أعلنت مصر حالة الحداد العام لمدة ثلاثة أيام، بعد مقتل 23 جنديا من عناصر حرس الحدود، في هجوم مسلح على كمين بطريق الفرافرة غرب البلاد، رجحت مصادر عسكرية وأمنية أن يكون منفذوه من الجماعات الإسلامية المتشددة. وقال اللواء هاني عبد اللطيف، المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية، لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن الشواهد الأولية تشير إلى أن منفذي الهجوم من العناصر الإرهابية.
وبينما شيعت جثامين شهداء الجيش في جنازة عسكرية شارك فيها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس مجلس الوزراء إبراهيم محلب، ووزير الدفاع الفريق أول صدقي صبحي، قالت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» أمس إن المهاجمين تجار سلاح ينشطون في تلك المنطقة ولا ينتمون إلى أي من الجماعات المتشددة. وأشارت المصادر إلى أن الجيش تمكن من تضييق الخناق على مهربي الأسلحة شمال غرب البلاد، مما دفعهم لاستخدام مدقات (طرق ترابية) تمر بالقرب من واحة الفرافرة وتصل إلى محافظة أسيوط في صعيد البلاد.
وقال السفير إيهاب بدوي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة، إن الرئيس السيسي أصدر قرارا جمهوريا بإعلان حالة الحداد العام في جميع أنحاء الجمهورية لمدة ثلاثة أيام، حدادا على أرواح شهداء الوطن. واجتمع الرئيس للمرة الأولى بمجلس الدفاع الوطني مساء أول من أمس، بقصر الاتحادية (شرق القاهرة).
وشن مسلحون مجهولون قبيل غروب شمس يوم السبت الماضي هجوما بالأسلحة الثقيلة على كمين للجيش على طريق الفرافرة بين محافظة الوادي الجديد ومحافظة الجيزة (غرب القاهرة). وقال المتحدث الرسمي باسم الجيش، العميد محمد سمير غنيم، إن ضابطين، وصف ضابط، و20 جنديا من عناصر حرس الحدود قتلوا خلال تلك العملية التي وصف منفذيها بـ«الإرهابيين»، لافتا إلى أن انفجار مخزن أسلحة بقذيفة «آر بي جيه» كان وراء ارتفاع عدد قتلى الجيش.
وأصدر مجلس الدفاع الوطني بيانا في ختام اجتماعه مساء أول من أمس، أكد فيه أنه سيثأر لدماء ضحايا «حادث الفرافرة». ونعى المجلس شهداء القوات المسلحة من رجال حرس الحدود الذين سقطوا ضحية لما وصفه البيان بـ«العمل الإرهابي الخسيس»، مؤكدا أنه سيثأر لدمائهم الغالية. وتابع البيان «قام المجلس في اجتماعه (الأول) بالوقوف على مستجدات الأوضاع الداخلية والموقف الأمني في البلاد، ومناقشة التهديدات الموجهة للأمن القومي المصري داخليا وخارجيا، حيث جرى استعراض الجهود والخطوات ذات الصلة والهادفة إلى ضمان أمن واستقرار البلاد وحماية الحقوق والحريات العامة للشعب».
وأشار بيان مجلس الدفاع الوطني إلى أن الاجتماع استعرض الجهود المبذولة لمكافحة الإرهاب ومحاصرته وتجفيف منابعه، في إطار التزام الدولة ببسط سيطرتها الأمنية على كامل التراب الوطني. وتناول الاجتماع الترتيبات والإجراءات الأمنية التي تقرر اتخاذها في مواجهة التطورات الأخيرة على الساحة الداخلية.
وقال بيان الجيش إنه قتل خلال الهجوم على كمين الفرافرة عدد من المسلحين لم يفصح عنه. وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية إن عدد القتلى من العناصر الإرهابية يجري تحديده من قبل الجهات المعنية، لافتا إلى احتمال أن يكون من بينهم عناصر عمدت إلى تفجير نفسها، كما لم تشر المصادر العسكرية والأمنية إلى هوية القتلى أو جنسيتهم.
وقال اللواء سامح سيف اليزل، الخبير الأمني، لـ«الشرق الأوسط»، إن المعلومات المتوافرة حتى الآن ترجح فرضية أن المهاجمين من العناصر الإسلامية المتشددة، لكن من المبكر حاليا معرفة كل التفاصيل؛ وما إذا كانوا تسللوا من جهة الغرب عبر الحدود مع ليبيا، أم عبروا من سيناء إلى نقطة الحادث.
ونشرت مواقع إخبارية محلية أمس صورا من موقع الهجوم حيث يظهر علم تنظيم القاعدة بالقرب من سيارات محترقة، لكن مصادر محلية بالفرافرة ونوابا سابقين في البرلمان، استبعدوا فرضية قيام جماعات متشددة بالعملية، مؤكدين أن المهاجمين من تجار الأسلحة. وقال مصدر محلي لـ«الشرق الأوسط»، طلب عدم تعريفه، إن تضييق الخناق على مهربي الأسلحة بين مطروح وواحة سيوة دفعهم إلى استخدام طرق بديلة تمر بالقرب من واحة الفرافرة عبر مدقات ترابية تصل إلى محافظة أسيوط.
وأضاف المصدر قائلا إن «قوات حرس الحدود بعد أن تمكنت من ضبط الأمور في الشمال إلى حد بعيد، سعت للحد من حركة المهربين عبر الطرق البديلة، فتسلمت عناصر حرس الحدود كمين الكيلو 100 (الذي استهدف أول من أمس) من الشرطة منذ نحو خمسة أشهور، ونجحت دوريات هذا الكمين بالفعل في ضبط أكثر من شحنة أسلحة خلال تلك الشهور». وأشار المصدر إلى أن قادة الجيش تمكنوا من إقناع أبناء القبائل على الحدود الغربية بين مصر وليبيا بمساعدتهم في إحكام سيطرة الجيش على الحدود بين مصر وليبيا، لافتا إلى أن الجيش ضيق الخناق بالفعل منذ نحو عام أمام حركة المهربين شمال الفرافرة بمساعدة القبائل في الصحراء الغربية، بين مطروح وواحة سيوة، حيث تمتد شبكة طرق وعرة استخدمت من قبل المهربين لنقل الأسلحة إلى وادي النيل ومحافظات الصعيد.
وأوضح المصدر أنه من بين كمائن الجيش التي تصل لستة كمائن من طريق الفرافرة وحتى الواحات الخارجة (جنوب شرقي الفرافرة، وغرب نهر النيل) لم يستهدف إلا هذا الكمين، بسبب قربه من جبل كريستال الذي يعد بوابة الصحراء البيضاء (على بعد 45 كيلومترا إلى الشمال من واحة الفرافرة) والذي يوفر غطاء لتسلل المسلحين. ورجح المصدر أن يكون المهاجمون مصريين من أبناء القبائل، وقال «لا أعرف بالضبط إن كانوا جميعا من المصريين أم لا، وحتى وإن اشتركت معهم عناصر من ليبيا، بالتأكيد كان بينهم مصريون».
من جهته، استبعد خالد إسماعيل، وهو برلماني سابق عن محافظة الوادي الجديد، أن يكون الهجوم الذي استهدف قوات حرس الحدود نفذته عناصر متشددة، قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «من الصعب جدا أن توجد بؤر إرهابية في صحراء مصر الغربية، فهذه صحراء مفتوحة ومنبسطة وشديدة والوعورة وتفتقر الماء. جغرافيا سيناء تسمح بإيواء تلك العناصر وغيرهم، لكن الصحراء الغربية لا تسمح بذلك».
وأضاف إسماعيل الذي انتخب نائبا عن محافظة الوادي الجديد في البرلمان السابق عن الكتلة المصرية (تكتل ليبرالي)، قائلا «معلوماتي أن المهاجمين من مهربي الأسلحة، وهذه ليست المرة الأولى التي يستهدفون فيها الكمين، فقد سبق أن استدرجوا دورية للجيش قبل نحو شهر وقتل خلال تلك العملية ضابط وأربعة جنود».
وعقد رئيس مجلس الوزراء مؤتمرا صحافيا بمقر المجلس بوسط القاهرة، تعهد فيه بالقصاص لدماء الشهداء، لافتا إلى أن الأجهزة المعنية تعمل حاليا على دراسة تأمين أكمنة الجيش والشرطة.
ونشطت جماعات إسلامية متشددة في سيناء عقب عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان، واستهدف تنظيم «أنصار بيت المقدس» عناصر ومقار للجيش والشرطة في سيناء، لكنه مدد عملياته أيضا إلى دلتا النيل.
حداد عام بمصر على قتلى «كمين الفرافرة».. والسيسي يحضر تشييعهم
المتحدث باسم الداخلية لـ {الشرق الأوسط} : الشواهد الأولية تشير لتورط «عناصر إرهابية»
جندي مصري بجوار آليات عسكرية محترقة ومدمرة بعد الهجوم الإرهابي على كمين الفرافرة (إ.ب.أ)
حداد عام بمصر على قتلى «كمين الفرافرة».. والسيسي يحضر تشييعهم
جندي مصري بجوار آليات عسكرية محترقة ومدمرة بعد الهجوم الإرهابي على كمين الفرافرة (إ.ب.أ)
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة






