل الأخرى.
وفي رصد لعدة حالات خلال إعصارين سابقين، هما إيرما وماثيو، تفوقت بعض الجامعات في التجاوب مع تساؤلات الطلبة وأحيانا الأساتذة عن وضع الجامعة أثناء حالة الطوارئ، وذلك باجتماع فريق الطوارئ في مقهى به تيار كهربائي ونقطة اتصال ساخنة بالإنترنت لكي يستجيب لجميع التساؤلات ويوفر ما يمكنه من إجابات بشكل صريح حتى لو كانت الإجابة هي «لا نعرف الوضع حاليا ولكننا سوف نذيعه فور معرفتنا».
واستخدمت فرق التواصل أحيانا مقاطع فيديو للرد على تساؤلات حول حجم الضرر الذي ألمّ بمباني الجامعة. وكان الهدف من التواصل هو إعادة الثقة للطلبة بأن جامعتهم على ما يرام وأن الدراسة سوف تستأنف في أقرب فرصة بعد زوال حالة الطوارئ.
ولا تقتصر مهام فريق التواصل الاجتماعي في الجامعات على الطوارئ وحدها وإنما تمتد في الأحوال العادية إلى التعريف بالجامعة لجذب الطلبة إليها وحماية سمعتها من أي إساءة إلكترونية بقصد أو بغير قصد. وفي المناسبات مثل حفلات التخرج أو استقبال الطلبة الجدد يقوم الفريق ببث كثير من رسائل «تويتر» الحية حول الأحداث. كما تحث رسائل «تويتر» أحيانا على ضرورة الانتباه لحالات التعدي المسلح الفردية على الجامعة، كما يحدث بين حين وآخر في أميركا.
وفي أحيان أخرى لا يتعدى نشاط الفريق توجيه الأشخاص إلى مراكز معلومات الالتحاق بالجامعة أو مساعدتهم على إيجاد مكان الكلية التي التحقوا بها. وأصبحت فرق التواصل الاجتماعي حاليا ضرورة في معظم الجامعات، تعمل بلا دعاية لتعزيز موقع الجامعة.
وتقول الخبيرة إيرين هينيسي من شركة «تي في بي» للعلاقات العامة المختصة بالتعليم العالي، إن مجال التواصل الاجتماعي في الجامعات يبدو وكأنه مستقر منذ سنوات طويلة، ولكنه في الواقع في بداياته ويتلمس أفضل السبل للقيام بمهامه وقواعد العمل التي يجب الالتزام بها. وهي تؤكد أن مهمة فرق التواصل لا تتوقف على مدار الساعة وأنها مهمة شاقة.
ومن أشق جوانب القيام بالمهمة على أكمل وجه إيجاد الأسلوب المناسب لهيبة الجامعات من ناحية، والذي يجذب الطلبة ويتفاعل معهم من ناحية أخرى. وقد اكتشف مدير التواصل الاجتماعي في جامعة إيسكس البريطانية أن تسفيه جامعات أخرى ليس هو الأسلوب الأمثل لجذب الطلبة إلى جامعة إيسكس. فقد بث المسؤول نكتة عن طريق «تويتر» حول قبول معهد تعليمي آخر طلابه عن طريق الرسائل الصوتية عبر جهاز «أليكسا»، ولكن المعهد أبدى غضبه من أسلوب تناول الموضوع الجدي، واضطرت جامعة إيسكس إلى الاعتذار.
ويحذر إندرو كريغا من جامعة ميسوري للعلوم والتقنية من استخدام الفكاهة التي قد تبدو مضحكة للمرسل، ولكنها لا تبدو كذلك للجمهور المتلقي. حتى في الأحوال الواضحة، مثل نكات أول أبريل (نيسان) التي يتبادلها البعض يأخذ البعض فكاهات هذا اليوم على نحو جدي كما حدث مع كريغا حيث وضع على موقع الجامعة الرسمي «كود جوال» وطلب من زوار الموقع مسح الكود بالهاتف الجوال قبل الدخول إلى الموقع للتأكد من هويتهم. ولكن نكتة الكود أثارت غضب كثيرين إذ اعتبروها إهانة من الجامعة لذكائهم، كما افترض آخرون أن موقع الجامعة قد تم اختراقه من هاكرز آخرين.
وتصل تغريدات بعض الجامعات إلى الاهتمام الشعبي العام مثلما كان الحال مع جامعة ميريلاند التي واصل فريق كرة السلة فيها نجاحاته إلى نهائيات بطولة الجامعات. وكانت تلاحق الفريق في شهرته تغريدات الجامعة نفسها التي كانت تهاجم كل من شكك في قدرات الفريق، ولكن بأسلوب مرح، ما أثار انتباه صحيفة «نيويورك تايمز» التي أشادت بفريق التغريد أكثر مما أشادت بفريق كرة السلة.


مقالات ذات صلة

لماذا تم حظر ظهور «المنجمين» على التلفزيون الرسمي في مصر؟

يوميات الشرق مبنى التلفزيون المصري «ماسبيرو» (تصوير: عبد الفتاح فرج)

لماذا تم حظر ظهور «المنجمين» على التلفزيون الرسمي في مصر؟

أثار إعلان «الهيئة الوطنية للإعلام» في مصر حظر ظهور «المنجمين» على التلفزيون الرسمي تساؤلات بشأن دوافع هذا القرار.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
شمال افريقيا الكاتب أحمد المسلماني رئيس الهيئة الوطنية للإعلام (موقع الهيئة)

مصر: «الوطنية للإعلام» تحظر استضافة «العرّافين»

بعد تكرار ظهور بعض «العرّافين» على شاشات مصرية خلال الآونة الأخيرة، حظرت «الهيئة الوطنية للإعلام» في مصر استضافتهم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق قرارات «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» أثارت جدلاً (تصوير: عبد الفتاح فرج)

​مصر: ضوابط جديدة للبرامج الدينية تثير جدلاً

أثارت قرارات «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» بمصر المتعلقة بالبرامج الدينية جدلاً في الأوساط الإعلامية

محمد الكفراوي (القاهرة )
الولايات المتحدة​ ديبورا والدة تايس وبجانبها صورة لابنها الصحافي المختفي في سوريا منذ عام 2012 (رويترز)

فقد أثره في سوريا عام 2012... تقارير تفيد بأن الصحافي أوستن تايس «على قيد الحياة»

قالت منظمة «هوستيدج إيد وورلدوايد» الأميركية غير الحكومية إنها على ثقة بأن الصحافي أوستن تايس الذي فقد أثره في سوريا العام 2012 ما زال على قيد الحياة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي شخص يلوّح بعلم تبنته المعارضة السورية وسط الألعاب النارية للاحتفال بإطاحة الرئيس السوري بشار الأسد في دمشق (رويترز)

فور سقوطه... الإعلام السوري ينزع عباءة الأسد ويرتدي ثوب «الثورة»

مع تغيّر السلطة الحاكمة في دمشق، وجد الإعلام السوري نفسه مربكاً في التعاطي مع الأحداث المتلاحقة، لكنه سرعان ما نزع عباءة النظام الذي قمعه لعقود.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

«أبل» و«ميتا»... صراع متجدد يثير تساؤلات بشأن «خصوصية البيانات»

شعار ميتا (رويترز)
شعار ميتا (رويترز)
TT

«أبل» و«ميتا»... صراع متجدد يثير تساؤلات بشأن «خصوصية البيانات»

شعار ميتا (رويترز)
شعار ميتا (رويترز)

مرة أخرى يتجدَّد الصراع بين عملاقَي التكنولوجيا «أبل»، و«ميتا»، مثيراً تساؤلات بشأن مدى «حماية خصوصية بيانات المستخدمين». وبينما رأى خبراء التقتهم «الشرق الأوسط» أن المعركة الأخيرة جزء من نزاع مستمر بين «أبل»، و«ميتا» يتيح لهما البقاء على عرش التكنولوجيا الرقمية، فإنهم أشاروا إلى أن تأثير الصراع بشأن الخصوصية قد يمتد إلى مواقع الأخبار.

المعركة الأخيرة بدأت منتصف الشهر الحالي، مع تحذير وجَّهته شركة «أبل» بشأن تقديم منافستها «ميتا» مالكة «فيسبوك» و«إنستغرام» نحو «15 طلباً للوصول العميق إلى البيانات، في إطار قانون الأسواق الرقمية الجديد بالاتحاد الأوروبي، وهو ما قد يضعف حماية بيانات المستخدمين».

ووفق «أبل»، فإنه «إذا حصلت طلبات (ميتا) على الموافقة، فسيكون باستطاعتها من خلال تطبيقاتها: (فيسبوك)، و(إنستغرام)، و(واتساب)، رؤية كل الرسائل القصيرة ورسائل البريد الإلكتروني والصور والمواعيد، وكل بيانات مكالمات المستخدمين». ونبَّهت «أبل»، في بيانها، إلى أن «مجموعة من الشركات تستخدم قانون الأسواق الرقمية الأوروبي؛ للوصول إلى بيانات المستخدمين». ولكن في المقابل، نفت «ميتا» هذه الاتهامات، وعدَّتها «حججاً تستخدمها (أبل) في إطار ممارساتها المضادة لحرية المنافسة». وقالت، في بيان لها، إن «(أبل) لا تعتقد بالتوافق بين الأجهزة الأخرى».

تعليقاً على ما هو حاصل، قال أنس بنضريف، الصحافي المغربي المتخصص في شؤون الإعلام الرقمي، إن «الصراع الأخير بين (أبل) و(ميتا) هو امتداد لمعارك سابقة متكررة ومتجددة بين عملاقَي التكنولوجيا». وأردف: «هناك قانونان يحكمان السوق الرقمية في أوروبا: الأول هو قانون الخدمات الرقمية الذي يستهدف منع الاحتكار وحماية بيانات المستخدمين. والثاني هو قانون الأسواق الرقمية الذي يجبر الشركات على إتاحة معلوماتها للمطوّرين».

وأوضح بنضريف أن «الصراع الأخير بين (أبل) و(ميتا) مرتبط بقانون التسويق الرقمي، إذ تعدّ (ميتا) من المطوّرين المتاحة تطبيقاتهم، مثل (إنستغرام) و(فيسبوك) على هواتف (أبل)». وتوقّع أن تنتهي المعركة لصالح «ميتا»، مبرراً ذلك بأن «حجة (أبل) ضعيفة وغير كافية، وخصوصية بيانات المستخدمين محمية قانوناً في أوروبا، إلا أن مخالفة (ميتا) لقوانين حماية الخصوصية تُعرِّضها لغرامات كبيرة... وفي أي حال الصراع هو جزء من معركة تستهدف الضغط على (أبل) لفتح خدماتها وإتاحتها على منتجات تابعة لشركات أخرى».

للعلم، حسب قانون الأسواق الرقمية الأوروبي، لا يسمح للشركات المشغّلة للمنصّات الحصول على امتيازات خاصة. وتطالب المفوضية الأوروبية شركة «أبل» بأن تغدو أجهزتها متوافقة مع التكنولوجيا التي تنتجها شركات أخرى.

وبموجب إجراءات المفوضية الأوروبية يتوجب على «أبل» تقديم وصف واضح للمراحل والمواعيد النهائية المختلفة والمعايير والاعتبارات التي ستطبقها أو تأخذها في الاعتبار عند تقييم طلبات التشغيل البيني من مطوري التطبيقات، مع تزويد المطورين بتحديثات منتظمة، وتقديم التعليقات وتلقيها فيما يتعلق بفاعلية حل التشغيل البيني المقترح. ومن المتوقع صدور قرار من المفوضية بشأن ما إذا كانت «أبل» تلتزم بشرط قابلية التشغيل البيني، بحلول مارس (آذار) المقبل، وفق ما نقلته «رويترز».

من جهة ثانية، صرَّح محمد الصاوي، الصحافي المصري المتخصص في الرصد والتحليل الإعلامي، لـ«الشرق الأوسط» شارحاً أن «التوترات المستمرة بين (أبل) و(ميتا)، إلى جانب قانون الأسواق الرقمية في الاتحاد الأوروبي، تسلط الضوء على الأهمية المتزايدة لتنظيم شركات التكنولوجيا الكبرى، خصوصاً فيما يتعلق بالخصوصية والمنافسة». وأضاف أن «التحذير الذي أطلقته (أبل) بشأن (ميتا) أثار ذلك جدلاً حول ما إذا كانت مثل هذه الممارسات قد تضعف حماية البيانات للمستخدمين، والتركيز المتجدد على قانون الأسواق الرقمية يعد جزءاً من جهود الاتحاد الأوروبي لمنع شركات التكنولوجيا الكبرى من استغلال هيمنتها، حيث يهدف القانون إلى ضمان المنافسة العادلة عن طريق تقييد الشركات من منح نفسها مزايا خاصة، أو الوصول إلى بيانات المستخدمين بشكل مفرط دون موافقة».

وأشار الصاوي إلى أن «تأثير قانون الأسواق الرقمية يمتد إلى ما هو أبعد من شركات التكنولوجيا الكبرى، حيث قد يؤثر أيضاً على المواقع الإخبارية، لا سيما تلك التي تعتمد على منصات مثل (فيسبوك) في توزيع منتجاتها». وأوضح أن «القانون قد يجبر المنصات على معاملة أكثر عدلاً، ما يضمن ألا تتضرر المواقع الإخبارية من الخوارزميات أو ممارسات البيانات المتحيزة، كما يفرض إعادة التفكير في كيفية جمع البيانات الشخصية ومشاركتها وحمايتها عبر المنصات، مما يشير إلى تحول نحو أنظمة رقمية أكثر شفافية».

وعدّ الصاوي «قانون الأسواق الرقمية محاولةً لإعادة التوازن في ديناميكيات القوة في السوق الرقمية، ما قد يؤثر بشكل كبير على المبدعين في مجال المحتوى، بما في ذلك المواقع الإخبارية، في كيفية تفاعلهم مع المنصات... في حين يضمن استمرار الصراع بين (أبل) و(ميتا) بقاءهما متربعتين على عرش المنافسة الرقمية».

وحقاً، يأتي الصراع الأخير بين «أبل» و«ميتا» في وقت قرَّرت فيه هيئة حماية البيانات الآيرلندية فرض غرامة قيمتها 251 مليون يورو على شركة «ميتا»؛ بسبب عملية اختراق واسعة لبيانات نحو 29 مليون مستخدم على مستوى العالم في عام 2018.